هو نفسه المخيّم الذي ما زال يقاوم، لم يسقط الراية، عرف البداية، لكنّ وبرغم ما جرى له لم يعرف النهاية بعد، رغم من مرور اكثر من ثلاث سنوات من انطلاق شرارة الكتيبة الجنينية البكر، وفي كلِّ محطة، وفي كلِّ اجتياح حكايا وقصص ومواقف، ليست من نسج الاقدار والأفعال فقط، بل مؤشر على دوام الروح رغم زحمة الراحلين والخسائر والجروح، الاجتياح الاخير، صاحب اطول فترة زمنية ــ عشرة ايام ـــ والذي يحمل الرقم الخمسين منذ التاريخ الجديد لمقاومة الشعب الفلسطيني،والتقويم الفاصل بين قرار امتلاك الزمام،وانتظار السراب،ووعود الاوهام،كانت قصة الكمين الذي خاضه مقاومان فقط،فأوجع العدو،وحيد منهم اربعة،ضابط صف قتيل،وقائد القوات المتوغلة اصابة خطيرة،وإصابتان أخريان،والمكان في حارة الدمج من المخيَّم،والزمان صباح السبت الفائت.
ليل الثلاثاء الاربعاء
"الحسم"،و" الحربوش" لقبان لشابان في مقتبل العمر من المخيّم،انضما للمقاومة منذ أمد بعيد،وألالقاب في هذا المخيَّم منتشرة بين الفتيان والشبان،وهي قادمة من موروث اجتماعي يبرز من خلال التنشئة في البيت او الحارات او الاحياء،هذان المقاومان،كغيرهما،استنفرا بعد دخول قوة خاصة صهيونية الى طرف المخيَّم الشمالي الغربي،وتصفية كلٍّ من المقاوم المطارد "قسم جبارين" و"عاصم ضبايا" قرب مشفى جنين الحكومي،استنفرا وأعادا للذاكرة عهدهما أن لا يرتقيا الا بعد ان يأخذا معهما بعضا من الغزاة ثأرا لاصدقائهما ورافق دربهما الذين مضوا،وليكون لأرواحهما ثمن يفتخر به ويثنى عليه، ويحتذى به...انتظرا "الغزاة" في الحيّ الغربيّ حتى صباح الاربعاء فجاءهما خبر ارتقاء "الوهدان والصوص والمنصور"،وزاد عليه الخميس وليلته،وأضافا الجمعة ليصل خبر ارتقاء "الحازم (قائد كتائب عز الدين القسام،والمشارقة(قائد شهداء الاقصى ) وأبو الجاسر(عضو كتيبة جنين )،لقد زاد حمل النفس،ولا بد من الثأر،وإن لم يصلوا لغاية الان لأحيائنا،فنحن من سيتقدم نحوهم...
ليلة السبت
طرق " الحسم " باب أحد المنازل في الحيّ الذي كان فيه،فأطلت عليه سيدة خمسينية،كان الوقت قد تجاوز انتصاف الليل،فطلب منها أن تتصل بمن تعرفه في حارة الدمج حتى يتأكدا من عدم توغل الغزاة المحتلين هناك،ففعلت وهي تمارس طقسا من طقوس الحاضنة الشعبية لهؤلاء الابطال في نظر شعب المخيّم...
شدوا الرحال مع ساعات الفجر تسللا الى حارة الدمج وما حولها،يخفون اسلحتهم تحت معاطف طويلة وثقيلة لبسوها حتى لا ترصدهم الطائرات المسيرة التي تسبح بكثرة في سماء المخيّم،وصلوا عند الرابعة فجرا تقريبا... شرعوا بنداء خفي لسكان المنازل هناك،سمعهم أحد الشبان الذي كان لازال مستيقظا يتابع الاخبار عبر مجموعات التواصل الاجتماعي،فأطل عليهم،فسأله احدهم :- هل هناك جيش في هذه الحارة ؟
قال : لا
قالوا له :- نشكرك
ومضوا الى ذلك البيت الذين يعرفون دفئه...وجدوه فارغا،فدخلوه،وصمتوا منتظرين كامنين...
شطائر الزعتر
إحدى سيدات الحيّ أحست بهم،فظنتهم شبان تقطعت بهم السبل،وأنهم الان في الساعة الثامنة والنصف جوعى يحتاجون لوجبة افطار،فأرسلت لهم مع طفلتها الصغيرة شطائر الزعتر،وعلبتين من المشروبات الغازية،وأوصت ابنتها أن تقول لهم اذا اردوا التحرك نحو بيوتهم فإنها ستساعدهم لان جيش الاحتلال يتقدم نحو الحيّ،فذهبت طفلتها،وقدمت لهم الطعام وأخبرتهم ما قالت أمها،فأصرا على البقاء في إنتظار الهدف.
الكمين
المسافة بينهم وبين الجنود المتوغلين تقل كل دقيقة،وصوت اطلاق النار والقاء العبوات الصوتية ومقذوفات " الانبريجا" الصادر عن السرية التي وكِّلت بهذا الحيّ لا يتوقف،قضم احدهم لقمتين من شطيرة الزعتر،وارتشف شربتين من علبة " الكولا"،بينما ابقى الاخر افطاره كما هو من فرط شوق ما ينتظر،اقتربت السرية وأصبح ضباطها وعناصرها على مسافة صفر منهم،أي اقل من ثلاث أمتار،شرعت السرية بتمزيق وإزالة " الشوادر" تلك الاغطية التي انشئها الشبان على الزقة والطرقات لإعماء الطائرات المسيّرة،فأصبحت السرية بما شكلت من عدد تحت مرمى فوهتيّ " الحسم " و" الحبروش"، ارتديا الاقعنة السوداء،ودققا في عمق الهدف،وشريط رفاقهم الماضين للعلا يمر أمامهم ،ثم كبروا وضغطوا على الزناد،فتجندل منهم اربعة بعد اشتباك عنيف دام خمس دقائق،ثم انسحبا بالاتجاه المعاكس،لحسن حظهم،كان هناك باب آخر للبيت،من الجهة الشرقية،فمضوا نحوه وتمكنا من الافلات.
الشهادة
خرجا معا بحذر نحو الجهة الشرقية من الحيّ بحذر شديد،معظم البيوت صامتة وكأنها مهجورة،ساروا في زقاق باتجاه الجنوب لمسافة ثلاثين مترا،ثم انعطفا غربا بقصد الوصول لطلعة الغبس التي تفصل المخيَّم عن المدينة من الجهة الشرقية،وقبل ان يصلا الى تلك الطلعة التي يفصلهما عنها بيتين هما بيت ابو خلدون وبيت ابو مراد،إكتشفهما قناصة الجيش المحتل الذين كمنوا سابقا في بيت " ابو خلدون"،فأطلقا عليها النار بكثافة،فارتقيا بعد اشتباك قصير... لقد وفيا بالعهد ولحقا برفاقهما حيث البيعة النشيد... بيعة كتيبة جنين.
ليل الثلاثاء الاربعاء
"الحسم"،و" الحربوش" لقبان لشابان في مقتبل العمر من المخيّم،انضما للمقاومة منذ أمد بعيد،وألالقاب في هذا المخيَّم منتشرة بين الفتيان والشبان،وهي قادمة من موروث اجتماعي يبرز من خلال التنشئة في البيت او الحارات او الاحياء،هذان المقاومان،كغيرهما،استنفرا بعد دخول قوة خاصة صهيونية الى طرف المخيَّم الشمالي الغربي،وتصفية كلٍّ من المقاوم المطارد "قسم جبارين" و"عاصم ضبايا" قرب مشفى جنين الحكومي،استنفرا وأعادا للذاكرة عهدهما أن لا يرتقيا الا بعد ان يأخذا معهما بعضا من الغزاة ثأرا لاصدقائهما ورافق دربهما الذين مضوا،وليكون لأرواحهما ثمن يفتخر به ويثنى عليه، ويحتذى به...انتظرا "الغزاة" في الحيّ الغربيّ حتى صباح الاربعاء فجاءهما خبر ارتقاء "الوهدان والصوص والمنصور"،وزاد عليه الخميس وليلته،وأضافا الجمعة ليصل خبر ارتقاء "الحازم (قائد كتائب عز الدين القسام،والمشارقة(قائد شهداء الاقصى ) وأبو الجاسر(عضو كتيبة جنين )،لقد زاد حمل النفس،ولا بد من الثأر،وإن لم يصلوا لغاية الان لأحيائنا،فنحن من سيتقدم نحوهم...
ليلة السبت
طرق " الحسم " باب أحد المنازل في الحيّ الذي كان فيه،فأطلت عليه سيدة خمسينية،كان الوقت قد تجاوز انتصاف الليل،فطلب منها أن تتصل بمن تعرفه في حارة الدمج حتى يتأكدا من عدم توغل الغزاة المحتلين هناك،ففعلت وهي تمارس طقسا من طقوس الحاضنة الشعبية لهؤلاء الابطال في نظر شعب المخيّم...
شدوا الرحال مع ساعات الفجر تسللا الى حارة الدمج وما حولها،يخفون اسلحتهم تحت معاطف طويلة وثقيلة لبسوها حتى لا ترصدهم الطائرات المسيرة التي تسبح بكثرة في سماء المخيّم،وصلوا عند الرابعة فجرا تقريبا... شرعوا بنداء خفي لسكان المنازل هناك،سمعهم أحد الشبان الذي كان لازال مستيقظا يتابع الاخبار عبر مجموعات التواصل الاجتماعي،فأطل عليهم،فسأله احدهم :- هل هناك جيش في هذه الحارة ؟
قال : لا
قالوا له :- نشكرك
ومضوا الى ذلك البيت الذين يعرفون دفئه...وجدوه فارغا،فدخلوه،وصمتوا منتظرين كامنين...
شطائر الزعتر
إحدى سيدات الحيّ أحست بهم،فظنتهم شبان تقطعت بهم السبل،وأنهم الان في الساعة الثامنة والنصف جوعى يحتاجون لوجبة افطار،فأرسلت لهم مع طفلتها الصغيرة شطائر الزعتر،وعلبتين من المشروبات الغازية،وأوصت ابنتها أن تقول لهم اذا اردوا التحرك نحو بيوتهم فإنها ستساعدهم لان جيش الاحتلال يتقدم نحو الحيّ،فذهبت طفلتها،وقدمت لهم الطعام وأخبرتهم ما قالت أمها،فأصرا على البقاء في إنتظار الهدف.
الكمين
المسافة بينهم وبين الجنود المتوغلين تقل كل دقيقة،وصوت اطلاق النار والقاء العبوات الصوتية ومقذوفات " الانبريجا" الصادر عن السرية التي وكِّلت بهذا الحيّ لا يتوقف،قضم احدهم لقمتين من شطيرة الزعتر،وارتشف شربتين من علبة " الكولا"،بينما ابقى الاخر افطاره كما هو من فرط شوق ما ينتظر،اقتربت السرية وأصبح ضباطها وعناصرها على مسافة صفر منهم،أي اقل من ثلاث أمتار،شرعت السرية بتمزيق وإزالة " الشوادر" تلك الاغطية التي انشئها الشبان على الزقة والطرقات لإعماء الطائرات المسيّرة،فأصبحت السرية بما شكلت من عدد تحت مرمى فوهتيّ " الحسم " و" الحبروش"، ارتديا الاقعنة السوداء،ودققا في عمق الهدف،وشريط رفاقهم الماضين للعلا يمر أمامهم ،ثم كبروا وضغطوا على الزناد،فتجندل منهم اربعة بعد اشتباك عنيف دام خمس دقائق،ثم انسحبا بالاتجاه المعاكس،لحسن حظهم،كان هناك باب آخر للبيت،من الجهة الشرقية،فمضوا نحوه وتمكنا من الافلات.
الشهادة
خرجا معا بحذر نحو الجهة الشرقية من الحيّ بحذر شديد،معظم البيوت صامتة وكأنها مهجورة،ساروا في زقاق باتجاه الجنوب لمسافة ثلاثين مترا،ثم انعطفا غربا بقصد الوصول لطلعة الغبس التي تفصل المخيَّم عن المدينة من الجهة الشرقية،وقبل ان يصلا الى تلك الطلعة التي يفصلهما عنها بيتين هما بيت ابو خلدون وبيت ابو مراد،إكتشفهما قناصة الجيش المحتل الذين كمنوا سابقا في بيت " ابو خلدون"،فأطلقا عليها النار بكثافة،فارتقيا بعد اشتباك قصير... لقد وفيا بالعهد ولحقا برفاقهما حيث البيعة النشيد... بيعة كتيبة جنين.