الرسالة الأولى
من آرثر رامبو إلى منعم
صديقي المتعور منعم ،
شوف يا منعم: إنت حيرت قلبي معاك وأنا بداري وأخبي، قولي أعمل إيه وياك ولا أعمل إيه ويا قلبي ؟! بصراحة وبكل صراحة ملقتش في حبك راحة ! وبقالنا سنين في الهوى تايهين، ما احناش عارفين نرتاح مع مين وهنشكي لمين، خليكوا شاهدين على حبايبنا خليكوا شاهدين. بيريحني بكايا ساعات.
أنا عارف إن الكلام اللي هقوله ممكن يضايقك بس هقوله. بس ليا عندك رجاء ربنا يجبر بخاطرك: أنا عاوزك لما أجي أشكيلك من نار حبي، تسمعني بتفهم وتعاطف مش تقعد تهزلي في راسك وخلاص. عاوز أحس إنك حاسس بحجم المأساة وطبيعة الأزمة وأبعاد المشكلة. والله يا منعم وما ليك عليا حلفان اللي أنا مشيته بضهري إنت لسه ممشيتوش لقدام. وطبيعي لما الواحد بيمشي بضهره بياكل مطبات كتير، وأقل مطب فيهم ممكن يحدفك على الإنعاش (إن عاش)، أو طوارئ الحالات الحرجة اللي بيدخلوها من غير تذكرة دخول، أو لو كان حظك وحش بقه وأمك داعيه عليك هتحدف نفسك بنفسك جوه ثقب الأوزون، والثقب ده اللي بيتحدف جواه مبيعرفش يرجع تاني حتى لو كان واخد جايزة نوبل في فيزياء الكم زي عمك أينشتين كده. أنا بقه جايلك من قدام ومعايا شوية أدوية ممكن تعالجك بدل ما الصداع ماسك في دماغك ومش عاوز يسيبك. معلش يا منعم معلش، هو كدا الدوا طول عمره مُر حنضل.
أولاً: "ثمة خرابٍ ضروري"
لو كنت قريت ديوان "فصل في الجحيم"، هتلاقيني كاتب لك عبارة مؤلمة بتقول: "ثمة خرابٍ ضروري." الترجمة: كله متعور يا منعم، واللي مش متعور لسه هيتعور، بس المهم يكون عندك صيدلية في دماغك عشان تضميد التعويرات المفاجئة. أجلاً أو عاجلاً، أنت ستمر تحت أسنان منشار عملاق. أنا عاوزك تكون جاهز بقى لاستقبال التعويرة عشان لما التعويرة تحصل متحسش إنها تعويرة من العيار التقيل وتقعد تضرب أخماس في أسداس ويجيلك بعيد الشر بعيد الشر "ترومافوبيا" (الخوف من التعويرة). والخوف -- وإنت سيد عارفين -- هو أضعف منطقة في النفس البشرية لأنه ممكن يعطلك تماماً عن العمل وكأن موتور روحك مشطب بنزين. في هذا السياق، نرجع بقه لعمك نيتشه لما قال خير اللهم اجعله خير: "على الذي يخاف أن يقتل نفسه مرة، وعلى الذي يكون مصدراً لخوف الآخرين أن يقتل نفسه مرتين". وفي كل الحالات، هتحس إنك طالع من خناقة بين محمود المليجي وفريد شوقي. فنصيحة أخوية بلاش تدخل نفسك في مربعات غامضة ومناطق الألغام.
فلو كانت التعويرة طالتك خلاص، مش عاوزك تضيع عمرك وإنت حاسس بالخجل أو الخزي من التعويرة. ولو كانت لسه محصلتش، مش عاوزك تكابر وتقعد تقنع نفسك إنك هتعرف تتفادى حدوث التعويرة. نسيت أقولك صحيح: فيه طريقة لتخفيف الآثار الجانبية للتعويرة: أن تصدق بأن التعويرة هي ضرورة الضرورة وأنها أحد المكونات الرئيسية في الطبخة بتاعتك (حياتك) زي الملح كده. كلام في سرك، أنا بصراحة عاوزك تاخد وتدي مع التعويرة. عاوزك تعمل مع التعويرة سيشن حلوة زي اللي بتعملها في فرحك كده. هناك ثلاث قواعد مهمة هنا: لا تخجل من التعويرة لأنك لست الشخص رقم واحد في العالم الذي يتعرض لهذه التعويرة - لا تحاول أن تتفادي حدوث التعويرة لأنها أشبه بالمصير - لا تجعل التعويرة تنال منك بالقدر الكافي لأنه من الممكن أن يكون هناك تعويرة أخرى في انتظارك. غير كده، هيحصل لك حاجه مش ولابد: ستتعفن روحك بفعل التعويرة الخطيرة المريرة المكيرة. وحط مليون خط بالقلم الفلومستر تحت "تتعفن روحك" دي. في حاجه تانية ممكن تهجم عليك هجمة مرتدة ألا وهي الأوڤرثينكنج. ما هو الأوڤرثينكنج؟ الأوڤرثينكنج هو أن تصنع أمراضك الكبيرة كلها بنفسك. في سياق متصل، أنصحك بتصديق الشاعر أنسي الحاج لما كتب الروشتة البيرفكت دي: "الاستسلام لمتعة أن يكون أملي قد خاب". نقطة ومن أول السطر.
تخيل يا منعم إن الأمل نفسه مستخبي جواه تعويرة. طبعاً إنت مستغرب ! لأ متستغربش يا منعم، ما غريب إلا الرمان لما يطرح في أوان البتنجان. الحياة يا منعم بين شيئين: الأمل والملل. الأمل الذي يسبق الحصول على الشيء، والملل الذي يتبع الحصول عليه. عرفت يا منعم إن الأمل هو كمان ممكن يعورك في وشك، وطبعاً تعويرة الوش مفيهاش معلش زي ما أنت عارف. أنا متأكد إنك هتقول عليا متشائم وهتقعد تشوحلي بإيدك في الهواء الطلق. عارف ليه؟ عشان إنت متعود على الهزار بالشوكولاته مع صحابك الأنتيم وواخد المواضيع بمنتهى التفاهة، بس الحياة يا حبيب أخوك واخدة المواضيع بمنتهى الجدية. الحياة جادة جداً يا منعم، جادة بشكل مُرعب ومخيف وغاشم، ولو قاوحت معاها هيا شخصياً هتعرفك المعنى الحقيقي للتعويرة بالتفصيل الممل والمذل والقاتل.
"هذا العالم نشيده فينهار، ثم نشيده مرةً ثانية فننهار نحنُ" على رأي ماريا ريلكه اللي كان شايف إن الحياة حداية كبيرة. يعني الراجل الكوبرة ده عايز يقول الحداية ما بتحدفش كتاكيت.
ثانياً: "عندما نكون بالغي القوة، من منا يتراجع؟"
طبعاً يا منعم إنت مش بتحب تتراجع. إنت مفكر إن التراجع ضعف وقلة حيلة وحاجات من اللي إنت واخد عنها فكرة وحشة دي لأنهم قالولك وإنت صغنن: "اللي يبرق لك انفخ التراب في عينيه". غلط يا منعم غلط. ؤمال فين بقه الطبطبة اللي إنت فالق دماغنا بيها بقالك مدة ؟! أحب أعرفك يا منعم إن الضعف وقلة الحيلة دي حاجات مهمة جداً ولها معنى وجوهر ثمين في الحياة ومش حاجات وحشة ولا حاجه. دي حاجات ممكن نسميها كلمات سيئة السمعة. وبعدين الصفة الأصيلة فيك كبني آدم هي إنك ضعيف على رأي المعلم زرزور، ضعيف جداً، وعشان كده الجماعة بتوع السينما عملوا أفلام بتخلي الإنسان خارق زي "إبراهيم الأبيض" مثلاً، ودي مش حقيقة، إنت مش خارق ولا حاجه. إنت غلبان، بس إنت يا إما مش عارف إنك غلبان، يا إما مش حابب تصدق إنك غلبان غلب السنين والقرون والشهور والأسابيع والأيام والدقايق والثواني.
"إستناني إستناني إستناني، هيا دقيقة كتير علشاني، استنيتك عمري بحاله، مش قادر تستنى ثواني؟!" على رأي نجاة يا منعم. دي حته كده في النُص مالهاش علاقة بالموضوع عشان ميجلكش تسوس في روحك وتكرهني أو تدعي عليا وأنا جتتي مش خالصة.
إنت عارف يا منعم امتى يكون التراجع له قيمة ومعنى كبار أوووى أوووي أوووي؟ لما تتراجع وإنت في موضع قوة مش في موضع ضعف. ممممممم، يا لك من مُقنع !
المقر بما جاء فيه . .
صديقك المبطوح ،
الشاعر الفرنسي آرثر رامبو
من آرثر رامبو إلى منعم
صديقي المتعور منعم ،
شوف يا منعم: إنت حيرت قلبي معاك وأنا بداري وأخبي، قولي أعمل إيه وياك ولا أعمل إيه ويا قلبي ؟! بصراحة وبكل صراحة ملقتش في حبك راحة ! وبقالنا سنين في الهوى تايهين، ما احناش عارفين نرتاح مع مين وهنشكي لمين، خليكوا شاهدين على حبايبنا خليكوا شاهدين. بيريحني بكايا ساعات.
أنا عارف إن الكلام اللي هقوله ممكن يضايقك بس هقوله. بس ليا عندك رجاء ربنا يجبر بخاطرك: أنا عاوزك لما أجي أشكيلك من نار حبي، تسمعني بتفهم وتعاطف مش تقعد تهزلي في راسك وخلاص. عاوز أحس إنك حاسس بحجم المأساة وطبيعة الأزمة وأبعاد المشكلة. والله يا منعم وما ليك عليا حلفان اللي أنا مشيته بضهري إنت لسه ممشيتوش لقدام. وطبيعي لما الواحد بيمشي بضهره بياكل مطبات كتير، وأقل مطب فيهم ممكن يحدفك على الإنعاش (إن عاش)، أو طوارئ الحالات الحرجة اللي بيدخلوها من غير تذكرة دخول، أو لو كان حظك وحش بقه وأمك داعيه عليك هتحدف نفسك بنفسك جوه ثقب الأوزون، والثقب ده اللي بيتحدف جواه مبيعرفش يرجع تاني حتى لو كان واخد جايزة نوبل في فيزياء الكم زي عمك أينشتين كده. أنا بقه جايلك من قدام ومعايا شوية أدوية ممكن تعالجك بدل ما الصداع ماسك في دماغك ومش عاوز يسيبك. معلش يا منعم معلش، هو كدا الدوا طول عمره مُر حنضل.
أولاً: "ثمة خرابٍ ضروري"
لو كنت قريت ديوان "فصل في الجحيم"، هتلاقيني كاتب لك عبارة مؤلمة بتقول: "ثمة خرابٍ ضروري." الترجمة: كله متعور يا منعم، واللي مش متعور لسه هيتعور، بس المهم يكون عندك صيدلية في دماغك عشان تضميد التعويرات المفاجئة. أجلاً أو عاجلاً، أنت ستمر تحت أسنان منشار عملاق. أنا عاوزك تكون جاهز بقى لاستقبال التعويرة عشان لما التعويرة تحصل متحسش إنها تعويرة من العيار التقيل وتقعد تضرب أخماس في أسداس ويجيلك بعيد الشر بعيد الشر "ترومافوبيا" (الخوف من التعويرة). والخوف -- وإنت سيد عارفين -- هو أضعف منطقة في النفس البشرية لأنه ممكن يعطلك تماماً عن العمل وكأن موتور روحك مشطب بنزين. في هذا السياق، نرجع بقه لعمك نيتشه لما قال خير اللهم اجعله خير: "على الذي يخاف أن يقتل نفسه مرة، وعلى الذي يكون مصدراً لخوف الآخرين أن يقتل نفسه مرتين". وفي كل الحالات، هتحس إنك طالع من خناقة بين محمود المليجي وفريد شوقي. فنصيحة أخوية بلاش تدخل نفسك في مربعات غامضة ومناطق الألغام.
فلو كانت التعويرة طالتك خلاص، مش عاوزك تضيع عمرك وإنت حاسس بالخجل أو الخزي من التعويرة. ولو كانت لسه محصلتش، مش عاوزك تكابر وتقعد تقنع نفسك إنك هتعرف تتفادى حدوث التعويرة. نسيت أقولك صحيح: فيه طريقة لتخفيف الآثار الجانبية للتعويرة: أن تصدق بأن التعويرة هي ضرورة الضرورة وأنها أحد المكونات الرئيسية في الطبخة بتاعتك (حياتك) زي الملح كده. كلام في سرك، أنا بصراحة عاوزك تاخد وتدي مع التعويرة. عاوزك تعمل مع التعويرة سيشن حلوة زي اللي بتعملها في فرحك كده. هناك ثلاث قواعد مهمة هنا: لا تخجل من التعويرة لأنك لست الشخص رقم واحد في العالم الذي يتعرض لهذه التعويرة - لا تحاول أن تتفادي حدوث التعويرة لأنها أشبه بالمصير - لا تجعل التعويرة تنال منك بالقدر الكافي لأنه من الممكن أن يكون هناك تعويرة أخرى في انتظارك. غير كده، هيحصل لك حاجه مش ولابد: ستتعفن روحك بفعل التعويرة الخطيرة المريرة المكيرة. وحط مليون خط بالقلم الفلومستر تحت "تتعفن روحك" دي. في حاجه تانية ممكن تهجم عليك هجمة مرتدة ألا وهي الأوڤرثينكنج. ما هو الأوڤرثينكنج؟ الأوڤرثينكنج هو أن تصنع أمراضك الكبيرة كلها بنفسك. في سياق متصل، أنصحك بتصديق الشاعر أنسي الحاج لما كتب الروشتة البيرفكت دي: "الاستسلام لمتعة أن يكون أملي قد خاب". نقطة ومن أول السطر.
تخيل يا منعم إن الأمل نفسه مستخبي جواه تعويرة. طبعاً إنت مستغرب ! لأ متستغربش يا منعم، ما غريب إلا الرمان لما يطرح في أوان البتنجان. الحياة يا منعم بين شيئين: الأمل والملل. الأمل الذي يسبق الحصول على الشيء، والملل الذي يتبع الحصول عليه. عرفت يا منعم إن الأمل هو كمان ممكن يعورك في وشك، وطبعاً تعويرة الوش مفيهاش معلش زي ما أنت عارف. أنا متأكد إنك هتقول عليا متشائم وهتقعد تشوحلي بإيدك في الهواء الطلق. عارف ليه؟ عشان إنت متعود على الهزار بالشوكولاته مع صحابك الأنتيم وواخد المواضيع بمنتهى التفاهة، بس الحياة يا حبيب أخوك واخدة المواضيع بمنتهى الجدية. الحياة جادة جداً يا منعم، جادة بشكل مُرعب ومخيف وغاشم، ولو قاوحت معاها هيا شخصياً هتعرفك المعنى الحقيقي للتعويرة بالتفصيل الممل والمذل والقاتل.
"هذا العالم نشيده فينهار، ثم نشيده مرةً ثانية فننهار نحنُ" على رأي ماريا ريلكه اللي كان شايف إن الحياة حداية كبيرة. يعني الراجل الكوبرة ده عايز يقول الحداية ما بتحدفش كتاكيت.
ثانياً: "عندما نكون بالغي القوة، من منا يتراجع؟"
طبعاً يا منعم إنت مش بتحب تتراجع. إنت مفكر إن التراجع ضعف وقلة حيلة وحاجات من اللي إنت واخد عنها فكرة وحشة دي لأنهم قالولك وإنت صغنن: "اللي يبرق لك انفخ التراب في عينيه". غلط يا منعم غلط. ؤمال فين بقه الطبطبة اللي إنت فالق دماغنا بيها بقالك مدة ؟! أحب أعرفك يا منعم إن الضعف وقلة الحيلة دي حاجات مهمة جداً ولها معنى وجوهر ثمين في الحياة ومش حاجات وحشة ولا حاجه. دي حاجات ممكن نسميها كلمات سيئة السمعة. وبعدين الصفة الأصيلة فيك كبني آدم هي إنك ضعيف على رأي المعلم زرزور، ضعيف جداً، وعشان كده الجماعة بتوع السينما عملوا أفلام بتخلي الإنسان خارق زي "إبراهيم الأبيض" مثلاً، ودي مش حقيقة، إنت مش خارق ولا حاجه. إنت غلبان، بس إنت يا إما مش عارف إنك غلبان، يا إما مش حابب تصدق إنك غلبان غلب السنين والقرون والشهور والأسابيع والأيام والدقايق والثواني.
"إستناني إستناني إستناني، هيا دقيقة كتير علشاني، استنيتك عمري بحاله، مش قادر تستنى ثواني؟!" على رأي نجاة يا منعم. دي حته كده في النُص مالهاش علاقة بالموضوع عشان ميجلكش تسوس في روحك وتكرهني أو تدعي عليا وأنا جتتي مش خالصة.
إنت عارف يا منعم امتى يكون التراجع له قيمة ومعنى كبار أوووى أوووي أوووي؟ لما تتراجع وإنت في موضع قوة مش في موضع ضعف. ممممممم، يا لك من مُقنع !
المقر بما جاء فيه . .
صديقك المبطوح ،
الشاعر الفرنسي آرثر رامبو