محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - لقد مات، كم هو محظوظ...

لقد مات
كم هو محظوظ
تقول الذاكرة الجريحة للأرض
لن يقلق بعد الآن
على فرشة اسنانه والمعجون
لن يسب حين يجد صف الحمام في مركز النزوح
لن يبتسم حين يجلس على المقعد
حين يفرغ مثانته ويتنهد
لن يفتح هاتفه على جُثةِ او نعي
بدلاً عن حبيبته تخبره كم هو فجر يصلح لُقبلة ضخمة
لن ينظر الى السماء فيرى المطر يحتشد لغزوة
ولا يفكر في الرصيف تشطفه القطرات المشاغبة
بل يفكر في امرأة في الخلاء
نزحت من بيتها والدفء
تجمع اطفالها
وتتضرع للمطر وللجوع وربما لله
لقد مات لن تكسر قلبه امرأة
لن تجرح اصابعه مصافحة حادة
لن تهدم قناعته طائرة طائشة
لن تخرص لُغته
ايدي مخبر يرمقه بالمسدس والقيود.
لن تنسف ذكرياته
قضبان سجن
فيشخبط على الجدار اسمه، حتى لا ينسى من كان
لقد مات
لم يعد بحاجة الى هاتفِ محمول
ينقل له اخبار الموتى الجدد
والجنائز التي لم يشهدها
والموت الذي لم يجده هناك.
وليس بحاجة الى تلفاز.
لنشرة العاشرة
لجند اسرائلين يشونا الصغار بالقنابل
او جنرال يتحدث عن النصر
فوق كومة جماجم
ويبتسم في رجل المتحدة المتخم بلحم الخنزير
ذلك الذي يعود الى شقته مساءً
ويقبل زوجته
ويمسح ابنته وكلبه
ثم يفكر كيف يقلق على شعبِ ما في مؤتمر قادم.
لقد مات
هو والله يجلسان كالاصدقاء
يتعاتبان
هو يُلام على صلاة لم يقمها
وعلى متسول لعنه
وعلى نملة دهسها دون قصد
وهو
لا يعرف من أين يبدأ قائمة العتاب
هو الآن.
خفيفا كالضباب
يرتشف الفودكا دون أن يخشى على كبده
ينصت اغنيات مُحرمة
ولا يفكر في وجبة الافطار
وهو ايضاً
يحتفي بالظلام
لقد طارد الموت حتى الموت
يكون في انتظار الموت الذي يتغيب
لكن في الطلقة الاخيرة
امسكه من قميصه
وكبله بيديه الحزينتين
كبله حتى مات مبتسم
#عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى