د. مرجان أزرم نوايي
القصيدة: "هأنذا أفتقدني"
تجسد هذه القصيدة رحلة شاقة داخل الذات، حيث تتصاعد التوترات العاطفية بين الذكرى والفقد، وبين الحنين إلى لحظات ماضية مليئة بالسلام الداخلي الذي تلاشى. "هأنذا أفتقدني" ليست مجرد عنوان مكتوب، بل هي حالة شعورية تتجسد فيها حالة من الغربة العاطفية التي لا تُحتمل. إنها صرخة عميقة من روحٍ تبحث عن نفسها في غياهب الذكريات.
اللغة والإيقاع: تبدأ القصيدة في سكونٍ هادئ، بالكلمات البسيطة التي تخترق أجواء الذاكرة، كما لو أنَّ الشاعرة تهمس لنفسها، فتغرق في بحور الماضي. "أفتقدني" هي اللفظة الأساسية التي تتكرر، لتتحول إلى لحظة انعكاسٍ ذاتي، تتساءل فيها الشاعرة عن ذاتها المفقودة بين يدي الآخر، فتغدو القصيدة كأنها انعكاس لمرآةٍ مشوهة تكشف عن الذكريات المتناثرة التي لا تستطيع إعادتها الحياة.
البناء الفني والهيكل الشعري: القصيدة لا تتبع تقاليد الشعر الكلاسيكي أو الحداثي التقليدي، بل تنساب بشكل حر، لتقدم لنا فكرة عن الزمان والمكان كعناصر غير ثابتة. إنَّ هيكل القصيدة يشبه انكسار الزمن الذي لا يتبع المسار الطبيعي، بل يقفز بين ذكريات عميقة ثم تنطفئ فجأة، لتترك وراءها هالة من الفراغ. هذه التقنية تواكب رحلة الشاعر في عملية البحث عن ذاته، ومن خلال تكثيف الصور واللحظات، تتشبع القصيدة بالمشاعر الطيّعة التي تمنحها قوتها الحقيقية.
الصور الشعرية والرمزية: "وجهك الفستقي" و"التهويدات المسافرة" هما من أروع الصور التي يتجلّى فيها الذكاء الفني للشاعرة. فالصورة الأولى تفتح نافذة إلى عالمٍ من الحنين إلى محبةٍ كانت خضراء، دافئة، وكأنها انعكاس لجمال الربيع. أما الصورة الثانية "التهويدات المسافرة" فهي بمثابة سفينةٍ تحملنا إلى عالمٍ غير مرئي، حيث تتطاير الذكريات كما الطيور التي لا تجد مكانًا للعودة إليه. إنها صورة مليئة بالتحليق الطفولي والبحث عن مأوى.
المعاني الفلسفية والتأملات الذاتية: إن الأبعاد الفلسفية التي تعرضها الشاعرة تنم عن حوارٍ داخلي مع الذات، فالمقصود هنا ليس فقط الحنين إلى الآخر، بل أيضًا إلى جزءٍ من الذات كان يعيش في تناغمٍ مع المحبوب، ولا يعود إلا في لحظات الحلم. الشاعرة هنا لا تشتكي، بل هي في حالةٍ من الهدوء الداخلي تتأمل في الماضي دون أن تسعى لاستعادته. "لا أريد أمًا أخرى" تعبيرٌ عن استغناءٍ داخلي، ربما يعكس حالة من الاكتفاء والقبول بالماضي كما هو.
الختام والتأثير العاطفي: تنتهي القصيدة في لحظةٍ مكثفة وموحية، "أفتقدني إلى الأبد!"، هذه العبارة تحوي في طياتها ألمًا وجوديًا، حيث يكون الفقد ليس فقط للمحبوب، بل أيضًا للذات، وللحالة التي كانت فيها الحياة أكثر صفاءً. وكأن الشاعرة تصرخ في أعماق نفسها: إلى متى سأظل عالقًة بين تلك الذكريات؟ لكن هذا السؤال لا يلقى جوابًا. تتلاشى القصيدة في السكون، لتترك القارئ في حالة من التفكر العميق.
الخاتمة: قصيدة "هأنذا أفتقدني" هي تجسيد لحالة من الفقد والحنين العميق الذي يتسلل إلى جوهر الذات. إنَّ أسلوب الشاعر يذكّرنا بتلك اللحظات العابرة في حياتنا، التي لا يمكن الإمساك بها ولكننا نعيشها في داخلنا كما لو كانت جزءًا منا. في هذه القصيدة، نجد نوعًا من الخضوع للهزائم الداخلية، ولكن أيضًا نوعًا من القوة في أن يعترف الشاعر بهذا الفقد.
--------
"هأنذا أفتقدني"
هأنذا
أفتقدني
ترى ما مدى فراغ
مكان يديك على جبهتي وشعري؟
أفتقد عناقك
ووجهك الفستقي
أفتقد نظرة بارميريت
وضحتك
الجميلة
وجع قلبك
والتهويدات المسافرة
لا أريد أمًا أخرى
أنا لا أشتكي
ولا أحب الأوقات
أفتقد أريد صوتك المبحوح
حلمت
بالسعادة الليلة الماضية وهو يرن في قلبي
جميلة مثل طفولتنا
بشعر ذهبي طويل
وقميص مطوي
والأزهار
لا تزال رائحتها
مثل الربيع البرتقالي
كان الأمر كما لو كان شهر مايو نفسه
رغم أني لا أريد الاستيقاظ
ولكنني
أفتقدني إلى الأبد!
د. مرجان أزرم نوايي
القصيدة: "هأنذا أفتقدني"
تجسد هذه القصيدة رحلة شاقة داخل الذات، حيث تتصاعد التوترات العاطفية بين الذكرى والفقد، وبين الحنين إلى لحظات ماضية مليئة بالسلام الداخلي الذي تلاشى. "هأنذا أفتقدني" ليست مجرد عنوان مكتوب، بل هي حالة شعورية تتجسد فيها حالة من الغربة العاطفية التي لا تُحتمل. إنها صرخة عميقة من روحٍ تبحث عن نفسها في غياهب الذكريات.
اللغة والإيقاع: تبدأ القصيدة في سكونٍ هادئ، بالكلمات البسيطة التي تخترق أجواء الذاكرة، كما لو أنَّ الشاعرة تهمس لنفسها، فتغرق في بحور الماضي. "أفتقدني" هي اللفظة الأساسية التي تتكرر، لتتحول إلى لحظة انعكاسٍ ذاتي، تتساءل فيها الشاعرة عن ذاتها المفقودة بين يدي الآخر، فتغدو القصيدة كأنها انعكاس لمرآةٍ مشوهة تكشف عن الذكريات المتناثرة التي لا تستطيع إعادتها الحياة.
البناء الفني والهيكل الشعري: القصيدة لا تتبع تقاليد الشعر الكلاسيكي أو الحداثي التقليدي، بل تنساب بشكل حر، لتقدم لنا فكرة عن الزمان والمكان كعناصر غير ثابتة. إنَّ هيكل القصيدة يشبه انكسار الزمن الذي لا يتبع المسار الطبيعي، بل يقفز بين ذكريات عميقة ثم تنطفئ فجأة، لتترك وراءها هالة من الفراغ. هذه التقنية تواكب رحلة الشاعر في عملية البحث عن ذاته، ومن خلال تكثيف الصور واللحظات، تتشبع القصيدة بالمشاعر الطيّعة التي تمنحها قوتها الحقيقية.
الصور الشعرية والرمزية: "وجهك الفستقي" و"التهويدات المسافرة" هما من أروع الصور التي يتجلّى فيها الذكاء الفني للشاعرة. فالصورة الأولى تفتح نافذة إلى عالمٍ من الحنين إلى محبةٍ كانت خضراء، دافئة، وكأنها انعكاس لجمال الربيع. أما الصورة الثانية "التهويدات المسافرة" فهي بمثابة سفينةٍ تحملنا إلى عالمٍ غير مرئي، حيث تتطاير الذكريات كما الطيور التي لا تجد مكانًا للعودة إليه. إنها صورة مليئة بالتحليق الطفولي والبحث عن مأوى.
المعاني الفلسفية والتأملات الذاتية: إن الأبعاد الفلسفية التي تعرضها الشاعرة تنم عن حوارٍ داخلي مع الذات، فالمقصود هنا ليس فقط الحنين إلى الآخر، بل أيضًا إلى جزءٍ من الذات كان يعيش في تناغمٍ مع المحبوب، ولا يعود إلا في لحظات الحلم. الشاعرة هنا لا تشتكي، بل هي في حالةٍ من الهدوء الداخلي تتأمل في الماضي دون أن تسعى لاستعادته. "لا أريد أمًا أخرى" تعبيرٌ عن استغناءٍ داخلي، ربما يعكس حالة من الاكتفاء والقبول بالماضي كما هو.
الختام والتأثير العاطفي: تنتهي القصيدة في لحظةٍ مكثفة وموحية، "أفتقدني إلى الأبد!"، هذه العبارة تحوي في طياتها ألمًا وجوديًا، حيث يكون الفقد ليس فقط للمحبوب، بل أيضًا للذات، وللحالة التي كانت فيها الحياة أكثر صفاءً. وكأن الشاعرة تصرخ في أعماق نفسها: إلى متى سأظل عالقًة بين تلك الذكريات؟ لكن هذا السؤال لا يلقى جوابًا. تتلاشى القصيدة في السكون، لتترك القارئ في حالة من التفكر العميق.
الخاتمة: قصيدة "هأنذا أفتقدني" هي تجسيد لحالة من الفقد والحنين العميق الذي يتسلل إلى جوهر الذات. إنَّ أسلوب الشاعر يذكّرنا بتلك اللحظات العابرة في حياتنا، التي لا يمكن الإمساك بها ولكننا نعيشها في داخلنا كما لو كانت جزءًا منا. في هذه القصيدة، نجد نوعًا من الخضوع للهزائم الداخلية، ولكن أيضًا نوعًا من القوة في أن يعترف الشاعر بهذا الفقد.
--------
"هأنذا أفتقدني"
هأنذا
أفتقدني
ترى ما مدى فراغ
مكان يديك على جبهتي وشعري؟
أفتقد عناقك
ووجهك الفستقي
أفتقد نظرة بارميريت
وضحتك
الجميلة
وجع قلبك
والتهويدات المسافرة
لا أريد أمًا أخرى
أنا لا أشتكي
ولا أحب الأوقات
أفتقد أريد صوتك المبحوح
حلمت
بالسعادة الليلة الماضية وهو يرن في قلبي
جميلة مثل طفولتنا
بشعر ذهبي طويل
وقميص مطوي
والأزهار
لا تزال رائحتها
مثل الربيع البرتقالي
كان الأمر كما لو كان شهر مايو نفسه
رغم أني لا أريد الاستيقاظ
ولكنني
أفتقدني إلى الأبد!
د. مرجان أزرم نوايي