ج (15)
430- ( ٤٣٠ ) : من قال : "لا أدري" ، فقد أفتى!
منذ فجر أمس وأنا في حالة ذهول بسبب ما جرى في سورية ، وحتى ما أورده اليوم الدكتور عبد المجيد سويلم Abdel Majeed Sweilem ، في مقاله في جريدة الأيام الفلسطينية ، من أن ما جرى هو انقلاب طبخ على نار هادئة ، لم يخفف من حالة الذهول التي ألمت بي .
وخوفا من اتهامات قد توجه إلي كما وجهت لمئات اتهموا بأنهم منافقون ، فقد بحثت عما كتبته عن موقفي من النظام السوري في ظل حكم بشار الأسد .
مرة ، في سبعينيات القرن العشرين ، قرأت في مجلة " الثقافة العربية " الليبية مقالا عن موقف الشعراء من جمال عبد الناصر ؛ في عهده وبعد وفاته ، فصدمت ، على الرغم من أن كاتب المقال بدأه بالكتابة عن موقف أفلاطون من الشعراء وطرده لهم من كتابه " الجمهورية " . في عهده رأى الشعراء في عبد الناصر نبيا ، وبعد موته تساءلوا :
- كيف نعرف أن الذي بايعته المدينة غير الذي وعدته السماء .
وعندما كتب مظفر النواب يهجو هؤلاء المتقلبين :
أنا لست بالناصري ،
ولكنهم ألقوا القبض ميتا عليه ،
وعري من كفن غزلته قرى مصر من دمعتيها ،
إذن سقط الآن عن بعض من دفنوه الطلاء "
عندما قرأت قول مظفر حفظته عن ظهر قلب .
عندما أسأل عن رأيي فيما جرى أجيب :
- من قال : لا أدري ، فقد أفتى . وأنا والله لم أستطع استيعاب ما يجري .
ببساطة حدث ما حدث وخازوق دق بأسفلنا !!
بقيت غزة وحدها تصارع دولة عظمى ونحن دخلنا في مرحلة الشك وعدم اليقين والمجهول .
الأنباء القادمة من غزة اليوم تقول إن المقاومة ما زالت مستمرة . هل سيدير ( شمشون ) الرحى ؟
في ثرثرة مع صديق ردد على مسامعي أن بني إسرائيل واليهود ذكروا مرات عديدة في القرآن الكريم ، في حين أن الفلسطينيين لم يذكروا ولا مرة ، فقلت له ولكننا ذكرنا في العهد القديم ، وأتيت على مسرحية معين بسيسو " شمشون ودليلة " التي أعادتني إلى سفر القضاة ، وأوضحت للصديق أن صراع اليهود والفلسطن يعود إلى ٣٠٠٠ عام و " لسة طويلة " .
هل نحن مقبلون على زمن دول الطوائف ، كما قرأت في مقال الدكتور عبد المجيد سويلم ؟
دولة بهودية ودولة مسيحية ودولة سنية ودولة درزية ودولة شيعية ودولة كردية ، وهذا هو الشرق الأوسط الجديد ؟
وماذا عن الأطفال في السجون السورية ؟
وأنا أتناول وجبة الفاصوليا والرز سمعت ان هناك سجينة أفرج عنها لها ثلاثة أطفال لا تعرف من هم آباوهم لكثرة ما اغتصبت .
حلها يا حلال ! وأظن أن الانتفاضة الأولى انطلقت شرارتها في ٩ / ١٢ / ١٩٨٧
مساء الخير يا بلاد الشام
حربشات عادل الأسطة
٩ / ١٢ / ٢٠٢٤
عادل الاسطة
***
431- ( ٤٣١ ) : القمل والثلج ١٩٤٨ : رسمي أبو علي " الطريق إلى بيت لحم "
الشيء بالشيء يذكر وما يعيشه أهل قطاع غزة في هذه الأيام ، من نزوح وتهجير وجوع وعطش وقتل ومعاناة من البرد وحنين إلى بيوتهم ، مر بما يشبهه آباؤنا وأجدادنا في عام النكبة .
في هذا الصباح تذكرت رواية رسمي أبو علي " الطريق إلى بيت لحم " ( ١٩٨٣ )وقد عاش رسمي تلك الأيام .
يكتب رسمي فصلا عنوانه " القمل والثلج " ومنه نقرأ :
" لا شيء سوى تحصيل القوت ولم يكن ذلك بالأمر اليسير .
كانت الأمور تبدو مثل كابوس مزعج أو حلم ثقيل ضاغط بحيث رفض الكبار أن يصدقوا ما حدث ، وخاصة أن الأسبوعين أو الشهرين اللذين توقعوا خلالها عودتهم قد مرت تباعا وما من خبر عن عودة قريبة أو بعيدة .
لكن الأفواه جائعة والشتاء قد بدأ بزحفه المفاجيء دون إنذار والجنيهات القليلة التي كانت بحوزة الأسرة قد تم صرفها وتمت الاستدانة فوقها - من هنا جنيه ومن هناك ثلاثة حتى يفرجها الله .
والقمل ! ترى لماذا يكثر القمل في ظروف كهذه ؟ هل خطر ببال باحث أن يعطينا جوابا شافيا لهذه الظاهرة ؟ هل كان الأمر لقلة الاغتسال ؟ كلا ... فقد كنا نغتسل وماء البئر سخية . هل كان بسبب نقص المواد الغذائيه ؟ ربما ولكننا لم نجع بالمعنى الفاجع للكلمة ، فقد كانت لنا والدة تأتي باللقمة من فم الطير إذا لزم الأمر ... إذن ماذا ؟
- تغير الماء يا عمي - وحيثما يتغير الماء يكثر القمل . هكذا قال جدي في زاويته التي أفردناها له ولفروته الواسعة في ركن البيت .
تغير الماء .
......
....
ولا تسل - أيها العزيز - عن كمية الثلوج التي هطلت في ذلك العام فقد وصل الثلج إلى مترين بالتمام والكمال وهو أمر - قال جدي الطاعن في السن - إنه لم يحدث من خمسين سنة على الأقل ."
ولطالما سمعت شخصيا من كبار عائلتي عن عام الثلجة والفقر الذي عانوا منه فيه .
مقالي الأحد القادم لجريدة الأيام الفلسطينية عن الكتابة عن النكبة في لحظة جريانها والكتابة عنها استحضارا ، ولسوف أذكر فيه الروائيين يحيى يخلف ورشاد أبو شاور ورسمي أبو علي وغيرهم .
أمس فقد الجيش الإسرائيلي ، كما اعترف ، سبعة من جنوده وضباطه . كثرت أشرطة الفيديو عن سجون النظام السوري خلال حكم بشار الأسد ووالده ، وعلى خجل كتب قليلون منا عن احتلال الجيش الإسرائيلي مناطق من سورية في جبل الشيخ و ...
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٠ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
433- ( ٤٣٣ ): قسوة حياة أهل قطاع غزة وحشرة (فرانز كافكا )
بلغت الشدة في حياة بعض أبناء قطاع غزة ذروتها ، لدرجة أن ما ألم ببطل رواية الكاتب التشيكي يهودي الديانة ( فرانز كافكا ) صار أمنية .
صحا ( غريغوري ) ذات صباح من نومه فوجد نفسه حشرة ، وكثرت تأويلات الرواية التي ترجمت إلى العربية تسع ترجمات . إنها تصوير لواقع الاغتراب الإنساني في المجتمعات الرأسمالية .
أبناء قطاع غزة يعانون من عقود من الاحتلال ومن الحصار ومن الحروب التي بلغت ذروتها منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ حيث دمرت المباني وهجر المواطنون وقتل عشرات الآلاف وجرح مئات الآلاف أيضا .
في صفحته كتب الصحفي والناشط الفيسبوكي محمد الذهبي المقطع الشعري الآتي :
" أو شيء ما "
بنيت هذا العام كثيرا من الأماني ...
ك لو أنني عصفور يهرب من الصواريخ وأزيز الرصاص ...
ك لو أنني غيمة تقفز فوق الطائرات فلا تراني ...
يئست ..
تصاغرت ..
أينفع أن أصير ذبابة ؟
حشرة عابرة تتجاوز الحدود ؟
ناموسة ماكرة تخرج بانتهاء حفلة الموت " ( ١١ / ١٢ / ٢٠٢٤ )
عندما قرأت المقطع الشعري عقبت :
" يا إلهي !
ما أقسى حياتكم !
أجواء كافكاوية "
فرد محمد :
" قبل نحو تسعة أشهر وقفت على سطح المنزل الذي استضافني أهله كنازح في رفح آنذاك . هامت عيناي بين الخيام والمارة فتمنيت لو أنني عصفور هارب .
منذ يومين قتلني الضجر وعيناي تناظر البيوت المدمرة بخان يونس كنازح أيضا ومآلات الحال تقول :
لا أمل .. لا حلول ،
فتمنيتني ذبابة أو أدنى ..
لنا الله و لله البقاء " .
بم اواسيه ؟
كان الله في عونكم . سوف أكتب عنها ناقلا المتن والهامش .
أمس حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار سجناء السجون السورية في ظل عهد الأب حافظ الأسد وابنه بشار . كان الاثنان جملين وقعا فكثرت السكاكين وزال دال الأبد وحتى الأبد وخرج سجناء لا يختلفون عن غريغوري حشرة كافكا - أي والله !
لا أتهم ولا أدافع ، إنما أصف ، وعندما راجعت ما كتبت عن الرئيسين وجدت أنني ضد حكم الفرد وضد التوريث ، وأنني ضد تغيير الدستور لتنصيب بشار وضد أن يجمع رامي الحمدالله بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجامعة وأن يظل رئيسا لها ستة عشر عاما متجاوزا القانون ، بل وجدت أنني اقترحت على بشار الأسد مع بداية الربيع العربي أن يقدم استقالته ليغدو شخصا محدودا فضل مصلحة بلده على منصبه وعلى شعار " الأسد أو ندمر البلد " .
ولكن من أنا حتى أكتب عن الرؤساء والملوك !!
الحمدالله أن الفيس هو ذاكرتنا الموثقة.
صباح الخير يا بلاد الشام
خريشات عادل الاسطة
١٢ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
- ( ٤٣٣ ) : غسان كنفاني: "القميص المسروق" مواساة أهل قطاع غزة
" إن هذا المطر لن ينتهي الليلة . هذا يعني أنه لن ينام ، بل سيظل منكبا على رقبته . يحفر طريقا تجر المياه الموحلة بعيدا عن أوتاد الخيمة . لقد أوشك ظهره أن يعتاد ضرب المطر البارد ، بل إن هذا البرد يعطيه شعورا لذيذا بالخدر .
إنه يشم رائحة الدخان . لقد أشغلت زوجه النار لتخبز الطحين . كم يود لو أنه ينتهي من هذا الخندق ، فيدخل الخيمة ويدس كفيه الباردتين في النار حتى الاحتراق . لا شك أنه يستطيع أن يقبض على الشعلة بأصابعه ، وأن ينقلها من يد إلى أخرى حتى يذهب هذا الجليد عنهما ... ولكنه يخاف أن يدخل هذه الخيمة . إن في محاجر زوجه سؤالا رهيبا ما زال يقرع فيهما منذ زمن بعيد . لا . إن البرد أقل قسوة من السؤال الرهيب . ستقول له إذا ما دخل وهي تغرس كفيها في العجين ، وتغرس عينيها في عيونه :
- هل وجدت عملا ؟ ماذا سنأكل إذن ؟ كيف استطاع ( أبو فلان ) أن يشتغل هنا وكيف استطاع ( أبو علتان ) أن يشتغل هناك ؟ ثم ستشير إلى عبد الرحمن المكور في زاوية الخيمة كالقط المبلول ، وستهز رأسها بصمت أبلغ من ألف ألف عتاب .. ماذا عنده الليلة ليقول لها سوى ما يقوله في كل ليلة :
- هل تريدنني أن أسرق لأحل مشاكل عبد الرحمن ؟ "
كتب كنفاني هذه القصة وهو في الكويت في العام ١٩٥٨ ، ويومها كنت في الرابعة وأسكن في خيمة . هل اختلفت يومها عن عبد الرحمن ؟
كم من طفل غزاوي في الرابعة من عمره يقيم الآن في خيمة ؟
في العام ١٩٥٨ سلمت وكالة غوث اللاجئين للاجئين الفلسطينيين غرفا مساحة الغرفة منها حوالي ١٢ م مربع ، وبقيت أقيم فيها أنا مواليد الخيمة حتى العام ١٩٧٨ حيث رحلنا من المخيم وصار لنا بيت مستقل .
كان الله في عون أهل قطاع غزة ؟
أيمن المصري المتنبيء الجوي في مدينة نابلس يشم رائحة ثلجة قادمة .
في العام ١٩٥٠ / ١٩٥١ أثلجت هنا ونعت الناس ذلك العام بعام الثلجة . كان عمر أخي البكر عاما .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٢ / ١٢ / ٢٠٢٤
عادل الاسطة
***
434- ( ٤٣٤ ) : تربية أهل غزة تربية إسبارطية
نمت ليلة أمس على أخبار لا تسر البال . كان آخر ما لفت نظري هو المنشور الذي كتبته الشاعرة ياسمين العابد عن مجزرة في مخيم النصيرات ٥ ذهب ضحيتها ، في خبر أول ، عشرة أشخاص ، وقرأت لاحقا في صفحة Basem Alnadi أن ضحايا أمس في قطاع غزة بلغ عددهم سبعين فلسطينيا عدا الجرحى .
في ساعات فجر هذا اليوم قرأت ما كتبه اكرم الصوراني عن حياة الفلسطينيين في الخيام فالتفت إلى خطأ نحوي ، وعندما أشرت إليه أجابني إجابة مفحمة : الدنيا كلها عوجة ، فتذكرت ما دار من جدل في بداية الحرب الدائرة حاليا ولومي على لفت الانتباه إلى الأخطاء الإملائية والنحوية التي لا تخلو كتابتي أحيانا منها ، وأحيانا أعقب :
- شر البلية ما يضحك
وقد أضيف :
- الناس بإيش و عادل الأسطة بإيش .
كانت الليلة شديدة البرودة ، وغالبا ما أتذكر في الليالي الباردة سكان الخيام منذ الربيع العربي ، بل وقبل منذ ترك لاجئو العراق الفلسطينيون العراق واقاموا في مخيم الرويشد على الحدود العراقية الأردنية بعد احتلال بغداد في ٢٠٠٣ .
كانت الليلة شديدة البرودة ذكرتني بعادات المجتمع الإسبرطي حين يولد له طفل .
كان الإسبرطيون يلقون بالطفل يوم ميلاده في العراء ليختبروا صحته ومدى قابليته للحياة في عالم الفروسية . إن كانت بنيته قوية عاش وإن كانت ضعيفة مات .
منذ سبعة عشر عاما وإسرائيل تطبق أسلوب التربية الإسبرطية على أهل قطاع غزة وازدادت صرامتها في التطبيق منذ بداية ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ . وهناك فقرات قرأتها عن طلبات إسرائيلية جديدة لبعض مناطق غزة تطالب سكانها بتركها إلى مناطق أخرى .
أمس قرأت عن سجن إدلب القليل فالكثير عن سجن صيديانا ، وهناك رضى أمريكي عن الثورة الجديدة . وأمس أيضا كانت طائرتان مسيرتان تحلقان بعلو منخفض فوق الضاحية الجنوبية لبيروت .
طاسة وضايعة وأنا ما عدت أعرف ما الصواب ورحم الله الشاعر اليمني عبدالله البردوني الذي كتب :
" فظيع جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري " .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٣ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
458- ( ٤٣٥ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : عن الفقر وسوء التغذية / يحيى يخلف
" إلى مدارس الوكالة ذهب الأولاد والبنات .
لم يكن أمام الأهالي من خيار إلا أن يرسلوا ابناءهم إلى المدارس .. لقد فقدوا كل شيء .. فلعل العلم يعوضهم عن الخسارات الفادحة .
في المدارس كان على القسم الصحي أن يكرس الوقت لمكافحة الذباب ورش قرعات الأولاد بالبودرة والمطهرات ، فقد انتشر القمل في الرؤوس بسبب شح المياه وقلة العناية .
وبسبب سوء التغذية كان معظم الأولاد مصابين بفقر الدم ، لذلك قررت الوكالة توزيع كوب حليب وحبة من زيت السمك لكل واحد منهم .
وبعد عام تحسن الوضع الصحي ... " ( ٧٢ / ماء السماء )
في العام ١٩٧٩ أصدرت مجموعتي القصصية الأولى " فصول في توقيع الاتفاقية " وكتبت فيها قصة عن حليب الوكالة . كان عنوان القصة " درويش يتمرد " وفيها أتيت على حليب الوكالة هذا الذي كرهنا بشرب الحليب وسبب لدينا عقدة منه .
الأوضاع في غزة ما زالت صعبة قاسية قاتلة وأمس تواصلت الغارات الإسرائيلية ، فارتقى المزيد من الشهداء . كأن مفردة " تباد " صارت مفردة عادية .
مقالي غدا في جريدة الأيام الفلسطينية عنوانه " الكتابة عن النكبة استرجاعا والكتابة عنها في لحظتها " ولعل هذه الاقتباسات من الروايات تجعله مقالا مفهوما فهو يحفل بالمصطلحات النقدية والتنظير النقدي .
اليوم ذكرى وفاة الشاعرة فدوى طوقان وأيضا وفاة الكاتب جبرا إبراهيم جبرا .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٤ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
( ٤٣٦ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : النكبة المستمرة المتواصلة
محمد الأسعد " أطفال الندى " :
" وتقول أمي :
" كنا نشاهد جثثا على جوانب الآبار وفي الطرق " .
وأسمع في صوتها رنة العزلة كأنها جاءت بعد أن حدث كل شيء هي التي أيفظها في منتصف الليل صوت البارود فتطلعت إلى أم الزينات فإذا هي شعلة من النار ، وأيقظت الحاج الذي لم يكن قد حج بعد وأخذت طريقها إلى البلد ذاهبة إلى بيت أهلها .. بيت أبو طالب لتعرف ماذا يحدث . كأن هذا البيت نداء غريزي استيقظ في تلك اللحظة فهرعت تبحث عن جواب فيه ، وكانت البلدة خالية تماما . وفوجئت بأخيها يطل من سطح الدار ويصرخ بها :
" ماذا تفعلين هنا ؟ لقد غادر الجميع . ارجعي .. ارجعي "
كان الخال وحيدا ببندقيته ولا أدري ماذا كان يفعل هناك بعد أن اخليت البلدة سوى أن لوثة أصابته . تقول أمي:
" كان قد وضع النساء والأطفال في البيت ، وأعلن أنه سيطلق عليهم الرصاص إذا اقتحم اليهود البيت "( صفحة ٧١ ) .
سيقول أهل غزة :
- لم تبق هناك في جباليا بيوت أصلا .
كانت الصور الأكثر تداولا في الفيس بوك أمس - عدا أشرطة الفيديو المتعلقة بالسجن السوري : صيديانا - صورة جباليا قبل الطوفان وبعده . لقد سوي ، كما دريسدن في ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية ، بالأرض .
أمس قرأت في صفحة محمد العرجا الآتي :
" وداعا مخيم جباليا :
مخيم جباليا تمت تسويته بالأرض بالكامل " Mohammed Alarja
هل الحرب الدائرة حاليا تجري بين الفلسطينيين واليهود في قطاع غزة أم أنها تجري في ألمانيا وبولندا بين الألمان واليهود في العام ١٩٤٥ حيث ينتقم اليهود من النازيييين ويردون لهم الصاع عشرة ؟
سبحان مغير الأحوال ومبدل الأدوار . الضحية ترتدي قناع الجلاد وترى في الضحية الفلسطينية الجلاد الذي وضعها في معسكرات الإبادة .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٥ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
437- ( ٤٣٧ ) : كأن الحرب بدأت من جديد:
في صفحات أبناء قطاع غزة تقرأ عن المذابح والمجازر التي ارتكبت في اليومين الأخيرين .
" كأن الحرب بدأت من جديد " عبارة قرأتها فجر هذا اليوم في صفحة محمد العطار . يكتب محمد عن الاتصال الأخير الذي أجراه رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) والرئيس الأمريكي القادم ( دونالد ترامب).
غزة تباد. مخيم جباليا سوي بالأرض . مجزرة في مدرسة خليل عويضة . مجزرة في الساعات الأخيرة من نهار أمس في مدرسة إيواء في خان يونس . حثث الفلسطينيين في الشوارع في بيت حانون و ... .
ويبدو أن الضفة في طريقها إلى مقتلة إن لم ينفذها الفلسطينيون بأيديهم فسينفذها الإسرائيليون بحجة أن السلطة الفلسطينية عاجزة .
بعد خراب غزة سيحل بنا الخراب على ما يبدو ، وهو ما أعد له المستوطنون . هل سيكون مستوطنو الضفة الغربية مثل مستوطني أمريكا الذين ابادوا الهنود الحمر ؟
مؤخرا قرأت مقدمة كتاب الكاتب عبد المجيد حمدان الجديد " أمريكا وإسرائيل " وفيها أتى على نشوء أمريكا والدور الذي قام به المستوطنون الجدد حيث أطلق من كانوا يؤسسون الدولة يد هؤلاء للقضاء على الهنود الحمر .
هل كان محمود درويش يتنبأ بمصيرنا حين كتب قصيدة " خطبة الهندي الأحمر ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض " . هل ثمة تبديل عوالم ؟
صدر الشاعر القصيدة بعبارة ( سياتل ) زعيم دوامش وهي :
" هل قلت موتى ؟
لا موت هناك
هناك فقط تبديل عوالم " :
" هنالك موتى يزورون ماضيهم في المكان الذي تهدمون
هنالك موتى يمرون فوق الجسور التي سوف تبنون
هنالك موتى يضيئون ليل الفراشات ، موتى يجيئون فجرا لكي يشربوا شايهم معكم ، هادئين
كما تركتهم بنادقكم ، فاتركوا يا ضيوف المكان
مقاعد خالية للمضيفين .. كي يقرؤوا
عليكم شروط السلام مع ... الميتين ! "
هل هي خطبة الفلسطيني ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض ؟
ومن هو الرجل الأبيض هنا ؟
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٦ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
438- ( ٤٣٨ ) : الفرقة 98 تغادر لبنان إلى قطاع غزة
انتهت الحرب في لبنان إلى حين ، فلم يعد للفرقة 98 في الجيش الإسرائيلي شغل هناك ، وكله شغل ، ولذا أعيد عمالها إلى قطاع غزة ثانية ليواصلوا شغلهم في القنص وتدمير ما تبقى من مبان واجتثاث من تبقى من الغوييم العماليق الفلسطن وإعادة إقامة غوش قطيف.
أمس عممت الجهات الإسرائيلية صورة لجرافات إسرائيلية لإعادة الإعمار . إزالة الأنقاض أولا ثم إحضار البيوت الجاهزة ليقيم فيها الرجل الأبيض مكان الهندي الفلسطيني الأحمر الذي خسفه الله بواسطة أبناء شعب الله المختار ومباركة المحافظين الجدد في أمريكا . الاستعمار الصهيوني يستنسخ استعمار زبالة أوروبا في العالم الذي كان جديدا ، وقبل أيام تساءل القاص عمر حمش مندهشا:
" معقول الله سخطنا زي ما سخط قوم عاد وثمود ، وبكرا بحكوا عن سخطة قوم غزة " .
طلعنا ، نحن العماليق الفلسطن ، طلعنا بقايا قوم عاد وثمود ، وقد تجبر الرئيسان الأمريكيان ( بايدن ) و ( ترامب ) فاستمد فرعون الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) جبروته منهما وتحدى قبل شهر إلاهنا :
- سأهزم الفلسطن العماليق حتى لو وقف الله معهم .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٧ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
438- ( ٤٣٨ مساء ) محو مخيم جباليا
للتو أدرجت على صفحتي ما أدرجته الشاعرة ياسمين العابد في صفحتها وعلقت عليه مخاطبة العرب والمسلمين وخليل الحية وأسامة حمدان أيضا ، نافضة ، هي وأهل قطاع غزة ، اليد من المذكورين كلهم ، لتقاعسهم في مساعدة شمال قطاع غزة . لقد انقطع الرجاء ولم يبق هناك شمال . لم تبق هناك جباليا البلد ولا مخيم جباليا ، وقد جاءت الجرافات الإسرائيلية في هذا الصباح لتبدأ أشغالها وتمهد الأرض .
صار المخيم أكواما من الركام ولم يبق فيه وفي شمال القطاع إلا القليلون وعشرات ممن يواصلون المقاومة التي أسفرت اليوم عن قتل بضعة جنود محتلين .
منذ الصباح وأنا أتابع أخبار غزة وما يكتب عن المحو والتدمير .
في هذا الصباح تذكرت روائيي قطاع غزة وقصاصيها ممن كتبوا عن أمكنة عاشوا فيها ورايناها عندما زرناهم .
لا أحد الآن يعرف المكان . ذهب الشمال ولم يبق إلا في الأدب . في الروايات والقصص . في روايات عاطف ابوسيف وقصص زكي العيلة القصيرة " الجبل لا يأتي " . وللتو قرأت في صفحة الناشط تيسير عبد Taysir Abd أن جريدة معاريف الإسرائيلية كتبت أنه في أثناء لفت الأنظار إلى لبنان قامت الفرقة 162 بتسوية جباليا بالأرض .
في بداية الحرب كتبت ثماني حلقات عن زياراتي لقطاع غزة " في غزة لي أصدقاء وذكريات " وأتيت على جورة " أبو راشد " التي قرأت عنها في قصص زكي ، فعندما زرناه في بيته في المخيم أصر على أن يرينا الأماكن التي جرت فيها أحداث قصصه .
الأدب الفلسطيني حفظ لنا المكان الذي ، حتى الآن ، خسرناه .
لا حول ولا قوة إلا بالله .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٧ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
439- ( ٤٣٩ ) : قمة الإنسان هاوية:
في صفحة مخيم النصيرات وجه أسامة ابو الجود إلى أهل شمال قطاع غزة النازحين السؤال الآتي :
جاهزين ترجعوا ع غزة مشان تناموا ع الحجار؟؟!!
طلب مني أسامة أن أقرأ التعليقات لأرى.
لم يبق من الشمال إلا الحجارة وركام البيوت والغبار والكلاب الضالة والفئران والجرذان ، ومع ذلك أبدى بعض أبناء تلك المناطق استعدادهم للعودة.
العنف الإسرائيلي بلغ قمة لم يبلغها من قبل ، وأنا تذكرت ما كتبه محمود درويش في جداريته متكئا على ما ورد في الأسطورة وكتاب العهد القديم:
" ووحدي أحمل الدنيا على كتفي ثورا هائجا.
وحدي أفتش شارد الخطوات عن
أبديتي . لا بد لي من حل هذا
اللغز ، أنكيدو ، سأحمل عنك
عمرك ما استطعت وما استطاعت
قوتي وإرادتي أن تحملاك . فمن
أنا وحدي ؟ هباء كامل التكوين
من حولي ، ولكني سأسند ظلك
العاري على شجر النخيل . فأين ظلك؟
أين ظلك بعدما انكسرت جذوعك ؟
قمة
الإنسان
هاوية ...
ظلمتك حين قاومت فيك الوحش ، بامرأة سقتك حليبها ... "
قمة الإنسان هاوية .
رئيس الوزراء الإسرائيلي كان أمس على قمة جبل الشيخ فتذكر شبابه هناك قبل ٥١ عاما .
ترك بشار الأسد جيشه يدمر ولم يطلق أية رصاصة من الجولان بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ .
غالبا ما كان أبي يردد :
" من استلم البلاد بغير حرب
يهون عليه تسليم البلاد "
قمة الإنسان هاوية وكذلك الامبراطوريات والدول !
أي والله ، فلقد غابت شمس بريطانيا والامبراطورية العثمانية وانهار الاتحاد السوفييتي وعقبال عند الولايات المتحدة ودولتنا .
مرة شاهدت شريط فيديو للقاء بشار الأسد بمسؤول أمريكي ، وكان مع بشار ابنه حافظ ، فأشار إليه مخاطبا ، مبتسما ، المسؤول الامريكي :
- The next president .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٨ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
440- (٤٤٠) : احتلال نابلس
عن الإعلام العبري أن عضو الكنيست ( تسفي سوكوت ) في مقابلة مع " كول برما " علم من ضابط أنه يمكن احتلال نابلس في ثلاثة أيام ، وهذا ما يجب أن يتم : احتلال نابلس للأبد .
عندما قرأت الخبر الذي أعلمني به صديق رددت :
- نابلس محتلة منذ ١٩٦٧ .
وأضفت :
- ثلاث ساعات لا ثلاثة أيام كافية .
لماذا يريد الإسرائيليون فعل ذلك ؟
ربما ليعيدوا الاعتبار إلى جيشهم فالقتال في غزة أنساهم انتصارهم في حرب حزيران ١٩٦٧ - حرب الأيام الستة ، وأفقدهم الشعور بالنشوة التي شعروا لعقود بها . إنهم يريدون أن يعودوا إلى تلك الأيام ويعيدوا " الشيخ إلى صباه بالقوة على الباه " .
سينفق الإسرائيليون أعمارهم في ملاجيء ودبابات وعداوات وكراهية وخوف ورعب وقلق و ... ومتى كان اليهود في العالم لا يشعرون بالخوف والنبذ والملاحقة والاضطهاد والتيه وكراهية الشعوب لهم ؟ حقا متى ؟
يبدو أن احتلالهم قمة جبل الشيخ واقترابهم من ريف دمشق ووجودهم في محور فيلادلفيا لا يكفي ، فحرب ١٩٦٧ كانت على ثلاث جبهات ونابلس وجنين وطولكرم وبقية الضفة الغربية هي الجبهة الثالثة بعد الهدوء على الحدود اللبنانية .
عندنا مثل يقول :
"- مجنون ما بلاحق بلد "
ولكن إسرائيل تصر على ملاحقة العالم العربي .
لكثرة مشاكلي مع جامعة النجاح الوطنية أدركت معنى المثل السابق ، فقررت تركها وفراقها فراق غير وامق . لقد طلبت من إدارتها - إن أرادت أن أظل على رأس عملي فيها - مواصلة العمل بعقد ، وكنت على يقين بأنها لن توافق ، ولولا أنني لا أرغب في مغادرة فلسطين لقلت لنابلس ومحيطها والضفة الغربية والسلطة الفلسطينية : باي باي ! - أي وداعا ، لا بوي بوي .
لن يسمع مني ( أبو يائير ) ولا ( بن غفير ) ولا ( بتسلوئيل سموترتش ) لو قلت لهم :
- اما أن تصيروا عربا أو لا مكان لكم في بلاد العرب .
خذوها مني أيها الإسرائيليون :
صيروا عربا أو صيروا فلسطينيين أو ابحثوا عن بلاد أخرى .
كل ما يقال عن اتفاقية تبادل الأسرى لا يبعث على التفاؤل فهو متناقض أشد التناقض .
هل صحيح أن ما جرى في غزة هو بروفة مخففة لما سيجري في الضفة ؟
التساؤل السابق ليس من مخيلتي فلقد قرأته فيما أقرأ .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٩ / ١٢ / ٢٠٢٤ 8
***
441- ( ٤٤١ ) : أمطار غزيرة منذ ساعتين
منذ ساعتين والسماء تهطل أمطارها غزيرة ، وغدا يدخل فصل الشتاء وتبدأ المربعينية .
برق ورعد وفي غزة فوق هذا يتواصل البرق والرعد الإسرائيليان لليوم ال ٤٤١ لطوفان الأقصى .
حسب قناة الجزيرة فإن إسرائيل ، قبل ثلاثة أسابيع من بدء طوفان الأقصى ، كانت على علم به .
على الرغم من أن جباليا سويت بالأرض إلا أنها ما زالت تقاوم ، فأمس تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي أن فلسطينيا من هناك قتل ، بسكين ، ضابطا إسرائيليا وثلاثة جنود . هل كان يردد الأغنية القديمة " طالعلك يا عدوي طالع ، من كل بيت وحارة وشارع " أم بيت الشاعر راشد حسين :
" ولو قضيتم على الثوار كلهم
تمرد الشيخ والعكاز والحجر " ؟ .
لم يبق في جباليا شيخ وبقيت الحجارة والعكاكيز .
ما زالت صفحات التواصل الاجتماعي تحفل بعبارة المرحوم خالد نبهان " روح الروح " مقرونة بصوره .
ملايين الحكايات التي تروى ، وأول رواية من قطاع غزة صدرت في القاهرة كتبها الروائي والقاص عبدالله تايه الذي صمت في الحرب طويلا فلم نقرأ له يوميات ، وفاجأنا . عنوان الرواية " مذاقات الموت والركام : الحرب على غزة " .
ليكن الله بأهل قطاع غزة رحيما . برق ورعد وأمطار غزيرة و ... .
صباح الخير يا بلاد الشام
خريشات عادل الأسطة
٢٠ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
442- ( ٤٤٢ ) : بطولات جباليا
في صفحات التواصل الاجتماعي لأبناء قطاع غزة ممن يقفون حتى اليوم إلى طرف المقاومة وطوفان الأقصى ، على الرغم مما يعانون منه مما أوردته في كتابات سابقة ، تقرأ عن جباليا ومخيمها وبطولات من تبقى هناك .
أمس قرأنا في تلك الصفحات عن عمليتين بطوليتين قام بهما الشاب حسن وائل رجب ابن قائد قطاع المقاومة هناك وائل رجب الذي كان ارتقى ، أمس قرأنا عن العمليتين اللتين ارتقى فيهما الشاب .
في اليومين الأخيرين قرأنا عن قتل قناص ومساعده وطعن ضابط وثلاثة جنود ، وقرأنا عن شاب فجر نفسه بستة جنود .
وأمس قرأنا أيضا في صفحات أخرى ، لا يؤيد أصحابها أحداث ٧ أكتوبر ويرون فيها انتحارا وأكثر من ذلك ، أن هناك سطوا على مصرف / بنك ، حيث تم سرقة ثمانية ملايين شيكل ، وأصحاب هذه الرواية شككوا في العمليات التي أشادت بالمقاومة وعملياتها الأخيرة ، ورأوا أنها غير صحيحة وأنها مفبركة للتغطية على عملية السطو ، وطالب هؤلاء بأن تقوم الجهات المقاومة بعرض شريط فيديو لها ، وتساءل قسم من هذا الطرف إن كانت الصحافة الإسرائيلية أو الإعلام الإسرائيلي أقر بمقتل القناص والجنود .
إن دخلت إلى صفحات التواصل الاجتماعي لأبناء قطاع غزة فستقرأ روايتين مختلفتين حول ما يجري ، وإن تشابهت الروايتان ففي تصوير الجانب الإنساني للمعاناة ولارتفاع الأسعار والجوع وحياة الخيام والفقدان و ... .
صارت أشرطة الفيديو التي تخص ما يجري في سورية تطغى على تلك التي تصور حياة أهل غزة ، وبخاصة أشرطة الفيديو التي يسخر فيها السوريون من الرئيس السابق بشار الأسد وعائلته ، أو التي تأتي على مقدار ثروته التي خرج بها . أحد المعلقين على تلك الأشرطة كتب " الله لا يوقع أحدا بألسنة السوريين " .
الجيش الإسرائيلي واصل أمس توغله في الأراضي السورية وفي ريف درعا استولى على مخازن سلاح للجيش السوري ، ودخل إلى بيوت السوريين وجلس معهم يتباحث في الأوضاع ، وما أخشاه هو أن يدخل الجامع الأموي ليقرأ الفاتحة بالعبرية الفصحى ، كما كتب مظفر النواب ساخرا .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢١ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
443- ( ٤٤٣ ) : عمر عساف بين رصاصين ؛ رصاص الأهل ورصاص الأهل
في نابلس نوع من الحلوى غالبا ما يعده الحلونجيون في رمضان ويسمونه " بين نارين " ، ولا أعرف لماذا أطلق عليه هذا اللفظ الذي يستخدمه الفلسطينيون للشخص الذي يكون بين طرفي نزاع عزيزين عليه ، فيحتار إلى جانب أي طرف يقف . هل يقف الزوج إلى طرف أمه أو إلى جانب زوجته ؟ وقل الشيء نفسه عن الزوجة إن اختلف زوجها مع أهلها . مع من تقف ؟ .
أمس كان المناضل عمر عساف ، مع مجموعة من الفلسطينين ، في جنين ، لا يريدون للنزاع بين السلطة والمقاومة أن يندلع ، فيكفينا ما فينا . ( لمن لا يعرف عمر فإنه أنفق من عمره سنوات في سجون الاحتلال كان آخرها الأشهر الأخيرة بعد ٧ أكتوبر ، وقد دخل السجن ووزنه ١٢٠ كغم وخرج منه ب ٧٠ كغم ) .
بم تجيب حين تسأل عن رأيك فيما يجري بمخيم جنين وجنين نفسها ؟
- اللهم لا تجعلها فتنة .
هل ستؤول الأوضاع في الضفة إلى ما آلت إليه في قطاع غزة ؟
السلطة لا تريد ، والمقاومون يشعرون بالإهانة والمذلة لترك غزة فيما هي عليه و ... .
ما أخشاه هو أن يطردنا المستوطنون بمساعدة الجيش الإسرائيلي ، وحين يقترب هذا من رجال السلطة يسأل قادته عما يفعله معهم ويأتي الرد :
- اطردوهم أيضا .
في العام ١٩٤٨ كانت العصابات الصهيونية تقترب من قرى فلسطينية لم يشارك أبناؤها في ثورة ١٩٣٦ -١٩٣٩ ، بل إنهم كانوا مسالمين مع المستوطنات المجاورة ، وتحتار ماذا تفعل ثم تتصل بقيادتها طالبة رأيها ، وتأتي الإجابة :
- اطردوهم .
الأخبار القادمة من مخيم جباليا تتحدث عن مقاومة متواصلة ، والأخبار القادمة من شمال القطاع تقول إن مستشفى كمال عدوان استشهد بالكامل ومثله المستشفى المعمداني . مريم قوش .
وفي قطاع غزة بدأ بعض مؤيدي حماس يناشدون محمد دحلان ( أبو فادي ) بأن ينقذهم فهو رجل المرحلة ، وهات تعليقات متناقضة . ادخلوا إلى صفحة أحمد يوسف صالح -متابعة واقرأوا وانظروا .
صار الواحد منا بألف وجه ، لا بوجهين . إنها الحيرة ، وقبل سنوات استضافتني قناة الأقصى لتحاورني عن كتابي " أدب المقاومة : من تفاؤل البدايات إلى خيبة النهايات " الذي أعادت مؤسسة فلسطين للثقافة في دمشق طباعته :
- ما الحل ؟ ما رأيك أنت ؟
ويومها أجبت :
- لا أوسلو أتت بحل ولا حروب غزة حققت شيئا .
وأنا في حيص بيص ، وثمة إعلان يبث من المساجد عن ارتقاء مواطن ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء عند ربهم ... . )
الأوضاع معقدة جدا ، ولا حلول !
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٢ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
444- ( ٤٤٤ ) : لم تنته الحرب
وأنت تقرأ كتابات بعض أبناء قطاع غزة لا تقرأ عما يجري من اشتباكات المقاومين مع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي .
ما تقرأه في صفحات نشيطين كثيرين هو قتال من جانب واحد - أي مهاجمة الجيش الإسرائيلي مناطق في قطاع غزة ينتج عنها شهداء وجرحى لا يقل عددهم في اليوم الواحد عن عشرين ثلاثين أربعين شهيدا وعشرات الجرحى ، ولكن حين تستمع إلى مراسل راديو " أجيال " محمد الأسطل تعرف أن هناك عصابات غزاوية تسلب المساعدات .
وما تقرأه في صفحات بعض أبناء قطاع غزة تصغي إليه في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ، ولكن هذه تضيف أخبارا قليلة عن قتلى وجرحى في القوات الإسرائيلية وقد تبث أشرطة فيديو للمقاومين يرى فيها بعض معارضي حماس والجهاد أفلاما هوليودية . ما سبق يعني أن المقاومة ما زالت مستمرة ، فبعض متابعي الصحافة العبرية مثل الغزي مؤمن مقداد الذي يترجم عن العبرية ، وهو يقيم في غزة ، ينقل عن الصحف والمواقع الإسرائيلية أخبارا مثل " حدث أمني صعب في شمال غزة أو في رفح " .
الأجواء في هذا الشهر - كانون الأول ٢٠٢٤ - شبه مستقرة ولا أمطار ، وهذا من نعم الله على أهل قطاع غزة الذين يقيمون في الخيام للعام الثاني .
لم أسترجع بقايا تجربتي مع السكن في الخيام في خمسينيات وستينيات القرن العشرين من قبل . في هذه الأيام استعيد بقايا الخيمة . اتذكر الغرفة التي بنيت جدرانها من الطوب وسقفت بألواح الزينكو وغطيت الألواح ببقايا الخيمة .
عندما زرت مخيم شنلر الواقع في الأردن بين مدينتي عمان والزرقاء قدم لنا الصديق عبد الرحيم الجبجي الذي كان يدرس التاريخ في الجامعة الأردنية ، قدم لنا الشاي . كان هذا في العام ١٩٧٣ ، وفي العام ١٩٧٦ زرت مخيم البقعة ونمت في غرفة زينكو استضافني فيها نسيبنا أبو هاشم العلي النازح من قرية طمون . وفي رواية حزامى / حزامة حبايب " مخمل " قرأت عن الحياة في هذا المخيم . ولاحقا قرأت يوميات زميلي في الجامعة الأردنية محمد مصطفى الأعمر عن حياته في الخيام في المخيم المذكور .
صباح الخير يا عزيزي محمد . Mohammad Alaamar .
طول عمرك يا زبيبة الفلسطينية ... .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٣ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
445- ( ٤٤٥ ) : ليست إذن أفلاما هوليودية
كتبت في يوميات اليوم ٤٤٢ عن وجهتي نظر في المعارك في شمال قطاع غزة ورواية المقاومين فيها .
ذهبت الرواية الفلسطينية المشككة إلى أن ما تعلنه المقاومة ليس إلا أفلاما هوليودية ، وتساءلت عن الرواية الإسرائيلية في الموضوع .
أمس نشر مؤمن مقداد في صفحته نقلا عن الجيش الإسرائيلي الآتي :
سمح بالإعلان عن مقتل الضابط غابريئيل أتيدجي " نائب قائد سرية " والجندي نتائبل بيساح والجندي هيلال دينر من كتيبة شمشون - لواء كفير ، في معارك شمال قطاع غزة "
وأدرج مؤمن صور الثلاثة .
لمعين بسيسو ابن قطاع غزة كتاب عنوانه " يوميات غزة " كتب فيه عن مدينته ومقاومتها وأتى فيه على حكاية شمشون ، ولا ننسى مسرحيته " شمشون ودليلة " ، وكان متفائلا . إن الفلسطن الأوائل جعلوا شمشون يجر الطاحون .
أنصار الرواية الأولى تغنوا بجباليا وبطولاتها ، ولطالما رصد عاطف ابوسيف في رواياته حكايات مخيمه / جباليا في الانتفاضة الأولى ١٩٨٧ وروى عن استشهاد أخيه نعيم في روايته " حياة معلقة " .
اليمن واصلت إطلاق صواريخها واليوم أجبر مليونا إسرائيلي على النزول إلى الملاجيء . هكذا قرأت في صفحة باسم النادي Basem Alnadi المتابع والراصد وصاحب الموقع الإخباري .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٤ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
446- ( ٤٤٦ ) : بروفة للطوفان القادم : التخييم لمدة شهر
وأنت تتابع صفحات التواصل الاجتماعي لأبناء قطاع غزة ترى العجب العجاب سواء في المكتوب أو في أشرطة الفيديو . قد تبكي وقد تضحك وأكيد أنك ستحزن وستغضب وستتحسر وقد تكتئب وقد تغدو مازوخيا وقد ... وقد ... وقد ... وإن خالفت صاحب المنشور في رأيه فقد تخسر صداقته ، وكثيرون منهم قوطعوا و " بلكوا " من معارف فيسبوكيين لهم ، لمجرد اختلاف في الرؤية ، ومن قال إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية فقد أخطأ وكذبته المنشورات التي يقرؤها . أنا شخصيا هددتني مواطنة أردنية برفع قضية جرائم إلكترونية في بلدها ضدي لمجرد أن أدرجت منشورها في صفحتي وتركت المجال لقرائه بالتعليق عليه . يا لطيف!
لو وثقت ما كتب لي في هذا الشأن لربما كتبت مقالا معتبرا في الموضوع ونشرته في زاويتي في جريدة الأيام الفلسطينية . كم من صديق لي تخاصم مع أصدقاء لخلاف في الرأي ؟!
اليوم شاهدت شريط فيديو أدرجه أمين عابد Ameen Abed في صفحته وترددت في إعادة إدراجه خوفا من أن أعد طابورا خامسا أو أن أحسب على السلطة الفلسطينية في موقفها من أبناء مخيم جنين ، فأكون منحازا لطرف محدد .
في الشريط يتحدث مواطن فلسطيني في غزة من خيمته ويوجه كلامه لأهل الضفة الغربية ويطلب منهم أن يقفوا إلى جانب السلطة الفلسطينية وألا ينساقوا إلى تأييد مقاومي مخيم جنين وإلا ... وإلا فإنهم - أي أهل الضفة الغربية - سيجدون أنفسهم في خيمة فيها سطلان ؛ واحد للماء والثاني للبول والخراء .
المواطن طلب ممن يؤيد المقاومة المسلحة أن يجرب العيش في خيمة لمدة شهر كبروفة ثم بعد ذلك يقرر : مع الطوفان القادم أم مع " دبرها يا أبو مازن ، بلكن / بركن ظلينا في بيوتنا " .
هل سنظل ننعم بالحياة في بيوتنا في الضفة الغربية أم أننا سنسكن في الخيام في الأزرق في الأردن أو في الرمادي في العراق ؟
هذه هي هجراتنا منذ هجرة هاجر التي كتب عنها محمود درويش في ديوانه " محاولة رقم ٧ " في العام ١٩٧٤.
أنا في حيص بيص !!
هل اشتري خيمة وأجرب الحياة فيها لمدة شهر ؟
لطالما كرر الناس قول الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي :
وإذا ما أظل رأسك هم
قصر البحث فيه كي لا يطولا
ولطالما كرر آباؤنا :
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يغير الله من حال إلى حال .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٥ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
447- ( ٤٤٧ ) : خسرت حلما جميلا
مساء أمس علا صوت رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) يخاطب حكام اليمن ويقول لهم إن مصيرهم هو مصير قيادات حماس وحزب الله والرئيس السوري بشار الأسد ونظامه .
هل انتصر الإسرائيليون وخسرت المقاومة الحرب ؟
صباح هذا اليوم ارتقى خمسة صحفيين فلسطينيين في غزة قرب مشفى ، أحدهم ، وهو أيمن الجدي ، كان أوصل زوجته إلى هناك ليستقبلا مولودهما . ارتقى الأب قبل أن يرى ابنه القادم ، وأمس قرأنا عن ارتقاء الكاتبة ولاء جمعة الافرنجي هي وزوجها أحمد سعيد سلامة ، وفي صباح اليوم ارتقى ثلاثة مواليد جدد من شدة البرد وثمة أطفال ينزفون ، لهذا السبب أيضا ، الدم من مناخيرهم / أنوفهم .
خطاب ( نتنياهو ) لم يفت في عضدي ولذا كررت قول محمود درويش بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ :
" خسرت حلما جميلا
خسرت لسع الزنابق
وكان ليلي طويلا
على سياج الحدائق
وما خسرت السبيلا "
هل كان الشاعر مفرطا في تفاؤله ؟
وهل أنا كذلك على الرغم من أن الليل طال وطال وطال وطال ة؟
أحيانا نكون حمقى !!
خسارات غزة لا حدود لها و ... وصار البرد الآن في غزة يسبق الجوع ويفتك بالأطفال .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٦ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
448- ( ٤٤٨ ) : أيمن أيمن الجدي
أمس فجرا ارتقى في قطاع غزة خمسة صحفيين فلسطينيين أحدهم هو أيمن الجدي الذي كان أمام المشفى ينتظر مولوده الأول .
بعد ساعات وضعت زوجته طفلهما فأطلقوا عليه الاسم أيمن ليغدو " أيمن أيمن الجدي " .
الناشط الغزاوي محمد العرجة كتب " في غزة فقط يولد طفل ويستشهد أبوه وتترمل أمه في تاريخ واحد " Mohammed Alarja
فعقبت :
حدث هذا في الضفة الغربية في منطقة نابلس في انتفاضة الأقصى وذكرت ميسون الحايك التي كتبت عنها أكثر من مرة .
بعد العام ١٩٤٨ كتبت سميرة عزام قصتها " العيد من النافذة الغربية " وفي كتابتي عنها تساءلت إن كانت ميسون ستقرأ ما أكتب وما اقتبسته من القصة :
" نحن حياة لا تموت الا جزئيا ، لأن في قلبها بذرة التجدد " ( ١ / ١٢ / ٢٠١٢ العيد من النافذة الغربية ) .
في العام ٢٠٠٣ أصدر محمود درويش ديوانه " حالة حصار " وفيه كتب :
" نعزي أبا بابنه : " كرم الله وجه الشهيد "
وبعد قليل نهنئه بوليد جديد " .
طفلة ميسون الحايك واسمها فداء صارت الآن في الثانية والعشرين من عمرها .
حكايتنا سيزيفية ومشوارنا طويل .
ارتقى أيمن وجاء أيمن ، وشعبنا يكرر اللازمة : " اللي خلف ما مات " .
رحم الله أيمن الجدي وزملاءه الأربعة ومبارك أيمن الجدي الوليد ، وأكرر قول محمود درويش في ١٩٧٣ ، في رثاء ضحايا عملية فردان :
" من أي عام جاء هذا الحزن ؟
من سنة فلسطينية لا تنتهي
وتشابهت كل الشهور .
هذا هو العرس الفلسطيني
لا يصل الحبيب إلى الحبيب
الا شهيدا أو شريد "
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٧ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
450- ( ٤٥٠ ) : فارس عودة و د.حسام أبو صفية
واجه الطفل فارس عودة في انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ الدبابة الإسرائيلية بحجر فعد بطلا وصار أيقونة للطفل الفلسطيني الرافض للاحتلال .
د.حسام أبو صفية لم يقذف الدبابة بحجر أو بحصوة . ظل على رأس عمله في مشفى كمال عدوان حتى اللحظة الأخيرة . كان يقوم بعمل إنساني هو معالجة المرضى والجرحى لا أكثر ولا أقل . ارتقى ابنه في المشفى فأبنه وحزن على فقدانه وواصل عمله طبيبا . لم يحمل السلاح ليثأر أو ينتقم أو.... .
هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي المشافي كما هدم الجامعات والمساجد والبيوت والمصانع والمحلات التجارية ، وترك قطاع غزة مدمرا لا تصلح الحياة فيه . إنجاز ما بعده إنجاز ، وكل ما يقوم به جيش شعب الله المختار هو إنجاز وبأوامر ربانية ، فالله طلب من شعبه أن يقتل العماليق.
ذهب الطبيب أبو صفية مشيا على الأقدام صوب الدبابة مرتديا مريوله الأبيض غير هياب ، فماذا سيفعل الإسرائيليون أكثر ؟ ذهب منتصب القامة ودمار المباني باد للعيان ، فلم يبق شيء يؤسف عليه .
سيكتب التاريخ - ان لم يتم تزوير الكتابة واستبدال الرواية بأخرى - سيكتب التاريخ أن الجنود المدججين بالأسلحة ظلوا في دباباتهم ينتظرون الطبيب ليأتي إليهم وليعلنوا انتصارهم ، ويجوز للشاعر أن يهنيء الجلاد منتصرا على عين كحيلة . يجوز له أن يهنئه بانتصاره على أطفال حديثي الولادة ماتوا من البرد ، وعلى أمهات ارتقين وهن يحضرن كيس طحين ليعجنوا ، فقد مرت أشهر ثلاثة لم يحصلوا فيها على كيس طحين .
ابنة غزة مريم قوش كتبت اليوم فقرة عن زغاريد نسوة غزة لمناسبة لم يكن يزغردن فيها : الحصول على كيس الطحين .
زغردت الفلسطينية في مناسبات الزواج والنجاح وبناء المنازل وعودة الابن الغائب من السفر وفي مناسبة العودة من بلاد الحجاز بعد تأدية فريضة الحج والآن!؟
الآن تزغرد الفلسطينية لحصولها على كيس طحين ، كما غنى الشاب أحمد ابو العنين ذات يوم لحصوله على جرة غاز.
- كيف سينظر الإسرائيلي لنفسه وهو يحقق مع طبيب؟
على فكرة فإن أكثر الأطباء في المشافي الإسرائيلية الآن هم من فلسطينيي الأرض المحتلة في العام ١٩٤٨ .
هل سننتظر شاعرا إسرائيليا ، مثل الشاعر اليهودي ( إريك فريد ) ، ليخاطب شعبه :
- اسمع يا شعب إسرائيل ! هل نحن حقا أحفاد ضحايا الهولوكست ؟
وهل سيتبرأ هذا الشاعر من أفعال جيشه كما تبرأ منها إريك فريد ؟
المجد للدكتور حسام أبو صفية والرحمة لأطفال غزة الذين ارتقوا والعار للصامتين المتخاذلين في هذا العالم الأصم الأبكم الأعمى .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٩ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
451- ( ٤٥١ ) غزة والخروج من العالم
هل غزة الآن خارج التاريخ البشري ؟
رياح شديدة وأمطار غزيرة وخيام تتطاير وأطفال يموتون جوعا وبردا وآخرون ينامون في الشوارع ، والعالم يشوي على النار وفيها الكستناء .
غزة الآن خارج التاريخ .
لم أجد ما أواسي به نفسي سوى هذا المقطع الشعري لمحمود درويش .
" في غزة اختلف الزمان مع المكان
وباعة الأسماك باعوا فرصة الأمل الوحيد ليغسلوا
قدمي
أين المجدلية ؟
ذابت اصابعها مع الصابون
وانهمرت كتابات كتابات
وكان الجند ينتصرون ينتصرون
كانوا يقرأون صلاتها
ويفتشون أظافر القدمين والكفين عن فرح فدائي ،
وكانوا يلحقون حياتها
بدموع هاجر . كانت الصحراء جالسة على جلدي
وأول دمعة في الأرض كانت دمعة عربية .
هل تذكرون دموع هاجر - أول امرأة بكت في
هجرة لا تنتهي ؟
يا هاجر ، احتفلي بهجرتي الجديدة من ضلوع القبر
حتى الكون أنهض
يسكن الشهداء أضلاعي الطليقة
ثم امتشق القبور وساحل ألمتوسط
احتفلي بهجرتي الجديدة "
( محمود درويش ، الخروج من ساحل المتوسط ، ١٩٧٣ )
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الأسطة
٣٠ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
452- ( ٤٥٢ ) : الصحفية آية أبو طاقية : لا أحد يصرح بأسمائنا
أدرجت في هذا الصباح شريط فيديو تتحدث فيه الصحفية آية أبو طاقية عن معاناة أهل قطاع غزة ، وما قالته يستحق أن يفرغ وينشر ويعمم ، فهو صوت من أصوات عديدة من هناك يقول باختصار ما تجادلنا حوله منذ بداية الحرب عن الفارق بين سرديتين ؛ سردية قطاع غزة ، وهي أيضا متنوعة مختلفة متباينة ، وسردية من هم خارج القطاع .
خاطبت آية بصوت جاد لا يخلو من حزن وجدية وصرامة كل المسؤولين عن القرار الفلسطيني في الداخل والخارج بأن لا يصرح أحد منهم بأسمائنا - أسماء من بقي في القطاع ، وطالبت بأن لا يتغنى أحد بصمودهم ، فمن المستحيل أن يتخيل من هو خارج القطاع كيف يعيش سكانه. برد وجوع وموت وخيام مرقعة لا تقي و... .
" لا تعجبوا بصمودنا ولا تقرروا عنا " . لقد أهين الجميع هناك وزج الرجال في السجون يعذبهم ( بن غفير ) وزبانيته . لقد اغتصبت أجساد ، وهذا ما لا يفهمه المتحدثون من بعيد بلغة هادئة ولهجة ناعمة .
" توقفوا عن تكبير صورتنا وتصغيرها " ف " نحن بلا أي شيء " ولكن أنتم " لا تفهمون ولا تدركون ولا تشعرون " .
لقد خاطبتنا آية باختصار شديد .
وأشرطة الفيديو التي أدرجت منذ يوم أمس تقول الكثير عن معاناة أهل غزة في هذا البرد القارس والمطر الغزير .
منذ يوم أمس وأنا أفكر في نهاية العام ٢٠٢٤ وبداية العام ٢٠٢٥ وفي كل عام أعود إلى ديوان فدو طوقان " أعطنا حبا " لأقرأ قصيدتها في نهاية العام ١٩٥٧ وقصيدتها في بداية العام ١٩٥٨ .
" انتهينا منه ، شيعناه ، لم نأسف عليه
وحمدنا ظله حين توارى
دون رجعة
لم نصعد زفرة خلف خطاه
لم نرق بين يديه
دمعة ، أو بعض دمعة "
#
بعد أن جرعنا من كأسه المر الحقود ..... "
و
" صلاة إلى العام الجديد
في يدينا لك أشواق جديده
في مآقينا تسابيح وألحان فريده
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلا أملا عذب الورود
يا غنيا بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من أجلنا ؟
ماذا لديك ؟ "
ومنذ العام ١٩٤٨ وأعوامنا تتكرر ، وفي نهاية كل عام نودعه ونستقبل عاما جديدا آخر و ... ولم نعد حتى الآن إلى يافا وحيفا .
كتب غسان كنفاني " عائد إلى حيفا "
وكتب محمود درويش " عائد إلى يافا "
وكتب عيسى بلاطة " عائد إلى القدس "
ووجدت وأنا أقرأ موسوعة الرواية الفلسطينية للدكتور يوسف حطيني ، في صفحة ، أنني أنا صاحب الرواية ، وجل من لا يسهو . أنا كتبت مقالا عن الرواية فاختلط الأمر على الكاتب وقرن اسمي باسم غسان كنفاني . ( صفحة ١٦٢ ) .
نتمنى لأهلنا في قطاع غزة ولنا في الضفة الغربية ولأهلنا في فلسطين ١٩٤٨ عاما أفضل ؛ عاما يشبه العام ١٩٩٠ للألمان الشرقيين والغربيين . نتمنى سقوط الجدار العازل وقيام دولة واحدة على أرض فلسطين كلها .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٣١ / ١٢ / ٢٠٢٤
الصحفية آية أبو طاقية :
لا أحد يصرح بأسمائنا
أدرجت في هذا الصباح شريط فيديو تتحدث فيه الصحفية آية أبو طاقية عن معاناة أهل قطاع غزة ، وما قالته يستحق أن يفرغ وينشر ويعمم ، فهو صوت من أصوات عديدة من هناك يقول باختصار ما تجادلنا حوله منذ بداية الحرب عن الفارق بين سرديتين ؛ سردية قطاع غزة ، وهي أيضا متنوعة مختلفة متباينة ، وسردية من هم خارج القطاع .
خاطبت آية بصوت جاد لا يخلو من حزن وجدية وصرامة كل المسؤولين عن القرار الفلسطيني في الداخل والخارج بأن لا يصرح أحد منهم بأسمائنا - أسماء من بقي في القطاع ، وطالبت بأن لا يتغنى أحد بصمودهم ، فمن المستحيل أن يتخيل من هو خارج القطاع كيف يعيش سكانه. برد وجوع وموت وخيام مرقعة لا تقي و... .
" لا تعجبوا بصمودنا ولا تقرروا عنا " . لقد أهين الجميع هناك وزج الرجال في السجون يعذبهم ( بن غفير ) وزبانيته . لقد اغتصبت أجساد ، وهذا ما لا يفهمه المتحدثون من بعيد بلغة هادئة ولهجة ناعمة .
" توقفوا عن تكبير صورتنا وتصغيرها " ف " نحن بلا أي شيء " ولكن أنتم " لا تفهمون ولا تدركون ولا تشعرون " .
لقد خاطبتنا آية باختصار شديد .
وأشرطة الفيديو التي أدرجت منذ يوم أمس تقول الكثير عن معاناة أهل غزة في هذا البرد القارس والمطر الغزير .
منذ يوم أمس وأنا أفكر في نهاية العام ٢٠٢٤ وبداية العام ٢٠٢٥ وفي كل عام أعود إلى ديوان فدو طوقان " أعطنا حبا " لأقرأ قصيدتها في نهاية العام ١٩٥٧ وقصيدتها في بداية العام ١٩٥٨ .
" انتهينا منه ، شيعناه ، لم نأسف عليه
وحمدنا ظله حين توارى
دون رجعة
لم نصعد زفرة خلف خطاه
لم نرق بين يديه
دمعة ، أو بعض دمعة "
#
بعد أن جرعنا من كأسه المر الحقود ..... "
و
" صلاة إلى العام الجديد
في يدينا لك أشواق جديده
في مآقينا تسابيح وألحان فريده
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلا أملا عذب الورود
يا غنيا بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من أجلنا ؟
ماذا لديك ؟ "
ومنذ العام ١٩٤٨ وأعوامنا تتكرر ، وفي نهاية كل عام نودعه ونستقبل عاما جديدا آخر و ... ولم نعد حتى الآن إلى يافا وحيفا .
كتب غسان كنفاني " عائد إلى حيفا "
وكتب محمود درويش " عائد إلى يافا "
وكتب عيسى بلاطة " عائد إلى القدس "
ووجدت وأنا أقرأ موسوعة الرواية الفلسطينية للدكتور يوسف حطيني ، في صفحة ، أنني أنا صاحب الرواية ، وجل من لا يسهو . أنا كتبت مقالا عن الرواية فاختلط الأمر على الكاتب وقرن اسمي باسم غسان كنفاني . ( صفحة ١٦٢ ) .
نتمنى لأهلنا في قطاع غزة ولنا في الضفة الغربية ولأهلنا في فلسطين ١٩٤٨ عاما أفضل ؛ عاما يشبه العام ١٩٩٠ للألمان الشرقيين والغربيين . نتمنى سقوط الجدار العازل وقيام دولة واحدة على أرض فلسطين كلها .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٣١ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
٢٠٢٥ / 2025 : ( ٤٥٣ ) - 453
مر عام وحل آخر وغزة ما زالت تعاني :
لم يتغير الكثير . انتهى للتو عام ، وبدأ للتو عام آخر وما زالت المعاناة هي المعاناة ، والمعاناة هي نفسها منذ العام ١٩٤٨ .
ما بين الدقيقة الأخيرة من ٢٠٢٤ والدقيقة الأولى من ٢٠٢٥ دقيقة ، بل ثانيتان ليس أكثر ولم يختلف برد العام المنصرم عن برد العام الذي حل . ثمة موتى وثمة صرخات أطفال جدد . ودع هذه الفانية ضيوف عليها وحل عليها ضيوف جدد ، وكما كتبت سميرة عزام " نحن حياة لا تموت إلا جزئيا لأن في قلبها بذرة التجدد " . إنها بذرة تحمل ولادتها من فنائها . سنبلة القمح التي جفت لتملأ الوادي سنابل " وحبوب سنبلة تجف ، لتملأ الوادي سنابل " ، ولنا أن نكرر مثل العكاويين : لو كانت عكا بتخاف من هدير البحر ، ما ظلت مكانها " ولنا أن نتذكر معين بسيسو الغزاوي ابن الغزاوي حفيد الغزاوي ، ولنا أن نستأنس بمسرحيته " شمشون ودليلة " وبيومياته " يوميات غزة " وسيرته " دفاتر فلسطينية " . لنا أن نتفاءل في ظروف يبدو فيها المتفائل ساذجا طيبا على نياته .
في شتاء العام ١٩٨٨ ، في شباط ، اصطحبنا الألمان الغربيون ، وكنا طلاب لغة في معهد ( غوتة ) في مدينة ( فرايبورغ ) ، إلى برلين لنرى البرلينيتين ؛ الغربية والشرقية ، وكان يفصل بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية حدود وبين برلين الغربية وبين برلين الشرقية سور ، ولم يكن يخطر ببال الألمان أن هذه الحدود وذلك السور سيزولان قريبا . وكنت كتبت هذا في روايتي " تداعيات ضمير المخاطب " ( ١٩٩٣ ) . وبعد عام وبضعة شهور زالت الحدود وهدم السور وبيعت حجارته كتذكارات ، كما بيعت ملابس جيش الاتحاد السوفييتي من الروس والألمان الشرقيين بابخس الأثمان .
عندما زرت ألمانيا في أيار ١٩٩٠ سرت ومسؤولة الطلبة الأجانب قرب بوابة براندنبورغ الشهيرة ، فهمست في أذني :
- لم نكن حتى في أحلامنا نتخيل هذا .
الآن ربما خانتني الذاكرة ، ولكن الكتابة لا تخون فالرواية ما زالت موجودة ، ويومها لم يكن يفصل الزمن الكتابي وزمن السرد عن الزمن الحكائي إلا ثلاث سنوات ، لا ثلاثون سنة شخت فيها وشاخت معي أيضا ذاكرتي .
ما زلت أتذكر ( هونيكر ) المريض وخليفته الذي أعلن انتهاء دولة ألمانية الشرقية . هل سيعلن المريض الإسرائيلي انتهاء حلمه بدولة يهودية وقيام دولة لكل مواطنيها ؟
من يدري ؟!
لعل العام الحالي ، العام الجديد ، يحمل جديدا مبشرا ولا يكون امتدادا للعام الذي ولى وأدبر !!
صباح الخير يا بلاد الشام
صباح الخير
خربشات عادل الأسطة
١ / ١ / ٢٠٢٥
***
454- ( ٤٥٤ ) : المخيمات : من .. إلى
صباح هذا اليوم شاهدت الصور التي أدرجها الصديق صاحب دار نشر المتوسط لمخيم اليرموك . استبد بي الفضول فسألته في خانة التعليقات إن كانت حديثة الالتقاط وتصور المخيم على ما يبدو عليه الآن .
زار خالد سليمان الناصري Khaled Soliman Al Nassiry بلاده سورية بعد زوال حكم بشار الأسد والتقط لنفسه صورا هناك ؛ صورة مع جدته وصورة في ميدان وصورا عديدة لمخيم اليرموك الذي زرته مرة واحدة في العام ١٩٧٥ ولم يكن يختلف في حينه عن مخيماتنا في مدينة نابلس .
عندما قلبت صور المخيم قلت :
- لعلها صور تعود إلى عشر سنوات خلت ، ولعل المخيم بعد ذلك أعيد بناؤه .
فجعت من إجابة خالد فالمخيم منذ هدم بالقصف بقي على حاله . بنايات ذات طوابق لا تقل في الغالب عن أربعة تبدو مهدمة الأركان وشوارع متداعية على جانبيها الخراب و ... .
في غزة دمرت المخيمات على رأس من بقي فيها وسويت بالأرض و ... .
ماذا ألم بمخيماتنا منذ النكبة ؟
في أيلول ١٩٧٠ لم يسو أي مخيم بالأرض ، ففي العام ١٩٧٢ زرت مخيم الوحدات وأقمت في مخيم الحسين ، ولكني تابعت أخبار مخيم تل الزعتر في لبنان في العام ١٩٧٦ . لقد مسح بالكامل ومسح مخيم جسر الباشا أيضا ، وفي العام ١٩٨٢ ارتكبت مجازر بحق مخيم شاتيلا وصبرا ، لتبدأ بعد ذلك بعام حرب طرابلس فحرب المخيمات وليرحم الله علي أبو طوق .
هل اختلف الحال في جنين في ربيع ٢٠٠٢ ؟
لم يقصر الإسرائيليون بالتدمير ، وكان ذلك بروفة لما يجري منذ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣ .
المخيمات التي هي عار العالم صارت عبئا عليه وعلى الدولة العبرية ويجب التخلص منها .
قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ بأربع عشرة سنة سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) إلى القاهرة وعرض على الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أن يهييء لأهالي قطاع غزة مخيمات في شبه جزيرة سيناء وألح في الطلب ولم يكن يمزح أو ينكت كما اعتقد مبارك الذي هدده بإلغاء اتفاقية السلام .
قبل عامين من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ سمعت عن زيارة رئيس الوزراء نفسه للعاصمة الأردنية عمان وطلبه من الملك عبدالله الطلب نفسه : أن يعد مخيمات لجوء في الأردن لأهل الضفة الغربية وتحديدا أهالي المخيمات ، فرفض الملك وعاد نتنياهو إلى تل أبيب زعلان .
أمس مساء اقتحمت القوات الإسرائيلية المدينة القديمة في نابلس . حاصرت حارة الغرب واعتقلت وجرحت و... .
وأمس انتبهت إلى الصور التي أدرجها بعض معارفي من كتاب غزة لأنفسهم تبين ما هم عليه في اليوم الأول من العام الجديد . بدا سعيد محمد الكحلوت و يوسف القدرة Yousef Elqedra و محمد الذهبي و يسري الغول مثل ذئاب الشنفرى - الصعاليك في صحراء الربع الخالي " شعثا مغبرين نحيلين / نحلا " و
" فلما لواه القوت من حيث أمه
دعا فأجابته نظائر نحل " / نحيلة .
إن كان ثمة شاهد على نكبة العام ١٩٤٨ فهو هذه المخيمات ، ولهذا ترمي إسرائيل إلى تسويتها بالأرض . ألم يقل الشاعر أحمد دحبور :
" اسمع - أبيت اللعن - راوية المخيم :
افتح له عينيك وافهم ،
هذي الصفائح والخرائب والبيوت
فيها كبرت ، بها كبرت
وفوضتني عن جهنم " .
لا بديل أمام أبناء عمنا إلا أن يعيدوا هؤلاء إلى مدنهم وقراهم . لا بديل على ما يبدو !!
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢ / ١ / ٢٠٢٥
***
455- ( ٤٥٥ ) آن فرانك واحدة ومريمات فلسطينيات كثر
أمس تذكرت كتاب ( آن فرانك ) " يوميات آن فراك " وتساءلت :
- كم طفلة فلسطينية ألم بها ما ألم بالمذكورة .
آن فرانك طفلة يهودية دونت يومياتها في الحرب العالمية الثانية فاحتفل العالم بكتابها أيما احتفال وترجم إلى لغات كثيرة .
كم طفلة فلسطينية عانت في الحرب الدائرة حاليا أكثر بألف مرة مما عانت منه آن فرانك ؟!
هل بترت ل آن يد أو ساق أو فقدت عينا أو هدم بيت عليها فنجت تصرخ في المشفى :
- عمو صحيح قل لي : أنا في حلم واللا في حقيقة ؟
هل شاهدت آن والديها يقتلان على مرأى منها ؟
بين الغزيين الآن عشرات آلاف الأطفال الذين لهم حكايات أمر وأقسى من حكايات آن وتدون الكاتبة مريم قوش يومياتها فانتبهوا لها .
صباحنا يمني ونتمنى أن تتوقف الحرب وأن يعود اللاجئون والنازحون إلى أرضهم ليعيشوا على أنقاض بيوتهم ، فربما تكون هذه هي المواساة التي تعوضهم عن الفقدان والخذلان والجراح والجوع والعطش والبرد و ... .
لم أكتب عن الدجاج المقاوم والدجاج المتخاذل أو الصامت عجزا أو عقلانية أو ... أو ... .
سعر الدجاجة في غزة ٢٠٠ شيكل ، لأنها دجاجة مقاومة ، وسعر الدجاجة في الضفة الغربية ١٠ شيكل لأنها دجاجة متخاذلة عقلانية مهادنة أو عاجزة ، ورحم الله إسحق موسى الحسيني صاحب رواية " مذكرات دجاجة " ( ١٩٤٣ ) الذي اقترحت دجاجته علينا أن نترك المأوى وألا نلجأ إلى المقاومة ، فنصلح العالم أولا فيكون ذلك حلا لمشكلتنا مع الدجاج الغريب الطاريء على المأوى / فلسطين .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٣ / ١ / ٢٠٢٥
***
456- ( ٤٥٦ ) : مخيم البقعة في مواساة أهل قطاع غزة ، إن كان في الكتابة مواساة !!
في صباح هذا اليوم قرأت ما كتبه الدكتور محمود عبد المجيد عساف عن احتماله الرحيل والنزوح وفقدان البيت والمكتبة والجوع ، ولكنه في الليالي الأخيرة في ظل هذا البرد القارس في اليوم الرابع عشر من أيام المربعانية ما عاد قادرا على احتمال البرد الذي تسرب إلى عظامه ، فجعله يتساءل :
- أهي الشيخوخة ؟
عقبت على منشوره :
- كان الله في عونكم . إن كنا نحن الذين نقيم في بيوت فيها الفراش والأغطية والتدفئة نشعر بالبرد القارس يتسلل إلى عظامنا ، فكيف أنتم .
وكتبت أكثر .
شريط الفيديو اللافت هذا الصباح هو لطفلة فقدت أهلها . بترت ساقها وأصيبت أمها في عيونها وحرقت ساقا أخيها وجرحت يد أختها . وهناك شريط آخر لطفلة فقدت أمها واباها واخوتها وبقيت في رعاية جدها . و ... .
أهل غزة في كرب عظيم لا نعرف ما هي حكمة الخالق منه .
قبل يومين كنت في الحافلة فأخذ السائق يلوم من يتمادى من أهل غزة في مخاطبة الذات الإلهية . عقبت على كلامه :
- إن كانت هناك حكمة الهية من وراء ذلك ، فعقلنا قاصر عن استيعابها أو ...
ولا ضرورة لبقية الكلام .
وضع صعب يجعل الحليم أحمق ، ومرة كتبت سميرة عزام قصة قصيرة عنوانها " الحاج محمد يبيع حجته " . لقد مر الحاج في نكبة العام ١٩٤٨ بظروف قاسية دفعته ليشرب الخمر لدرجة السكر . خسر الأرض والمال وصار لاجئا ، فباع حجته . صار يتسلل إلى كروم أرضه ويسرق عنبه ويعصره ويخمره ليشرب .
صباحا قلت اقتبس من رواية حزامة حبايب " مخمل " ( ٢٠١٦ ) وفيها كتابة عن مخيم البقعة بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ .
مخيم البقعة :
" بعد أقل من شهرين من زواجها ، أصابت حوا حكة شديدة أذهبت عنها النوم وجعلتها تتقلب في السرير بالساعات . تفشت في ذراعيها وساقيها مناطق احمرار هائلة . ثم غزت جسمها دمامل صغيرة بعضها خزنت ماء وصديدا . حتى إذا تنزف من الهرش والخمش المتواصلين ، ذهبت بصحبة رابعة إلى الوحدة الصحية في المخيم . لم تخف الطبيبة قرفها وهي تعاينها عن بعد بالمسطرة . كتبت لها مطهرا ومرهما ، واستعجلتها كي تغادر عيادتها . عندما سألتها حوا عن سبب الدمامل والحكة أجابتها الطبيبة بقرف أكبر ، وهي تمسح المقعد الذي كانت حوا تجلس عليه بمحرمة ورقية غمرتها بالسبرتو :
" البق " .
قلبت حوا فرشة السرير على ظهرها ، فارتاعت من النمش الأسود الذي تفشى في أجزاء كثيرة منها . عاينت السرير ؛ فحصت رأسيته المرتفعة كشاهدة قبر .... وعاينت الرأسية الغريضة من الخلف ، فهالتها التجاويف الكثيرة في اللوح الخشبي ، منخور العضب . نكشت أحد التجاويف المتناثرة كغيوم سوداء دخانية بإبرة طويلة ، فانقشعت الغيمة عن سرب من البق زحف بعضه خارجا . مشت بقة فوق كفها . سحقتها حوا بيدها الأخرى فتقيأت الحشرة الميتة دما . فركت حوا خشب السرير كله بخرقة مبللة بالكاز ، كما أشارت عليها رابعة ، فتراجع زحف البق يومين أو ثلاثة ، لكنه سرعان ما استعاد نشاطه وعزيمته في نهش لحمها . أحرقت التجاويف السوداء بأعقاب الثقاب ، بعدما سدتها بالقطن المغمور بالكاز ، لكن عشرات الأعشاش من بيوض البق انتشرت في تجاويف أخرى "( صفحة ٨٢ / ٨٣ ) .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٤ / ١ / ٢٠٢٥
***
457- ( ٤٥٧ ) : أطفال غزة : انظروا هذا الشريط . كلهم أطفال يا الله . يفضح عرض الاحتلال .
هل سأعود مجددا إلى السيرة الذاتية للكاتب اليهودي ( إسحق . ب . سنجر " وعنوانها " طفولة ما في وارسو "
( Isaac B. Singer: Eine Kindheit in Warschau " .
أتمنى الا أكون نسيت لغتي الألمانية وأن يساعدني النظر في قراءة كتاب الجيب الذي اشتريته من مطار فراكفورت في ١٠ / ٧ / ١٩٩١ .
على اليهود الإسرائيليين أن ينعشوا ذاكرتهم بإعادة قراءة ما كتب عن علاقة الشعوب بهم . عليهم أن يقراوا عن الطفل اليهودي الذي كتب عنه أبوهم الروحي ( ثيودور هرتسل ) في روايته " أرض قديمة جديدة " في العام ١٩٠٢ . الطفل اليهودي المتسول في شوارع فيينا .
أيضا الضحايا يتحولون إلى قتلة
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
عادل الأسطة
٥ / ١ / ٢٠٢٥ .
***
457- ( ٤٥٧ ) : السابع من أكتوبر لا يزال حاضرا في القدس
مساء هذا اليوم ال ٤٥٧ للسابع من طوفان الأقصى ٢٠٢٣ يقول المعلق الإسرائيلي في القناة ١٤ ( هاليل روزين ) الآتي :
" السابع من أكتوبر لا يزال حاضرا هنا " - في القدس .
منذ ساعة ونصف عن ( دورون كدوش ) كما ورد في صفحة مؤمن مقداد قرأنا الآتي :
اشتباه تسلل إلى مقر قيادة المنطقة الوسطى في القدس . عدد من الفلسطينيين بدون تصاريح عبروا السور الخارجي للقاعدة الواقعة في شعفاط شرق المدينة . رصد ٧ وتم إلقاء القبض على ٢ .
في الصفحة نفسها بعد أقل من ساعة أورد مؤمن ما قاله ( هاليل روزين ) .
" حول تسلل فلسطينيين إلى البساتين المجاورة لمقر قيادة المنطقة الوسطى في القدس .
ينبغي على قائد القيادة ( آتي بلوت ) أن يقدم تفسيرا لماذا اختبأ معظم جنود المقر في الغرف بدلا من الخروج والسعي لصد المهاجمين ، ولماذا تم استدعاء قوات حرس الحدود للتعامل مع الحادث بدلا من إنهائه من خلالهم . هذا مؤشر خطير " .
القنوات الإسرائيلية تظهر صورا لما آلت إليه جباليا البلد ومخيمها علامة على الانتصار ، والطائرات الإسرائيلية تواصل الغارات والتدمير والقتل والإبادة و ... .
هل يريد ( دراكولا ) المزيد من الدم الفلسطيني ؟ ألم يرتو بعد خمسة عشر شهرا تكتمل غدا ؟
اليوم في مدينة نابلس احتفلت حركة فتح بالذكرى ال 60 لانطلاقتها . كانت الأعلام الصفراء ترفرف ومعها ، على خجل ، العلم الوطني الفلسطيني زينة رايات الأمم ( والله وشفتك يا علمي ... ) . هل ستحتفل الحركة في غزة بهذه الذكرى أم ستعلن وفاتها ووفاة العرب " متى يعلنون وفاة العرب / نزار قباني ؟" .
عندما أسست حركة فتح أراد المؤسسون أن يختصروا " حركة التحرير الوطني " : ح . ت . ف " ويطلقوا الاختصار اسما للحركة ، فكانت المفردة " حتف " ولم يتفاءلوا ، فالحتف هو النهاية . أيعقل هذا لحركة وليدة ؟ أن تولد ميتة !!؟؟ لقد قلبوا ال حتف وصارت فتح ، وبعد 60 عاما صار اللي صار . احتفلت فتح في نابلس وغاب الاحتفال في غزة ، فهناك يعيش الفلسطينيون الحتف يوميا بعد فتح استمر يوما . هل سيغدو اسم حماس ، بعد كل ما جرى ، سماح ؟؟
صرنا نتفذلك ، وهذا هو شر البلية !!
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٥ / ١ / ٢٠٢٥
***
458- ( ٤٥٨ ) : وصارت غزة نموذجا / معيارا يقاس عليه
في بداية طوفان الأقصى كتب كاتب أردني هو عبد الهادي راجي المجالي ، وأتمنى أن يكون الاسم دقيقا ، مقالا خاطب فيه الأنظمة العربية وشعوبها أن يتعلموا الرجولة والكرامة والبطولة و ... و ... من غزة .
اليوم ، بعد عملية الفندق قرب قلقيلية التي أسفرت عن مصرع ثلاثة إسرائيليين وجرح أربعة ، طالب وزير المالية الإسرائيلي ( بتسلوئيل سموترتش ) أن تفعل حكومته ، لكي يشعر سكان كفار سابا اليهود بالأمن ، أن تفعل بالفندق ونابلس وقلقيلية وطولكرم ما فعلته في جباليا وقطاع غزة - يعني قتل السكان أو تهجيرهم وتسوية المدن والقرى بالأرض .
صارت غزة نموذجا ينبغي القياس عليه .
ماذا يمكن أن نقول نحن ؟
في " حالة حصار " قدم محمود درويش اقتراحات عديدة استوحاها من اجتياح المدن الفلسطينية في ربيع ٢٠٠٢ ، وهذا بعضها :
- سيمتد هذا الحصار إلى أن نعلم أعداءنا نماذج من شعرنا الجاهلي ( خضت في هذا السطر كثيرا )
- أيها الواقفون على العتبات ادخلوا ،
واشربوا معنا القهوة العربية
[ قد تشعرون بأنكم بشر مثلنا ]
اخرجوا من صباحاتنا
نطمئن إلى أننا
بشر مثلكم "
- سيمتد هذا الحصار إلى أن
يحس المحاصر ، مثل المحاصر ،
أن الضجر
صفة من صفات البشر .
- " أنا ، أو هو "
هكذا تبدأ الحرب . لكنها
تنتهي بلقاء حرج :
" أنا وهو " .
- سيولد طفل ، هنا الآن ،
في شارع الموت ... في الساعة الواحدة .
- [ إلى حارس : ] سأعلمك الانتظار
على باب موتي المؤجل
تمهل ، تمهل
لعلك تسأم مني
وترفع ظلك عني
وتدخل ليلك حرا
بلا شبحي !
- [ إلى حارس آخر : ] سأعلمك الانتظار
على باب مقهى
فتسمع دقات قلبك أبطأ ، أسرع
قد تعرف القشعريرة مثلي
تمهل ،
لعلك مثلي تصفر لحنا يهاجر
أندلسي الأسى ، فارسي المدار
فيوجعك الياسمين ، وترحل .
هل سيشغرون بالضجر ؟
هل سيوجعهم الياسمين ويرحلون ؟
في ١٩٦٦ كتب الشاعر قصيدته " جندي يحلم بالزنابق البيضاء " وفيها يسأل الشاعر الجندي :
- انلتقي ؟
فيجيبه الجندي :
- في مدينة بعيدة !
ترى من سيرحل ؟ نحن أم هم ؟
الحكاية طويلة وفي علم الغيب .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٦ / ١ / ٢٠٢٥
عادل الاسطة
==========
430- ( ٤٣٠ ) : من قال : "لا أدري" ، فقد أفتى
431- ( ٤٣١ ) : القمل والثلج ١٩٤٨ : رسمي أبو علي "الطريق إلى بيت لحم"
433- ( ٤٣٣ ): قسوة حياة أهل قطاع غزة وحشرة ( فرانز كافكا
433- ( ٤٣٣ ) : غسان كنفاني: "القميص المسروق" مواساة أهل قطاع غزة
434- ( ٤٣٤ ) : تربية أهل غزة تربية إسبارطية
435- ( ٤٣٥ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : عن الفقر وسوء التغذية / يحيى يخلف
436- ( ٤٣٦ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : النكبة المستمرة المتواصلة
437- ( ٤٣٧ ) : كأن الحرب بدأت من جديد
438- ( ٤٣٨ ) : الفرقة 98 تغادر لبنان إلى قطاع غزة
438- ( ٤٣٨ مساء ) محو مخيم جباليا
439- ( ٤٣٩ ) : قمة الإنسان هاوية:
440- (٤٤٠) : احتلال نابلس
441- ( ٤٤١ ) : أمطار غزيرة منذ ساعتين
442- ( ٤٤٢ ) : بطولات جباليا
443- ( ٤٤٣ ) : عمر عساف بين رصاصين ؛ رصاص الأهل ورصاص الأهل
444- ( ٤٤٤ ) : لم تنته الحرب
445- ( ٤٤٥ ) : ليست إذن أفلاما هوليودية
446- ( ٤٤٦ ) : بروفة للطوفان القادم : التخييم لمدة شهر
447- ( ٤٤٧ ) : خسرت حلما جميلا
448- ( ٤٤٨ ) : أيمن أيمن الجدي
450- ( ٤٥٠ ) : فارس عودة و د.حسام أبو صفية
451- ( ٤٥١ ) غزة والخروج من العالم
452- ( ٤٥٢ ) : الصحفية آية أبو طاقية : لا أحد يصرح بأسمائنا
453- ( ٤٥٣ ) : ٢٠٢٥ / 2025
454- ( ٤٥٤ ) : المخيمات : من .. إلى
455- ( ٤٥٥ ) آن فرانك واحدة ومريمات فلسطينيات كثر
456- ( ٤٥٦ ) : مخيم البقعة في مواساة أهل قطاع غزة ، إن كان في الكتابة مواساة !!
457- ( ٤٥٧ ) : أطفال غزة : انظروا هذا الشريط . كلهم أطفال يا الله . يفضح عرض الاحتلال .
457- ( ٤٥٧ ) : السابع من أكتوبر لا يزال حاضرا في القدس
458- ( ٤٥٨ ) : وصارت غزة نموذجا / معيارا يقاس عليه
430- ( ٤٣٠ ) : من قال : "لا أدري" ، فقد أفتى!
منذ فجر أمس وأنا في حالة ذهول بسبب ما جرى في سورية ، وحتى ما أورده اليوم الدكتور عبد المجيد سويلم Abdel Majeed Sweilem ، في مقاله في جريدة الأيام الفلسطينية ، من أن ما جرى هو انقلاب طبخ على نار هادئة ، لم يخفف من حالة الذهول التي ألمت بي .
وخوفا من اتهامات قد توجه إلي كما وجهت لمئات اتهموا بأنهم منافقون ، فقد بحثت عما كتبته عن موقفي من النظام السوري في ظل حكم بشار الأسد .
مرة ، في سبعينيات القرن العشرين ، قرأت في مجلة " الثقافة العربية " الليبية مقالا عن موقف الشعراء من جمال عبد الناصر ؛ في عهده وبعد وفاته ، فصدمت ، على الرغم من أن كاتب المقال بدأه بالكتابة عن موقف أفلاطون من الشعراء وطرده لهم من كتابه " الجمهورية " . في عهده رأى الشعراء في عبد الناصر نبيا ، وبعد موته تساءلوا :
- كيف نعرف أن الذي بايعته المدينة غير الذي وعدته السماء .
وعندما كتب مظفر النواب يهجو هؤلاء المتقلبين :
أنا لست بالناصري ،
ولكنهم ألقوا القبض ميتا عليه ،
وعري من كفن غزلته قرى مصر من دمعتيها ،
إذن سقط الآن عن بعض من دفنوه الطلاء "
عندما قرأت قول مظفر حفظته عن ظهر قلب .
عندما أسأل عن رأيي فيما جرى أجيب :
- من قال : لا أدري ، فقد أفتى . وأنا والله لم أستطع استيعاب ما يجري .
ببساطة حدث ما حدث وخازوق دق بأسفلنا !!
بقيت غزة وحدها تصارع دولة عظمى ونحن دخلنا في مرحلة الشك وعدم اليقين والمجهول .
الأنباء القادمة من غزة اليوم تقول إن المقاومة ما زالت مستمرة . هل سيدير ( شمشون ) الرحى ؟
في ثرثرة مع صديق ردد على مسامعي أن بني إسرائيل واليهود ذكروا مرات عديدة في القرآن الكريم ، في حين أن الفلسطينيين لم يذكروا ولا مرة ، فقلت له ولكننا ذكرنا في العهد القديم ، وأتيت على مسرحية معين بسيسو " شمشون ودليلة " التي أعادتني إلى سفر القضاة ، وأوضحت للصديق أن صراع اليهود والفلسطن يعود إلى ٣٠٠٠ عام و " لسة طويلة " .
هل نحن مقبلون على زمن دول الطوائف ، كما قرأت في مقال الدكتور عبد المجيد سويلم ؟
دولة بهودية ودولة مسيحية ودولة سنية ودولة درزية ودولة شيعية ودولة كردية ، وهذا هو الشرق الأوسط الجديد ؟
وماذا عن الأطفال في السجون السورية ؟
وأنا أتناول وجبة الفاصوليا والرز سمعت ان هناك سجينة أفرج عنها لها ثلاثة أطفال لا تعرف من هم آباوهم لكثرة ما اغتصبت .
حلها يا حلال ! وأظن أن الانتفاضة الأولى انطلقت شرارتها في ٩ / ١٢ / ١٩٨٧
مساء الخير يا بلاد الشام
حربشات عادل الأسطة
٩ / ١٢ / ٢٠٢٤
عادل الاسطة
***
431- ( ٤٣١ ) : القمل والثلج ١٩٤٨ : رسمي أبو علي " الطريق إلى بيت لحم "
الشيء بالشيء يذكر وما يعيشه أهل قطاع غزة في هذه الأيام ، من نزوح وتهجير وجوع وعطش وقتل ومعاناة من البرد وحنين إلى بيوتهم ، مر بما يشبهه آباؤنا وأجدادنا في عام النكبة .
في هذا الصباح تذكرت رواية رسمي أبو علي " الطريق إلى بيت لحم " ( ١٩٨٣ )وقد عاش رسمي تلك الأيام .
يكتب رسمي فصلا عنوانه " القمل والثلج " ومنه نقرأ :
" لا شيء سوى تحصيل القوت ولم يكن ذلك بالأمر اليسير .
كانت الأمور تبدو مثل كابوس مزعج أو حلم ثقيل ضاغط بحيث رفض الكبار أن يصدقوا ما حدث ، وخاصة أن الأسبوعين أو الشهرين اللذين توقعوا خلالها عودتهم قد مرت تباعا وما من خبر عن عودة قريبة أو بعيدة .
لكن الأفواه جائعة والشتاء قد بدأ بزحفه المفاجيء دون إنذار والجنيهات القليلة التي كانت بحوزة الأسرة قد تم صرفها وتمت الاستدانة فوقها - من هنا جنيه ومن هناك ثلاثة حتى يفرجها الله .
والقمل ! ترى لماذا يكثر القمل في ظروف كهذه ؟ هل خطر ببال باحث أن يعطينا جوابا شافيا لهذه الظاهرة ؟ هل كان الأمر لقلة الاغتسال ؟ كلا ... فقد كنا نغتسل وماء البئر سخية . هل كان بسبب نقص المواد الغذائيه ؟ ربما ولكننا لم نجع بالمعنى الفاجع للكلمة ، فقد كانت لنا والدة تأتي باللقمة من فم الطير إذا لزم الأمر ... إذن ماذا ؟
- تغير الماء يا عمي - وحيثما يتغير الماء يكثر القمل . هكذا قال جدي في زاويته التي أفردناها له ولفروته الواسعة في ركن البيت .
تغير الماء .
......
....
ولا تسل - أيها العزيز - عن كمية الثلوج التي هطلت في ذلك العام فقد وصل الثلج إلى مترين بالتمام والكمال وهو أمر - قال جدي الطاعن في السن - إنه لم يحدث من خمسين سنة على الأقل ."
ولطالما سمعت شخصيا من كبار عائلتي عن عام الثلجة والفقر الذي عانوا منه فيه .
مقالي الأحد القادم لجريدة الأيام الفلسطينية عن الكتابة عن النكبة في لحظة جريانها والكتابة عنها استحضارا ، ولسوف أذكر فيه الروائيين يحيى يخلف ورشاد أبو شاور ورسمي أبو علي وغيرهم .
أمس فقد الجيش الإسرائيلي ، كما اعترف ، سبعة من جنوده وضباطه . كثرت أشرطة الفيديو عن سجون النظام السوري خلال حكم بشار الأسد ووالده ، وعلى خجل كتب قليلون منا عن احتلال الجيش الإسرائيلي مناطق من سورية في جبل الشيخ و ...
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٠ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
433- ( ٤٣٣ ): قسوة حياة أهل قطاع غزة وحشرة (فرانز كافكا )
بلغت الشدة في حياة بعض أبناء قطاع غزة ذروتها ، لدرجة أن ما ألم ببطل رواية الكاتب التشيكي يهودي الديانة ( فرانز كافكا ) صار أمنية .
صحا ( غريغوري ) ذات صباح من نومه فوجد نفسه حشرة ، وكثرت تأويلات الرواية التي ترجمت إلى العربية تسع ترجمات . إنها تصوير لواقع الاغتراب الإنساني في المجتمعات الرأسمالية .
أبناء قطاع غزة يعانون من عقود من الاحتلال ومن الحصار ومن الحروب التي بلغت ذروتها منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ حيث دمرت المباني وهجر المواطنون وقتل عشرات الآلاف وجرح مئات الآلاف أيضا .
في صفحته كتب الصحفي والناشط الفيسبوكي محمد الذهبي المقطع الشعري الآتي :
" أو شيء ما "
بنيت هذا العام كثيرا من الأماني ...
ك لو أنني عصفور يهرب من الصواريخ وأزيز الرصاص ...
ك لو أنني غيمة تقفز فوق الطائرات فلا تراني ...
يئست ..
تصاغرت ..
أينفع أن أصير ذبابة ؟
حشرة عابرة تتجاوز الحدود ؟
ناموسة ماكرة تخرج بانتهاء حفلة الموت " ( ١١ / ١٢ / ٢٠٢٤ )
عندما قرأت المقطع الشعري عقبت :
" يا إلهي !
ما أقسى حياتكم !
أجواء كافكاوية "
فرد محمد :
" قبل نحو تسعة أشهر وقفت على سطح المنزل الذي استضافني أهله كنازح في رفح آنذاك . هامت عيناي بين الخيام والمارة فتمنيت لو أنني عصفور هارب .
منذ يومين قتلني الضجر وعيناي تناظر البيوت المدمرة بخان يونس كنازح أيضا ومآلات الحال تقول :
لا أمل .. لا حلول ،
فتمنيتني ذبابة أو أدنى ..
لنا الله و لله البقاء " .
بم اواسيه ؟
كان الله في عونكم . سوف أكتب عنها ناقلا المتن والهامش .
أمس حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار سجناء السجون السورية في ظل عهد الأب حافظ الأسد وابنه بشار . كان الاثنان جملين وقعا فكثرت السكاكين وزال دال الأبد وحتى الأبد وخرج سجناء لا يختلفون عن غريغوري حشرة كافكا - أي والله !
لا أتهم ولا أدافع ، إنما أصف ، وعندما راجعت ما كتبت عن الرئيسين وجدت أنني ضد حكم الفرد وضد التوريث ، وأنني ضد تغيير الدستور لتنصيب بشار وضد أن يجمع رامي الحمدالله بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجامعة وأن يظل رئيسا لها ستة عشر عاما متجاوزا القانون ، بل وجدت أنني اقترحت على بشار الأسد مع بداية الربيع العربي أن يقدم استقالته ليغدو شخصا محدودا فضل مصلحة بلده على منصبه وعلى شعار " الأسد أو ندمر البلد " .
ولكن من أنا حتى أكتب عن الرؤساء والملوك !!
الحمدالله أن الفيس هو ذاكرتنا الموثقة.
صباح الخير يا بلاد الشام
خريشات عادل الاسطة
١٢ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
- ( ٤٣٣ ) : غسان كنفاني: "القميص المسروق" مواساة أهل قطاع غزة
" إن هذا المطر لن ينتهي الليلة . هذا يعني أنه لن ينام ، بل سيظل منكبا على رقبته . يحفر طريقا تجر المياه الموحلة بعيدا عن أوتاد الخيمة . لقد أوشك ظهره أن يعتاد ضرب المطر البارد ، بل إن هذا البرد يعطيه شعورا لذيذا بالخدر .
إنه يشم رائحة الدخان . لقد أشغلت زوجه النار لتخبز الطحين . كم يود لو أنه ينتهي من هذا الخندق ، فيدخل الخيمة ويدس كفيه الباردتين في النار حتى الاحتراق . لا شك أنه يستطيع أن يقبض على الشعلة بأصابعه ، وأن ينقلها من يد إلى أخرى حتى يذهب هذا الجليد عنهما ... ولكنه يخاف أن يدخل هذه الخيمة . إن في محاجر زوجه سؤالا رهيبا ما زال يقرع فيهما منذ زمن بعيد . لا . إن البرد أقل قسوة من السؤال الرهيب . ستقول له إذا ما دخل وهي تغرس كفيها في العجين ، وتغرس عينيها في عيونه :
- هل وجدت عملا ؟ ماذا سنأكل إذن ؟ كيف استطاع ( أبو فلان ) أن يشتغل هنا وكيف استطاع ( أبو علتان ) أن يشتغل هناك ؟ ثم ستشير إلى عبد الرحمن المكور في زاوية الخيمة كالقط المبلول ، وستهز رأسها بصمت أبلغ من ألف ألف عتاب .. ماذا عنده الليلة ليقول لها سوى ما يقوله في كل ليلة :
- هل تريدنني أن أسرق لأحل مشاكل عبد الرحمن ؟ "
كتب كنفاني هذه القصة وهو في الكويت في العام ١٩٥٨ ، ويومها كنت في الرابعة وأسكن في خيمة . هل اختلفت يومها عن عبد الرحمن ؟
كم من طفل غزاوي في الرابعة من عمره يقيم الآن في خيمة ؟
في العام ١٩٥٨ سلمت وكالة غوث اللاجئين للاجئين الفلسطينيين غرفا مساحة الغرفة منها حوالي ١٢ م مربع ، وبقيت أقيم فيها أنا مواليد الخيمة حتى العام ١٩٧٨ حيث رحلنا من المخيم وصار لنا بيت مستقل .
كان الله في عون أهل قطاع غزة ؟
أيمن المصري المتنبيء الجوي في مدينة نابلس يشم رائحة ثلجة قادمة .
في العام ١٩٥٠ / ١٩٥١ أثلجت هنا ونعت الناس ذلك العام بعام الثلجة . كان عمر أخي البكر عاما .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٢ / ١٢ / ٢٠٢٤
عادل الاسطة
***
434- ( ٤٣٤ ) : تربية أهل غزة تربية إسبارطية
نمت ليلة أمس على أخبار لا تسر البال . كان آخر ما لفت نظري هو المنشور الذي كتبته الشاعرة ياسمين العابد عن مجزرة في مخيم النصيرات ٥ ذهب ضحيتها ، في خبر أول ، عشرة أشخاص ، وقرأت لاحقا في صفحة Basem Alnadi أن ضحايا أمس في قطاع غزة بلغ عددهم سبعين فلسطينيا عدا الجرحى .
في ساعات فجر هذا اليوم قرأت ما كتبه اكرم الصوراني عن حياة الفلسطينيين في الخيام فالتفت إلى خطأ نحوي ، وعندما أشرت إليه أجابني إجابة مفحمة : الدنيا كلها عوجة ، فتذكرت ما دار من جدل في بداية الحرب الدائرة حاليا ولومي على لفت الانتباه إلى الأخطاء الإملائية والنحوية التي لا تخلو كتابتي أحيانا منها ، وأحيانا أعقب :
- شر البلية ما يضحك
وقد أضيف :
- الناس بإيش و عادل الأسطة بإيش .
كانت الليلة شديدة البرودة ، وغالبا ما أتذكر في الليالي الباردة سكان الخيام منذ الربيع العربي ، بل وقبل منذ ترك لاجئو العراق الفلسطينيون العراق واقاموا في مخيم الرويشد على الحدود العراقية الأردنية بعد احتلال بغداد في ٢٠٠٣ .
كانت الليلة شديدة البرودة ذكرتني بعادات المجتمع الإسبرطي حين يولد له طفل .
كان الإسبرطيون يلقون بالطفل يوم ميلاده في العراء ليختبروا صحته ومدى قابليته للحياة في عالم الفروسية . إن كانت بنيته قوية عاش وإن كانت ضعيفة مات .
منذ سبعة عشر عاما وإسرائيل تطبق أسلوب التربية الإسبرطية على أهل قطاع غزة وازدادت صرامتها في التطبيق منذ بداية ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ . وهناك فقرات قرأتها عن طلبات إسرائيلية جديدة لبعض مناطق غزة تطالب سكانها بتركها إلى مناطق أخرى .
أمس قرأت عن سجن إدلب القليل فالكثير عن سجن صيديانا ، وهناك رضى أمريكي عن الثورة الجديدة . وأمس أيضا كانت طائرتان مسيرتان تحلقان بعلو منخفض فوق الضاحية الجنوبية لبيروت .
طاسة وضايعة وأنا ما عدت أعرف ما الصواب ورحم الله الشاعر اليمني عبدالله البردوني الذي كتب :
" فظيع جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري " .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٣ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
458- ( ٤٣٥ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : عن الفقر وسوء التغذية / يحيى يخلف
" إلى مدارس الوكالة ذهب الأولاد والبنات .
لم يكن أمام الأهالي من خيار إلا أن يرسلوا ابناءهم إلى المدارس .. لقد فقدوا كل شيء .. فلعل العلم يعوضهم عن الخسارات الفادحة .
في المدارس كان على القسم الصحي أن يكرس الوقت لمكافحة الذباب ورش قرعات الأولاد بالبودرة والمطهرات ، فقد انتشر القمل في الرؤوس بسبب شح المياه وقلة العناية .
وبسبب سوء التغذية كان معظم الأولاد مصابين بفقر الدم ، لذلك قررت الوكالة توزيع كوب حليب وحبة من زيت السمك لكل واحد منهم .
وبعد عام تحسن الوضع الصحي ... " ( ٧٢ / ماء السماء )
في العام ١٩٧٩ أصدرت مجموعتي القصصية الأولى " فصول في توقيع الاتفاقية " وكتبت فيها قصة عن حليب الوكالة . كان عنوان القصة " درويش يتمرد " وفيها أتيت على حليب الوكالة هذا الذي كرهنا بشرب الحليب وسبب لدينا عقدة منه .
الأوضاع في غزة ما زالت صعبة قاسية قاتلة وأمس تواصلت الغارات الإسرائيلية ، فارتقى المزيد من الشهداء . كأن مفردة " تباد " صارت مفردة عادية .
مقالي غدا في جريدة الأيام الفلسطينية عنوانه " الكتابة عن النكبة استرجاعا والكتابة عنها في لحظتها " ولعل هذه الاقتباسات من الروايات تجعله مقالا مفهوما فهو يحفل بالمصطلحات النقدية والتنظير النقدي .
اليوم ذكرى وفاة الشاعرة فدوى طوقان وأيضا وفاة الكاتب جبرا إبراهيم جبرا .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٤ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
( ٤٣٦ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : النكبة المستمرة المتواصلة
محمد الأسعد " أطفال الندى " :
" وتقول أمي :
" كنا نشاهد جثثا على جوانب الآبار وفي الطرق " .
وأسمع في صوتها رنة العزلة كأنها جاءت بعد أن حدث كل شيء هي التي أيفظها في منتصف الليل صوت البارود فتطلعت إلى أم الزينات فإذا هي شعلة من النار ، وأيقظت الحاج الذي لم يكن قد حج بعد وأخذت طريقها إلى البلد ذاهبة إلى بيت أهلها .. بيت أبو طالب لتعرف ماذا يحدث . كأن هذا البيت نداء غريزي استيقظ في تلك اللحظة فهرعت تبحث عن جواب فيه ، وكانت البلدة خالية تماما . وفوجئت بأخيها يطل من سطح الدار ويصرخ بها :
" ماذا تفعلين هنا ؟ لقد غادر الجميع . ارجعي .. ارجعي "
كان الخال وحيدا ببندقيته ولا أدري ماذا كان يفعل هناك بعد أن اخليت البلدة سوى أن لوثة أصابته . تقول أمي:
" كان قد وضع النساء والأطفال في البيت ، وأعلن أنه سيطلق عليهم الرصاص إذا اقتحم اليهود البيت "( صفحة ٧١ ) .
سيقول أهل غزة :
- لم تبق هناك في جباليا بيوت أصلا .
كانت الصور الأكثر تداولا في الفيس بوك أمس - عدا أشرطة الفيديو المتعلقة بالسجن السوري : صيديانا - صورة جباليا قبل الطوفان وبعده . لقد سوي ، كما دريسدن في ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية ، بالأرض .
أمس قرأت في صفحة محمد العرجا الآتي :
" وداعا مخيم جباليا :
مخيم جباليا تمت تسويته بالأرض بالكامل " Mohammed Alarja
هل الحرب الدائرة حاليا تجري بين الفلسطينيين واليهود في قطاع غزة أم أنها تجري في ألمانيا وبولندا بين الألمان واليهود في العام ١٩٤٥ حيث ينتقم اليهود من النازيييين ويردون لهم الصاع عشرة ؟
سبحان مغير الأحوال ومبدل الأدوار . الضحية ترتدي قناع الجلاد وترى في الضحية الفلسطينية الجلاد الذي وضعها في معسكرات الإبادة .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٥ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
437- ( ٤٣٧ ) : كأن الحرب بدأت من جديد:
في صفحات أبناء قطاع غزة تقرأ عن المذابح والمجازر التي ارتكبت في اليومين الأخيرين .
" كأن الحرب بدأت من جديد " عبارة قرأتها فجر هذا اليوم في صفحة محمد العطار . يكتب محمد عن الاتصال الأخير الذي أجراه رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) والرئيس الأمريكي القادم ( دونالد ترامب).
غزة تباد. مخيم جباليا سوي بالأرض . مجزرة في مدرسة خليل عويضة . مجزرة في الساعات الأخيرة من نهار أمس في مدرسة إيواء في خان يونس . حثث الفلسطينيين في الشوارع في بيت حانون و ... .
ويبدو أن الضفة في طريقها إلى مقتلة إن لم ينفذها الفلسطينيون بأيديهم فسينفذها الإسرائيليون بحجة أن السلطة الفلسطينية عاجزة .
بعد خراب غزة سيحل بنا الخراب على ما يبدو ، وهو ما أعد له المستوطنون . هل سيكون مستوطنو الضفة الغربية مثل مستوطني أمريكا الذين ابادوا الهنود الحمر ؟
مؤخرا قرأت مقدمة كتاب الكاتب عبد المجيد حمدان الجديد " أمريكا وإسرائيل " وفيها أتى على نشوء أمريكا والدور الذي قام به المستوطنون الجدد حيث أطلق من كانوا يؤسسون الدولة يد هؤلاء للقضاء على الهنود الحمر .
هل كان محمود درويش يتنبأ بمصيرنا حين كتب قصيدة " خطبة الهندي الأحمر ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض " . هل ثمة تبديل عوالم ؟
صدر الشاعر القصيدة بعبارة ( سياتل ) زعيم دوامش وهي :
" هل قلت موتى ؟
لا موت هناك
هناك فقط تبديل عوالم " :
" هنالك موتى يزورون ماضيهم في المكان الذي تهدمون
هنالك موتى يمرون فوق الجسور التي سوف تبنون
هنالك موتى يضيئون ليل الفراشات ، موتى يجيئون فجرا لكي يشربوا شايهم معكم ، هادئين
كما تركتهم بنادقكم ، فاتركوا يا ضيوف المكان
مقاعد خالية للمضيفين .. كي يقرؤوا
عليكم شروط السلام مع ... الميتين ! "
هل هي خطبة الفلسطيني ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض ؟
ومن هو الرجل الأبيض هنا ؟
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٦ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
438- ( ٤٣٨ ) : الفرقة 98 تغادر لبنان إلى قطاع غزة
انتهت الحرب في لبنان إلى حين ، فلم يعد للفرقة 98 في الجيش الإسرائيلي شغل هناك ، وكله شغل ، ولذا أعيد عمالها إلى قطاع غزة ثانية ليواصلوا شغلهم في القنص وتدمير ما تبقى من مبان واجتثاث من تبقى من الغوييم العماليق الفلسطن وإعادة إقامة غوش قطيف.
أمس عممت الجهات الإسرائيلية صورة لجرافات إسرائيلية لإعادة الإعمار . إزالة الأنقاض أولا ثم إحضار البيوت الجاهزة ليقيم فيها الرجل الأبيض مكان الهندي الفلسطيني الأحمر الذي خسفه الله بواسطة أبناء شعب الله المختار ومباركة المحافظين الجدد في أمريكا . الاستعمار الصهيوني يستنسخ استعمار زبالة أوروبا في العالم الذي كان جديدا ، وقبل أيام تساءل القاص عمر حمش مندهشا:
" معقول الله سخطنا زي ما سخط قوم عاد وثمود ، وبكرا بحكوا عن سخطة قوم غزة " .
طلعنا ، نحن العماليق الفلسطن ، طلعنا بقايا قوم عاد وثمود ، وقد تجبر الرئيسان الأمريكيان ( بايدن ) و ( ترامب ) فاستمد فرعون الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) جبروته منهما وتحدى قبل شهر إلاهنا :
- سأهزم الفلسطن العماليق حتى لو وقف الله معهم .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٧ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
438- ( ٤٣٨ مساء ) محو مخيم جباليا
للتو أدرجت على صفحتي ما أدرجته الشاعرة ياسمين العابد في صفحتها وعلقت عليه مخاطبة العرب والمسلمين وخليل الحية وأسامة حمدان أيضا ، نافضة ، هي وأهل قطاع غزة ، اليد من المذكورين كلهم ، لتقاعسهم في مساعدة شمال قطاع غزة . لقد انقطع الرجاء ولم يبق هناك شمال . لم تبق هناك جباليا البلد ولا مخيم جباليا ، وقد جاءت الجرافات الإسرائيلية في هذا الصباح لتبدأ أشغالها وتمهد الأرض .
صار المخيم أكواما من الركام ولم يبق فيه وفي شمال القطاع إلا القليلون وعشرات ممن يواصلون المقاومة التي أسفرت اليوم عن قتل بضعة جنود محتلين .
منذ الصباح وأنا أتابع أخبار غزة وما يكتب عن المحو والتدمير .
في هذا الصباح تذكرت روائيي قطاع غزة وقصاصيها ممن كتبوا عن أمكنة عاشوا فيها ورايناها عندما زرناهم .
لا أحد الآن يعرف المكان . ذهب الشمال ولم يبق إلا في الأدب . في الروايات والقصص . في روايات عاطف ابوسيف وقصص زكي العيلة القصيرة " الجبل لا يأتي " . وللتو قرأت في صفحة الناشط تيسير عبد Taysir Abd أن جريدة معاريف الإسرائيلية كتبت أنه في أثناء لفت الأنظار إلى لبنان قامت الفرقة 162 بتسوية جباليا بالأرض .
في بداية الحرب كتبت ثماني حلقات عن زياراتي لقطاع غزة " في غزة لي أصدقاء وذكريات " وأتيت على جورة " أبو راشد " التي قرأت عنها في قصص زكي ، فعندما زرناه في بيته في المخيم أصر على أن يرينا الأماكن التي جرت فيها أحداث قصصه .
الأدب الفلسطيني حفظ لنا المكان الذي ، حتى الآن ، خسرناه .
لا حول ولا قوة إلا بالله .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٧ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
439- ( ٤٣٩ ) : قمة الإنسان هاوية:
في صفحة مخيم النصيرات وجه أسامة ابو الجود إلى أهل شمال قطاع غزة النازحين السؤال الآتي :
جاهزين ترجعوا ع غزة مشان تناموا ع الحجار؟؟!!
طلب مني أسامة أن أقرأ التعليقات لأرى.
لم يبق من الشمال إلا الحجارة وركام البيوت والغبار والكلاب الضالة والفئران والجرذان ، ومع ذلك أبدى بعض أبناء تلك المناطق استعدادهم للعودة.
العنف الإسرائيلي بلغ قمة لم يبلغها من قبل ، وأنا تذكرت ما كتبه محمود درويش في جداريته متكئا على ما ورد في الأسطورة وكتاب العهد القديم:
" ووحدي أحمل الدنيا على كتفي ثورا هائجا.
وحدي أفتش شارد الخطوات عن
أبديتي . لا بد لي من حل هذا
اللغز ، أنكيدو ، سأحمل عنك
عمرك ما استطعت وما استطاعت
قوتي وإرادتي أن تحملاك . فمن
أنا وحدي ؟ هباء كامل التكوين
من حولي ، ولكني سأسند ظلك
العاري على شجر النخيل . فأين ظلك؟
أين ظلك بعدما انكسرت جذوعك ؟
قمة
الإنسان
هاوية ...
ظلمتك حين قاومت فيك الوحش ، بامرأة سقتك حليبها ... "
قمة الإنسان هاوية .
رئيس الوزراء الإسرائيلي كان أمس على قمة جبل الشيخ فتذكر شبابه هناك قبل ٥١ عاما .
ترك بشار الأسد جيشه يدمر ولم يطلق أية رصاصة من الجولان بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ .
غالبا ما كان أبي يردد :
" من استلم البلاد بغير حرب
يهون عليه تسليم البلاد "
قمة الإنسان هاوية وكذلك الامبراطوريات والدول !
أي والله ، فلقد غابت شمس بريطانيا والامبراطورية العثمانية وانهار الاتحاد السوفييتي وعقبال عند الولايات المتحدة ودولتنا .
مرة شاهدت شريط فيديو للقاء بشار الأسد بمسؤول أمريكي ، وكان مع بشار ابنه حافظ ، فأشار إليه مخاطبا ، مبتسما ، المسؤول الامريكي :
- The next president .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٨ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
440- (٤٤٠) : احتلال نابلس
عن الإعلام العبري أن عضو الكنيست ( تسفي سوكوت ) في مقابلة مع " كول برما " علم من ضابط أنه يمكن احتلال نابلس في ثلاثة أيام ، وهذا ما يجب أن يتم : احتلال نابلس للأبد .
عندما قرأت الخبر الذي أعلمني به صديق رددت :
- نابلس محتلة منذ ١٩٦٧ .
وأضفت :
- ثلاث ساعات لا ثلاثة أيام كافية .
لماذا يريد الإسرائيليون فعل ذلك ؟
ربما ليعيدوا الاعتبار إلى جيشهم فالقتال في غزة أنساهم انتصارهم في حرب حزيران ١٩٦٧ - حرب الأيام الستة ، وأفقدهم الشعور بالنشوة التي شعروا لعقود بها . إنهم يريدون أن يعودوا إلى تلك الأيام ويعيدوا " الشيخ إلى صباه بالقوة على الباه " .
سينفق الإسرائيليون أعمارهم في ملاجيء ودبابات وعداوات وكراهية وخوف ورعب وقلق و ... ومتى كان اليهود في العالم لا يشعرون بالخوف والنبذ والملاحقة والاضطهاد والتيه وكراهية الشعوب لهم ؟ حقا متى ؟
يبدو أن احتلالهم قمة جبل الشيخ واقترابهم من ريف دمشق ووجودهم في محور فيلادلفيا لا يكفي ، فحرب ١٩٦٧ كانت على ثلاث جبهات ونابلس وجنين وطولكرم وبقية الضفة الغربية هي الجبهة الثالثة بعد الهدوء على الحدود اللبنانية .
عندنا مثل يقول :
"- مجنون ما بلاحق بلد "
ولكن إسرائيل تصر على ملاحقة العالم العربي .
لكثرة مشاكلي مع جامعة النجاح الوطنية أدركت معنى المثل السابق ، فقررت تركها وفراقها فراق غير وامق . لقد طلبت من إدارتها - إن أرادت أن أظل على رأس عملي فيها - مواصلة العمل بعقد ، وكنت على يقين بأنها لن توافق ، ولولا أنني لا أرغب في مغادرة فلسطين لقلت لنابلس ومحيطها والضفة الغربية والسلطة الفلسطينية : باي باي ! - أي وداعا ، لا بوي بوي .
لن يسمع مني ( أبو يائير ) ولا ( بن غفير ) ولا ( بتسلوئيل سموترتش ) لو قلت لهم :
- اما أن تصيروا عربا أو لا مكان لكم في بلاد العرب .
خذوها مني أيها الإسرائيليون :
صيروا عربا أو صيروا فلسطينيين أو ابحثوا عن بلاد أخرى .
كل ما يقال عن اتفاقية تبادل الأسرى لا يبعث على التفاؤل فهو متناقض أشد التناقض .
هل صحيح أن ما جرى في غزة هو بروفة مخففة لما سيجري في الضفة ؟
التساؤل السابق ليس من مخيلتي فلقد قرأته فيما أقرأ .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
١٩ / ١٢ / ٢٠٢٤ 8
***
441- ( ٤٤١ ) : أمطار غزيرة منذ ساعتين
منذ ساعتين والسماء تهطل أمطارها غزيرة ، وغدا يدخل فصل الشتاء وتبدأ المربعينية .
برق ورعد وفي غزة فوق هذا يتواصل البرق والرعد الإسرائيليان لليوم ال ٤٤١ لطوفان الأقصى .
حسب قناة الجزيرة فإن إسرائيل ، قبل ثلاثة أسابيع من بدء طوفان الأقصى ، كانت على علم به .
على الرغم من أن جباليا سويت بالأرض إلا أنها ما زالت تقاوم ، فأمس تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي أن فلسطينيا من هناك قتل ، بسكين ، ضابطا إسرائيليا وثلاثة جنود . هل كان يردد الأغنية القديمة " طالعلك يا عدوي طالع ، من كل بيت وحارة وشارع " أم بيت الشاعر راشد حسين :
" ولو قضيتم على الثوار كلهم
تمرد الشيخ والعكاز والحجر " ؟ .
لم يبق في جباليا شيخ وبقيت الحجارة والعكاكيز .
ما زالت صفحات التواصل الاجتماعي تحفل بعبارة المرحوم خالد نبهان " روح الروح " مقرونة بصوره .
ملايين الحكايات التي تروى ، وأول رواية من قطاع غزة صدرت في القاهرة كتبها الروائي والقاص عبدالله تايه الذي صمت في الحرب طويلا فلم نقرأ له يوميات ، وفاجأنا . عنوان الرواية " مذاقات الموت والركام : الحرب على غزة " .
ليكن الله بأهل قطاع غزة رحيما . برق ورعد وأمطار غزيرة و ... .
صباح الخير يا بلاد الشام
خريشات عادل الأسطة
٢٠ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
442- ( ٤٤٢ ) : بطولات جباليا
في صفحات التواصل الاجتماعي لأبناء قطاع غزة ممن يقفون حتى اليوم إلى طرف المقاومة وطوفان الأقصى ، على الرغم مما يعانون منه مما أوردته في كتابات سابقة ، تقرأ عن جباليا ومخيمها وبطولات من تبقى هناك .
أمس قرأنا في تلك الصفحات عن عمليتين بطوليتين قام بهما الشاب حسن وائل رجب ابن قائد قطاع المقاومة هناك وائل رجب الذي كان ارتقى ، أمس قرأنا عن العمليتين اللتين ارتقى فيهما الشاب .
في اليومين الأخيرين قرأنا عن قتل قناص ومساعده وطعن ضابط وثلاثة جنود ، وقرأنا عن شاب فجر نفسه بستة جنود .
وأمس قرأنا أيضا في صفحات أخرى ، لا يؤيد أصحابها أحداث ٧ أكتوبر ويرون فيها انتحارا وأكثر من ذلك ، أن هناك سطوا على مصرف / بنك ، حيث تم سرقة ثمانية ملايين شيكل ، وأصحاب هذه الرواية شككوا في العمليات التي أشادت بالمقاومة وعملياتها الأخيرة ، ورأوا أنها غير صحيحة وأنها مفبركة للتغطية على عملية السطو ، وطالب هؤلاء بأن تقوم الجهات المقاومة بعرض شريط فيديو لها ، وتساءل قسم من هذا الطرف إن كانت الصحافة الإسرائيلية أو الإعلام الإسرائيلي أقر بمقتل القناص والجنود .
إن دخلت إلى صفحات التواصل الاجتماعي لأبناء قطاع غزة فستقرأ روايتين مختلفتين حول ما يجري ، وإن تشابهت الروايتان ففي تصوير الجانب الإنساني للمعاناة ولارتفاع الأسعار والجوع وحياة الخيام والفقدان و ... .
صارت أشرطة الفيديو التي تخص ما يجري في سورية تطغى على تلك التي تصور حياة أهل غزة ، وبخاصة أشرطة الفيديو التي يسخر فيها السوريون من الرئيس السابق بشار الأسد وعائلته ، أو التي تأتي على مقدار ثروته التي خرج بها . أحد المعلقين على تلك الأشرطة كتب " الله لا يوقع أحدا بألسنة السوريين " .
الجيش الإسرائيلي واصل أمس توغله في الأراضي السورية وفي ريف درعا استولى على مخازن سلاح للجيش السوري ، ودخل إلى بيوت السوريين وجلس معهم يتباحث في الأوضاع ، وما أخشاه هو أن يدخل الجامع الأموي ليقرأ الفاتحة بالعبرية الفصحى ، كما كتب مظفر النواب ساخرا .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢١ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
443- ( ٤٤٣ ) : عمر عساف بين رصاصين ؛ رصاص الأهل ورصاص الأهل
في نابلس نوع من الحلوى غالبا ما يعده الحلونجيون في رمضان ويسمونه " بين نارين " ، ولا أعرف لماذا أطلق عليه هذا اللفظ الذي يستخدمه الفلسطينيون للشخص الذي يكون بين طرفي نزاع عزيزين عليه ، فيحتار إلى جانب أي طرف يقف . هل يقف الزوج إلى طرف أمه أو إلى جانب زوجته ؟ وقل الشيء نفسه عن الزوجة إن اختلف زوجها مع أهلها . مع من تقف ؟ .
أمس كان المناضل عمر عساف ، مع مجموعة من الفلسطينين ، في جنين ، لا يريدون للنزاع بين السلطة والمقاومة أن يندلع ، فيكفينا ما فينا . ( لمن لا يعرف عمر فإنه أنفق من عمره سنوات في سجون الاحتلال كان آخرها الأشهر الأخيرة بعد ٧ أكتوبر ، وقد دخل السجن ووزنه ١٢٠ كغم وخرج منه ب ٧٠ كغم ) .
بم تجيب حين تسأل عن رأيك فيما يجري بمخيم جنين وجنين نفسها ؟
- اللهم لا تجعلها فتنة .
هل ستؤول الأوضاع في الضفة إلى ما آلت إليه في قطاع غزة ؟
السلطة لا تريد ، والمقاومون يشعرون بالإهانة والمذلة لترك غزة فيما هي عليه و ... .
ما أخشاه هو أن يطردنا المستوطنون بمساعدة الجيش الإسرائيلي ، وحين يقترب هذا من رجال السلطة يسأل قادته عما يفعله معهم ويأتي الرد :
- اطردوهم أيضا .
في العام ١٩٤٨ كانت العصابات الصهيونية تقترب من قرى فلسطينية لم يشارك أبناؤها في ثورة ١٩٣٦ -١٩٣٩ ، بل إنهم كانوا مسالمين مع المستوطنات المجاورة ، وتحتار ماذا تفعل ثم تتصل بقيادتها طالبة رأيها ، وتأتي الإجابة :
- اطردوهم .
الأخبار القادمة من مخيم جباليا تتحدث عن مقاومة متواصلة ، والأخبار القادمة من شمال القطاع تقول إن مستشفى كمال عدوان استشهد بالكامل ومثله المستشفى المعمداني . مريم قوش .
وفي قطاع غزة بدأ بعض مؤيدي حماس يناشدون محمد دحلان ( أبو فادي ) بأن ينقذهم فهو رجل المرحلة ، وهات تعليقات متناقضة . ادخلوا إلى صفحة أحمد يوسف صالح -متابعة واقرأوا وانظروا .
صار الواحد منا بألف وجه ، لا بوجهين . إنها الحيرة ، وقبل سنوات استضافتني قناة الأقصى لتحاورني عن كتابي " أدب المقاومة : من تفاؤل البدايات إلى خيبة النهايات " الذي أعادت مؤسسة فلسطين للثقافة في دمشق طباعته :
- ما الحل ؟ ما رأيك أنت ؟
ويومها أجبت :
- لا أوسلو أتت بحل ولا حروب غزة حققت شيئا .
وأنا في حيص بيص ، وثمة إعلان يبث من المساجد عن ارتقاء مواطن ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء عند ربهم ... . )
الأوضاع معقدة جدا ، ولا حلول !
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٢ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
444- ( ٤٤٤ ) : لم تنته الحرب
وأنت تقرأ كتابات بعض أبناء قطاع غزة لا تقرأ عما يجري من اشتباكات المقاومين مع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي .
ما تقرأه في صفحات نشيطين كثيرين هو قتال من جانب واحد - أي مهاجمة الجيش الإسرائيلي مناطق في قطاع غزة ينتج عنها شهداء وجرحى لا يقل عددهم في اليوم الواحد عن عشرين ثلاثين أربعين شهيدا وعشرات الجرحى ، ولكن حين تستمع إلى مراسل راديو " أجيال " محمد الأسطل تعرف أن هناك عصابات غزاوية تسلب المساعدات .
وما تقرأه في صفحات بعض أبناء قطاع غزة تصغي إليه في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ، ولكن هذه تضيف أخبارا قليلة عن قتلى وجرحى في القوات الإسرائيلية وقد تبث أشرطة فيديو للمقاومين يرى فيها بعض معارضي حماس والجهاد أفلاما هوليودية . ما سبق يعني أن المقاومة ما زالت مستمرة ، فبعض متابعي الصحافة العبرية مثل الغزي مؤمن مقداد الذي يترجم عن العبرية ، وهو يقيم في غزة ، ينقل عن الصحف والمواقع الإسرائيلية أخبارا مثل " حدث أمني صعب في شمال غزة أو في رفح " .
الأجواء في هذا الشهر - كانون الأول ٢٠٢٤ - شبه مستقرة ولا أمطار ، وهذا من نعم الله على أهل قطاع غزة الذين يقيمون في الخيام للعام الثاني .
لم أسترجع بقايا تجربتي مع السكن في الخيام في خمسينيات وستينيات القرن العشرين من قبل . في هذه الأيام استعيد بقايا الخيمة . اتذكر الغرفة التي بنيت جدرانها من الطوب وسقفت بألواح الزينكو وغطيت الألواح ببقايا الخيمة .
عندما زرت مخيم شنلر الواقع في الأردن بين مدينتي عمان والزرقاء قدم لنا الصديق عبد الرحيم الجبجي الذي كان يدرس التاريخ في الجامعة الأردنية ، قدم لنا الشاي . كان هذا في العام ١٩٧٣ ، وفي العام ١٩٧٦ زرت مخيم البقعة ونمت في غرفة زينكو استضافني فيها نسيبنا أبو هاشم العلي النازح من قرية طمون . وفي رواية حزامى / حزامة حبايب " مخمل " قرأت عن الحياة في هذا المخيم . ولاحقا قرأت يوميات زميلي في الجامعة الأردنية محمد مصطفى الأعمر عن حياته في الخيام في المخيم المذكور .
صباح الخير يا عزيزي محمد . Mohammad Alaamar .
طول عمرك يا زبيبة الفلسطينية ... .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٣ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
445- ( ٤٤٥ ) : ليست إذن أفلاما هوليودية
كتبت في يوميات اليوم ٤٤٢ عن وجهتي نظر في المعارك في شمال قطاع غزة ورواية المقاومين فيها .
ذهبت الرواية الفلسطينية المشككة إلى أن ما تعلنه المقاومة ليس إلا أفلاما هوليودية ، وتساءلت عن الرواية الإسرائيلية في الموضوع .
أمس نشر مؤمن مقداد في صفحته نقلا عن الجيش الإسرائيلي الآتي :
سمح بالإعلان عن مقتل الضابط غابريئيل أتيدجي " نائب قائد سرية " والجندي نتائبل بيساح والجندي هيلال دينر من كتيبة شمشون - لواء كفير ، في معارك شمال قطاع غزة "
وأدرج مؤمن صور الثلاثة .
لمعين بسيسو ابن قطاع غزة كتاب عنوانه " يوميات غزة " كتب فيه عن مدينته ومقاومتها وأتى فيه على حكاية شمشون ، ولا ننسى مسرحيته " شمشون ودليلة " ، وكان متفائلا . إن الفلسطن الأوائل جعلوا شمشون يجر الطاحون .
أنصار الرواية الأولى تغنوا بجباليا وبطولاتها ، ولطالما رصد عاطف ابوسيف في رواياته حكايات مخيمه / جباليا في الانتفاضة الأولى ١٩٨٧ وروى عن استشهاد أخيه نعيم في روايته " حياة معلقة " .
اليمن واصلت إطلاق صواريخها واليوم أجبر مليونا إسرائيلي على النزول إلى الملاجيء . هكذا قرأت في صفحة باسم النادي Basem Alnadi المتابع والراصد وصاحب الموقع الإخباري .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٤ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
446- ( ٤٤٦ ) : بروفة للطوفان القادم : التخييم لمدة شهر
وأنت تتابع صفحات التواصل الاجتماعي لأبناء قطاع غزة ترى العجب العجاب سواء في المكتوب أو في أشرطة الفيديو . قد تبكي وقد تضحك وأكيد أنك ستحزن وستغضب وستتحسر وقد تكتئب وقد تغدو مازوخيا وقد ... وقد ... وقد ... وإن خالفت صاحب المنشور في رأيه فقد تخسر صداقته ، وكثيرون منهم قوطعوا و " بلكوا " من معارف فيسبوكيين لهم ، لمجرد اختلاف في الرؤية ، ومن قال إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية فقد أخطأ وكذبته المنشورات التي يقرؤها . أنا شخصيا هددتني مواطنة أردنية برفع قضية جرائم إلكترونية في بلدها ضدي لمجرد أن أدرجت منشورها في صفحتي وتركت المجال لقرائه بالتعليق عليه . يا لطيف!
لو وثقت ما كتب لي في هذا الشأن لربما كتبت مقالا معتبرا في الموضوع ونشرته في زاويتي في جريدة الأيام الفلسطينية . كم من صديق لي تخاصم مع أصدقاء لخلاف في الرأي ؟!
اليوم شاهدت شريط فيديو أدرجه أمين عابد Ameen Abed في صفحته وترددت في إعادة إدراجه خوفا من أن أعد طابورا خامسا أو أن أحسب على السلطة الفلسطينية في موقفها من أبناء مخيم جنين ، فأكون منحازا لطرف محدد .
في الشريط يتحدث مواطن فلسطيني في غزة من خيمته ويوجه كلامه لأهل الضفة الغربية ويطلب منهم أن يقفوا إلى جانب السلطة الفلسطينية وألا ينساقوا إلى تأييد مقاومي مخيم جنين وإلا ... وإلا فإنهم - أي أهل الضفة الغربية - سيجدون أنفسهم في خيمة فيها سطلان ؛ واحد للماء والثاني للبول والخراء .
المواطن طلب ممن يؤيد المقاومة المسلحة أن يجرب العيش في خيمة لمدة شهر كبروفة ثم بعد ذلك يقرر : مع الطوفان القادم أم مع " دبرها يا أبو مازن ، بلكن / بركن ظلينا في بيوتنا " .
هل سنظل ننعم بالحياة في بيوتنا في الضفة الغربية أم أننا سنسكن في الخيام في الأزرق في الأردن أو في الرمادي في العراق ؟
هذه هي هجراتنا منذ هجرة هاجر التي كتب عنها محمود درويش في ديوانه " محاولة رقم ٧ " في العام ١٩٧٤.
أنا في حيص بيص !!
هل اشتري خيمة وأجرب الحياة فيها لمدة شهر ؟
لطالما كرر الناس قول الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي :
وإذا ما أظل رأسك هم
قصر البحث فيه كي لا يطولا
ولطالما كرر آباؤنا :
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يغير الله من حال إلى حال .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٥ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
447- ( ٤٤٧ ) : خسرت حلما جميلا
مساء أمس علا صوت رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) يخاطب حكام اليمن ويقول لهم إن مصيرهم هو مصير قيادات حماس وحزب الله والرئيس السوري بشار الأسد ونظامه .
هل انتصر الإسرائيليون وخسرت المقاومة الحرب ؟
صباح هذا اليوم ارتقى خمسة صحفيين فلسطينيين في غزة قرب مشفى ، أحدهم ، وهو أيمن الجدي ، كان أوصل زوجته إلى هناك ليستقبلا مولودهما . ارتقى الأب قبل أن يرى ابنه القادم ، وأمس قرأنا عن ارتقاء الكاتبة ولاء جمعة الافرنجي هي وزوجها أحمد سعيد سلامة ، وفي صباح اليوم ارتقى ثلاثة مواليد جدد من شدة البرد وثمة أطفال ينزفون ، لهذا السبب أيضا ، الدم من مناخيرهم / أنوفهم .
خطاب ( نتنياهو ) لم يفت في عضدي ولذا كررت قول محمود درويش بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ :
" خسرت حلما جميلا
خسرت لسع الزنابق
وكان ليلي طويلا
على سياج الحدائق
وما خسرت السبيلا "
هل كان الشاعر مفرطا في تفاؤله ؟
وهل أنا كذلك على الرغم من أن الليل طال وطال وطال وطال ة؟
أحيانا نكون حمقى !!
خسارات غزة لا حدود لها و ... وصار البرد الآن في غزة يسبق الجوع ويفتك بالأطفال .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٦ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
448- ( ٤٤٨ ) : أيمن أيمن الجدي
أمس فجرا ارتقى في قطاع غزة خمسة صحفيين فلسطينيين أحدهم هو أيمن الجدي الذي كان أمام المشفى ينتظر مولوده الأول .
بعد ساعات وضعت زوجته طفلهما فأطلقوا عليه الاسم أيمن ليغدو " أيمن أيمن الجدي " .
الناشط الغزاوي محمد العرجة كتب " في غزة فقط يولد طفل ويستشهد أبوه وتترمل أمه في تاريخ واحد " Mohammed Alarja
فعقبت :
حدث هذا في الضفة الغربية في منطقة نابلس في انتفاضة الأقصى وذكرت ميسون الحايك التي كتبت عنها أكثر من مرة .
بعد العام ١٩٤٨ كتبت سميرة عزام قصتها " العيد من النافذة الغربية " وفي كتابتي عنها تساءلت إن كانت ميسون ستقرأ ما أكتب وما اقتبسته من القصة :
" نحن حياة لا تموت الا جزئيا ، لأن في قلبها بذرة التجدد " ( ١ / ١٢ / ٢٠١٢ العيد من النافذة الغربية ) .
في العام ٢٠٠٣ أصدر محمود درويش ديوانه " حالة حصار " وفيه كتب :
" نعزي أبا بابنه : " كرم الله وجه الشهيد "
وبعد قليل نهنئه بوليد جديد " .
طفلة ميسون الحايك واسمها فداء صارت الآن في الثانية والعشرين من عمرها .
حكايتنا سيزيفية ومشوارنا طويل .
ارتقى أيمن وجاء أيمن ، وشعبنا يكرر اللازمة : " اللي خلف ما مات " .
رحم الله أيمن الجدي وزملاءه الأربعة ومبارك أيمن الجدي الوليد ، وأكرر قول محمود درويش في ١٩٧٣ ، في رثاء ضحايا عملية فردان :
" من أي عام جاء هذا الحزن ؟
من سنة فلسطينية لا تنتهي
وتشابهت كل الشهور .
هذا هو العرس الفلسطيني
لا يصل الحبيب إلى الحبيب
الا شهيدا أو شريد "
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٧ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
450- ( ٤٥٠ ) : فارس عودة و د.حسام أبو صفية
واجه الطفل فارس عودة في انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ الدبابة الإسرائيلية بحجر فعد بطلا وصار أيقونة للطفل الفلسطيني الرافض للاحتلال .
د.حسام أبو صفية لم يقذف الدبابة بحجر أو بحصوة . ظل على رأس عمله في مشفى كمال عدوان حتى اللحظة الأخيرة . كان يقوم بعمل إنساني هو معالجة المرضى والجرحى لا أكثر ولا أقل . ارتقى ابنه في المشفى فأبنه وحزن على فقدانه وواصل عمله طبيبا . لم يحمل السلاح ليثأر أو ينتقم أو.... .
هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي المشافي كما هدم الجامعات والمساجد والبيوت والمصانع والمحلات التجارية ، وترك قطاع غزة مدمرا لا تصلح الحياة فيه . إنجاز ما بعده إنجاز ، وكل ما يقوم به جيش شعب الله المختار هو إنجاز وبأوامر ربانية ، فالله طلب من شعبه أن يقتل العماليق.
ذهب الطبيب أبو صفية مشيا على الأقدام صوب الدبابة مرتديا مريوله الأبيض غير هياب ، فماذا سيفعل الإسرائيليون أكثر ؟ ذهب منتصب القامة ودمار المباني باد للعيان ، فلم يبق شيء يؤسف عليه .
سيكتب التاريخ - ان لم يتم تزوير الكتابة واستبدال الرواية بأخرى - سيكتب التاريخ أن الجنود المدججين بالأسلحة ظلوا في دباباتهم ينتظرون الطبيب ليأتي إليهم وليعلنوا انتصارهم ، ويجوز للشاعر أن يهنيء الجلاد منتصرا على عين كحيلة . يجوز له أن يهنئه بانتصاره على أطفال حديثي الولادة ماتوا من البرد ، وعلى أمهات ارتقين وهن يحضرن كيس طحين ليعجنوا ، فقد مرت أشهر ثلاثة لم يحصلوا فيها على كيس طحين .
ابنة غزة مريم قوش كتبت اليوم فقرة عن زغاريد نسوة غزة لمناسبة لم يكن يزغردن فيها : الحصول على كيس الطحين .
زغردت الفلسطينية في مناسبات الزواج والنجاح وبناء المنازل وعودة الابن الغائب من السفر وفي مناسبة العودة من بلاد الحجاز بعد تأدية فريضة الحج والآن!؟
الآن تزغرد الفلسطينية لحصولها على كيس طحين ، كما غنى الشاب أحمد ابو العنين ذات يوم لحصوله على جرة غاز.
- كيف سينظر الإسرائيلي لنفسه وهو يحقق مع طبيب؟
على فكرة فإن أكثر الأطباء في المشافي الإسرائيلية الآن هم من فلسطينيي الأرض المحتلة في العام ١٩٤٨ .
هل سننتظر شاعرا إسرائيليا ، مثل الشاعر اليهودي ( إريك فريد ) ، ليخاطب شعبه :
- اسمع يا شعب إسرائيل ! هل نحن حقا أحفاد ضحايا الهولوكست ؟
وهل سيتبرأ هذا الشاعر من أفعال جيشه كما تبرأ منها إريك فريد ؟
المجد للدكتور حسام أبو صفية والرحمة لأطفال غزة الذين ارتقوا والعار للصامتين المتخاذلين في هذا العالم الأصم الأبكم الأعمى .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٩ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
451- ( ٤٥١ ) غزة والخروج من العالم
هل غزة الآن خارج التاريخ البشري ؟
رياح شديدة وأمطار غزيرة وخيام تتطاير وأطفال يموتون جوعا وبردا وآخرون ينامون في الشوارع ، والعالم يشوي على النار وفيها الكستناء .
غزة الآن خارج التاريخ .
لم أجد ما أواسي به نفسي سوى هذا المقطع الشعري لمحمود درويش .
" في غزة اختلف الزمان مع المكان
وباعة الأسماك باعوا فرصة الأمل الوحيد ليغسلوا
قدمي
أين المجدلية ؟
ذابت اصابعها مع الصابون
وانهمرت كتابات كتابات
وكان الجند ينتصرون ينتصرون
كانوا يقرأون صلاتها
ويفتشون أظافر القدمين والكفين عن فرح فدائي ،
وكانوا يلحقون حياتها
بدموع هاجر . كانت الصحراء جالسة على جلدي
وأول دمعة في الأرض كانت دمعة عربية .
هل تذكرون دموع هاجر - أول امرأة بكت في
هجرة لا تنتهي ؟
يا هاجر ، احتفلي بهجرتي الجديدة من ضلوع القبر
حتى الكون أنهض
يسكن الشهداء أضلاعي الطليقة
ثم امتشق القبور وساحل ألمتوسط
احتفلي بهجرتي الجديدة "
( محمود درويش ، الخروج من ساحل المتوسط ، ١٩٧٣ )
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الأسطة
٣٠ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
452- ( ٤٥٢ ) : الصحفية آية أبو طاقية : لا أحد يصرح بأسمائنا
أدرجت في هذا الصباح شريط فيديو تتحدث فيه الصحفية آية أبو طاقية عن معاناة أهل قطاع غزة ، وما قالته يستحق أن يفرغ وينشر ويعمم ، فهو صوت من أصوات عديدة من هناك يقول باختصار ما تجادلنا حوله منذ بداية الحرب عن الفارق بين سرديتين ؛ سردية قطاع غزة ، وهي أيضا متنوعة مختلفة متباينة ، وسردية من هم خارج القطاع .
خاطبت آية بصوت جاد لا يخلو من حزن وجدية وصرامة كل المسؤولين عن القرار الفلسطيني في الداخل والخارج بأن لا يصرح أحد منهم بأسمائنا - أسماء من بقي في القطاع ، وطالبت بأن لا يتغنى أحد بصمودهم ، فمن المستحيل أن يتخيل من هو خارج القطاع كيف يعيش سكانه. برد وجوع وموت وخيام مرقعة لا تقي و... .
" لا تعجبوا بصمودنا ولا تقرروا عنا " . لقد أهين الجميع هناك وزج الرجال في السجون يعذبهم ( بن غفير ) وزبانيته . لقد اغتصبت أجساد ، وهذا ما لا يفهمه المتحدثون من بعيد بلغة هادئة ولهجة ناعمة .
" توقفوا عن تكبير صورتنا وتصغيرها " ف " نحن بلا أي شيء " ولكن أنتم " لا تفهمون ولا تدركون ولا تشعرون " .
لقد خاطبتنا آية باختصار شديد .
وأشرطة الفيديو التي أدرجت منذ يوم أمس تقول الكثير عن معاناة أهل غزة في هذا البرد القارس والمطر الغزير .
منذ يوم أمس وأنا أفكر في نهاية العام ٢٠٢٤ وبداية العام ٢٠٢٥ وفي كل عام أعود إلى ديوان فدو طوقان " أعطنا حبا " لأقرأ قصيدتها في نهاية العام ١٩٥٧ وقصيدتها في بداية العام ١٩٥٨ .
" انتهينا منه ، شيعناه ، لم نأسف عليه
وحمدنا ظله حين توارى
دون رجعة
لم نصعد زفرة خلف خطاه
لم نرق بين يديه
دمعة ، أو بعض دمعة "
#
بعد أن جرعنا من كأسه المر الحقود ..... "
و
" صلاة إلى العام الجديد
في يدينا لك أشواق جديده
في مآقينا تسابيح وألحان فريده
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلا أملا عذب الورود
يا غنيا بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من أجلنا ؟
ماذا لديك ؟ "
ومنذ العام ١٩٤٨ وأعوامنا تتكرر ، وفي نهاية كل عام نودعه ونستقبل عاما جديدا آخر و ... ولم نعد حتى الآن إلى يافا وحيفا .
كتب غسان كنفاني " عائد إلى حيفا "
وكتب محمود درويش " عائد إلى يافا "
وكتب عيسى بلاطة " عائد إلى القدس "
ووجدت وأنا أقرأ موسوعة الرواية الفلسطينية للدكتور يوسف حطيني ، في صفحة ، أنني أنا صاحب الرواية ، وجل من لا يسهو . أنا كتبت مقالا عن الرواية فاختلط الأمر على الكاتب وقرن اسمي باسم غسان كنفاني . ( صفحة ١٦٢ ) .
نتمنى لأهلنا في قطاع غزة ولنا في الضفة الغربية ولأهلنا في فلسطين ١٩٤٨ عاما أفضل ؛ عاما يشبه العام ١٩٩٠ للألمان الشرقيين والغربيين . نتمنى سقوط الجدار العازل وقيام دولة واحدة على أرض فلسطين كلها .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٣١ / ١٢ / ٢٠٢٤
الصحفية آية أبو طاقية :
لا أحد يصرح بأسمائنا
أدرجت في هذا الصباح شريط فيديو تتحدث فيه الصحفية آية أبو طاقية عن معاناة أهل قطاع غزة ، وما قالته يستحق أن يفرغ وينشر ويعمم ، فهو صوت من أصوات عديدة من هناك يقول باختصار ما تجادلنا حوله منذ بداية الحرب عن الفارق بين سرديتين ؛ سردية قطاع غزة ، وهي أيضا متنوعة مختلفة متباينة ، وسردية من هم خارج القطاع .
خاطبت آية بصوت جاد لا يخلو من حزن وجدية وصرامة كل المسؤولين عن القرار الفلسطيني في الداخل والخارج بأن لا يصرح أحد منهم بأسمائنا - أسماء من بقي في القطاع ، وطالبت بأن لا يتغنى أحد بصمودهم ، فمن المستحيل أن يتخيل من هو خارج القطاع كيف يعيش سكانه. برد وجوع وموت وخيام مرقعة لا تقي و... .
" لا تعجبوا بصمودنا ولا تقرروا عنا " . لقد أهين الجميع هناك وزج الرجال في السجون يعذبهم ( بن غفير ) وزبانيته . لقد اغتصبت أجساد ، وهذا ما لا يفهمه المتحدثون من بعيد بلغة هادئة ولهجة ناعمة .
" توقفوا عن تكبير صورتنا وتصغيرها " ف " نحن بلا أي شيء " ولكن أنتم " لا تفهمون ولا تدركون ولا تشعرون " .
لقد خاطبتنا آية باختصار شديد .
وأشرطة الفيديو التي أدرجت منذ يوم أمس تقول الكثير عن معاناة أهل غزة في هذا البرد القارس والمطر الغزير .
منذ يوم أمس وأنا أفكر في نهاية العام ٢٠٢٤ وبداية العام ٢٠٢٥ وفي كل عام أعود إلى ديوان فدو طوقان " أعطنا حبا " لأقرأ قصيدتها في نهاية العام ١٩٥٧ وقصيدتها في بداية العام ١٩٥٨ .
" انتهينا منه ، شيعناه ، لم نأسف عليه
وحمدنا ظله حين توارى
دون رجعة
لم نصعد زفرة خلف خطاه
لم نرق بين يديه
دمعة ، أو بعض دمعة "
#
بعد أن جرعنا من كأسه المر الحقود ..... "
و
" صلاة إلى العام الجديد
في يدينا لك أشواق جديده
في مآقينا تسابيح وألحان فريده
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلا أملا عذب الورود
يا غنيا بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من أجلنا ؟
ماذا لديك ؟ "
ومنذ العام ١٩٤٨ وأعوامنا تتكرر ، وفي نهاية كل عام نودعه ونستقبل عاما جديدا آخر و ... ولم نعد حتى الآن إلى يافا وحيفا .
كتب غسان كنفاني " عائد إلى حيفا "
وكتب محمود درويش " عائد إلى يافا "
وكتب عيسى بلاطة " عائد إلى القدس "
ووجدت وأنا أقرأ موسوعة الرواية الفلسطينية للدكتور يوسف حطيني ، في صفحة ، أنني أنا صاحب الرواية ، وجل من لا يسهو . أنا كتبت مقالا عن الرواية فاختلط الأمر على الكاتب وقرن اسمي باسم غسان كنفاني . ( صفحة ١٦٢ ) .
نتمنى لأهلنا في قطاع غزة ولنا في الضفة الغربية ولأهلنا في فلسطين ١٩٤٨ عاما أفضل ؛ عاما يشبه العام ١٩٩٠ للألمان الشرقيين والغربيين . نتمنى سقوط الجدار العازل وقيام دولة واحدة على أرض فلسطين كلها .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٣١ / ١٢ / ٢٠٢٤
***
٢٠٢٥ / 2025 : ( ٤٥٣ ) - 453
مر عام وحل آخر وغزة ما زالت تعاني :
لم يتغير الكثير . انتهى للتو عام ، وبدأ للتو عام آخر وما زالت المعاناة هي المعاناة ، والمعاناة هي نفسها منذ العام ١٩٤٨ .
ما بين الدقيقة الأخيرة من ٢٠٢٤ والدقيقة الأولى من ٢٠٢٥ دقيقة ، بل ثانيتان ليس أكثر ولم يختلف برد العام المنصرم عن برد العام الذي حل . ثمة موتى وثمة صرخات أطفال جدد . ودع هذه الفانية ضيوف عليها وحل عليها ضيوف جدد ، وكما كتبت سميرة عزام " نحن حياة لا تموت إلا جزئيا لأن في قلبها بذرة التجدد " . إنها بذرة تحمل ولادتها من فنائها . سنبلة القمح التي جفت لتملأ الوادي سنابل " وحبوب سنبلة تجف ، لتملأ الوادي سنابل " ، ولنا أن نكرر مثل العكاويين : لو كانت عكا بتخاف من هدير البحر ، ما ظلت مكانها " ولنا أن نتذكر معين بسيسو الغزاوي ابن الغزاوي حفيد الغزاوي ، ولنا أن نستأنس بمسرحيته " شمشون ودليلة " وبيومياته " يوميات غزة " وسيرته " دفاتر فلسطينية " . لنا أن نتفاءل في ظروف يبدو فيها المتفائل ساذجا طيبا على نياته .
في شتاء العام ١٩٨٨ ، في شباط ، اصطحبنا الألمان الغربيون ، وكنا طلاب لغة في معهد ( غوتة ) في مدينة ( فرايبورغ ) ، إلى برلين لنرى البرلينيتين ؛ الغربية والشرقية ، وكان يفصل بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية حدود وبين برلين الغربية وبين برلين الشرقية سور ، ولم يكن يخطر ببال الألمان أن هذه الحدود وذلك السور سيزولان قريبا . وكنت كتبت هذا في روايتي " تداعيات ضمير المخاطب " ( ١٩٩٣ ) . وبعد عام وبضعة شهور زالت الحدود وهدم السور وبيعت حجارته كتذكارات ، كما بيعت ملابس جيش الاتحاد السوفييتي من الروس والألمان الشرقيين بابخس الأثمان .
عندما زرت ألمانيا في أيار ١٩٩٠ سرت ومسؤولة الطلبة الأجانب قرب بوابة براندنبورغ الشهيرة ، فهمست في أذني :
- لم نكن حتى في أحلامنا نتخيل هذا .
الآن ربما خانتني الذاكرة ، ولكن الكتابة لا تخون فالرواية ما زالت موجودة ، ويومها لم يكن يفصل الزمن الكتابي وزمن السرد عن الزمن الحكائي إلا ثلاث سنوات ، لا ثلاثون سنة شخت فيها وشاخت معي أيضا ذاكرتي .
ما زلت أتذكر ( هونيكر ) المريض وخليفته الذي أعلن انتهاء دولة ألمانية الشرقية . هل سيعلن المريض الإسرائيلي انتهاء حلمه بدولة يهودية وقيام دولة لكل مواطنيها ؟
من يدري ؟!
لعل العام الحالي ، العام الجديد ، يحمل جديدا مبشرا ولا يكون امتدادا للعام الذي ولى وأدبر !!
صباح الخير يا بلاد الشام
صباح الخير
خربشات عادل الأسطة
١ / ١ / ٢٠٢٥
***
454- ( ٤٥٤ ) : المخيمات : من .. إلى
صباح هذا اليوم شاهدت الصور التي أدرجها الصديق صاحب دار نشر المتوسط لمخيم اليرموك . استبد بي الفضول فسألته في خانة التعليقات إن كانت حديثة الالتقاط وتصور المخيم على ما يبدو عليه الآن .
زار خالد سليمان الناصري Khaled Soliman Al Nassiry بلاده سورية بعد زوال حكم بشار الأسد والتقط لنفسه صورا هناك ؛ صورة مع جدته وصورة في ميدان وصورا عديدة لمخيم اليرموك الذي زرته مرة واحدة في العام ١٩٧٥ ولم يكن يختلف في حينه عن مخيماتنا في مدينة نابلس .
عندما قلبت صور المخيم قلت :
- لعلها صور تعود إلى عشر سنوات خلت ، ولعل المخيم بعد ذلك أعيد بناؤه .
فجعت من إجابة خالد فالمخيم منذ هدم بالقصف بقي على حاله . بنايات ذات طوابق لا تقل في الغالب عن أربعة تبدو مهدمة الأركان وشوارع متداعية على جانبيها الخراب و ... .
في غزة دمرت المخيمات على رأس من بقي فيها وسويت بالأرض و ... .
ماذا ألم بمخيماتنا منذ النكبة ؟
في أيلول ١٩٧٠ لم يسو أي مخيم بالأرض ، ففي العام ١٩٧٢ زرت مخيم الوحدات وأقمت في مخيم الحسين ، ولكني تابعت أخبار مخيم تل الزعتر في لبنان في العام ١٩٧٦ . لقد مسح بالكامل ومسح مخيم جسر الباشا أيضا ، وفي العام ١٩٨٢ ارتكبت مجازر بحق مخيم شاتيلا وصبرا ، لتبدأ بعد ذلك بعام حرب طرابلس فحرب المخيمات وليرحم الله علي أبو طوق .
هل اختلف الحال في جنين في ربيع ٢٠٠٢ ؟
لم يقصر الإسرائيليون بالتدمير ، وكان ذلك بروفة لما يجري منذ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣ .
المخيمات التي هي عار العالم صارت عبئا عليه وعلى الدولة العبرية ويجب التخلص منها .
قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ بأربع عشرة سنة سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) إلى القاهرة وعرض على الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أن يهييء لأهالي قطاع غزة مخيمات في شبه جزيرة سيناء وألح في الطلب ولم يكن يمزح أو ينكت كما اعتقد مبارك الذي هدده بإلغاء اتفاقية السلام .
قبل عامين من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ سمعت عن زيارة رئيس الوزراء نفسه للعاصمة الأردنية عمان وطلبه من الملك عبدالله الطلب نفسه : أن يعد مخيمات لجوء في الأردن لأهل الضفة الغربية وتحديدا أهالي المخيمات ، فرفض الملك وعاد نتنياهو إلى تل أبيب زعلان .
أمس مساء اقتحمت القوات الإسرائيلية المدينة القديمة في نابلس . حاصرت حارة الغرب واعتقلت وجرحت و... .
وأمس انتبهت إلى الصور التي أدرجها بعض معارفي من كتاب غزة لأنفسهم تبين ما هم عليه في اليوم الأول من العام الجديد . بدا سعيد محمد الكحلوت و يوسف القدرة Yousef Elqedra و محمد الذهبي و يسري الغول مثل ذئاب الشنفرى - الصعاليك في صحراء الربع الخالي " شعثا مغبرين نحيلين / نحلا " و
" فلما لواه القوت من حيث أمه
دعا فأجابته نظائر نحل " / نحيلة .
إن كان ثمة شاهد على نكبة العام ١٩٤٨ فهو هذه المخيمات ، ولهذا ترمي إسرائيل إلى تسويتها بالأرض . ألم يقل الشاعر أحمد دحبور :
" اسمع - أبيت اللعن - راوية المخيم :
افتح له عينيك وافهم ،
هذي الصفائح والخرائب والبيوت
فيها كبرت ، بها كبرت
وفوضتني عن جهنم " .
لا بديل أمام أبناء عمنا إلا أن يعيدوا هؤلاء إلى مدنهم وقراهم . لا بديل على ما يبدو !!
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢ / ١ / ٢٠٢٥
***
455- ( ٤٥٥ ) آن فرانك واحدة ومريمات فلسطينيات كثر
أمس تذكرت كتاب ( آن فرانك ) " يوميات آن فراك " وتساءلت :
- كم طفلة فلسطينية ألم بها ما ألم بالمذكورة .
آن فرانك طفلة يهودية دونت يومياتها في الحرب العالمية الثانية فاحتفل العالم بكتابها أيما احتفال وترجم إلى لغات كثيرة .
كم طفلة فلسطينية عانت في الحرب الدائرة حاليا أكثر بألف مرة مما عانت منه آن فرانك ؟!
هل بترت ل آن يد أو ساق أو فقدت عينا أو هدم بيت عليها فنجت تصرخ في المشفى :
- عمو صحيح قل لي : أنا في حلم واللا في حقيقة ؟
هل شاهدت آن والديها يقتلان على مرأى منها ؟
بين الغزيين الآن عشرات آلاف الأطفال الذين لهم حكايات أمر وأقسى من حكايات آن وتدون الكاتبة مريم قوش يومياتها فانتبهوا لها .
صباحنا يمني ونتمنى أن تتوقف الحرب وأن يعود اللاجئون والنازحون إلى أرضهم ليعيشوا على أنقاض بيوتهم ، فربما تكون هذه هي المواساة التي تعوضهم عن الفقدان والخذلان والجراح والجوع والعطش والبرد و ... .
لم أكتب عن الدجاج المقاوم والدجاج المتخاذل أو الصامت عجزا أو عقلانية أو ... أو ... .
سعر الدجاجة في غزة ٢٠٠ شيكل ، لأنها دجاجة مقاومة ، وسعر الدجاجة في الضفة الغربية ١٠ شيكل لأنها دجاجة متخاذلة عقلانية مهادنة أو عاجزة ، ورحم الله إسحق موسى الحسيني صاحب رواية " مذكرات دجاجة " ( ١٩٤٣ ) الذي اقترحت دجاجته علينا أن نترك المأوى وألا نلجأ إلى المقاومة ، فنصلح العالم أولا فيكون ذلك حلا لمشكلتنا مع الدجاج الغريب الطاريء على المأوى / فلسطين .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٣ / ١ / ٢٠٢٥
***
456- ( ٤٥٦ ) : مخيم البقعة في مواساة أهل قطاع غزة ، إن كان في الكتابة مواساة !!
في صباح هذا اليوم قرأت ما كتبه الدكتور محمود عبد المجيد عساف عن احتماله الرحيل والنزوح وفقدان البيت والمكتبة والجوع ، ولكنه في الليالي الأخيرة في ظل هذا البرد القارس في اليوم الرابع عشر من أيام المربعانية ما عاد قادرا على احتمال البرد الذي تسرب إلى عظامه ، فجعله يتساءل :
- أهي الشيخوخة ؟
عقبت على منشوره :
- كان الله في عونكم . إن كنا نحن الذين نقيم في بيوت فيها الفراش والأغطية والتدفئة نشعر بالبرد القارس يتسلل إلى عظامنا ، فكيف أنتم .
وكتبت أكثر .
شريط الفيديو اللافت هذا الصباح هو لطفلة فقدت أهلها . بترت ساقها وأصيبت أمها في عيونها وحرقت ساقا أخيها وجرحت يد أختها . وهناك شريط آخر لطفلة فقدت أمها واباها واخوتها وبقيت في رعاية جدها . و ... .
أهل غزة في كرب عظيم لا نعرف ما هي حكمة الخالق منه .
قبل يومين كنت في الحافلة فأخذ السائق يلوم من يتمادى من أهل غزة في مخاطبة الذات الإلهية . عقبت على كلامه :
- إن كانت هناك حكمة الهية من وراء ذلك ، فعقلنا قاصر عن استيعابها أو ...
ولا ضرورة لبقية الكلام .
وضع صعب يجعل الحليم أحمق ، ومرة كتبت سميرة عزام قصة قصيرة عنوانها " الحاج محمد يبيع حجته " . لقد مر الحاج في نكبة العام ١٩٤٨ بظروف قاسية دفعته ليشرب الخمر لدرجة السكر . خسر الأرض والمال وصار لاجئا ، فباع حجته . صار يتسلل إلى كروم أرضه ويسرق عنبه ويعصره ويخمره ليشرب .
صباحا قلت اقتبس من رواية حزامة حبايب " مخمل " ( ٢٠١٦ ) وفيها كتابة عن مخيم البقعة بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ .
مخيم البقعة :
" بعد أقل من شهرين من زواجها ، أصابت حوا حكة شديدة أذهبت عنها النوم وجعلتها تتقلب في السرير بالساعات . تفشت في ذراعيها وساقيها مناطق احمرار هائلة . ثم غزت جسمها دمامل صغيرة بعضها خزنت ماء وصديدا . حتى إذا تنزف من الهرش والخمش المتواصلين ، ذهبت بصحبة رابعة إلى الوحدة الصحية في المخيم . لم تخف الطبيبة قرفها وهي تعاينها عن بعد بالمسطرة . كتبت لها مطهرا ومرهما ، واستعجلتها كي تغادر عيادتها . عندما سألتها حوا عن سبب الدمامل والحكة أجابتها الطبيبة بقرف أكبر ، وهي تمسح المقعد الذي كانت حوا تجلس عليه بمحرمة ورقية غمرتها بالسبرتو :
" البق " .
قلبت حوا فرشة السرير على ظهرها ، فارتاعت من النمش الأسود الذي تفشى في أجزاء كثيرة منها . عاينت السرير ؛ فحصت رأسيته المرتفعة كشاهدة قبر .... وعاينت الرأسية الغريضة من الخلف ، فهالتها التجاويف الكثيرة في اللوح الخشبي ، منخور العضب . نكشت أحد التجاويف المتناثرة كغيوم سوداء دخانية بإبرة طويلة ، فانقشعت الغيمة عن سرب من البق زحف بعضه خارجا . مشت بقة فوق كفها . سحقتها حوا بيدها الأخرى فتقيأت الحشرة الميتة دما . فركت حوا خشب السرير كله بخرقة مبللة بالكاز ، كما أشارت عليها رابعة ، فتراجع زحف البق يومين أو ثلاثة ، لكنه سرعان ما استعاد نشاطه وعزيمته في نهش لحمها . أحرقت التجاويف السوداء بأعقاب الثقاب ، بعدما سدتها بالقطن المغمور بالكاز ، لكن عشرات الأعشاش من بيوض البق انتشرت في تجاويف أخرى "( صفحة ٨٢ / ٨٣ ) .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٤ / ١ / ٢٠٢٥
***
457- ( ٤٥٧ ) : أطفال غزة : انظروا هذا الشريط . كلهم أطفال يا الله . يفضح عرض الاحتلال .
هل سأعود مجددا إلى السيرة الذاتية للكاتب اليهودي ( إسحق . ب . سنجر " وعنوانها " طفولة ما في وارسو "
( Isaac B. Singer: Eine Kindheit in Warschau " .
أتمنى الا أكون نسيت لغتي الألمانية وأن يساعدني النظر في قراءة كتاب الجيب الذي اشتريته من مطار فراكفورت في ١٠ / ٧ / ١٩٩١ .
على اليهود الإسرائيليين أن ينعشوا ذاكرتهم بإعادة قراءة ما كتب عن علاقة الشعوب بهم . عليهم أن يقراوا عن الطفل اليهودي الذي كتب عنه أبوهم الروحي ( ثيودور هرتسل ) في روايته " أرض قديمة جديدة " في العام ١٩٠٢ . الطفل اليهودي المتسول في شوارع فيينا .
أيضا الضحايا يتحولون إلى قتلة
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
عادل الأسطة
٥ / ١ / ٢٠٢٥ .
***
457- ( ٤٥٧ ) : السابع من أكتوبر لا يزال حاضرا في القدس
مساء هذا اليوم ال ٤٥٧ للسابع من طوفان الأقصى ٢٠٢٣ يقول المعلق الإسرائيلي في القناة ١٤ ( هاليل روزين ) الآتي :
" السابع من أكتوبر لا يزال حاضرا هنا " - في القدس .
منذ ساعة ونصف عن ( دورون كدوش ) كما ورد في صفحة مؤمن مقداد قرأنا الآتي :
اشتباه تسلل إلى مقر قيادة المنطقة الوسطى في القدس . عدد من الفلسطينيين بدون تصاريح عبروا السور الخارجي للقاعدة الواقعة في شعفاط شرق المدينة . رصد ٧ وتم إلقاء القبض على ٢ .
في الصفحة نفسها بعد أقل من ساعة أورد مؤمن ما قاله ( هاليل روزين ) .
" حول تسلل فلسطينيين إلى البساتين المجاورة لمقر قيادة المنطقة الوسطى في القدس .
ينبغي على قائد القيادة ( آتي بلوت ) أن يقدم تفسيرا لماذا اختبأ معظم جنود المقر في الغرف بدلا من الخروج والسعي لصد المهاجمين ، ولماذا تم استدعاء قوات حرس الحدود للتعامل مع الحادث بدلا من إنهائه من خلالهم . هذا مؤشر خطير " .
القنوات الإسرائيلية تظهر صورا لما آلت إليه جباليا البلد ومخيمها علامة على الانتصار ، والطائرات الإسرائيلية تواصل الغارات والتدمير والقتل والإبادة و ... .
هل يريد ( دراكولا ) المزيد من الدم الفلسطيني ؟ ألم يرتو بعد خمسة عشر شهرا تكتمل غدا ؟
اليوم في مدينة نابلس احتفلت حركة فتح بالذكرى ال 60 لانطلاقتها . كانت الأعلام الصفراء ترفرف ومعها ، على خجل ، العلم الوطني الفلسطيني زينة رايات الأمم ( والله وشفتك يا علمي ... ) . هل ستحتفل الحركة في غزة بهذه الذكرى أم ستعلن وفاتها ووفاة العرب " متى يعلنون وفاة العرب / نزار قباني ؟" .
عندما أسست حركة فتح أراد المؤسسون أن يختصروا " حركة التحرير الوطني " : ح . ت . ف " ويطلقوا الاختصار اسما للحركة ، فكانت المفردة " حتف " ولم يتفاءلوا ، فالحتف هو النهاية . أيعقل هذا لحركة وليدة ؟ أن تولد ميتة !!؟؟ لقد قلبوا ال حتف وصارت فتح ، وبعد 60 عاما صار اللي صار . احتفلت فتح في نابلس وغاب الاحتفال في غزة ، فهناك يعيش الفلسطينيون الحتف يوميا بعد فتح استمر يوما . هل سيغدو اسم حماس ، بعد كل ما جرى ، سماح ؟؟
صرنا نتفذلك ، وهذا هو شر البلية !!
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٥ / ١ / ٢٠٢٥
***
458- ( ٤٥٨ ) : وصارت غزة نموذجا / معيارا يقاس عليه
في بداية طوفان الأقصى كتب كاتب أردني هو عبد الهادي راجي المجالي ، وأتمنى أن يكون الاسم دقيقا ، مقالا خاطب فيه الأنظمة العربية وشعوبها أن يتعلموا الرجولة والكرامة والبطولة و ... و ... من غزة .
اليوم ، بعد عملية الفندق قرب قلقيلية التي أسفرت عن مصرع ثلاثة إسرائيليين وجرح أربعة ، طالب وزير المالية الإسرائيلي ( بتسلوئيل سموترتش ) أن تفعل حكومته ، لكي يشعر سكان كفار سابا اليهود بالأمن ، أن تفعل بالفندق ونابلس وقلقيلية وطولكرم ما فعلته في جباليا وقطاع غزة - يعني قتل السكان أو تهجيرهم وتسوية المدن والقرى بالأرض .
صارت غزة نموذجا ينبغي القياس عليه .
ماذا يمكن أن نقول نحن ؟
في " حالة حصار " قدم محمود درويش اقتراحات عديدة استوحاها من اجتياح المدن الفلسطينية في ربيع ٢٠٠٢ ، وهذا بعضها :
- سيمتد هذا الحصار إلى أن نعلم أعداءنا نماذج من شعرنا الجاهلي ( خضت في هذا السطر كثيرا )
- أيها الواقفون على العتبات ادخلوا ،
واشربوا معنا القهوة العربية
[ قد تشعرون بأنكم بشر مثلنا ]
اخرجوا من صباحاتنا
نطمئن إلى أننا
بشر مثلكم "
- سيمتد هذا الحصار إلى أن
يحس المحاصر ، مثل المحاصر ،
أن الضجر
صفة من صفات البشر .
- " أنا ، أو هو "
هكذا تبدأ الحرب . لكنها
تنتهي بلقاء حرج :
" أنا وهو " .
- سيولد طفل ، هنا الآن ،
في شارع الموت ... في الساعة الواحدة .
- [ إلى حارس : ] سأعلمك الانتظار
على باب موتي المؤجل
تمهل ، تمهل
لعلك تسأم مني
وترفع ظلك عني
وتدخل ليلك حرا
بلا شبحي !
- [ إلى حارس آخر : ] سأعلمك الانتظار
على باب مقهى
فتسمع دقات قلبك أبطأ ، أسرع
قد تعرف القشعريرة مثلي
تمهل ،
لعلك مثلي تصفر لحنا يهاجر
أندلسي الأسى ، فارسي المدار
فيوجعك الياسمين ، وترحل .
هل سيشغرون بالضجر ؟
هل سيوجعهم الياسمين ويرحلون ؟
في ١٩٦٦ كتب الشاعر قصيدته " جندي يحلم بالزنابق البيضاء " وفيها يسأل الشاعر الجندي :
- انلتقي ؟
فيجيبه الجندي :
- في مدينة بعيدة !
ترى من سيرحل ؟ نحن أم هم ؟
الحكاية طويلة وفي علم الغيب .
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٦ / ١ / ٢٠٢٥
عادل الاسطة
==========
430- ( ٤٣٠ ) : من قال : "لا أدري" ، فقد أفتى
431- ( ٤٣١ ) : القمل والثلج ١٩٤٨ : رسمي أبو علي "الطريق إلى بيت لحم"
433- ( ٤٣٣ ): قسوة حياة أهل قطاع غزة وحشرة ( فرانز كافكا
433- ( ٤٣٣ ) : غسان كنفاني: "القميص المسروق" مواساة أهل قطاع غزة
434- ( ٤٣٤ ) : تربية أهل غزة تربية إسبارطية
435- ( ٤٣٥ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : عن الفقر وسوء التغذية / يحيى يخلف
436- ( ٤٣٦ ) : في مواساة أهل قطاع غزة : النكبة المستمرة المتواصلة
437- ( ٤٣٧ ) : كأن الحرب بدأت من جديد
438- ( ٤٣٨ ) : الفرقة 98 تغادر لبنان إلى قطاع غزة
438- ( ٤٣٨ مساء ) محو مخيم جباليا
439- ( ٤٣٩ ) : قمة الإنسان هاوية:
440- (٤٤٠) : احتلال نابلس
441- ( ٤٤١ ) : أمطار غزيرة منذ ساعتين
442- ( ٤٤٢ ) : بطولات جباليا
443- ( ٤٤٣ ) : عمر عساف بين رصاصين ؛ رصاص الأهل ورصاص الأهل
444- ( ٤٤٤ ) : لم تنته الحرب
445- ( ٤٤٥ ) : ليست إذن أفلاما هوليودية
446- ( ٤٤٦ ) : بروفة للطوفان القادم : التخييم لمدة شهر
447- ( ٤٤٧ ) : خسرت حلما جميلا
448- ( ٤٤٨ ) : أيمن أيمن الجدي
450- ( ٤٥٠ ) : فارس عودة و د.حسام أبو صفية
451- ( ٤٥١ ) غزة والخروج من العالم
452- ( ٤٥٢ ) : الصحفية آية أبو طاقية : لا أحد يصرح بأسمائنا
453- ( ٤٥٣ ) : ٢٠٢٥ / 2025
454- ( ٤٥٤ ) : المخيمات : من .. إلى
455- ( ٤٥٥ ) آن فرانك واحدة ومريمات فلسطينيات كثر
456- ( ٤٥٦ ) : مخيم البقعة في مواساة أهل قطاع غزة ، إن كان في الكتابة مواساة !!
457- ( ٤٥٧ ) : أطفال غزة : انظروا هذا الشريط . كلهم أطفال يا الله . يفضح عرض الاحتلال .
457- ( ٤٥٧ ) : السابع من أكتوبر لا يزال حاضرا في القدس
458- ( ٤٥٨ ) : وصارت غزة نموذجا / معيارا يقاس عليه