فتحي عبدالسمبع

أتَى الدمياطيُّ اللعين وفَتحَ ورشةً أمامَ بيتي . صرختْ فيروز لا أقْبَلُ همسةً في حفل فكيفَ أُغنِّى لكَ وحدَك وسْطَ كلِّ هذا الخَبْط ؟ صاحتْ كَمَنْجَةٌ وهي تَكشِفُ ظهْرَها لأطالِعَ الرضوضَ ـ انْظُرْ ما فَعَلَ النجَّارُ بِنَا ؟ أتَى الدمياطيُّ لينْزِعَ مِن نِقمَتِي كلَّ شيء ويَستخلِصَها لنفسِه ...
نغارُ من عِشْقِها للخبيز تُحبُّ أبي؛ لأنه يجمعُ الدقيقَ وتُحبُّني لأنني أجمعُ الوقود. كلامُها المهووس لا ينتهي عن حلاوةِ أسناننا وهي تقضُمُ عن فرحةِ الموتى حين يُرفْرفُ خُبزُها فوق شواهد القبور. تدفعُني في ظهري وتقذفُني بجوَالٍ فارغٍ أشتمُ الخبزَ والذين يأكلونه فترفعُ شبشبَها عاليا أُقسمُ أن لا...
أسماء الشوارع ليست مجرد علامات صامتة يقتصر دورها على تحديد الأماكن. أسماءُ الشوارع رموز تحمل في طياتها دلالات كثيرة، منها ما يتعلق بصاحب الاسم ومنها ما يتعلق بالشارع نفسه. وهي وعاء كبير يستوعب طاقة رمزية لا حدود لها، ومع ذلك يمكن أن يُترك الوعاء فارغا مع وضع غطاء فوق فوهته. وهذا الغطاء هو الاسم...
تَقَدَّموا بهدوء ولا تَميلوا عليّ لا أريدُ لأحدٍ أن يَنهارَ بسببي أريدُ أن أبْقَى حتى النهايةِ بريئا مِن كلِّ انهيار. زعقةٌ صغيرة يُمكِنُ أنْ تُحْدِثَ فَجوةً في صدْري لا بازلت ولا جرانيت هشٌ كأرملةٍ تَضُمُّ صغارَها وتَبكي هشٌّ ولا أدلُّ على خلود بل أقودُكم إليه . لا الماضي ولا المستقبَل أنا...
أَمشي كأيِّ لِصٍّ تقليدي يَنشلُ جَدْيَا مِن حظيرةٍ أو دَرَّاجةً مِن شارع. حَسَّاسٌ ونَبِيه لو ضَبَطوه متلبِّسًا تُمطِرُ الصفعاتُ على قَفَاه تقودُهُ الركَلاتُ في موكبٍ إلى إلهٍ غَضْبَان. كلُّ مَن يَرَاني يَشُكُّ في أمري النَّاسُ حَسَّاسونَ جِدا حينَ يَتعلَّقُ الأمرُ بأشيائِهم أحداقُ اللصوصِ...
إلى فلاية كنت أضعها أمامي عيني وأنظر إلى الشمس عبر ثقوبها الطويلة سقطَ الجدارُ الطينيُّ فتناثرت من شقوقه المهشّمة خصلاتٌ من شعر أمّي جمعناها في كيسٍ وألقيناها في النيل. تجلسُ بين طيورها المنزليةِ وتسرّح شعرها قماشةٌ بيضاء على حجرها وشمسٌ حانيةٌ ترفرفُ حولها . لم تكن أمّي بحاجةٍ لما هو أكثر...

هذا الملف

نصوص
6
آخر تحديث
أعلى