فتحي عثمان - هوباي سما: انكشاف أفق الحرية المساءل

عندما كانت ارتريا في مرحلة النضال الدامي والمضني من أجل حريتها؛ تعرض المدنيون للقتل والإبادة في مجازر كثيرة. من تلك الفظائع كانت المجازر التي ارتكبها سلاح الجو الاثيوبي ضد المدن والقرى، والتي كانت تخلف العديد من الضحايا خاصة في أوساط النساء والأطفال والعجزة، بسبب غياب الرجال في جيش الثورة أو في الحقول.
في تلك الفترة التي شاع فيها الموت وانطلق من عقاله، ظهرت اغنية ثورية اسمها "هوباي سما" أي طائر السماء. تستنطق الاغنية الطائر بالسؤال: يا طائر الأفق الرحيب، أخبرنا كم رأيت من الجثث تحت جناحيك.
وبقدر ما تستنطق الاغنية طائر الأفق الرحيب، فهي تشير إلى تلوث افق حريته برؤية الفظائع، البثور الإنسانية تحت الفضاء.
الطائر لا يحلق بدون عودة؛ ولكن ليست عودته هي محل سبب الاستنطاق، بل انكشافه على السهل الفسيح تحته. ويحمل المغني الطائر مسئولية الإجابة عن المشاهدة، وتنصبه في فضائه الفسيح كشاهد: وعندها تكون الحرية شهادة، شهادة رؤية، وشهادة قول، وشهادة على الإنساني الدنيء المشكو منه. وتحمل الشهادة، شهادة براءة بشرية للطائر، لأن الجرائم كانت بسبب طائر من حديد.
وتنوء المساءلة بحنين تهيجه أشواق الحرية التي ينعم بها الطائر ويموت من أجلها الإنسان؛ فهل يعي الطائر تكلفة الطيران وهو الذي يتوفر على كل "المسافات" التي تقع تحت جناحيه، رائحة الفظاعة تطير إلى السماء ولربما، في أغنية أخرى، وتراث آخر أردت تلك الروائح الطائر من افق سمائه الفسيح.
وفي كل افق نرى طائرا يحمل تحت اجنحته انكشافا يسائل نقص البشر؛ وحلمهم الأبدي بالأجنحة، ولربما قال حكيم الطيور: فليبق البشر في ارضهم حتى لا يضيقوا الأفق الرحيب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى