على شجرة عالية متعانقة الأغصان كثيفة الأوراق يختبئ في خلسة من عيونهم الصغيرة يراقب أحاديثهم الصباحية وأسرارهم العلنية التي باحوا بها لساكني الجوار الهادئ، يهز رقبته الرقيقة يمينا ويسارا لينظر بمقلتيه الصغيرتين أسراب العصافير كفراشات متراصة على وريقات خضراء وأغصان لينة يعزفون مقطوعات السحر الصباحية كما لأعظم موسيقار يضع ألحان تعبر عن جمال الصباح، أما هو فيملأ الشجن قلبه الصغير وتملأ الخيبات رأسه المزدحم بالاسئلة...
ينتظرها فهي تفتح النافذة كل صباح لتضع الأناء البلاستيكي وبه الماء ليشرب منه كل طائر عابر سبيل جفف قيظ اليوم وجفاء المشاعر حلقه، وإلى الضحى لم تفي بعهدها معه كما كان يظن؛ فلم تفتح النافذة ولم تضع له كأس الحب على حافة حلمه؛ فقد كان حلمه هو أن يقف على حافة نافذتها يشقشق لها وحدها ويغني أغنية من تأليفه ولحنه يشرح لها أوج صبابته ويبوح لها مثلما باحت العصافير من الفجر إلى الصباح وملأت الحياة حياة..
وقبل انتصاف النهار قرر أن يكون شجاعا لأول مرة في حياته ويترك الأحلام الوردية ويطير إلى النافذة، يرفرف بجناحيه الصغيرين فيهز وريقات الشجر حديثة المنبت دون أن يحرك للهواء ساكنا، يحلق على مستوى منخفض في حريق من شمس الظهيرة حتى يصل أخيرا إلى بداية حلمه ليرى جميلته الفاتنة ذات البشرة البيضاء ووجنتيها الورديتين وشفتيها المشتعلتين ككرز طابت ثماره وسقطت بينهما وشعرها الذهبي الذي أحذت الشمس من خصلاته لون أشعتها، سلك النافذة مغلق فراح يتلفت في كل اتجاه بحثا عن شيء يخبره عنها، هناك على تسريحة غرفتها يرى أمشاط وفرشاة ومساحيق تجميل وطلاء أظافر وصبغات الشعر بألوان مختلفة ما كل هذه الأشياء أنا لا أعرف أي شيئا منها ..هل كانت حبيبتي دميمة الوجه أو قبيحة؟ لا بل هي جميلة القلب رقيقة المشاعر ...قال في نفسه مندهشا، ثم ما هذه الرأس الملقاة على التسريحة هل حبيبتي قاتلة؟ قال هذا وهو ينظر للشعر المستعار الموضوع بزاوية وحده.. لا بل هي تبعث الحياة في كائنات رقيقة كادت تموت عطشا في هذا الصيف
وفي الجانب المقابل بالغرفة تنام على سريرها وحولها جمع من الناس يبدو أن بينهم طبيب يشخص أنها تعرضت لأزمة عصبية نتيجة موت عصفورها الذي تحبه، طأطأ حلمه وخابت أحلام عشقه واحترقت دمعة سخية وسالت من قلبه لتدركها على وسادتها فأيقظتها من حلمها وانتفضت من نعاسها لتضع الماء للعصافير في صباح جديد.
ينتظرها فهي تفتح النافذة كل صباح لتضع الأناء البلاستيكي وبه الماء ليشرب منه كل طائر عابر سبيل جفف قيظ اليوم وجفاء المشاعر حلقه، وإلى الضحى لم تفي بعهدها معه كما كان يظن؛ فلم تفتح النافذة ولم تضع له كأس الحب على حافة حلمه؛ فقد كان حلمه هو أن يقف على حافة نافذتها يشقشق لها وحدها ويغني أغنية من تأليفه ولحنه يشرح لها أوج صبابته ويبوح لها مثلما باحت العصافير من الفجر إلى الصباح وملأت الحياة حياة..
وقبل انتصاف النهار قرر أن يكون شجاعا لأول مرة في حياته ويترك الأحلام الوردية ويطير إلى النافذة، يرفرف بجناحيه الصغيرين فيهز وريقات الشجر حديثة المنبت دون أن يحرك للهواء ساكنا، يحلق على مستوى منخفض في حريق من شمس الظهيرة حتى يصل أخيرا إلى بداية حلمه ليرى جميلته الفاتنة ذات البشرة البيضاء ووجنتيها الورديتين وشفتيها المشتعلتين ككرز طابت ثماره وسقطت بينهما وشعرها الذهبي الذي أحذت الشمس من خصلاته لون أشعتها، سلك النافذة مغلق فراح يتلفت في كل اتجاه بحثا عن شيء يخبره عنها، هناك على تسريحة غرفتها يرى أمشاط وفرشاة ومساحيق تجميل وطلاء أظافر وصبغات الشعر بألوان مختلفة ما كل هذه الأشياء أنا لا أعرف أي شيئا منها ..هل كانت حبيبتي دميمة الوجه أو قبيحة؟ لا بل هي جميلة القلب رقيقة المشاعر ...قال في نفسه مندهشا، ثم ما هذه الرأس الملقاة على التسريحة هل حبيبتي قاتلة؟ قال هذا وهو ينظر للشعر المستعار الموضوع بزاوية وحده.. لا بل هي تبعث الحياة في كائنات رقيقة كادت تموت عطشا في هذا الصيف
وفي الجانب المقابل بالغرفة تنام على سريرها وحولها جمع من الناس يبدو أن بينهم طبيب يشخص أنها تعرضت لأزمة عصبية نتيجة موت عصفورها الذي تحبه، طأطأ حلمه وخابت أحلام عشقه واحترقت دمعة سخية وسالت من قلبه لتدركها على وسادتها فأيقظتها من حلمها وانتفضت من نعاسها لتضع الماء للعصافير في صباح جديد.