عبدالله قاسم دامي - ذات مساء ... قصة قصيرة

هنا الجميع صامتون لا ثرثرة لا جدال، هنا الشوارع خالية لا جواسيس يتجولون كباعة، هنا الجدران نظيفة لا وجوه حُكام لا لافتات أحزاب، لا بَأس هنا ولا بُؤس.

كلّ شيء هنا ملفت للنظر وغريبٌ في آن واحد ... تخيلوا رسالةً للشرطة ملصّقةً في إحدى الساحات وعليها صورة كلبٍ صغير والرسالة أيها الشرقيون عنوانها "الكلب المسروق ... ساعدونا لكي يرجع بوب الصغير إلى عائلته". في غَربِهم تبحث الشرطة عن كلب مسروق ونحن في شرقِنا يا سادة ما زلنا نبحث عن الكلاب الذين سرقوا أحلامنا.

نعم أعزائي لقد عبرت نحو الغرب تاركاً الشرق ومآسيه ناسياً أحلامي المبعثرة في أزقته المتهالكة، لقد أخبرتكم مسبقاً بأنني سأعبر المحيط شمالا حيث الهدوء، ويا شوقي إلى زحامكم.

قبل سنة تقريبا... كنت أشاهد إحدى القنوات المحلية فكان الخبر مريراً ومُرّاً كالمَرارة... "أيها الشعب العظيم، أودُّ أن أُعلن إفلاس الدّولة، لم يعد في البنك الوطني شِلنٌ يُذكر فالرئيس الذي سبقني قذ أخذ معه كلّ شيء، لقد كان مجرماً كما تعلمون، سنقوم بالقبض عليه ومحاكمته". كان الرئيس الجديد للجمهورية يعلن هذا النبأ المُفزع تماما مثل شكلِه المخيف وشنبِه الشنيع.

بعد دقائق فقط عقد الرئيس السابق مؤتمرا صحفيا ينفي فيه تصريح الرئيس الجديد. كنت أتساءل حينها "يا إلهي أين ذهبت النقود إذن؟ من سرقها؟ أيُعقل أنّ البنك سرق نفسه! رُبّما".

كانت أُمسية ماطرة في وطن يحتضر، كنتُ أنتظر فرصتي لأهرُب، أُُداعب شواربي لأفكر .. إلى أين! .. أسرحُ تارةً وأفيقُ تحت سقف مقهى مهترئ تعمل فيه لاجئة عابرة مريبةٌ للشكِّ أخبرتني ذات يوم أنها تنتظر ظلام الليل لكي تعود إلى بيتها لتُرضِع صغيرها الوحيد المجهول الأب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى