محمد محمود غدية - الرحمة

فى اعلان على الفيس كتب فيه رقم هاتفه، ورغبته فى بيع تليفزيون حديث ومروحة استاند، وغرفة نوم دون السرير، مع اول متصل حددا موعد الشراء، المشتري جهز سيارته النصف نقل، بداية لرزق يوم جديد، اوقفه احد الجيران، طالبا توصيله للمستشفى التى يجري فيها غسيل الكلى، لانه لا يقوي على السير، اوصله ليذهب بعدها الى حيث ينتظره البائع، وجده كهل ابيض الشعر، نحيل البدن فى وجهه تجاعيد وحفر السنين، طلب البائع من المشتري فى الأشياء المباعة، مبلغ ستة آلاف جنيه، ضحك البائع قائلا : انا من يحدد سعر الشراء، عاجله البائع بقوله : انه قيمة ماادفعه للمستشفى التي سيجري فيها ابنى الوحيد عملية جراحية، على الفور اخرج مبلغ الستة آلاف جنيه اعطاها للكهل قائلا : لن اشتري شيئا، وقد رأيت احتفاظك بالسرير فى غرفة النوم، وبيعك للمروحة ونحن فى شهور صيف ساخنة، لم نشهد مثلها فى ارتفاع درجات الحرارة، والتليفزيون تسليتكم الوحيدة، سأله عن ام الولد ؟
اجابه : برحيلها منذ سنوات ثلاث، صحبه الى المستشفى فى سيارته النصف نقل، قائلا : لاتشغل بالك بالفلوس الآن، ردها حين ميسرة، تليفوني عندك، لمح دمعة تتشكل فى عين الكهل، لم تذرف بعد، تنتظر بلوغ الممر حتى تفر، لم يفلح فى امساكها،
فى منزله وجد جمهرة من الناس والجيران، علم ان ولده اثناء لعبه الكرة صدمته سيارة مسرعة، طوحته على الاسفلت مسافة المتر، تصادف مرور سيارة تقودها طبيبة، توقفت وترجلت من السيارة وكانت لديها حقيبة اسعافات اولية، اوقفت نزيف الدم واسعفت الطفل الذى تعافى، لم يرى الوالد الطبيبة الطيبة التى ساقتها الأقدار فى هذا التوقيت ليشكرها ، بعد ان اطمأن على سلامة ابنه،
نحن امام منظومة انسانية رائعة، منذ ان بدأ الوالد رحلة رزق يوم جديد، اسمها جبر الخواطر، اشبه بالحبل السري، الذى يربطنا بكل ماهو جميل ونبيل وكريم فى الحياة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى