تخفض سعيدة شريط اللمبة الجاز قبل النوم؛ ، لكن الولد حمدي – الصغير – يبكي قائلا: أنا بخاف من الضلمة.
تبكي سعيدة، فابنتها رتيبة تنام في مدافن عمود السواري وسط الظلام، ليس هناك عمود نور واحد ولا كلوبات. كيف تتحمل ابنتها الظلام هناك؟!
تطوف الفراشات حول لمبة الجاز فيطاردها الأطفال ( كاملة وبشر وسعد )، فتصيح سعيدة بهم غاضبة: اتركوها، فهي أرواح.
تجيئ روح رتيبة كل ليلة لتطمئن على أطفالها الثلاثة، وإذا طارد أحدهم فراشة في غياب سعيدة يخبرها باقي الأطفال؛ فتغضب وتبكي، وتظل طوال الليل في انتظار الروح التي تأتي لتطوف حول لمبة الجاز وهالة الضوء في الحجرة. وعندما تجيء تحدثها وتخبرها بأن أطفالها بخير وسلامة، وأنها صدقت وعدها معها.
وتتذكر ابنتها الوحيدة،حيويتها وجمالها، فتبكي وحدها، فيحاول الأطفال إسكاتها دون طائل؛ فيذهبون إلى زوجة أخيها التي تسكن معها في البيت، تأتي إليها، تجلس بجوارها، تحاول منعها فتشترك معها في البكاء متأثرة بما تقول.
يذهب الأطفال إلى أقاربها الذين يسكنون الدٌّور العلوي، فيحدث معهم ما حدث مع زوجة أخيها، وتمتلأ الحجرة بالنساء وكأن رتيبة ماتت اليوم.
**
في المساء؛ تذهب كاملة وسعد وحمدي إلى بيت أبيهم – عثمان – الذي يشعل الوابور الجاز وهو يزفر. منذ أن ماتت زوجته رتيبة وهو يزفر في أسى ويردد من وقت لآخر: منه العوض وعليه العوض.
تناول الأطفال العشاء لدى جدتهم سعيدة، هي لا تخرجهم من بيتها دون عشاء. فيضع عثمان الماء فوق الوابور، يغسل أقدامهم المتسخة حتى لا يُفسدوا غطاء سريره.
الأطفال لا يحبون النوم مع والدهم، فهو عصبي ودائم العبوس.
ينامون لدى جدتهم فور إخفاض شريط لمبة الجاز، لكن والدهم يصحو من عز نومه، يشعل الوابور في عصبية، يحمله ويدق به الأرض. يصحو الأطفال فزعين مرتعدين؛ فيجدونه يشد غاب الجوزة وعيناه حمراوان شاردتان.
لقد تحطمت آماله بموت زوجته المفاجئ، كان يود أن يجعل من ابنه سعد شيئا كبيرا، الولد يقرأ الجرائد واللافتات والخطابات التي تأتي من الصعيد بسهولة، ويتحدث في كل شيء.
يذهب سعد إلى أبيه في " جبل ناعسة " حيث يحلو له الجلوس في قهوة هناك؛ إما على قهوة عبد الراضي، أو لدى خياط مسيحي مواجه للقهوة، يشاركه الجلوس لدي الخياط زخاري صبي المحامي وعلى أفندي الذي يلبس قفطانا متسخا دائما وجاكيتة كالحة قديمة. لا يدري سعد من أين جاءه لقب أفندي هذا.
هناك شيء مشترك يجمع بينهم هو تعاطي الأفيون، علي أفندي الوحيد الذي يسكن جبل ناعسة؛ لذا هو الذي يشتريه لهم، يشترك – أحيانا – مع الخياط المسيحي في شراء قطعة أفيون واحدة، يقتسمانها معا، ويلعبون الطاولة داخل الدكان الكبير. يحكي الخياط في أسى عن ابنه ناجح الذي لا يستذكر دروسه أبدا والذي يرسب كل عام، ويحلم زخاري بأن ينجح ابنه سمير ويصبح محاميا، ليتحول والده – بقدرة قادر – إلى محام من خلال ابنه، سيوفر المبالغ التي يدفعها للمحامين مقابل استغلال اسمائهم في المذكرات التي يكتبها ويقدمها إلى المحاكم، فهناك يشترطون أن تقدم الأوراق باسم محام.
عثمان في عجلة، يريد أن يتخرج ابنه ويصبح طبيبا كبيرا أو مهندسا، الولد في سنة خامسة ابتدائي. يقول زخاري له :
- ابنك مستواه جيد، يمكنك أن تنططه من خامسة إلى أولى إعدادي دون المرور على سنة سادسة.
- كيف؟
- أعرف صاحب مدرسة في شارع 8 يمكنه فعل ذلك.
يمتلك عثمان من المال الكثير، يرتدي قفاطين غالية الثمن، يحيكها له الخياط المسيحي، وحذاء إجلاسيه لميعا برقبة، وعباءة غالية الثمن فوق كتفيه في الشتاء، هو يهتم بمظهره كثيرا.
يقابلون خميس صاحب المدرسة، هو ليس معلما ولا يعرف شيئا عن التدريس، ولم يحصل على الابتدائية، لكنه ورث المدرسة عن والده الشيخ، قال خميس:
- الأمر سهل، أعرف الأول مستواه، وإن كان يصلح؛ نقدم له مع تلاميذ مدرستنا، لكن لابد من استخراج شهادة ميلاد.
يذهب سعد إلى المدرسة القديمة المتهالكة في شارع 8، المقاعد محطمة ومعلمة صغيرة تطلب من سعد أن يقرأ، فيقرأ بسرعة وإتقان، فتبدي المعلمة إعجابها بذلك.
الاتفاق أن يحضر سعد الدروس في مدرسة خميس بعد الظهر مقابل أجر شهري.
في المساء؛ لا تأتي المعلمة التي امتحنته، يأتي بدلا منها مدرس طويل وأبيض، هو في الأصل طالب في كلية التجارة، دائم الابتسام والمزاح مع التلاميذ، خاصة مع الولد الذي يأتي إلى المدرسة بجلباب ويدفع الشهرية بالقرش ونصف القرش، فهو يعمل بائع خبز في مخبز، وكلما مر المدرس بين الصفوف تتحرك النقود داخل جيب بنطلونه؛ فتحدث صوتا.
يأتي خميس – أحيانا – إلى المدرسة حاملا شاكوشا ومسامير، يستأذن المدرس؛ الذي يبدو أنه صديقه، يقوم خميس بإصلاح " التخت " والمقاعد. يقول الأطفال: " إن سعد هو الذي يكسرها لأنه ممتلىء وتخين "، يشاركهم خميس الرأي، ويشاركهم السخرية من تخن سعد.
يتغيب المدرس – أحيانا – عن الحضور، ربما بسبب سفره أو انشغاله بامتحانات كلية التجارة، فيأتي خميس بدلا منه، يجلس مكانه، يحكي لهم، يتحدث عن السفاح الذي ظهر في حي محرم بك، يقول إنه يعرفه شخصيا، وكثيرا ما سهرا معا وشربا وسكرا معا، وإنه قبل أن يصبح سفاحا كان يأتي إلى بيت خميس القريب جدا من شارع 12 وينام عنده.
وتحدث خميس عن الأرواح، قال:
- الذين يسافرون إلى أرض الحجاز للحج، يمكنهم مقابلة أرواح موتاهم، فكل أرواح المسلمين تتجه إلى هناك، كما يحدث في اتجاه القبلة عند الصلاة، تتجمع أرواح المسلمين الآتية من كل مكان في العالم في بئر عميقة، وكل حاج يقف فوق البئر وينادي ميته، وتجيبه الروح:
- أيوه يا فلان.
- كيف حالك يا فلان؟
ويدور الحديث بين الحاج وميته، وأحيانا تذكر الروح أسرارا لم يمهلها الموت لقولها لمن تريد، وكان بعض المسلمين يسافرون خصيصا إلى أرض الحجاز من أجل هذا، وليس من أجل الحج.
وذهبت امرأة من الإسكندرية، وهي من حي الحضرة بالذات، ويعرفها خميس شخصيا، ذهبت لمقابلة روح ابنها الذي مات شابا، فجلست على حافة البئر ونظرت إلى أسفل، كان جسدها كله بعيدا عن حافة البئر، لم تجد المرأة سوى الظلام في عمق البئر، قالت:
- يا حسن، يا حسن.
( حسن هذا من عند سعد، فهو لا يذكر – الآن – الاسم الذي ذكره خميس وهو يحكي)
من كان اسمه حسن صاح وأجابها، قالت:
- أنا أمك يا حسن.
أجابت أصوات كثيرة متسائلة:
- أم من؟
كان لابد أن تذكر اسمها لكي تحدد أي روح تبغي.
- أنا أمك أمينة، ألا تعرف صوتي؟!
- نعم يا أمي، أعرف صوتك.
لكن المرأة ما أن سمعت صوت ابنها وميزته حتى صرخت قائلة: " ولدي "، ثم فقدت النطق، بينما الروح مازالت تتحدث في أسفل.
عندما جاءت السلطات؛ وجدت المرأة قد ماتت. من يومها أغلقت البئر، غطتها بغطاء من حديد، ومنعت التعامل مع الأرواح بهذه الطريقة.
**
حكى سعد لجدته سعيدة ما قاله خميس لهم، قالت:
- سمعت هذا الكلام من قبل.
شردت، ظلت طوال الوقت شاردة إلى أن جاء زوجها في المساء.
نام سعد وبشر وكاملة فوق السرير العريض، وجلست سعيدة فوق الأرض مستندة إلى السرير بجوار زوجها، أعطته كوب الشاي الأسود الكبير، ووضعت كوبها بجوارها حتى يبرد وقالت:
- أريد الذهاب إلى الحج.
- ربنا يوعدنا.
- يقولون إن في الحج بئرا تجمع كل أرواح المسلمين.
- لا تفتحي علينا المواجع.
نامت بجواره فوق الأرض، كان الوقت صيفا فظلا هكذا دون غطاء.
تبكي سعيدة، فابنتها رتيبة تنام في مدافن عمود السواري وسط الظلام، ليس هناك عمود نور واحد ولا كلوبات. كيف تتحمل ابنتها الظلام هناك؟!
تطوف الفراشات حول لمبة الجاز فيطاردها الأطفال ( كاملة وبشر وسعد )، فتصيح سعيدة بهم غاضبة: اتركوها، فهي أرواح.
تجيئ روح رتيبة كل ليلة لتطمئن على أطفالها الثلاثة، وإذا طارد أحدهم فراشة في غياب سعيدة يخبرها باقي الأطفال؛ فتغضب وتبكي، وتظل طوال الليل في انتظار الروح التي تأتي لتطوف حول لمبة الجاز وهالة الضوء في الحجرة. وعندما تجيء تحدثها وتخبرها بأن أطفالها بخير وسلامة، وأنها صدقت وعدها معها.
وتتذكر ابنتها الوحيدة،حيويتها وجمالها، فتبكي وحدها، فيحاول الأطفال إسكاتها دون طائل؛ فيذهبون إلى زوجة أخيها التي تسكن معها في البيت، تأتي إليها، تجلس بجوارها، تحاول منعها فتشترك معها في البكاء متأثرة بما تقول.
يذهب الأطفال إلى أقاربها الذين يسكنون الدٌّور العلوي، فيحدث معهم ما حدث مع زوجة أخيها، وتمتلأ الحجرة بالنساء وكأن رتيبة ماتت اليوم.
**
في المساء؛ تذهب كاملة وسعد وحمدي إلى بيت أبيهم – عثمان – الذي يشعل الوابور الجاز وهو يزفر. منذ أن ماتت زوجته رتيبة وهو يزفر في أسى ويردد من وقت لآخر: منه العوض وعليه العوض.
تناول الأطفال العشاء لدى جدتهم سعيدة، هي لا تخرجهم من بيتها دون عشاء. فيضع عثمان الماء فوق الوابور، يغسل أقدامهم المتسخة حتى لا يُفسدوا غطاء سريره.
الأطفال لا يحبون النوم مع والدهم، فهو عصبي ودائم العبوس.
ينامون لدى جدتهم فور إخفاض شريط لمبة الجاز، لكن والدهم يصحو من عز نومه، يشعل الوابور في عصبية، يحمله ويدق به الأرض. يصحو الأطفال فزعين مرتعدين؛ فيجدونه يشد غاب الجوزة وعيناه حمراوان شاردتان.
لقد تحطمت آماله بموت زوجته المفاجئ، كان يود أن يجعل من ابنه سعد شيئا كبيرا، الولد يقرأ الجرائد واللافتات والخطابات التي تأتي من الصعيد بسهولة، ويتحدث في كل شيء.
يذهب سعد إلى أبيه في " جبل ناعسة " حيث يحلو له الجلوس في قهوة هناك؛ إما على قهوة عبد الراضي، أو لدى خياط مسيحي مواجه للقهوة، يشاركه الجلوس لدي الخياط زخاري صبي المحامي وعلى أفندي الذي يلبس قفطانا متسخا دائما وجاكيتة كالحة قديمة. لا يدري سعد من أين جاءه لقب أفندي هذا.
هناك شيء مشترك يجمع بينهم هو تعاطي الأفيون، علي أفندي الوحيد الذي يسكن جبل ناعسة؛ لذا هو الذي يشتريه لهم، يشترك – أحيانا – مع الخياط المسيحي في شراء قطعة أفيون واحدة، يقتسمانها معا، ويلعبون الطاولة داخل الدكان الكبير. يحكي الخياط في أسى عن ابنه ناجح الذي لا يستذكر دروسه أبدا والذي يرسب كل عام، ويحلم زخاري بأن ينجح ابنه سمير ويصبح محاميا، ليتحول والده – بقدرة قادر – إلى محام من خلال ابنه، سيوفر المبالغ التي يدفعها للمحامين مقابل استغلال اسمائهم في المذكرات التي يكتبها ويقدمها إلى المحاكم، فهناك يشترطون أن تقدم الأوراق باسم محام.
عثمان في عجلة، يريد أن يتخرج ابنه ويصبح طبيبا كبيرا أو مهندسا، الولد في سنة خامسة ابتدائي. يقول زخاري له :
- ابنك مستواه جيد، يمكنك أن تنططه من خامسة إلى أولى إعدادي دون المرور على سنة سادسة.
- كيف؟
- أعرف صاحب مدرسة في شارع 8 يمكنه فعل ذلك.
يمتلك عثمان من المال الكثير، يرتدي قفاطين غالية الثمن، يحيكها له الخياط المسيحي، وحذاء إجلاسيه لميعا برقبة، وعباءة غالية الثمن فوق كتفيه في الشتاء، هو يهتم بمظهره كثيرا.
يقابلون خميس صاحب المدرسة، هو ليس معلما ولا يعرف شيئا عن التدريس، ولم يحصل على الابتدائية، لكنه ورث المدرسة عن والده الشيخ، قال خميس:
- الأمر سهل، أعرف الأول مستواه، وإن كان يصلح؛ نقدم له مع تلاميذ مدرستنا، لكن لابد من استخراج شهادة ميلاد.
يذهب سعد إلى المدرسة القديمة المتهالكة في شارع 8، المقاعد محطمة ومعلمة صغيرة تطلب من سعد أن يقرأ، فيقرأ بسرعة وإتقان، فتبدي المعلمة إعجابها بذلك.
الاتفاق أن يحضر سعد الدروس في مدرسة خميس بعد الظهر مقابل أجر شهري.
في المساء؛ لا تأتي المعلمة التي امتحنته، يأتي بدلا منها مدرس طويل وأبيض، هو في الأصل طالب في كلية التجارة، دائم الابتسام والمزاح مع التلاميذ، خاصة مع الولد الذي يأتي إلى المدرسة بجلباب ويدفع الشهرية بالقرش ونصف القرش، فهو يعمل بائع خبز في مخبز، وكلما مر المدرس بين الصفوف تتحرك النقود داخل جيب بنطلونه؛ فتحدث صوتا.
يأتي خميس – أحيانا – إلى المدرسة حاملا شاكوشا ومسامير، يستأذن المدرس؛ الذي يبدو أنه صديقه، يقوم خميس بإصلاح " التخت " والمقاعد. يقول الأطفال: " إن سعد هو الذي يكسرها لأنه ممتلىء وتخين "، يشاركهم خميس الرأي، ويشاركهم السخرية من تخن سعد.
يتغيب المدرس – أحيانا – عن الحضور، ربما بسبب سفره أو انشغاله بامتحانات كلية التجارة، فيأتي خميس بدلا منه، يجلس مكانه، يحكي لهم، يتحدث عن السفاح الذي ظهر في حي محرم بك، يقول إنه يعرفه شخصيا، وكثيرا ما سهرا معا وشربا وسكرا معا، وإنه قبل أن يصبح سفاحا كان يأتي إلى بيت خميس القريب جدا من شارع 12 وينام عنده.
وتحدث خميس عن الأرواح، قال:
- الذين يسافرون إلى أرض الحجاز للحج، يمكنهم مقابلة أرواح موتاهم، فكل أرواح المسلمين تتجه إلى هناك، كما يحدث في اتجاه القبلة عند الصلاة، تتجمع أرواح المسلمين الآتية من كل مكان في العالم في بئر عميقة، وكل حاج يقف فوق البئر وينادي ميته، وتجيبه الروح:
- أيوه يا فلان.
- كيف حالك يا فلان؟
ويدور الحديث بين الحاج وميته، وأحيانا تذكر الروح أسرارا لم يمهلها الموت لقولها لمن تريد، وكان بعض المسلمين يسافرون خصيصا إلى أرض الحجاز من أجل هذا، وليس من أجل الحج.
وذهبت امرأة من الإسكندرية، وهي من حي الحضرة بالذات، ويعرفها خميس شخصيا، ذهبت لمقابلة روح ابنها الذي مات شابا، فجلست على حافة البئر ونظرت إلى أسفل، كان جسدها كله بعيدا عن حافة البئر، لم تجد المرأة سوى الظلام في عمق البئر، قالت:
- يا حسن، يا حسن.
( حسن هذا من عند سعد، فهو لا يذكر – الآن – الاسم الذي ذكره خميس وهو يحكي)
من كان اسمه حسن صاح وأجابها، قالت:
- أنا أمك يا حسن.
أجابت أصوات كثيرة متسائلة:
- أم من؟
كان لابد أن تذكر اسمها لكي تحدد أي روح تبغي.
- أنا أمك أمينة، ألا تعرف صوتي؟!
- نعم يا أمي، أعرف صوتك.
لكن المرأة ما أن سمعت صوت ابنها وميزته حتى صرخت قائلة: " ولدي "، ثم فقدت النطق، بينما الروح مازالت تتحدث في أسفل.
عندما جاءت السلطات؛ وجدت المرأة قد ماتت. من يومها أغلقت البئر، غطتها بغطاء من حديد، ومنعت التعامل مع الأرواح بهذه الطريقة.
**
حكى سعد لجدته سعيدة ما قاله خميس لهم، قالت:
- سمعت هذا الكلام من قبل.
شردت، ظلت طوال الوقت شاردة إلى أن جاء زوجها في المساء.
نام سعد وبشر وكاملة فوق السرير العريض، وجلست سعيدة فوق الأرض مستندة إلى السرير بجوار زوجها، أعطته كوب الشاي الأسود الكبير، ووضعت كوبها بجوارها حتى يبرد وقالت:
- أريد الذهاب إلى الحج.
- ربنا يوعدنا.
- يقولون إن في الحج بئرا تجمع كل أرواح المسلمين.
- لا تفتحي علينا المواجع.
نامت بجواره فوق الأرض، كان الوقت صيفا فظلا هكذا دون غطاء.