مصطفى نصر - الرجل والكلب...

يخرج من بيته مبكرا، يسير أحيانا فى الشارع وحده، فهو يعمل كناسا، لابد أن يبدأ عمله قبل قيام أهل الشارع الذى يعمل فيه من نومهم. يصحون فيجدون الشارع نظيفا.
إقترب منه كلب صغير فى حاجة إلى الدفء، إلتصق بساقه، أراد الرجل أن يبعده عنه؛ لكن الكلب أصر على مرافقته، وسار معه حتى الشارع الذى يعمل فيه، وعندما أمسك بالمكنسة ليكنس؛ ظل الكلب فوق الرصيف ينتظره، كان الكلب يسير حول المكان الذي يعمل فيه الرجل، ويظل يتابعه حتى ينتهى وينتقل إلى مكان آخر من الشارع الطويل؛ فينتقل هو الآخر إليه.
عندما فتح الرجل لفافته ليتناول فطوره؛ كان للكلب نصيب كبير منها. وعندما إنتهى من عمله أخذ الكلب معه إلى حجرته الوحيدة التى يعيش فيها، كان يحدثه طوال الوقت، أطلق عليه اسم " ركس"، كان يناديه ب" ركس " فيأتيه الكلب مسرعا. وظلا هكذا، فى الصباح يخرجان معا، ويعودان فى المساء؛ تظلهما الحجرة الوحيدة، لكن الرجل مات فجأة، إنتقل إلى المستشفى ومات هناك. ذهب الكلب إلى الشارع الذى كان يعمل به، ظل يبحث عنه، حتى جاء موعد إنصراف الرجل؛ فعاد الكلب وحده إلى الحجرة، قبع فى ركن منها وحيدا حتى الصباح، وذهب ثانية وثالثة إلى نفس الشارع الذى كان الكناس يعمل به، وأمتنع عن تناول الطعام حتى شحب وجهه ونحل جسده.
وجاءت صاحبة البيت لتخلى الحجرة إستعدادا لقدوم ساكن جديد، فرمت الكلب إلى الشارع، هددته بالعصا إذا جاء ثانية للحجرة.
وسار الكلب شاردا، لا يجد مكانا يذهب إليه، ووجد نفسه فجأة فى الشارع الذى كان يعمل فيه صاحبه، رأى هذه المرة كناسا آخر حل محله، وقف الكلب يراقبه من بعيد فى تردد، ثم أسرع إليه، تمسح فى ساقيه، وجد الكلب صعوبة حتى ألفه الرجل؛ وصاحبه، وعاد معه فى المساء إلى مسكنه، حجرة أخرى غير التى طردته منها صاحبة المنزل القديم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى