محمود الباجوري - مراحل نمو الكنغر

سأكون صريحاً مع نفسي هذه المرة
كتبت في نص سابق:
"عليَّ أن أتخذ ثلاثة قرارات مهمة في حياتي
عليَّ أن أذهب إلى أم البنت التي أحبها
وأعترف لها بالهزيمة وبسرعة".


بالأمس
ذهبت إلى أمها في مكان العمل
سألتني موظفة الاستقبال: من أنت؟
قلت: شخص ضاعت منه حبيبته وجاء ليعتذر.

شيء غريب يحدث في الممر
رغبة جامحة في البكاء، وألم غير مفهوم
أشعر ببرودة خفيفة
نفس البرودة التي تشعر بها
فتقرر أن تأخذ الوسادة في حضنك.

أدخل المكتب، فتستيقظ حقائق
حقيقة:
قلبي في أفضل حالاته
حقيقة ثانية:
مشاعر نقية تنبجس وبكميات وفيرة مُسكرة.

زيارة غامضة من شخص غامض !
حيل ذكية تعتمدها موظفة في مكتب مجاور
لمعرفة ما يحدث بالضبط
لكن لا يحالفها الحظ
فالسر أكبر بكثير من ذكائها الصغير.

الأشياء بالمكتب تتنفس وجودها الطبيعي
شهيق
زفير
شهيق
زفير
الأنفاس تخرج كما رتبتها الطبيعة
وددت لو اعترفت لها بأدق أسراري
كأن أخبرها مثلاً
بأن لي بنت أخ صغيرة اسمها ميرنا
وأنا ضعيف جداً أمامها.

فجأة، تُخرج علبة بسكويت من حقيبة اليد
مشاركة مُخجلة في تناول شيء هش
علبة بسكويت وحيدة على الطاولة
وستنفذ على أي حال
لكنها لم تنفذ
أتدرون لماذا؟
لأنها بعد أن أخرجتها من حقيبة اليد
غمستها في ماء روحها المقدس
صدقوني
رأيت بعيني العلبة وهي تغوص في البئر
قديسة تُخرج من ثلاجة روحها وتعطيني
أشعر بثقل النشوة
وأنا عندما أشعر بالثمل، لا يرف لي جفن
على الجانب الآخر
حركات جفون عيون أمها العسلية سريعة وثاقبة
وأنا الوحيد الذي يعرف السبب.

بالصدفة
وقعت عيني على خط أمها بالعربية
الخط ليس غريباً عليَّ
خط من هذه؟
خط من هذه؟
خط راهبة أدارت ظهرها للعالم وانفكت.



السؤال الآن:
لماذا ذهبت؟
هل تعرفون لماذا ذهبت؟
لأن هاتفاً ما أيقظني في الصباح قائلاً:
عليك أن تذهب إلى أمها لتخبرك عن مراحل نمو الكنغر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى