فتحي عبدالسمبع - حكاية فيروز والأسطي نبيل النجار

أتَى الدمياطيُّ اللعين
وفَتحَ ورشةً أمامَ بيتي .
صرختْ فيروز
لا أقْبَلُ همسةً في حفل
فكيفَ أُغنِّى لكَ وحدَك
وسْطَ كلِّ هذا الخَبْط ؟
صاحتْ كَمَنْجَةٌ
وهي تَكشِفُ ظهْرَها لأطالِعَ الرضوضَ
ـ انْظُرْ ما فَعَلَ النجَّارُ بِنَا ؟

أتَى الدمياطيُّ
لينْزِعَ مِن نِقمَتِي كلَّ شيء
ويَستخلِصَها لنفسِه .

كلما نَصبْتُ له فَخّا في البلدية
جاءت كمَّاشةٌ ونزَعَته.

عندما انهارَ بيتُه
وأخرَجوه على مراحلَ
أيقَظَني كَمَانٌ
وفَسَّرَ المَنامَ
بصفقةٍ كبيرةٍ يربَحُها الدمياطي .

كثيرونَ تَشاجَروا مَعَه
لمواعيدِهِ المثقوبةِ ولِسَانِه المُستَفِز
قعْقَعوا مثلَ شكماناتٍ مجروحة
دونَ أن يَنجحوا في خَتْمِ شِجَارٍ واحدٍ
بِقُفْلٍ يَنام إلى الأبد
فوْقَ بابِ الورشة .

مع الدَّبَّةِ الأولى لأيِّ خلاف
يَنزِعُ العمامةَ كي يَكشفَ عن إزميلَيْن
نَبَتَا في صلعتِه .
يلوذُ بقمطةٍ حديدية
ويلوِّحُ بها لا أكثر
يُداري غربتَه أمامَ عمائمَ
تشيرُ إلى عشائرَ ونبَابِيت
سأنزِعُ غربتَه مِن نِقمَتي
عليَّ أن أحنوَ على شَبيهي .

سأنزِعُ أيضا هباءَ الورشةِ
وأتركَه يَمضي بسلامٍ إلى رِئَتي
أو يتراكم فوقَ أوراقي وكُتُبي
معَ أوجاعٍ وخسائرَ أخرى.
يَكفي أنه شَجَرٌ
لا يَنبغي وَسْمُهُ بالإثم
لأنني تمنيتُه حديقة ًحوْلَ بيتي ولم يَكُن
أوْ لأن بَلطَةً نَزَعَته مِن بلادِه وصارَ فُتَاتا .

سأنْزِعُ مِن نِقمَتي أيضا جلبابَه اليتيمَ
وعودتَه مِن صلاةِ الفَجْر
أتُرَاهُ القُطْبَ جاءَ في هَيئةِ نَجَّارٍ دمياطيّ
كي يأمُرَني بالرحيلِ إلي ما لا أدري؟
لماذا لا يُحدِّقُ في عيني ويقولُ كلمتَه ؟
لماذا يردِّدُها بـ (الشاكوش) آلافَ المَراتِ يوميا؟

نَجمَةٌ أمامَ شُبَّاكي
بذلتٌُ مَجهودا حتى سَرَى الكلامُ بَيْنَنَا
لكِنَّ الدمياطيةَ البدينةَ زوجةَ الدمياطيّ الناحل
سألتني عن عددِ النجومِ وانفجرتْ في الضحك .
ارتبكتُ واختبأتُ وعندما عدتُ
كانت نَجمَتي قد ضاعتْ إلى الأبد.
هل أستبْعِدُ الدمياطيةَ هي الأخرى
لمجردِ أنها شَعَرتْ بالندم
وصارتْ تَختبِئ كلما رأتْنِي في الشُّبَّاك؟

ماذا يَبْقَى
بعْدَ استبعادِ كوْمةٍ مِن اللحمِ
يَجري الدمياطيّ عليها؟
ماذا يَبْقَى
وقدْ رضيتْ فيروزُ بالغِنَاءِ على خبْطِ الشواكيش
وأخْبَرَتْنِي كَمَنْجَةٌ
بضرورةِ العزفِ مهما كانت الظروف .

فتحي عبدالسمبع



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى