غازي سلمان - حين يكون المكان محفّزاً سردياً لـ (عرگشينة السيّد)*

(السرّ يكمن في التعلّق بالمكان، تبعه التعلّق بمروياته كلّها. فأنا مغرم بمكان اسمه العمارة، ومن ورائه الجنوب كلّه. وسيبدو طبيعياً الشغف بكلّ ما يحيط بهذا المكان وما يصدرعنه..)1

1739732340649.png


لم يستعن الكاتب (سلمان كيوش)** بـ عرگشينة السيّد – لكي يستعيد مكانا لم يولد ولم يعش فيه، الا ليبث في نفسه نشوة راحة ما وسلوى تهدّئ لوعة وجده للمكان (العمارة) التي عشقها سماعا، مذ طفولته، وتوكيدا لحميمية الانتماء اليها، مستثمرا خزين ذاكرته عنها، الثري بحكايات وتصورات عائلته الجنوبية المولد التي تحولت الى حكاية لمخيّلته، ومن ثم تشكلت سردا، حكاية ربما كانت قد حدثت فعلا او انه أوهمنا بحقيقة حدوثها حين تحررت (العمارة) من شرانق الذاكرة، لغةً تأنقت باللهجة الجنوبية، شعرا وأبوذيات ووصفاً وحوارات مكثفة، متوسلا الامكنة بواقعية مسمياتها، كعلل سردية لاستمرارية الحكي مشفوعة بمكلة التخييل الخلاقة، فالمكان الروائي يتخلق باللغة من خلال قدرتها على الإيحاء، إذ لم يؤثث الكاتب سرديته بأمكنة مفترضة بل كانت جميعها امكنة موضوعية، واقعية، مكّنت المتلقي من ان يشير اليها حقا، (الماجدية، ام گعيدة، شارع دجلة وغيرها، حتى انه وصف بلسان الرواي"سلمان الفريجي" مكان بيته "حيث يقيم حقا" في حي اور قريبا من جامع عمار بن ياسر، يصفه ليستدله ضيفه (السيد الناجي) الشخصية الرئيسية في الرواية، القادم اليه من العمارة: (البيت ما يتيّه، فهو الزقاق السادس بعد الجامع، وان الزقاق مسدود بصبات كونكيريتية..) ص 47
لكن الكاتب ولادراكه خصوصية التعامل مع المكان الواقعي، فلا بد وان يمارس سلطته المطلقة على النص كسارد، ليثير فيه تأثيرا ايهاميا، عبر اخضاعه لعديد من الكيفيات والتوصيفات، فأثثه باخيلة، صور، واحلام غير متحققة، مجتهدا في اضفاء منحى من الوعي الجديد المحمّل بآليةِ الغوص في اعماق الذات، ليتحقق عناق ذاكرته مع المكان، كي يكتسب صفات مغايرة، لم يكن ليألفها متلقيه في صورتها الواقعية الذي سيجد له دورا في اعادة تخليقها، مكتشفا ان الرواية تعبر عما يرغب هو فيه حين لن يكون بمقدوره ذلك، وهو ما يعضد علاقته بالنص الروائي ذاته عبر التحاور والجدل، حينها يغادر المكان الخارجي ذاكرة الكاتب التي لم تعد تسعه، ليحط على عتبات رؤى كل من الكاتب والمتلقي معا:
السيد الناجي: (سوّيت الجسر حرثة كل يوم. قبل موعد قدومها، اعبره بالاتجاهين، اقفُ على قمته وأوزع انظاري بين الشط ووجوه الناس يتحول الناس الجسور الى كائنات جميلة وهم يتخلون عن نفاد صبرهم والكثير مما بهم من شرّ. تداهمهم ثقة كبيرة بأنفسهم وبغيرهم على الجسور، وربما بسبب تقوسها او بسبب الوهم الكبير في الجسور، فهي ليست ارضًا حقيقية مادامت مرتفعة.... والأكثر احتمالا لأنها قصيرة عادة فتذكرنا بقصر اعمارنا لأنها تشبه الگناطر المنصوبة التي نعبرها نحو الموت..) ص60
(.. الجسور برازخ يانصيبيّة، قد تخبئ الهلاك وقد تضمر الجذل الموصول، الجسور ممرات غسقية مقوسة لا تدرون أتفضي بكم الى العتمة العمياء أم الى النور المشعّ..) 85
وقد تبينت أهمية المكان في هذه الرواية، من خلال استئثار الجسر بمساحة سردية واسعة، تحول لاحقا الى عنصر سرد جوهري ومحدد اساسي للمادة الحكائية، بل غدا مفهوما اجرائيا لها، شكلته البنية السردية بما تضمنته من شبكة من العلاقات الانسانية التي تنم عن نشاط فاعل لشخصياتها، وهو ما اثرى النص بالرموز والدلالات، وتسبب بقطيعة مع مفهوم المكان السيميائي وكديكور. وبذلك حازت الرواية قدرتها على اثارة قضايا المكان على المستويين الفني والاشاري، إذ اتخذ الكاتب من ذاكرة شخصيته الرئيسية (السيد الناجي) بؤرة سردية وديناميكيا الحبكة برمتها، فكل ما كان على السيد الناجي ان يستذكر الجسر كمكان حميمي، نهض بمهمة التحفيز السردي. اذ لاح بدءا للمتلقي في الصفحة الـ 25: (كنا قريبين من الجسر قبل ان ندلف في شارع دجلة..) قدمه الكاتب هنا، اطارا جغرافيا، تعريفيا فحسب، لكن ما لبث ان باغتنا في استمرارية حضوره منذ الصفحة الخمسين (على جسر العمارة الجديد، في صباح يوم شتائي بارد كانت البداية فقد توثقت علاقتي بالعالم.. ) وحتى انتهاء الروي، إذ سيظل الجسر ينفح حبكة السرد بشذى الحياة دون ما انقطاع، بذات الوقت كان السيد الناجي يستفز حاضره الموجوع بمسرات الماضي وهو يبوح لصاحبه الراوي حكايته، فراح بدوره يتوسل استرداد (الجسر) المحبب والأثير لديه، لانعاش ذاكرته معللا حميمية ارتباطه المنطقي به، ومحققا نشوتيْ: احياء الماضي المتوطن في فضائه، وجاذبية اعادة تأثيثه بكل تفاصيل لحظات حكاية حبّه التي ائتمن الراوي عليها، حين استودعه كل تفاصيلها الخبيئة عميقا في ذاكرته :-).. لديّ ما يشبه اليقين أنّي لن أراها، لذا ُنبّ عنّي) ص6 ، وعلى امل ان يتمكن الراوي في تدبيجها كرواية، مبتكرا وسيلة تقاوم الموت، وموقنا ان استرجاع الماضي روائيا يعني عيشه ثانية، وبحسب "باشلار" ان (التّأثر العاطفي الذي يلوّن مكاناً ما، سواء أكان حزيناً أو مضجراً، فما دام قد تمّ التّعبير عنه شعرياً، فإنّ الحزن يتناقص، ويخف الضّجر)
والى جانب الجسر يأخذ نهر دجلة، بل الماء تحديدا، دوره كثيمة سردية مؤثرة في نسج "عرگشينة السيد" ومطرزات حبكتها ومتغيرات مساراتها، مزاحما في اهمية حضوره بؤرية الجسر، مشكلا واياه ثنائية منحت النص افقه التخييلي الاستعاري والفلسفي والرمزي معا مثلما ساهمت في تكثيف المعنى وتوكيد ايقاع شعرية بوح السيد الناجي المتوجع بوطأة الإحساس بالفقد، وتحيّن فرصة تحقيق رغبته في التماهي مع مياه النهر، قلب الجسر النابض بالحياة، والرحم الدافئ "فالسيد وقع في ماء محبة حبيبته منذ أول نظرةٍ رآها على الجسر" وكأنه يتمرى الماء ليجدها فيه، فلم تعد كل الامكنة المعيشة تعني له شيئا بعدُ، الاّ الماء، احتضن كل منهما صاحبه باحتفاء حميمي لذيذ، فاتضحت تلك العلاقة الملتبسة بين الحياة والماء، باعتباره مانحا لها من جهة، ومسببا الموت من جهة اخرى فـ(الصوت الاعلى فيك يجب ان يكون للماء، فهو الاوضح، او الاكثر في الاقل، كأن الموت في الماء اقرار وشهادة بفضله الكبير علينا، لذا فانت شهيد إن حبس الماء أنفاسك..) الرواية ص76،
يسأله حارس مضخة الماء المحاذي للنهر عن الغرض من وجوده على حافة النهر، فيجيبه السيد الناجي بلهجته الجنوبية:
(..الماي يحاچيني.. اريد اجدّد روحي بنور الماي الماتشوفونه.. آنه أشوفه هسّه عالي ويتلامض.. وهيَّه بيه، تَرى،) ص192 أكان يرى فيه ابنته خديجة المتوفاة حية ترزق، أم هي (حبيبته) تتراءى له في الماء؟
وان تنوعت الامكنة في الرواية على قلتها وتوزعها بين بغداد والعمارة، فما تقلص دورها بل تأكدت وظيفتها واصبح لكل منها ايقاع مغاير في اطوار السرد، تَراوحَ بين العلوّ والخفوت، نتسمع صداه عند "صومعة" الجسر، متداخلا مع احداث كانت قد وقعت في امكنة وازمنة مختلفة افصحت عنها اصوات المتحاورين وهما على الاعم (الراوي سلمان الفريجي والسيد هاني الناجي)، كي يغذي الكاتبُ من ذلك كله روافدَ المحكي المتعددة، الامر الذي انتج تشظيا للمشاهد المستحضرة، مثلما افضى ذلك الى تصاعد حركة مويجات المتخيل الحكائي ومن ثم الى إبعاد الحدث المركزي عن مشاق الدوران الممل حول مسارات الحبكة، بل غاص في عمقها واختط مسارا واكثر، لبلوغ ذروتها. في حين بدت "الاماكن الهامشية"، مثل بيت "الراوي وزوجته" وبيت "السيد الناجي وزوجته وابنته"، تابعة لسردية السيد الناجي، مثلما هي بقية الشخصيات الهامشية ايضا، فزوجة السيد الناجي، بدت مستلبة نفسيا لكنها صبورة ومثابرة، وبلا موقف مؤثر ازاء شكها بحب زوجها لغيرها، وتبدت كجسد بشري متوحد مع جسد ابنتهما الذي هتكه المرض الخبيث، وهي كما يصفها السيد هنا:
(العلوية قوية كالشمس،مع ما بها من ضعف مزرٍ، قوتها تكمن في وضوحها السهل، لا يغادرها الاحساس أنها على وشك فجيعة من نوع ما كأي فلاحة، لا تأمن للمستقبل مع انها تبدو منشرحة القشرة، لمزاجها اتجاه واحد فقط، تعرفه وتؤمن به او انها لا تريد تصديق غيره او تجربه..) 145
هكذا صارت كل الامكنة التي تعايش معها السيد الناجي جزءا مما يفكر فيه ويذهله ويعشقه وينفر منه، ويتصادم معه، فالشخصية الروائية تتمثل المكان وتستبطنه باعتباره بيئة اجتماعية، لها هويتها المتفردة، تضم جميع الفعاليات الانسانية، التي لا بد وان تؤثر على انساق النص الروائي، وكذا الانسان بطبيعة الحال درج على ان يُخضع المكان بكل موجوداته ونظمه الى ارادته، يتضح ذلك من خلال ترك بصماته في احداثياته، حيث ظل الجسر والنهر يخفقان حيّين في النص وموئلا للتعريف بشدة معاناة السيد الناجي النفسية وعلاقاته بالاخرين، وملاذه الوحيد والاخير، هروبا من بيته الذي راح يضيق ويضيّق عليه، مشحونا بمرارة الحزن على حياة ابنته وقد توفيت، وفقدانه شجن التعاطف معه، في بيئته وقد ابتلى بالعشق، كان يجد نفسه وهو على الجسر متاملا مياه النهر في فضائه الذي تمكّن من التآلف معه ليمنحه راحة وطمأنينة، يتنفس معها هواء نقيا بدلا من انفاس البيت الذي تشعره بالوحدة والتوجع والضياع.
ومنذ وهلة اللقاء الاول بين "السيد الناجي" و الراوي "سلمان الفريجي" اثناء مراجعة الاخير لدائرة نفوس العمارة، لاكمال معاملة تصحيح اسم امه من (خوشية الى حوشية) إذ تمكن السيد الناجي من تصحيحه بنفسه في بيته، منذ ذاك اللقاء والكاتب ظلّ مصرا على مزيد من التعريف به:
(كان يقف خلفي تماما، رجل مثل عمري،او اقل قليلا، يوحي هدوؤه بهيبة عاقلة، اسمر، في عينيه اتساع، اللافت فيه ان انفه مستقيم وحاد النهاية تلوح على مجمل ملامحه ابتسامة ثابتة، سمعته يهمس قريبا من أذني ويده على كفي.. لا تروح.. انتظرني) ص17
فبهذه العبارات قدم لنا الكاتب شخصية السيّد الناجي على لسان "سلمان الفريجي" وهي بطبيعتها تشي عن تعريف اخباري به، الا انه لم يكتف بذلك لاتمام تخليق شخصيته، بل منحه الحرية في البوح ليحكي، مستثمرا تقنية الحوار المسهب، مقدما نفسه بوعيه هو، ليتجاوز السيد ذاته، ويعرفنا بحقائق عن طبيعة أمكنة كثيرة وشخصيات متعددة تلازمت جميعها معه، ولمساحة سردية مثلت حبكة الرواية كلها، توضحت من خلالها امام المتلقي ملامح شخصية السيّد الناجي دون الاتكال فقط على دور محاوره المثقف البارع الذي اتخذه الكاتب شاهداً وراوياً حاضرا في آنٍ واحد، مقتنصا الفرصة تلو الاخرى لاستفزاز مكنونات ذاكرة محاوره، ولولا تقاطع حديث – الراوي السارد – مع بوح السيد الناجي لحسبناه انثيالات منولوجية شخصية، اكثر منه حوارا معه، قد وشت عن عالمه النفسي المكتظ بتناقض شخصيته باعتباره سيدا (نسبة الى سلالة الرسول "ص") مع البيئة الاجتماعية التي يعيش، فهو شارب للخمر، ومرتبط بعلاقة حب مع فتاة تعمل معلمةً، رغم انه متزوج، حتى ان زوجة الراوي قالت عنه (... هو سيّد لو كَشتل..) ويصرح السيد الناجي عن نفسه:
(الكثير ممن اعرفهم يشمئزون مني، يجدون صعوبة كبيرة في جمع عشقي وسيوديّتي النسبية، وكأن مقياس التديّن لديهم محسوم ومرهون بالقدرة على النفور من المرأة، هذا للعامة من الناس، اما مع السادة فالأمر مختلف، على السيّد ان يضاعف نفوره، عليه ان ينظر للنساء على انهن وباء او صنو الشيطان وتمظهراته وان حصل وعشق السيد فالكاولي اشرف منه واطهر..)..(... اجزم اني بخطيئتي العشقية التي يفترضونها وشربي للخمر أحيانا، اجدني اقرب الى الله من هؤلاء..) ص78كما سنتعرف على شخصيته المسالمة حتى مع من حاول قتله فقد أخفى حقيقة حادثة الاعتداء عليه، عن أبناء عمومته، منعا لانتقامهم من ذوي حبيبته، وهو المحب الودود لعائلته، والمتصالح مع ذاته الوفي لما يعتقد به، برغم من (سيوديّته) ورومانسيته الطافحة.
وهو كتوم ما أفشى اسم حبيبته برغم اصرار محاوره على مساءلته عنه فأبقاه حائرا كمن يحاول ابتكار عطر من المكونات الموصوفة له وليوفر للمتلقي حزر اسمها:
(أتريد معرفة أسمها؟ اجمع، إذا، ملوحة العمارة، والجنوب كله، والدهلة فيها، اجمع احتشاد ملايين الطيور الحرّة في سمائها وأهوارها، اصغِ للحفيف الناعم الذي تطلقه السنابل حين تميل برؤوسها في أوان نضجها قبل الحصاد، اجمع السبّاح المورق المزهر على جروف شطوطها وخرورها.. خذ ريش أجنحة الحذاّف والبراهين وطويرة بت الشيخ، استمع لغناء العمارتليين في ليالي اكتمال القمر وهم يصدّون عن أنفسهم انسلال الخوف من الظلمة وما توحي به من تمظهرات شبحية. خذ من الغيم الأبيض قدرته على حجبه المؤقت سماءً زرقاء صافية في صباحات ربيعية وستعرفه./ 84)
وحين يعجز محاوره عن معرفة الاسم مستسلما، يختزل السيّد الناجي له الوصفة برائحة المكان ذاته، ويضعه في دوامة حيرة اشد:
(أنها رائحة العمارة وحدها، فأنا لا أجدها في أي مكان غيره. لن أوجزها مهما حاولت، ولن أنجح في وصفها أبدا. هي أقرب ما تكون للرائحة التي اعتدت شمها في شيلة أمي وعنقها وصدرها كلما احتضنتها”) ص90”
وبهذا المعنى الزاخر تكون كل الامكنة قد اختزنت انبثاق احلام السيّد الناجي وحبيبته، وانسحاق آمالهما على صخرة واقعهما الصلد اللامبالي
-------
* رواية (عرگشينة السيّد) ط 3 . صدرت عن دار قناديل بغداد، عام 2019
** الكاتب سلمان كيوش: روائي وأكاديمي ومترجم، ولد في بغداد عام 1958، حصل على شهادة الدكتوراه في التربية وعلم النفس، يعمل تدريسيّاً في كليّة التربية ابن رشد، جامعة بغداد
عضو في نقابة المعلّمين، ونقابة الصحفيين، والاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق.
- . ترجم كتباً عدة بينها (عرب الهور) للرحّالة البريطاني ولفريد ثيسيغر، و(حكايات من القلوب وإليها) للمؤلفة الأميركيّة أليس گري، و(القلق الوجودي) للفيلسوف الأميركي جيمس بارك، و(غذاء الروح) لمجموعة من المؤلفين جمعها كلٌّ من جاك كانفيلد، ومارك فكتور هانسن، و(الدافعية الذاتية) للقس الأميركي أوريسون سويت ماردن
- . أصدر، عام 2015، مجموعة قصصيّة واحدة بعنوان (مَرادي المعيَّل). وكتاب (مصقولة بطعم الحنظل) عام 2017، وهو مجموعة سيَر لمجموعة من أساطين الغناء في الجنوب العراقي.
1. 1. قاء مع الكاتب في مجلة الشبكة 18 يوليو 2021
2. حمد زياد محبك - أستاذ الأدب الحديث في جامعة حلب- مقال- موقع ديوان العرب- حزيران 2005

-------
غازي سلمان*
بغداد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى