ـــ عندما يصيب الوهم شخصاً يسمى المجنون، وحين يصيب جماعة يسمى عقيدة. *روبرت بيرسون، روائي.
الجنون الابداعي هو الخروج من رؤية قطيعية الى رؤية فردية،
من الجواب الجاهز الى السؤال ، من المكرر الى المغامرة الفكرية.
الذكاء ليس علامة العقل السوي اذا كان شريرا لان العقل السوي مرتبط بالانجاز والعطاء والعاطفة النقية والضمير الحي والوضوح والصدق والنبل، والعقل الشرير أخطر من الجنون العضوي الفردي الذي لم يخرب الحياة التي خربها مفكرون عنصريون ومخترعون مجرمون وزعماء انذال .
العقرب ليس عنده مختبر صناعة السم لكنه جزء من تكوينه كذلك الشرير يفعل الشر بتلقائية لانه جزء من تكوين عقله المنحرف وذكاء الشر.
نظام المعارة الصبياني وتحويل الرؤية الفردية الى رؤية مرضية
أمر منطقي في عالم السذج والرؤية السطحية للحياة
القائمة على القياس على ذات صغيرة محطمة وتحويل الشخص نفسه الى معيار لكل شيء كما لو ان الحياة خلت من المعايير
كالاسطورة اليونانية عن حمار يرى الفلاح نفسه كل يوم حتى ظن انه الانسان الوحيد على الارض ويعتبر حدود قريته هي حدود الطبيعة بتعبير برنارد شو.
في واقع ميت ومحنط ومكرر يعتقد الانسان أن العالم هو ما يراه فقط،
وهي ظاهرة تحدث في السجون ومعتقلات الأسرى وثكنات الحجر والمجتمع الراكد،
لذلك يضع السجناء عبر القضبان مرايا لرؤية أي شيء عابر في الشارع،
أو النظر الى كوة عند بزوغ القمر.
الكارثة العراقية مثلاً اصابت العالم من المشاهدة والقراءة، بكل أنوع الأرق والقلق النفسي، لكن عندما يختلف شخصان يصف أحدهما الآخر بخفة:
" غير متوازن ومريض نفسياً"
وهما في قلب الكارثة والاعصار كما لو أن التوازن نصيحة أو وصفة طبية أو أخلاقية،
مع أن التوازن لا يحدث بل لا يمكن أن يحدث والانسان معرض لكل أنواع
الاستباحة والاذلال والعوز ومهتوك الكرامة والحرية والثروة والمستقبل،
هذا النوع من" التوازن" نجده عند الابقار تسرح وتمرح في حقل وتنام بطمأنينة قرب جدران المسلخ.
نحن عشنا في مجتمعات مرفهة تعامل المواطن كطفل في التدليل،
ومع ذلك نعثر على مشاكل نفسية نتاج الانتقال من طور تقليدي الى الحداثة وليس نتائج الانتقال من طور الاستهتار الى آخر.
حتى الاشجار والطيور والاسماك والحشرات تمرض وتموت وتعاني في ظروف غير مناسبة،
ومن الضروري ان يتصالح الضحايا مع الجراح العميقة بلا رثاء ولا مشاعر ذنب
فليست الكارثة صناعة فردية بل نسيج مناخ خانق.
الذين لا يمرضون ولا يقلقون هم القتلة والمرتزقة والاجلاف بلا ضمائر والذين يعانون من عطب في الحساسية الانسانية أو الذين اغتنوا من الكوارث كجرذان الكوارث التي تزدهر في ازمنة الجثث.
الحداثة الغربية صنعها مجانين كبار،
لكنه جنون الاكتشاف والمغامرة الفكرية والسؤال الثقافي والبحث،
الجنون المضاد للعقل الاجتماعي المعتوه ونظام القوالب والاقفاص،
وليست السفاهة والسطحية وعقلية الخفة والتباهي الاجوف.
على سبيل المثال لا الحصر:
" ديستوفسكي كان مدمنا على الكحول والقمار ومصابا بالصرع
بعد ربطه على خشبة الاعدام والعفو عنه في اخر لحظة من القيصر.
نيتشة الذي يعتبر اليوم المؤسس الحقيقي للحداثة الفكرية بتجاوز القوالب،
قضى نصف حياته في مصحات عقلية وهو امر منطقي نتيجة الهوة بين وعي المفكر الحاد وبين وعي الجمهور مما ينتج صراعات عميقة.
ميشيل فوكو الذي غير التاريخ الاوروبي في كتابه" الجنون في العصر الكلاسيكي"، وغير قواعد الطب النفسي كان هو نفسه في مصح اجباري مغلق أكثر من عشر سنوات.
جاك ديريدا الفيلسوف الذي حير فلاسفة العالم يقول انه مدين للعصاب النفسي في انه حرره من الاندماج بالقطيع،
الروائية النمساوية الفريدي الينيك مصابة بالفوبيا وتخاف من الناس ولم تحضر حفل تسلم جائزة نوبل،
بيكاسيو تزوج 6 مرات وكان مولعا بشراء الاحذية حتى انه دخل احد المحلات وتقاطع في الباب مع الشاعر أراغون الذي خرج من المحل بعد شراء كل أحذية المحل،
شوبنهاور كان مصابا بالخوف والفوبيا من الروائي بلزاك الفرنسي ولا ينام الا بعد وضع المسدس تحت الوسادة خوفا من الاغتيال والغيرة المتخيلة،
الشاعر أراغون نفسه قبل التعرف على ايلزا المثقفة الملتزمة كان خمارا وينام في الشوارع وانقذته ودفنا في قبر واحد متعانقين.
الشاعر بريتون كان يذهب الى المقابر ويتبول على قبور الرهبان،
فيرناندو بيسوا شاعر البرتغال الكبير كتب ونشر مؤلفات باسماء شخصيات مستعارة حتى ان احدى شخصياته المستعارة رفضت زواجه.
الروائي ارنست همنغواي مصارعة وملاكمة ومعارك حانات وتكسير صحون وقلب كراسي واطلاق نار ثم جنون الارتياب والانتحار.
الشاعر جيرار دونرفال ـ تهيج دوري وانتحار وابداع وحداثة تخيلية قلبت تاريخ الشعر وعندما وضعوه في مصح صرخ:
" اخرجوني من بيت العقلاء" لأنه يعتبر من في الخارج مجانين .
أدغار آلان بو كحول ومخدرات. هولدرن كآبة،انطونيو ارتر قلق حاد وانتحار،
كافكا رعب من الحياة، لوتريامون، كابة وقلق،
ديكارت الفيلسوف شبه مجنون، الشاعر الالماني نوفاليس فوبيا وقلق.
غوته فكر في الانتحار لكنه ترك بطل روايته ينتحر وكالة عنه في الام فارتر،
فولتير وبلزاك وفلوبير عادات غريبة مثل شرب أكثر من 50 فنجان قهوة في ليلة واحدة،
ادغار الان بو كحول ومخدرات، جان جاك روسو وعقدة الاضطهاد وهرب الى فرنسا وسكن في بيت باسم مستعار وعندما علم جاره ان النزيل المستعار هو روسو اشترى بدلة جديدة وباقة زهور لتقديمها الى المفكر الكبير
لكن روسو طرده من الباب وانكر ان يكون روسو.
جوزيف كونراد مؤلف رواية" قلب الظلام" أول رواية عن ما بعد الكولونيالية واطروحة ادوارد سعيد للدكتوراة قلق وكابة نفسية،
موبوسان، وكامو، أزمات نفسية انتهت بالانتحار، بيتهوفن والسوداوية العميقة،
الرسام كلود مونيه والانهيار النفسي، غوغان، فان كوخ ـ الانتحار.
الروائية فرجينيا وولف مرض نفسي عصي وانتحار بوضع احجار في معطفها والارتماء في النهر،
الموسيقي الالماني شومان كان يقيم حفلا في منزله ثم قرر فجأة الانتحار وذهب الى نهر الراين ورمى جسده لكن صيادين انقذوه وتشاجر معهم "؟" .
عالم النفس فرويد مصاب بالعصاب النفسي وانتهت حياته بالانتحار ،
الفيلسوف الدنماركي كيركغارد انفصام وكآبة،
الشاعر ريلكه اعترف ان الشعر حرره من الجنون والعصاب النفسي،
سارتر ايضا قال ذلك.
ماريا فارغاس يوسا الروائي البيروي الحاصل على نوبل اعتدى في لكمة قوية على الروائي غابريل ماركيز وطرحه ارضا في صالة سينما امام زوجته في خلاف خاص ظل لغزاً، كلاهما حاصل نوبل.
الروائي باسترناك بعد حملة تشهير من اتحاد كتاب السوفيت وطرده بعد الحصول على نوبل عن روايته" الدكتور زيفاغو" عاش في محنة نفسية قاسية انتهت بالموت وحيدا في عزلة لانه ليس ببغاء في قفص ايديولوجي
ولم يكن هناك من يدفنه غير حفنة من ريفيي المنطقة تحت المطر استعاروا مسجلا وشريط موسيقى جنائزي للموسيقار باخ ودفن تحت المطر وفوقه شاهدة كتب عليها مقطع قصيدة له"
" الحياة ليست نزهة في حديقة".
الشاعر مايكوفسكي والانتحار،الرسام سيزان أيضا، الروائي والمسرحي جان جينيه سجين ولص سابق وطفل مشرد. العالم نيوتن لم يصافح احدا خوفا من المرض لكنه اكتشف الجاذبية من سقوط تفاحة الى الاسفل ونحن تسقط اوطانا ولا نتأمل في الأسباب.
ماركس عليه دعاوى في الشرطة مشاجرات في حانات يوم كان شاباً لكن قلب العالم حتى اليوم وما بعد اليوم.
المفكر الماركسي الايطالي الكبير غرامشي عاش في مصح نفسي
هو الذي اكتشف دور الثقافة في التغيير عكس التفكير النظري والرهان على العامل الاقتصادي وأعدم في السجن.
هناك قائمة أطول لهؤلاء الذين غيروا وجه العالم يمكن البحث عنها في دراسات كثيرة لا يمكن حصر مصدرها.
ان الحداثة الغربية الفكرية والعلمية والثقافية والادبية وليست السياسية، لان الغرب بوجهين الثقافي والسياسي الاستعماري، من صنع هؤلاء الذين ظهر ان حياتهم وتفكيرهم واعمالهم هي السوية
في مجتمعات مؤسسة على الاجوبة الجاهزة والمؤسسات التقليدية والحياة المعدة سلفاً.
الفكر، التأمل، محرر ومنقذ من القطيع لأن الجنون في القطيع والحشود .
ان كلمة" جنون" التي تستخدم في الشرق للتوبيخ والتشهير رفعت من عالم الطب الحديث بعد الاكتشافات الفكرية والعلمية الحديثة وبعد التعرف على قيعان ودهاليز قارة مجهولة اسمها الدماغ بمئة مليار خلية اعمق من الكون الخارجي كما قال عالم فيزياء حامل نوبل.
العقل في اللاوعي والحلم والذهول والخيال والعاطفة وهذه نضعها نحن كنقيض للعقل مع انها جزء جوهري منه،
وعلينا التمييز بين العته والخبل والسفاهة وبين الجنون الابداعي،
فليس كل من مزق بنطاله من الخلف وأطال لحيته ونفش شعره ويتحدث عن الحانات والمواخير ويميل للغرائبية المصطنعة هو مجنون ومبدع بل هو متقمص شخصيات وأقنعة.
الجنون الحقيقي هو جنون البلادة والاجترار والاستهلاك المزمن للمقولات والافكار بلا فحص ولا مراجعة بذريعة العقل، وهو أدق وصف للجنون المبرقع.
مجانين الغرب هم مجانين من وجهة نظر مجتمعات كانت تعاني من الشللية والانماط والتحجر والقوالب وهم الخلاصة المركزة للعقل الابداعي لانهم في مناخ نفسي وعقلي وثقافي وفكري خاص فحسب في مجتمعات نتاج ذات هشة خاوية وقوالب مجترة وتلبيس مقولات نمطية اجتماعية جاهزة على هؤلاء الكبار لانهم صاروا غرباء ومنفيين عقليا ونفسيا من لحظة الانفصال والقطيعة عن العقل العام المجنون والمعطوب وهم من خفف من وحشية وضراوة النظم .
في الغرب صارت كلمة مجنون تقال للتمايز والمفاخرة والتباهي والفردية
وصار الذهاب الى الطبيب النفساني كالذهاب الى طبيب الاسنان من ملوك
وعلماء وفلاسفة وخبراء ومفكرين،
ونحن حتى تهمنا ظلت سخيفة ومتخلفة ومتوارثة وصبيانية ولم تتطور.
اذا كان"مجانين "الغرب الكبار قد نقلوا اوروبا الى الحداثة وما بعدها،
ونحن نعيش اليوم على نتائج ذلك العقل المبدع ونرفض العقل نفسه،
فإن" عقلاء" العرب قد حولوا الأوطان الى إسطبلات وأنقاض ومقابر:
مجانين الغرب حولوا النفايات الى أدوات لخدمة الانسان ونحن حولنا الانسان الى نفاية بتعبير محمد الماغوط.
لم يعد هناك من نناديه للخروج من مأزق تاريخي سوى خصيان الوطن العربي وفي عام 1813 تحت حكم سلالة تشينغ في الصين، إنتفض الخصيان وأسقطوا إمبراطورية جائرة، فهل يفعلها خصيان العرب عضوياً وعقلياً وفكريا Castration Mintel العقم عن التفكير والاجترار، في تحالف مشترك:
يا خصيان الوطن العربي إتحدوا.
الجنون الابداعي هو الخروج من رؤية قطيعية الى رؤية فردية،
من الجواب الجاهز الى السؤال ، من المكرر الى المغامرة الفكرية.
الذكاء ليس علامة العقل السوي اذا كان شريرا لان العقل السوي مرتبط بالانجاز والعطاء والعاطفة النقية والضمير الحي والوضوح والصدق والنبل، والعقل الشرير أخطر من الجنون العضوي الفردي الذي لم يخرب الحياة التي خربها مفكرون عنصريون ومخترعون مجرمون وزعماء انذال .
العقرب ليس عنده مختبر صناعة السم لكنه جزء من تكوينه كذلك الشرير يفعل الشر بتلقائية لانه جزء من تكوين عقله المنحرف وذكاء الشر.
نظام المعارة الصبياني وتحويل الرؤية الفردية الى رؤية مرضية
أمر منطقي في عالم السذج والرؤية السطحية للحياة
القائمة على القياس على ذات صغيرة محطمة وتحويل الشخص نفسه الى معيار لكل شيء كما لو ان الحياة خلت من المعايير
كالاسطورة اليونانية عن حمار يرى الفلاح نفسه كل يوم حتى ظن انه الانسان الوحيد على الارض ويعتبر حدود قريته هي حدود الطبيعة بتعبير برنارد شو.
في واقع ميت ومحنط ومكرر يعتقد الانسان أن العالم هو ما يراه فقط،
وهي ظاهرة تحدث في السجون ومعتقلات الأسرى وثكنات الحجر والمجتمع الراكد،
لذلك يضع السجناء عبر القضبان مرايا لرؤية أي شيء عابر في الشارع،
أو النظر الى كوة عند بزوغ القمر.
الكارثة العراقية مثلاً اصابت العالم من المشاهدة والقراءة، بكل أنوع الأرق والقلق النفسي، لكن عندما يختلف شخصان يصف أحدهما الآخر بخفة:
" غير متوازن ومريض نفسياً"
وهما في قلب الكارثة والاعصار كما لو أن التوازن نصيحة أو وصفة طبية أو أخلاقية،
مع أن التوازن لا يحدث بل لا يمكن أن يحدث والانسان معرض لكل أنواع
الاستباحة والاذلال والعوز ومهتوك الكرامة والحرية والثروة والمستقبل،
هذا النوع من" التوازن" نجده عند الابقار تسرح وتمرح في حقل وتنام بطمأنينة قرب جدران المسلخ.
نحن عشنا في مجتمعات مرفهة تعامل المواطن كطفل في التدليل،
ومع ذلك نعثر على مشاكل نفسية نتاج الانتقال من طور تقليدي الى الحداثة وليس نتائج الانتقال من طور الاستهتار الى آخر.
حتى الاشجار والطيور والاسماك والحشرات تمرض وتموت وتعاني في ظروف غير مناسبة،
ومن الضروري ان يتصالح الضحايا مع الجراح العميقة بلا رثاء ولا مشاعر ذنب
فليست الكارثة صناعة فردية بل نسيج مناخ خانق.
الذين لا يمرضون ولا يقلقون هم القتلة والمرتزقة والاجلاف بلا ضمائر والذين يعانون من عطب في الحساسية الانسانية أو الذين اغتنوا من الكوارث كجرذان الكوارث التي تزدهر في ازمنة الجثث.
الحداثة الغربية صنعها مجانين كبار،
لكنه جنون الاكتشاف والمغامرة الفكرية والسؤال الثقافي والبحث،
الجنون المضاد للعقل الاجتماعي المعتوه ونظام القوالب والاقفاص،
وليست السفاهة والسطحية وعقلية الخفة والتباهي الاجوف.
على سبيل المثال لا الحصر:
" ديستوفسكي كان مدمنا على الكحول والقمار ومصابا بالصرع
بعد ربطه على خشبة الاعدام والعفو عنه في اخر لحظة من القيصر.
نيتشة الذي يعتبر اليوم المؤسس الحقيقي للحداثة الفكرية بتجاوز القوالب،
قضى نصف حياته في مصحات عقلية وهو امر منطقي نتيجة الهوة بين وعي المفكر الحاد وبين وعي الجمهور مما ينتج صراعات عميقة.
ميشيل فوكو الذي غير التاريخ الاوروبي في كتابه" الجنون في العصر الكلاسيكي"، وغير قواعد الطب النفسي كان هو نفسه في مصح اجباري مغلق أكثر من عشر سنوات.
جاك ديريدا الفيلسوف الذي حير فلاسفة العالم يقول انه مدين للعصاب النفسي في انه حرره من الاندماج بالقطيع،
الروائية النمساوية الفريدي الينيك مصابة بالفوبيا وتخاف من الناس ولم تحضر حفل تسلم جائزة نوبل،
بيكاسيو تزوج 6 مرات وكان مولعا بشراء الاحذية حتى انه دخل احد المحلات وتقاطع في الباب مع الشاعر أراغون الذي خرج من المحل بعد شراء كل أحذية المحل،
شوبنهاور كان مصابا بالخوف والفوبيا من الروائي بلزاك الفرنسي ولا ينام الا بعد وضع المسدس تحت الوسادة خوفا من الاغتيال والغيرة المتخيلة،
الشاعر أراغون نفسه قبل التعرف على ايلزا المثقفة الملتزمة كان خمارا وينام في الشوارع وانقذته ودفنا في قبر واحد متعانقين.
الشاعر بريتون كان يذهب الى المقابر ويتبول على قبور الرهبان،
فيرناندو بيسوا شاعر البرتغال الكبير كتب ونشر مؤلفات باسماء شخصيات مستعارة حتى ان احدى شخصياته المستعارة رفضت زواجه.
الروائي ارنست همنغواي مصارعة وملاكمة ومعارك حانات وتكسير صحون وقلب كراسي واطلاق نار ثم جنون الارتياب والانتحار.
الشاعر جيرار دونرفال ـ تهيج دوري وانتحار وابداع وحداثة تخيلية قلبت تاريخ الشعر وعندما وضعوه في مصح صرخ:
" اخرجوني من بيت العقلاء" لأنه يعتبر من في الخارج مجانين .
أدغار آلان بو كحول ومخدرات. هولدرن كآبة،انطونيو ارتر قلق حاد وانتحار،
كافكا رعب من الحياة، لوتريامون، كابة وقلق،
ديكارت الفيلسوف شبه مجنون، الشاعر الالماني نوفاليس فوبيا وقلق.
غوته فكر في الانتحار لكنه ترك بطل روايته ينتحر وكالة عنه في الام فارتر،
فولتير وبلزاك وفلوبير عادات غريبة مثل شرب أكثر من 50 فنجان قهوة في ليلة واحدة،
ادغار الان بو كحول ومخدرات، جان جاك روسو وعقدة الاضطهاد وهرب الى فرنسا وسكن في بيت باسم مستعار وعندما علم جاره ان النزيل المستعار هو روسو اشترى بدلة جديدة وباقة زهور لتقديمها الى المفكر الكبير
لكن روسو طرده من الباب وانكر ان يكون روسو.
جوزيف كونراد مؤلف رواية" قلب الظلام" أول رواية عن ما بعد الكولونيالية واطروحة ادوارد سعيد للدكتوراة قلق وكابة نفسية،
موبوسان، وكامو، أزمات نفسية انتهت بالانتحار، بيتهوفن والسوداوية العميقة،
الرسام كلود مونيه والانهيار النفسي، غوغان، فان كوخ ـ الانتحار.
الروائية فرجينيا وولف مرض نفسي عصي وانتحار بوضع احجار في معطفها والارتماء في النهر،
الموسيقي الالماني شومان كان يقيم حفلا في منزله ثم قرر فجأة الانتحار وذهب الى نهر الراين ورمى جسده لكن صيادين انقذوه وتشاجر معهم "؟" .
عالم النفس فرويد مصاب بالعصاب النفسي وانتهت حياته بالانتحار ،
الفيلسوف الدنماركي كيركغارد انفصام وكآبة،
الشاعر ريلكه اعترف ان الشعر حرره من الجنون والعصاب النفسي،
سارتر ايضا قال ذلك.
ماريا فارغاس يوسا الروائي البيروي الحاصل على نوبل اعتدى في لكمة قوية على الروائي غابريل ماركيز وطرحه ارضا في صالة سينما امام زوجته في خلاف خاص ظل لغزاً، كلاهما حاصل نوبل.
الروائي باسترناك بعد حملة تشهير من اتحاد كتاب السوفيت وطرده بعد الحصول على نوبل عن روايته" الدكتور زيفاغو" عاش في محنة نفسية قاسية انتهت بالموت وحيدا في عزلة لانه ليس ببغاء في قفص ايديولوجي
ولم يكن هناك من يدفنه غير حفنة من ريفيي المنطقة تحت المطر استعاروا مسجلا وشريط موسيقى جنائزي للموسيقار باخ ودفن تحت المطر وفوقه شاهدة كتب عليها مقطع قصيدة له"
" الحياة ليست نزهة في حديقة".
الشاعر مايكوفسكي والانتحار،الرسام سيزان أيضا، الروائي والمسرحي جان جينيه سجين ولص سابق وطفل مشرد. العالم نيوتن لم يصافح احدا خوفا من المرض لكنه اكتشف الجاذبية من سقوط تفاحة الى الاسفل ونحن تسقط اوطانا ولا نتأمل في الأسباب.
ماركس عليه دعاوى في الشرطة مشاجرات في حانات يوم كان شاباً لكن قلب العالم حتى اليوم وما بعد اليوم.
المفكر الماركسي الايطالي الكبير غرامشي عاش في مصح نفسي
هو الذي اكتشف دور الثقافة في التغيير عكس التفكير النظري والرهان على العامل الاقتصادي وأعدم في السجن.
هناك قائمة أطول لهؤلاء الذين غيروا وجه العالم يمكن البحث عنها في دراسات كثيرة لا يمكن حصر مصدرها.
ان الحداثة الغربية الفكرية والعلمية والثقافية والادبية وليست السياسية، لان الغرب بوجهين الثقافي والسياسي الاستعماري، من صنع هؤلاء الذين ظهر ان حياتهم وتفكيرهم واعمالهم هي السوية
في مجتمعات مؤسسة على الاجوبة الجاهزة والمؤسسات التقليدية والحياة المعدة سلفاً.
الفكر، التأمل، محرر ومنقذ من القطيع لأن الجنون في القطيع والحشود .
ان كلمة" جنون" التي تستخدم في الشرق للتوبيخ والتشهير رفعت من عالم الطب الحديث بعد الاكتشافات الفكرية والعلمية الحديثة وبعد التعرف على قيعان ودهاليز قارة مجهولة اسمها الدماغ بمئة مليار خلية اعمق من الكون الخارجي كما قال عالم فيزياء حامل نوبل.
العقل في اللاوعي والحلم والذهول والخيال والعاطفة وهذه نضعها نحن كنقيض للعقل مع انها جزء جوهري منه،
وعلينا التمييز بين العته والخبل والسفاهة وبين الجنون الابداعي،
فليس كل من مزق بنطاله من الخلف وأطال لحيته ونفش شعره ويتحدث عن الحانات والمواخير ويميل للغرائبية المصطنعة هو مجنون ومبدع بل هو متقمص شخصيات وأقنعة.
الجنون الحقيقي هو جنون البلادة والاجترار والاستهلاك المزمن للمقولات والافكار بلا فحص ولا مراجعة بذريعة العقل، وهو أدق وصف للجنون المبرقع.
مجانين الغرب هم مجانين من وجهة نظر مجتمعات كانت تعاني من الشللية والانماط والتحجر والقوالب وهم الخلاصة المركزة للعقل الابداعي لانهم في مناخ نفسي وعقلي وثقافي وفكري خاص فحسب في مجتمعات نتاج ذات هشة خاوية وقوالب مجترة وتلبيس مقولات نمطية اجتماعية جاهزة على هؤلاء الكبار لانهم صاروا غرباء ومنفيين عقليا ونفسيا من لحظة الانفصال والقطيعة عن العقل العام المجنون والمعطوب وهم من خفف من وحشية وضراوة النظم .
في الغرب صارت كلمة مجنون تقال للتمايز والمفاخرة والتباهي والفردية
وصار الذهاب الى الطبيب النفساني كالذهاب الى طبيب الاسنان من ملوك
وعلماء وفلاسفة وخبراء ومفكرين،
ونحن حتى تهمنا ظلت سخيفة ومتخلفة ومتوارثة وصبيانية ولم تتطور.
اذا كان"مجانين "الغرب الكبار قد نقلوا اوروبا الى الحداثة وما بعدها،
ونحن نعيش اليوم على نتائج ذلك العقل المبدع ونرفض العقل نفسه،
فإن" عقلاء" العرب قد حولوا الأوطان الى إسطبلات وأنقاض ومقابر:
مجانين الغرب حولوا النفايات الى أدوات لخدمة الانسان ونحن حولنا الانسان الى نفاية بتعبير محمد الماغوط.
لم يعد هناك من نناديه للخروج من مأزق تاريخي سوى خصيان الوطن العربي وفي عام 1813 تحت حكم سلالة تشينغ في الصين، إنتفض الخصيان وأسقطوا إمبراطورية جائرة، فهل يفعلها خصيان العرب عضوياً وعقلياً وفكريا Castration Mintel العقم عن التفكير والاجترار، في تحالف مشترك:
يا خصيان الوطن العربي إتحدوا.