د. محمد الهادي الطاهري - عودة إلى الشارع

لم أنخرط في مسيرة تجوب شوارع المدينة منذ عشر سنوات على الأقل. واليوم فعلت. كان لابد أن أكون هناك استجابة لنداء المقاومة وأنصارها. مشيت نصف ساعة أو يزيد رأيت فيها وجوها قديمة من اصدقاء الماضي ووجوها أخرى لم أرها من قبل. هي وجوه فتيان وفتيات من طلاب الجامعات وتلاميذ المعاهد. بدت لي جميع الوجوه مشرقة تفيض وعيا بما آلت إليه المقاومة من قوة وإبداع وصمود في وجه الاحتلال. جميع الشعارات التي يتغنى بها هؤلاء الشبان اليوم كانت لنا منذ أربعين سنة أناشيد رفعناها انتصارا للثورة الفلسطينية وتضامنا مع ليبيا حين تعرضت لعدوان أمريكي سنة 1985 أو مع العراق سنة 1991 ثم سنة 2003. طافت بذاكرتي صور من أزمنة شتى ورأيت نفسي أمام شرطي في زي مدني يهم بالقبض علي. تذكرت كيف راوغته وهربت منه والتحقت بجمهرة المتظاهرين لأعلمهم بوقوع صديق لي في قبضة ذلك الشرطي وكيف عدت مع أربعة أو خمسة من اصدقائي لتخليصه من ذلك البوليس وكيف اعترضنا صديقنا فارا بجلده . لقد هرب تاركا ملابسه الفوقية كلها في يد البوليس. ضحكت في خضم الشعارات العالية فانتبه إلي بعض الشبان يحسبون أني أضحك مما يقولون. لم تزعجني نظراتهم فقد بادر أحدهم بتحيتي وهو يقول : دامت ضحكتك أستاذي. لا ترهق حنجرتك برفع الشعارات فها نحن ننشد الأناشيد التي ورثناها منكم . في هذه الأرض ما يستحق أن نعيش لأجله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى