سعد سرحان - ديوان المائدة ـ 20ـ .. طعام المناسبات البهيجة وذوي الحياة القاسية

المائدة 20:

الشراب

الماء للعطش ولكل طعام. الماء معجزة تجري.

الشاي لوحده، أو مع الخبز والزيتون، بعد الطعام الدسم، أو مع غْرِيّْبة وكعب غزال…

القهوة بالحليب للفطور، ومع الهِلالِيَّات وغيرها من الفُرْنِيَّات…

العصائر للكعك.

الشراب الأحمر للحوم الحمراء.

الشراب الأبيض للحوم البيضاء.

المشروبات الغازية للمأكولات الغازية، تلك التي غزت مطاعمها أجمل شوارع المدن.

أما الحليب فطعام وليس شرابًا.

(أسماء)

لقد أعطى قدماء العرب للطعام أسماء مختلفة باختلاف المناسبات: فالقِرى للضيف والمأدبة للدعوة والتحفة للزائر والخُرسة للولادة والعَذيرة للختان والوليمة للعرس والوضيمة للمأتم والُّلهنة للمسافر…

أما المحدثون فقد أضافوا لبهجة الحياة مناسبات أخرى، كعيد الميلاد وعيد الحب وعيد الزواج واليوبّيل الفضي والخطوبة وحناء العروس وحفلات النجاح والتخرج…

وهي المناسبات التي يُرَصِّعُ الطعام لحظاتها دون أن تحظى منهم بأسماء خاصة. وحتى الأسماء التي اجترح الأسلاف، لم يعد متداولا منها سوى المأدبة والوليمة، وهما تطلقان على الطعام بمناسبة وبدونها.

(تناسُب)

عمال البناء والمناجم والسكك الحديد، الجنود في جبهات القتال والصيادون في القرى البائسة، وكل الذين يغرسون أطرافهم عميقا في الأرض من أجل كسرة خبز…

هؤلاء الذين خصتهم الحياة بقسوتها، إذ حكمت عليهم بالأعمال الشاقة، لا يحظون من نِعمها بغير أطعمة شاقة.

ولنا فقط أن نتأمل القائمة القصيرة جدًّا لمأكولاتهم العسيرة، تلك التي يتناولونها في مواعين من طين مَفْخور ومعادن رخيصة…

أما أصحاب الأعمال الناعمة، فموائدهم من اليُسر بحيث يمكن هضمها قبل الأكل. وهي غالبا ما تقدم في أطقم من الكريستال والخزف الصيني…

لكأن ثمة تناسُبًا بين العمل وبين الطعام الذي يقابله.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى