محمد محمود غدية - فى أروقة الحلم

رفقة الزمن تحويشة العمر نور الأيام شديدة الحلكة، خضرة الروح وطراوتها، يجترهم اذا ألمت به وعكة المرض فيشفى، يجاهد فى سد ثقوب خيبات العمر، يضمد جراحات الأيام ويصارع الوحشة، بداخله خراب بحجم الكون، الوحدة مروعة تنهشه طول الوقت، مئات الحشرات الصغيرة تلتهم روحه اللينة الأشبه بنسيم رائق شفيف، إبتلعته الحوارى الضيقة المتداخلة فى بعضها البعض، يلف معها ويدور حتى إنتهت به الى زقاق مسدود، وبيت مهجور، هاجمته عتمة المدخل ورطوبة الجدران، ضوء شحيح يتسرب من فرجات شيش خشبي قديم، تحف به من كل جانب أطياف وخيالات أشبه بألعاب العرائس والظلال فى الزمن الغابر، هنا التقى وحبيبته، كان يحلو لهما التسكع فى أروقة الحلم، كتب لها رسائل كثيرة بحجم الحزن، يبدو أنها ذهبت الى العنوان الخطأ، الدروب معتمة والأبواب موصدة والجدران باردة، كل الأشياء تآمرت على ماتبقى لديه من عمر بائس يمر دونها بلا معنى، كانت تغازله حينا وحينا تختفى خلف الغيوم، تركض خلف الشموس والأقمار، سلال الفرح الفارغة إمتلئت اليوم حين إشتم عطرها، هل عرفت بمقدمه فتعطرت وإرتدت أجمل أثوابها لأجله، أم مازالت تعيد ترتيب طاولة العشاء لرجل لا يأتي، سنوات عمرها تساقطت كأوراق الخريف، أبحر فى عيون النساء وسافر فى كل الدنيا، وأبدا لا يرى غير وجهها الغارق فى الصفاء، ولا يشتم غير عطرها المشوب بالنقاء، تقطن دمه، دائم التحليق معها الى بساتين البهجة، أرخى العنان لتداعيات الذاكرة، وقناديل الدموع النازفة، ووحشة الطريق، هل طرق الباب الخطأ ؟
أتلفها الغياب والإنتظار، ذبلت كالأزهار ورحلت فى العتمات، يسألها الصفح يحمل وحده وزر التقاعس والغياب، لماذا تأتى الأشياء الصحيحة فى الوقت الخطأ ؟
ظلمة شديدة تلفه وتقتحم جسده الواهن، يلكمه الوجع ويغادر وسط ظلمة شديدة، يرتجف، ينكمش تحت الدثر إنتظارا لحافلة العودة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى