محمد محمود غدية - فيض من الحب

فى السوق لابد أن تكون لك عين صقر، ترى كل شىء واللاشىء، وأذنان كبريتان لتسمع نداءات الباعة، على أشياء ذات قيمة وأشياء لاقيمة لها، كتب ومجلات قديمة وملابس جديدة وقديمة، السوق على مساحة من الأرض الواسعة، تتسع لكل الأغراض، أغلب المشترين من أصحاب الدخول المتواضعة، بائعة الجبنة القديمة جاءت السوق مبكرة، وإختارت مكانها الثابت أول السوق، إعتادت بعد أن تبيع بضاعتها، شراء مايلزم المنزل وما يطلبه الأولاد، تستقبلك باإبتسامة واسعة كأنها تقول : لاتدع الأشياء الصغيرة تفسد عليك يومك،
لا تتركك حتى تشترى منها، ترضى بالقليل، السوق ضرورة هامة لأم الأولاد، بعد إصابة زوجها بمرض أقعده عن العمل والكسب، امرأة طيبة صابرة وحامول، لا تسل من أين أتت بائعة الجبن القديم، بكل هذا الفيض من الحب والإبتسام، رغم مرارة الوجع المتمدد فى الأحداق وقسوة الأيام ؟
فى السوق رجل يتجرع المرارة دون أن تصل الى بهو روحه، كان قد وعد إبنه بشراء دراجة عند نجاحه، الولد نجح والوالد لايقدر على شراء دراجة جديدة، فكان لابد له من التردد على السوق وشراء دراجة قديمة، إشترى هيكلا لدراجة دون إطارات، ومن بائع آخر إشترى الإطارات، فتجمعت لدية الدراجة كاملة، كاد أن يطير من الفرح وهو يرى إبنه راكب الدراجة وسط الصبية فى الشارع، ضوء النهار يخبو والسوق يتخفف من رواده، الناس التى كانت تعيش الأمس هى من تعيش اليوم والغد، تغمرهم السعادة رغم بساطة العيش والحياة، يتسلقون الأشجار ويقطفون الثمر، ويطاردون النجوم والأقمار،
لا تسل أمام غبش المصابيح، كيف يسود النهار ؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى