محمود الباجوري - سيلڤيا بلاث

وأنتِ تقرأين عن سيلڤيا بلاث
لا تشغلي بالك بالطريقة التي انتحرت بها
في زيارة إلى باريس
رفضت أن تشتري قلادة من غجرية فرنسية
فأطلقت الغجرية عليها هذه اللعنة: "ستموتين قريباً"
لهذا السبب
أفكر جدياً في السفر إلى فرنسا
لأبحث عن هذه الغجرية
وأشتري لكِ هذه القلادة حفاظاً على حياتك
وجودك مهم وضروري
ضرورة الضرورة صدقيني.


الآن
دعينا نكمل الحكاية
كيف لامرأة بحساسية سيلڤيا أن تخنق نفسها في الصباح ؟
ولا أعرف لماذا ينتحر معظمهم في الصباح !
في الصباح يكون الكون على ما يرام
مع خروج الخناجر من قلوب البشر
يتعفن الهواء تدريجياً
كل صباح هو فرصة لإصلاح شيء ما
أو
إضافة قذارة جديدة إلى نفسك.


كانت سيلڤيا تعشق زوجها حد التخدير
لأننا مخمورون بالحب الذي نركض خلفه
كان تيد هيوز قد خربها تماماً
كان شاعراً فذاً، وسيماً وأنيقاً
لكن مشاعره كانت غليظة
الغِلظة تُخرب الأشياء، كل الأشياء
دعيني أسألك سؤالاً صعباً
- أين صُنعت الغِلظة من وجهة نظرِك؟
- الغلظة أفعى صُنعت في الجحيم
آه يا عفريتة
كنتُ أعرف أنكِ تعرفين
لكنني أردت التأكد من رقة إحساسك ليس أكثر.


قرأت لها ذات مرة:
"بعد كل هذا البلاء العظيم
أي طقوس من الكلمات
يمكن أن تُرمم هذا الخراب ؟!
حين أهاجر موسم التعب هذا
سأعيد ترميم ما يشبه الطمأنينة"
وأنتِ تقرأين هذه السطور الجريحة
ستشعرين بأن اللغة تنتفض كحمامة مذبوحة
نفس الفجيعة
فما بالك بالشاعرة التي كتبتها ؟!
كل ليلة
على الرغم من وجوده معها
كانت تشعر بوحدة فريدة
فكانت تصرخ بحرقة مُعتقة:
إنني أعاني يا الله، أعاني أكثر مما ينبغي
السأم يأكلني من الداخل
وأنا تعبت من كثرة البكاء في الحمام.


وبعد أن فشلت في قتل تيد هيوز في الداخل
قالت لنفسها:
عليَّ أن أتخذ قراراً وأضع حداً لهذه المهزلة
كانت صريحة مع نفسها هذه المرة
قررت أن تدهس قلبها تحت قدميها
فوضعت رأسها في فرن الغاز
واقتلعت تيد هيوز من جذوره
لكنها لم تستطع أبداً
أن تُجفف بحيرات الرقة السائلة في روحها
لأنها قبل أن تحشر رأسها في الفرن
كانت قد أعدت كوبين من الحليب لطفليها النائمين.


الأغرب من ذلك
أنها عضت تيد هيوز في أول لقاء بينهما بدلاً من أن تُقبله !
يبدو أن الشك كان حليفها منذ البداية
لكنها لم تمنح الشك فرصة لإنقاذها
كانت منطلقة بحماس غير مفهوم نحو حتفها
فماذا نفعل لها ؟!!


1.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى