د. أيمن دراوشة - حكاية الغولة اللعينة

وصلت عائلة عمر إلى القرية الخالية من السكان، بعد أن هربوا من قريتهم التي أصابها القحط والجوع لعدم نزول المطر... فاستغربوا من عدم وجود أيّ بشر، تجوّلوا بين البيوت المهجورة، يتساءلون عن مصير سكان القرية.

فجأة، ظهرت لهم امرأة عجوز بوجه بشوش، فرحبّت بهم بحرارة ودعتهم إلى منزلها على الرغم أن القرية تعج بالبيوت الواسعة.

شعرت فاطمة بالارتياح لِحُسن ضيافة العجوز، لكنّها لاحظت نظرة غريبة في عينيها لم تُعجبها، وفي أحد الأيام، بينما كانت فاطمة تراقب العجوز من بعيد، رأت مشهدًا مروعًا: إذْ تحوّلت العجوز إلى غولةٍ ضخمة، وهاجمت كلبًا مسكينًا وفتكّت به.

أدركت فاطمة على الفور حقيقة المرأة العجوز الطيبة، وهرعت إلى زوجها عمر؛ لتخبره بالأمر، لكنّ عمر سخر منها، وقال لها: "كيف تتوقعين من هذه العجوز الطيبة التي تطعمنا وتأوينا أن تكون غولة؟! لا تُؤذي نفسك بهذه الأفكار السخيفة".

شعرت فاطمة بالخوف والقلق على مصير أطفالها الثلاثة، وأيقنت أنّها يجب أن تتحرّك بسرعة قبل أن تتعرض عائلتها للخطر، في تلك الليلة، جمعت فاطمة أطفالها وأخبرتهم بحقيقة الغولة، وطلبت منهم الاستعداد للرحيل في الصباح الباكر دون علم زوجها عمر.

في الصباح وهو اليوم الذي قررت فيه الغولة أكل العائلة بأكملها، خدعت فاطمة الغولة بقولها أنّها ستنشر الغسيل على السطح، فوافقت الغولة، وظلّت تراقب فاطمة من بعيد.

فجأة، أشعلت فاطمة النار في الحطب، مما خلق سحبًا كثيفًا من الدخان غطّى المكان فحجب الرؤية عن الغولة.

استغلّت العائلة هذه الفرصة للهروب من القرية، وركبوا عربة صغيرها يجرها حمار حتى ابتعدت عن مرأى القرية.

لكنّ عمر، الذي لم يكن على علم بخطتهم، ظلّ في المنزل. وعندما لاحظت الغولة غياب العائلة، جنَّ جنونها، وبدأت تبحث عنهم في جميع أنحاء القرية، لكنَّها لم تجد لهم أثرًا، هنا عادت إلى بيتها كي تنتقم من الأب عمر، وعندما عثرت الغولة على عمر وحيدًا، أدركت أنّ فاطمة قد خدعتها وهربت.

زئرت الغولة زئيرًا مخيفًا، وتحوّلت إلى وحشٍ مرعب، هنا أدرك عمر أنه أخطأ عندما لم يصدق زوجته، وندم ندمًا شديدًا.

هاجمت الغولة عمر تريد أن تأكله، فحاول عمر المقاومة، لكنّ الغولة كانت أقوى منه بكثير.

في اللحظات الأخيرة، توسَّل للغولة باكيًا: أرجوكِ اُتركيني، فأطفالي بحاجة إليَّ، فشفقت الغولة عليه، وأطلقت سراحه...

حينها أقسم عمر بعد نجاته بأن يُصغيَ إلى كلمات زوجته.

وتعلّمَ من هذه التجربة درسًا قاسيًا، وهو أنّ المظاهر قد تخدع، وأنّه يجب الحذر من أيّ شخص، مهما بدا جميلًا أو وديعًا، وأنّ المرأة هي أفضل مستشار في الحياة، وأنّ عدم احترامها قد يُؤدّي إلى نتائج كارثية.

تمت

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى