إلى ذِكرى حكايات الخال حمدان أبو العفي عن الحرب
مفتتح
أعرِفُ أنَّ اللحظةَ قاسيةٌ
أنَّ نِصَالاً لا حصرَ لها تَكبُرُ في أعضائي
أنَّ جَرَاداً فولاذِيّا يَنْقَضُّ مِن الأركانِ الأربعةِ
ولا يَتركُ بيْنَ الجنبَيْنِ سنَابِلَ أو قُطنا
أعرِفُ أنَّ اللحظةَ قاسيةُ
والريح معانِدةٌ
لكنِّي أعرِفُ أيضا
أنِّي أولُ مَن سَارَ مع الموتِ
على جِسرِ الأبديةِ
مِثلَ حبيبيْن
وأولُ مَن حَفَرَ جذعَ الوقتِ فضاءً وعصافير
وأولُ مَن بَدأَ التقويمَ
وآخِرُ مَن يَفْنَي.
في جسدي عضوٌ ما
يَحتاجُ إلى وخزةِ دَبُّوسٍ
كي يَتحركَ جِنزيرٌ في الروح
ويَطحَن تلك الغيبوبةَ طَحنا.
اللحظةُ قاسيةٌ
أعرِفُ
لكني أحتاجُ إلى وخزةِ دَبُّوسٍ ما
كي أعرفَ كيفَ أغيِّبُ في النيلِ يَديَّ فتخرج زلزالا
كيفَ أرُصُّ الحُزنَ جِوارَ الحزن
وأنسج لحنَا.
(1)
الطائراتُ تَمُرُّ فوقَ رؤوسِنا
تَمضي على شرْقِ القناة
تَعلو هتافاتُ الجنودِ
وتَغسِلُ الصحراءَ بالتهليل
ماذا؟
هل سنعْبُرُ؟
لا أصدِّقُ ما أراهُ
القشعريرةُ تَملأُ الأعضاءَ
أرقصُ مِثلَ مخبولٍ
وأسجُدُ للإله.
(2)
جاءَ الأمرُ
أخيرا يَنفتِحُ الشريانُ على ظَمَأِ الأرضِ
وتَزأرُ في كبِدِ الوقتِ جنازيرُ الدبابَةْ.
جاءَ الأمرُ
أخيراً أُبصِرُ ما في دِّرْع ٍ فولاذي
مِن دفءٍ ورحابَه
أتحسَّسُ ما في جسدي
مِن شُهُبٍ ومَسلَّات
أتذكَّرُ شجَر الجمّيزِ أخيرا
دونَ النظرِ إلى الأرض
أخيرا أتذكَّرُ كلَّ الأحبابِ
بِلا ألمٍ وكَآبَةْ
جاءَ الأمرُ كوخزةِ دَبُّوسٍ
ها نَرفُع مِزلاجَ الطوفانِ
ونَنزِعُ ما في حَلْقِ الصبوةِ مِن شوْكٍ ومرارات
نَصنعُ أُفقا لزغاريدِ النسوةِ في الشرفات
وخبزا يَكفي مليونَ ربابَةْ.
(3)
أجتازُ مراراتِ الروحِ
وأَسْبَحُ في ماءٍ مَغلِيْ.
جسدي لا يَصلُحُ للمَحْوِ
وما مِن مِترَاسٍ لا يَنهَارُ
أمامَ حوافرِ عاصفةٍ
تَتَدافَعُ مِن جنبَيّْ.
أَنفُضُ في أحداقِ الحلكة
أجْوِلةَ النورِ
ولا أكترِثُ بما يَنْهَمر
مِن البارودِ عليّْ.
أجتازُ مراراتِ الروحِ
ولن أرجعَ
حتى يَرضَى تاريخُ الجمّيزِ
وأملأ بزغاريدِ الرملِ يدَيّْ.
(4)
أطنانٌ متفَجِّرَةٌ فوقَ المعبَرِ تَنهَال * ثعابينُ الفولاذِ تُطارِدُ في الجوِّ طيورَ الفولاذ * مواضعُ تتفجَّرُ ما إنْ تَلمَسْهَا الأقدامُ الراكضةُ * شظايا لا حصرَ لها تنغلُ في أحشاءِ الطقس * غيومٌ تحتَ الأرْجُلِ تُمطِرُ أشلاء * أفئدةٌ تَنطلِقُ مزغرِدَةً مِن فوهةِ المدفع * داناتٌ سَقَطتْ خلْفَ الأهدافِ تَعُضُّ أناملَها * جُنديٌ يتماسَكُ حتى يَمتلئ بأكبرِ قدْرٍ مِن أسنانِ الرشاش * فدائيٌّ يتمدَّدُ تحتَ الدبابةِ كي يَطعنَها في سُرَّتِها * إبريقٌ سِرِّيٌ يتنقلُ بيْنَ حلوقِ المِصريين * خرافاتٌ وأساطيرُ تَفِرُّ وقَدْ شَبَّتْ في موسمها النار * دماءٌ فوْقَ الرملِ تُناضلُ كي تتلاقى بدماءٍ أخرى * جنديٌ يتذكَّرُ بِنتَ الجيرانِ ويبتسِمُ قليلا قبْلَ تَهشُّمِ صِدغيْه * التكبيرةُ بَرْقٌ يُقذَف مثل الهِلْبِ على الشاطئ * أرواحُ المقتولينَ بكرباجٍ لحظةَ حَفْرِ المَجرى ـ تتجسَّدُ قُطْنَا وعكَاكيزَ * نشيدٌ يَحمِلُ مَجروحيِن ويعبُرُ ............
(5)
اللهُ أكبْرُ تَملأ الدنيا
مَدَدْ يا سيدي عبدَ الرحيم.
اليومَ ألمِسُ نفحةَ الإشراقِ
أشرَبُ خمرةً أشهى مِن العسلِ المُصفّى
بينَما أعدو على جِسرِ الجحيمْ.
اليومَ أدخُلُ في صلاةٍ
لا يَصِحُّ وضوؤها دونَ الدماء
ولا يَصِحُّ سجودُها إلا على قبْرِ الغريمْ.
اللهُ أكبَرُ تَعصِرُ الدنيا
مَدَدْ يا سيدي عبدَ الرحيم.
مفتتح
أعرِفُ أنَّ اللحظةَ قاسيةٌ
أنَّ نِصَالاً لا حصرَ لها تَكبُرُ في أعضائي
أنَّ جَرَاداً فولاذِيّا يَنْقَضُّ مِن الأركانِ الأربعةِ
ولا يَتركُ بيْنَ الجنبَيْنِ سنَابِلَ أو قُطنا
أعرِفُ أنَّ اللحظةَ قاسيةُ
والريح معانِدةٌ
لكنِّي أعرِفُ أيضا
أنِّي أولُ مَن سَارَ مع الموتِ
على جِسرِ الأبديةِ
مِثلَ حبيبيْن
وأولُ مَن حَفَرَ جذعَ الوقتِ فضاءً وعصافير
وأولُ مَن بَدأَ التقويمَ
وآخِرُ مَن يَفْنَي.
في جسدي عضوٌ ما
يَحتاجُ إلى وخزةِ دَبُّوسٍ
كي يَتحركَ جِنزيرٌ في الروح
ويَطحَن تلك الغيبوبةَ طَحنا.
اللحظةُ قاسيةٌ
أعرِفُ
لكني أحتاجُ إلى وخزةِ دَبُّوسٍ ما
كي أعرفَ كيفَ أغيِّبُ في النيلِ يَديَّ فتخرج زلزالا
كيفَ أرُصُّ الحُزنَ جِوارَ الحزن
وأنسج لحنَا.
(1)
الطائراتُ تَمُرُّ فوقَ رؤوسِنا
تَمضي على شرْقِ القناة
تَعلو هتافاتُ الجنودِ
وتَغسِلُ الصحراءَ بالتهليل
ماذا؟
هل سنعْبُرُ؟
لا أصدِّقُ ما أراهُ
القشعريرةُ تَملأُ الأعضاءَ
أرقصُ مِثلَ مخبولٍ
وأسجُدُ للإله.
(2)
جاءَ الأمرُ
أخيرا يَنفتِحُ الشريانُ على ظَمَأِ الأرضِ
وتَزأرُ في كبِدِ الوقتِ جنازيرُ الدبابَةْ.
جاءَ الأمرُ
أخيراً أُبصِرُ ما في دِّرْع ٍ فولاذي
مِن دفءٍ ورحابَه
أتحسَّسُ ما في جسدي
مِن شُهُبٍ ومَسلَّات
أتذكَّرُ شجَر الجمّيزِ أخيرا
دونَ النظرِ إلى الأرض
أخيرا أتذكَّرُ كلَّ الأحبابِ
بِلا ألمٍ وكَآبَةْ
جاءَ الأمرُ كوخزةِ دَبُّوسٍ
ها نَرفُع مِزلاجَ الطوفانِ
ونَنزِعُ ما في حَلْقِ الصبوةِ مِن شوْكٍ ومرارات
نَصنعُ أُفقا لزغاريدِ النسوةِ في الشرفات
وخبزا يَكفي مليونَ ربابَةْ.
(3)
أجتازُ مراراتِ الروحِ
وأَسْبَحُ في ماءٍ مَغلِيْ.
جسدي لا يَصلُحُ للمَحْوِ
وما مِن مِترَاسٍ لا يَنهَارُ
أمامَ حوافرِ عاصفةٍ
تَتَدافَعُ مِن جنبَيّْ.
أَنفُضُ في أحداقِ الحلكة
أجْوِلةَ النورِ
ولا أكترِثُ بما يَنْهَمر
مِن البارودِ عليّْ.
أجتازُ مراراتِ الروحِ
ولن أرجعَ
حتى يَرضَى تاريخُ الجمّيزِ
وأملأ بزغاريدِ الرملِ يدَيّْ.
(4)
أطنانٌ متفَجِّرَةٌ فوقَ المعبَرِ تَنهَال * ثعابينُ الفولاذِ تُطارِدُ في الجوِّ طيورَ الفولاذ * مواضعُ تتفجَّرُ ما إنْ تَلمَسْهَا الأقدامُ الراكضةُ * شظايا لا حصرَ لها تنغلُ في أحشاءِ الطقس * غيومٌ تحتَ الأرْجُلِ تُمطِرُ أشلاء * أفئدةٌ تَنطلِقُ مزغرِدَةً مِن فوهةِ المدفع * داناتٌ سَقَطتْ خلْفَ الأهدافِ تَعُضُّ أناملَها * جُنديٌ يتماسَكُ حتى يَمتلئ بأكبرِ قدْرٍ مِن أسنانِ الرشاش * فدائيٌّ يتمدَّدُ تحتَ الدبابةِ كي يَطعنَها في سُرَّتِها * إبريقٌ سِرِّيٌ يتنقلُ بيْنَ حلوقِ المِصريين * خرافاتٌ وأساطيرُ تَفِرُّ وقَدْ شَبَّتْ في موسمها النار * دماءٌ فوْقَ الرملِ تُناضلُ كي تتلاقى بدماءٍ أخرى * جنديٌ يتذكَّرُ بِنتَ الجيرانِ ويبتسِمُ قليلا قبْلَ تَهشُّمِ صِدغيْه * التكبيرةُ بَرْقٌ يُقذَف مثل الهِلْبِ على الشاطئ * أرواحُ المقتولينَ بكرباجٍ لحظةَ حَفْرِ المَجرى ـ تتجسَّدُ قُطْنَا وعكَاكيزَ * نشيدٌ يَحمِلُ مَجروحيِن ويعبُرُ ............
(5)
اللهُ أكبْرُ تَملأ الدنيا
مَدَدْ يا سيدي عبدَ الرحيم.
اليومَ ألمِسُ نفحةَ الإشراقِ
أشرَبُ خمرةً أشهى مِن العسلِ المُصفّى
بينَما أعدو على جِسرِ الجحيمْ.
اليومَ أدخُلُ في صلاةٍ
لا يَصِحُّ وضوؤها دونَ الدماء
ولا يَصِحُّ سجودُها إلا على قبْرِ الغريمْ.
اللهُ أكبَرُ تَعصِرُ الدنيا
مَدَدْ يا سيدي عبدَ الرحيم.