أبووردة السعدني - صندوق عبدالحميد الأسود :

... إنه : أحمد عزت باشا العابد ، الدمشقي الأصل ، العربي الأرومة ، ينحدر من أسرة واسعة الثراء ، يقال إن أسرته كانت تمتلك أسهما في شركة قناة السويس وشركة قناة بنما ، أهله طموحه وحدة ذكائه وإجادته عدة لغات أجنبية إلى أن تصل شهرته إلى السلطان العثماني عبدالحميد الثاني ، فضمه إلى معاونيه ومستشاريه ، قربه إليه ومنحه رتبة الوزارة وجعله موضع سره ، بلغ من توطد العلاقة بينهما - والتي استمرت ثلاثة عشر عاما - أن نعته السلطان عبدالحميد الثاني ب " الصديق الحميم الذي وجدته في النهاية !!" ،
عرف في الحوليات العثمانية باسم : " عرب عزت باشا " ، كان الساعد الأيمن للسلطان ، مهندس سياسته الداخلية والخارجية ، سعى - جاهدا - لتجنيب الدولة العثمانية الصدام العسكري مع الدول الأوربية ، وأقنع السلطان عبدالحميد الثاني بمشروع إنشاء خط سكةحديد الحجاز ، ولما كانت الدولة العثمانية تعاني ضائقة مالية ، وجه " العابد " نداء إلى العالم الإسلامي أهاب فيه بالمسلمين إلى التبرع بالمال إسهاما في انشاء سكةحديد الحجاز ، فلقيت دعوته استجابة تلقائية من المسلمين في كل أنحاء العالم ....
.... وقد كثرت الأقوال في " العابد " بين معجب بدهائه مادح له ، وقادح يتهمه بالضلوع في فظائع عبدالحميد الثاني وتشجيعه على توطيد أركان استبداده في الحكم !!....
..... هرب أحمد عزت باشا العابد إلى أوربا - بناء على أمر السلطان عبدالحميد الثاني - قبيل خلعه من السلطنة سنة 1909 م ، فعاش متنقلا بين العواصم الأوبية إلى أن ألقت به عصا التسيار في القاهرة ، فظل مقيما بها إلى أن وافاه أجله سنة 1924 م ....
.... يحسب للوزير أحمد عزت باشا العابد قيامه بتسجيل مذكرات السنوات التي قضاها في معية السلطان عبدالحميد الثاني بعنوان : ( صندوق عبدالحميد الأسود : يوميات عرب عزت هولو باشا ) ، في مجلدين كبيرين ، ظلت تلك المذكرات محفوظة - مدة قرن من الزمان تقريبا - في " خزانة حديدية " في مصرف سويسري ، إلى أن أفرج عنها وترجمت من اللغة التركية القديمة إلى اللغة التركية الحديثة ، سجل فيها " العابد " كل شاردة وواردة تتعلق بعهد السلطان عبد الحميد الثاني ، ونهجه في الحكم ، وإنجازاته وإخفاقاته ، وعلى ذلك فإن أي دراسة لسياسة السلطان المذكور ستظل ناقصة بعيدة كل البعد عن الأسس العلمية ، ما لم تعتمد على المذكرات التي أشرنا إليها ، بوصفها مصدرا تاريخيا رئيسا ...
..... تجدر الإشارة إلى أن السلطان عبدالحميد الثاني - تقديرا منه لدور خله ومستشاره - عين نجله : محمد علي العابد أول سفير للدولة العثمانية في أمريكا ، أيضاً فإن محمد العابد كان أول رئيس منتخب لسوريا (1932 - 1936 م ) ، توفي في باريس سنة 1939 م .....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى