خالد محمد مندور - حكايات مندورية، ومازلت اتعلم من هذا المبتسم وزوجته!.. الان فهمت!

عندما سالت أمي كيف اكتب شعرا؟ أجابتني، اقرأ الشعر تكتب شعرا، ولم يكن هذا في معرض أنى كنت احاول أن اكتب الشعر، فلم يخطر ببالي أن اكتب الشعر ولم أحاوله يوما، فانا لست بشاعر، ولم يخطر ببالي أن اكتب الادب، فانا لست بأديب، ولم احاول ذلك أبدا، ولكنني كنت احاول أن افهم، برغم أن الادب والشعر كانا يجذبانني لقراءتهما منذ زمان بعيد، وقد أكون اشعر كما الشعراء أو الادباء، ولكن التساؤل الأساسي كيف تكتب كتابة واضحة وبسيطة وعميقة تجذب القارئ وتؤدى الغرض.

فاين أجد الاجابة؟ ولكن خطر لي خاطر شرير، لماذا ابحث عن اجابة؟ فانا اكتب وما اكتبه يلقى استقبالا حسنا، استقبالا يتجاوز تقديري لما اكتبه الى مستوى المفاجأة، فهل ما اكتبه يستحق هذا التقدير؟ ولماذا؟
برغم انى كثيرا ما اتردد في نشر ما اكتبه لشكوكي في مستواه او في اهتمام القارئ به، خاطرا يستدعى خاطرا ويصبح الامر ملحا، اريد أن افهم!
الان والان فقط اصبحت قادرا على أن أصل الى استيعاب أعمق لما سبق ان قرأته للمعلم الاول، محمد مندور، فأعدت البحث عنه من جديد، ووجدته متناثرا في مقالاته المنشورة في كتابه "وحدة الادب والفن“، فماذا كتب محمد مندور؟
" ومقياس الجودة في صناعة الكتابة ، وذلك لأن الكتابة صناعة كغيرها من الصناعات ، هو أن تكون الصنعة محكمة الى حد الخفاء حتى لتلوح طبيعية ، وهذا هو السهل الممتنع ، واوضح ما يكون ذلك في موسيقى الجمل ، فهناك موسيقى واضحة كاللون الفاقع تسهل محاكاتها وهذه ليست بأعمق الموسيقى ولا خيرها و لا اشدها اصالة بدليل أن محاكاتها سهلة وميسورة على نحو ما نرى في السجع ، واما الموسيقى العميقة فهي موسيقى النفس لا موسيقى اللفظ ، وهى كثيرا ما تخفى على القارئ العادي ولكنها دائما أصيلة تعز محاكاتها ، وتفعل في النفس فعلا لا يعيه الا القليل من القراء ، وليس من شك في أن للنثر وزنا وايقاعا مادام الكلام لابد أن ينقسم بطبيعته الى وحدات "
ويقول
" وتأتى هنا مشكلة اللغة فتزيد التصنع وضوحا ، ونحن في الحق لسنا خصوما للغة الفصحى في المسرح ، ولكننا نطلب الى المؤلف أو المترجم كما نطلب الى الممثلين أن يعرفوا اللغة التي يستخدمونها ، ومعرفة اللغة لاتقف عند قواعدها ، بل يجب أن تكون من العمق بحيث يحسون بقيم الالفاظ العاطفية "
وهذا غيث من قطر لما كتبة هذا المعلم.
والخلاصة هي تأكيد لإجابة ملك عبد العزيز عن كتابة الشعر، هل تريد أن تكتب؟ أقراء كثيرا وبالذات لكبار الكتاب كي تتعلم ما تحدث عنة محمد مندور ويصبح جزءا من تكوينك وعندها تستطيع أن تحسن الكتابة، لكن الكتابة عمل شاق يتطلب كذلك أن تعثر على نفسك، أي على أسلوبك الخاص الغير مصطنع، اى ان تكتب بالسليقة الغير متكلفة، أو كما يقولون أعثر على نفسك كما عثر بلزاك على بلزاك بعد جهد جهيد.
أن حسن الكتابة يتطلب الصدق والجدية واحترام القارئ، بحيث تكون دقيقا في اختيارات الالفاظ والجمل لتعبر تعبيرا واضحا بلا تزيد عما تريد أن تقوله، وعندها سيصل ما تكتبه الى قلب القارئ وعقلة.
الان فهمت!

1707217932126.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى