د. محمد عباس محمد عرابي - حكمة كبار السن "عمي صديق عرابي "أنموذجًا... من أرشيف الذكريات!!

إعداد د/محمد عباس محمد عرابي

كلام الكبار حِكَمٌ، ويقول الكبار: "من ليس له كبيرا يشتر له كبيرًا "، ومن لم يسمعْ كلام الكبار يتعبْ.
أقول ذلك استدعَاء لذكريات الزمن الجميل حينما تذكرت عميالكبير صديق محمدعرابي الذي كان أكبر أعمامي، وكان (رحمه الله) كريمًامعطاءً،يكرم ضيفه ويبالغ في إكرامه ،وكان يتسم بحرصه الشديد على صلة الرحم، حيث كان يتفقد أهله وأقاربه وخاصة وبصفة دائمة في المناسبات الاجتماعية، والمواسم والأعياد، وكان (رحمه الله) بارًا بأمه كبيرة السن يزورها كل جمعة خلال عطلة العمل الأسبوعية حينما كان ينزل من المدينة للقرية التي نسكنها.
وكان (رحمه الله) سريع البديهة حكيمًا في أقواله وأفعاله، وهذا ليس بغريب عليه فقد عرك الحياة وعركته فأصقلته ،وأكسبته تجارب الحياة حكمة وحنكة وخبرة بحقائق الأمور ،ودراية ببواطن الأشياء المغلفة ،حيث كان ذا خبرة كبيرة في تمييز الغث من السمين ،ولديه قدرة ملفتة للانتباه في إعطاء كل أمر ما يستحقه ،والحكم على الأشياء والمواقف بعقل سليم ومنطق سديد .
وقد لفت انتباهي من نعومة أظفاري منذ من أكثر من نصف قرن أنه (رحمه الله) متصدرًا الحدث في صدر المدفع – كما يقولون -، وكان يحرص على السؤال عن المريض ،ويعطي المحتاج ،ويقف بجوار المكروب ،ويتصدى لحل المشكلات ومعضلات الأحداث ،وكان يواسي المنكوب ،ويجبر الخواطر .
وكان "رحمه الله (لماحًا )يتابع أطفال العائلة ،ويتابع سلوكياتهم ،ويصف كل طفل بصفاته التي أدركتها بفراسته ،وبالنسبة لي وأنا قبيل العاشرة ،كان يقول علي أنت خام ،أسنانك لا تقطع على الفطرة البحتة ،وهو أول من سمعت منه ليس كل من ضحك في وجهكصفا لك .وكان يحث على الجد والاجتهاد في التعليم ،وكان يحث على الاستفادة من تجارب الحياة وشدائدها ،وكان يحث على إتقان العمل ،والحزم فيه وعدم التهاون لأن لك يؤدي إلى النجاح .
وكان دائما يوصينا بأن نتعامل مع الأمور بما يناسبها ،وأن نعطى الأمور ما تستحقه ؛فهناك أمور في الحياة تتطلب اللين والرفق ،لا يصلح معها الشدة ،وهناك أمور تتطلب الحزم وعدم التراخي .
رحم الله جيل الطيبين الذين عاشوا في الزمن الجميل، فكانوا رجالا يقطرون شهامة ورجولة وحكمة.
وليت الأجيال المعاصر تستفيد من نصائح الكبار؛ فهم يعطون خلاصة تجاربهم في الحياة.
رحم الله "عمي صديق عرابي، وأسكنه فسيح جناته، وبارك في ذريته؛ اللهمآمين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى