– علية.. ياعلية
صاح العجوز بخوف وهو يقف تاركا كرسيه، لم تجب الزوجة فقد كانت مستغرقة مع اصوات الطباخ والفرن…. تحرك السيدعاق قريبا من الباب دون أن يجروء على الخروج وهو يكثف النظر الى الشيء الذي رآه دون تأكيد على أمر واضح، ثم عاد قريبا من كرسيه وهو يردد : ((لا لا هذي جثة ميت.. نعم جثة ومالها أحد)) ونادى صارخا ((علية يا علية)).
لم تجب الزوجة التي اعتادت على صياح الرجل,كان أمرا مؤذيا بالنسبة لها ولكن :ما الذي تفعله ؟
الوقت قبل ارتفاع اذان المغرب من سماعة المسجد القريب بعدة دقائق….و كان السيد ماجد عاق (وهذا هو اسم ابيه الذي عانى منه كثيرا) يجلس في الفسحة الخارجية المجاورة لباب المنزل الداخلية مطلا على الجزء الترابي المجاور للباب الخارجية المفتوحة على مصراعيها، كان الجزء الترابي قد زرع ببعض النباتات مما اصطلح عليه السيد عاق وزوجته المعلمة المتقاعدة علية حماد على أنه حديقة المنزل.
يطل منزل السيد ماجد عاق على شارع عام تقابله سدة ترابية تقع خلفها مزرعة قديمة تركها أهلها نتيجة احداث العنف التي جرت في عامي 2006- 2007 وقد استغل المسلحون فترة اللا قانون فأخذوا يرمون جثث المغدورين في المزرعة لتأتي قوى الامن – متى استطاعت- لتحمل الجثث الى الطب العدلي بأنتظار مجيء اهلها الثكالى لدفنها ومن تتأخر مراجعة أهله يدفن مع احتفاظ الادارة بصورة لهوما يدل عليه من اسم أو هوية.
كان السيد ماجد خلال الازمة يغلق باب بيته منذ انتهاء صلاة الظهر… وقد ترك اداء الصلاة في المسجد الجامع القريب بعد الحاح زوجته الشديد التي كانت تبكي وتصرخ عندما يخرج للصلاة وتصيح ((ماجد الله يخليك آني وين أروح أذا كتلوك فكر بيه أرجوك فكر))
او تتفوه بعبارات اشد وأكثر الما حتى توقف الرجل عن الذهاب الى المسجد المجاور مؤديا الفريضة في الدار.
اقترب السيد ماجد من الباب الخارجي وهو يمعن النظر في الكومة السوداء البعيدة عنه والمرمية على مسافة، لكنه لم يستطع التأكد من شئ، ظل حائرا خائفا وهو لايدري كيف صرخ بقوة وقد كاد ريقه أن ينشف : (لج علية الحقي) وهنا وصلت الزوجة مستنكرة صياحه فجلس ماجد على الكرسي متهاويا وهو يؤشرالى الباب المفتوحة على مصراعيهاويقول) هذا واحد كاتليه….هم رجعنا من جديد) اقتربت علية من الباب الخارجي واغلقته بشدة ثم عادت لتجذب زوجها من مكانه الى المطبخ وتغلق الباب وتصرخ بوجهه متألمة خائفة حائرة : (انت شعليك؟ تكدر تسوي شي ؟ هذي مصيبة وحلت على الناس وانت وآني لاحول لنا.. اكعد واسكت)
جلس ماجد عاق على احد كراسي المطبخ، فيما علا صوت الاذان وماجدعاق يردد خلف المؤذن أو يسبقه، وما أن انتهى المؤذن لم يردد ماجد الدعاء المعهود))اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة…)) وقال وهويمسك الهاتف النقال الذي اشتراه بمئة دولار من اول راتب استلمه بالدولار بعد السقوط :(ام حازم الله يخليك خاف سيارة تدوس الميت هذا حرام، أني راح أتصل بأبو هاني.. يمكن ولده يسوون شي).زول ماجد عاق الرقم وزوجته تردد(انت تريد تورط الرجل ؟) وهي تحرك كفيها دون أنتظام جالسة على احد كراسي المطبخ وقد اغلقت الفرن والطباخ مستفزة خائفة.
عندما سمع ماجد عاق صوت ابو هاني ابلغه بما رأى وطلب المساعدة وهنا قال له ابو هاني (الله كريم) واغلق الهاتف.
بقى ابو حازم – ماجد عاق ساكنا مضطرب الحواس، لايدري كيف يتصرف وزوجته ترقب حركاته حانقة وقد استفزها ما فعل…. هي الآن تستعد لمعركة غير متكافئة يكون الخاسر الدائم في امثالها السيد ماجد عاق دون سواه فلا خصم غيره وقد تركها اولادها من هذا الزوج ومن زوجها الاول(ولد وبنت) دون مساعدة او زيارة.
كان ماجد يتوق للوقوف بباب الدار ليتعرف على حقيقة الموقف ومصير الجثةالمفترضة لكن نظرات علية الصارمة اوقفت رغبته، واستعان ماجد بالهاتف مرة اخرى وزول رقم ابي هاني :
– ها ابو هاني؟
– شنو ابو حازم ؟
– شسويتو على الشغلة؟
– يا شغلة؟
– هذا الميت كدام بيتنا وبيتكم..خطية
– اي خطية. بس آني هم خطية، شلون تريدني ادز واحد من الاولاد على المكان وما اعرف شنو المضموم.. سد الباب واكعد ابوحازم
– اي اي هم هيجي
اغلق ابوحازم – ماجد عاق الهاتف، قام من مكانه الى الهول الصغير، جلس لحيظات وعلية ترقبه من بعيد من داخل المطبخ وهويوجه صيواني أذنيه نحو الباب مشفقا دون أن يسمع صوتا، لكنه لم يحتمل السكون، قام مسرعا الى الدرج وصعد بهدوء فاتحا باب الدرج الى السطح.
هزت علية يديها و قدازعجتها تصرفات زوجهاهذا الذي لايهدأ ولا يدع لها مجالا للهدوء وفكرت بتصرفات زوجها الاول المرحوم سعد الذي فارقها سريعا بعد سنتين من زواجهما حيث اخذته العسكرية.. من شرفة السطح اطل السيد ماجد متلصصا وهو يشعر أن عيونا عديدة ترقب سطحه وحركاته،لكنه رفع رأسه قليلا ليرى الى الكومة السوداء الموجودة مقابل داره ودار ابو هاني…. الشمس ودعت وجو آذار لاأثر للبرد فيه ساعة المغرب، امعن السيد ماجد عاق النظر ليجد أن حجارات وضعت فوق الكومة السوداء، أو هكذا تصور، أذ لم تكن المشاهدة المصحوبة بالرعب الداخلي خشية قناص او متسلل واضحة تماما.
كان الشارع هادئا، لا أحد يذهب ولآأحد يعود !
صاحت علية من اسفل السلم ترجوه أن ينزل وسمع ماجد صوتها منزعجا واضطر للنزول خشية معركة قد تقوم والقوات غيرمتكافئة فهو لا يستطيع الرد على كل سؤال أو تعليق أو استذكارلماض غابر ولاولاد
رحلوا عنهما الى حيث الدنيا تفور، تأخذ وتعطي بنظام غريب لايستطيع احد تفسيره الا الايمان بالقدر والصدفة. اذ ليس سوى القدر من يصنع الاحداث والامر كله بيد الله الباري الذي رفع الصحف واسكت الاقلام…. هكذا قال ماجد عاق لنفسه وهو ينزل من السطح ساكنا خارجيا مهتاجا من الداخل وجلس في الهول.
كان بيت ابي هاني المجاور الى بيت ماجد عاق يقع في ركن شارعين وابوهاني ينظر من فتحة صغيرة في الباب الخارجي ولا يرى أجدا في الشارع، لكنه سمع اصوات صيحات أولاد يلعبون الكرة في الزقاق الذي يتعامد موقعه على الشارع الرئيس، عرف من ألأصوات صوتي (منهل) و(مصطفى) وهما ولدا السيد عدنان، جاره المجاور من ركن الزقاق… خاف أبو هاني أن تذهب الكرة الى الشارع العام ويصدم الاولاد برؤية الجثة لكن ماخشى منه حدث أذ دخلت كرة الاولاد حديقة المنزل ووجد ابو هاني أن بابه يقرع فاضطر لفتحه حيث وقف امامه مصطفى وهو يلثغ :(ثلام عليكم عمو – التوبة هم ودعت عكم) وأشار ابو هاني الى الحديقة بيده حيث اسرع مصطفى ليحمل الكرة ويردد : (ثكرا عمو ثكرا) وكان خلفه مجموعة من اولاد المحلة دون أن يهتم أحد منهم للقطعة السوداء المرمية على الجثة!
وقف ابو هاني ساخطا وهو يرى الى مكان القطعة ولا يجروء على الذهاب اليها،هنا تجاوز هاني (وهو شاب في العشرين) والده وخرج من الدار باتجاه مكان القطعة ليرفع الطابوقتين عنها ويلوح بها…. كانت مجرد قطعة قماش مرمية على الارض سقطت عليها طابوقتين، دون أن يعلم احد سبب ذلك !
ارتاح أبو هاني تماما وأراح ابا حازم – السيد ماجد عاق بتصريح عاجل من هاتفه النقال، وأنتهت محنة الرجلين والاسرتين معا.
صاح العجوز بخوف وهو يقف تاركا كرسيه، لم تجب الزوجة فقد كانت مستغرقة مع اصوات الطباخ والفرن…. تحرك السيدعاق قريبا من الباب دون أن يجروء على الخروج وهو يكثف النظر الى الشيء الذي رآه دون تأكيد على أمر واضح، ثم عاد قريبا من كرسيه وهو يردد : ((لا لا هذي جثة ميت.. نعم جثة ومالها أحد)) ونادى صارخا ((علية يا علية)).
لم تجب الزوجة التي اعتادت على صياح الرجل,كان أمرا مؤذيا بالنسبة لها ولكن :ما الذي تفعله ؟
الوقت قبل ارتفاع اذان المغرب من سماعة المسجد القريب بعدة دقائق….و كان السيد ماجد عاق (وهذا هو اسم ابيه الذي عانى منه كثيرا) يجلس في الفسحة الخارجية المجاورة لباب المنزل الداخلية مطلا على الجزء الترابي المجاور للباب الخارجية المفتوحة على مصراعيها، كان الجزء الترابي قد زرع ببعض النباتات مما اصطلح عليه السيد عاق وزوجته المعلمة المتقاعدة علية حماد على أنه حديقة المنزل.
يطل منزل السيد ماجد عاق على شارع عام تقابله سدة ترابية تقع خلفها مزرعة قديمة تركها أهلها نتيجة احداث العنف التي جرت في عامي 2006- 2007 وقد استغل المسلحون فترة اللا قانون فأخذوا يرمون جثث المغدورين في المزرعة لتأتي قوى الامن – متى استطاعت- لتحمل الجثث الى الطب العدلي بأنتظار مجيء اهلها الثكالى لدفنها ومن تتأخر مراجعة أهله يدفن مع احتفاظ الادارة بصورة لهوما يدل عليه من اسم أو هوية.
كان السيد ماجد خلال الازمة يغلق باب بيته منذ انتهاء صلاة الظهر… وقد ترك اداء الصلاة في المسجد الجامع القريب بعد الحاح زوجته الشديد التي كانت تبكي وتصرخ عندما يخرج للصلاة وتصيح ((ماجد الله يخليك آني وين أروح أذا كتلوك فكر بيه أرجوك فكر))
او تتفوه بعبارات اشد وأكثر الما حتى توقف الرجل عن الذهاب الى المسجد المجاور مؤديا الفريضة في الدار.
اقترب السيد ماجد من الباب الخارجي وهو يمعن النظر في الكومة السوداء البعيدة عنه والمرمية على مسافة، لكنه لم يستطع التأكد من شئ، ظل حائرا خائفا وهو لايدري كيف صرخ بقوة وقد كاد ريقه أن ينشف : (لج علية الحقي) وهنا وصلت الزوجة مستنكرة صياحه فجلس ماجد على الكرسي متهاويا وهو يؤشرالى الباب المفتوحة على مصراعيهاويقول) هذا واحد كاتليه….هم رجعنا من جديد) اقتربت علية من الباب الخارجي واغلقته بشدة ثم عادت لتجذب زوجها من مكانه الى المطبخ وتغلق الباب وتصرخ بوجهه متألمة خائفة حائرة : (انت شعليك؟ تكدر تسوي شي ؟ هذي مصيبة وحلت على الناس وانت وآني لاحول لنا.. اكعد واسكت)
جلس ماجد عاق على احد كراسي المطبخ، فيما علا صوت الاذان وماجدعاق يردد خلف المؤذن أو يسبقه، وما أن انتهى المؤذن لم يردد ماجد الدعاء المعهود))اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة…)) وقال وهويمسك الهاتف النقال الذي اشتراه بمئة دولار من اول راتب استلمه بالدولار بعد السقوط :(ام حازم الله يخليك خاف سيارة تدوس الميت هذا حرام، أني راح أتصل بأبو هاني.. يمكن ولده يسوون شي).زول ماجد عاق الرقم وزوجته تردد(انت تريد تورط الرجل ؟) وهي تحرك كفيها دون أنتظام جالسة على احد كراسي المطبخ وقد اغلقت الفرن والطباخ مستفزة خائفة.
عندما سمع ماجد عاق صوت ابو هاني ابلغه بما رأى وطلب المساعدة وهنا قال له ابو هاني (الله كريم) واغلق الهاتف.
بقى ابو حازم – ماجد عاق ساكنا مضطرب الحواس، لايدري كيف يتصرف وزوجته ترقب حركاته حانقة وقد استفزها ما فعل…. هي الآن تستعد لمعركة غير متكافئة يكون الخاسر الدائم في امثالها السيد ماجد عاق دون سواه فلا خصم غيره وقد تركها اولادها من هذا الزوج ومن زوجها الاول(ولد وبنت) دون مساعدة او زيارة.
كان ماجد يتوق للوقوف بباب الدار ليتعرف على حقيقة الموقف ومصير الجثةالمفترضة لكن نظرات علية الصارمة اوقفت رغبته، واستعان ماجد بالهاتف مرة اخرى وزول رقم ابي هاني :
– ها ابو هاني؟
– شنو ابو حازم ؟
– شسويتو على الشغلة؟
– يا شغلة؟
– هذا الميت كدام بيتنا وبيتكم..خطية
– اي خطية. بس آني هم خطية، شلون تريدني ادز واحد من الاولاد على المكان وما اعرف شنو المضموم.. سد الباب واكعد ابوحازم
– اي اي هم هيجي
اغلق ابوحازم – ماجد عاق الهاتف، قام من مكانه الى الهول الصغير، جلس لحيظات وعلية ترقبه من بعيد من داخل المطبخ وهويوجه صيواني أذنيه نحو الباب مشفقا دون أن يسمع صوتا، لكنه لم يحتمل السكون، قام مسرعا الى الدرج وصعد بهدوء فاتحا باب الدرج الى السطح.
هزت علية يديها و قدازعجتها تصرفات زوجهاهذا الذي لايهدأ ولا يدع لها مجالا للهدوء وفكرت بتصرفات زوجها الاول المرحوم سعد الذي فارقها سريعا بعد سنتين من زواجهما حيث اخذته العسكرية.. من شرفة السطح اطل السيد ماجد متلصصا وهو يشعر أن عيونا عديدة ترقب سطحه وحركاته،لكنه رفع رأسه قليلا ليرى الى الكومة السوداء الموجودة مقابل داره ودار ابو هاني…. الشمس ودعت وجو آذار لاأثر للبرد فيه ساعة المغرب، امعن السيد ماجد عاق النظر ليجد أن حجارات وضعت فوق الكومة السوداء، أو هكذا تصور، أذ لم تكن المشاهدة المصحوبة بالرعب الداخلي خشية قناص او متسلل واضحة تماما.
كان الشارع هادئا، لا أحد يذهب ولآأحد يعود !
صاحت علية من اسفل السلم ترجوه أن ينزل وسمع ماجد صوتها منزعجا واضطر للنزول خشية معركة قد تقوم والقوات غيرمتكافئة فهو لا يستطيع الرد على كل سؤال أو تعليق أو استذكارلماض غابر ولاولاد
رحلوا عنهما الى حيث الدنيا تفور، تأخذ وتعطي بنظام غريب لايستطيع احد تفسيره الا الايمان بالقدر والصدفة. اذ ليس سوى القدر من يصنع الاحداث والامر كله بيد الله الباري الذي رفع الصحف واسكت الاقلام…. هكذا قال ماجد عاق لنفسه وهو ينزل من السطح ساكنا خارجيا مهتاجا من الداخل وجلس في الهول.
كان بيت ابي هاني المجاور الى بيت ماجد عاق يقع في ركن شارعين وابوهاني ينظر من فتحة صغيرة في الباب الخارجي ولا يرى أجدا في الشارع، لكنه سمع اصوات صيحات أولاد يلعبون الكرة في الزقاق الذي يتعامد موقعه على الشارع الرئيس، عرف من ألأصوات صوتي (منهل) و(مصطفى) وهما ولدا السيد عدنان، جاره المجاور من ركن الزقاق… خاف أبو هاني أن تذهب الكرة الى الشارع العام ويصدم الاولاد برؤية الجثة لكن ماخشى منه حدث أذ دخلت كرة الاولاد حديقة المنزل ووجد ابو هاني أن بابه يقرع فاضطر لفتحه حيث وقف امامه مصطفى وهو يلثغ :(ثلام عليكم عمو – التوبة هم ودعت عكم) وأشار ابو هاني الى الحديقة بيده حيث اسرع مصطفى ليحمل الكرة ويردد : (ثكرا عمو ثكرا) وكان خلفه مجموعة من اولاد المحلة دون أن يهتم أحد منهم للقطعة السوداء المرمية على الجثة!
وقف ابو هاني ساخطا وهو يرى الى مكان القطعة ولا يجروء على الذهاب اليها،هنا تجاوز هاني (وهو شاب في العشرين) والده وخرج من الدار باتجاه مكان القطعة ليرفع الطابوقتين عنها ويلوح بها…. كانت مجرد قطعة قماش مرمية على الارض سقطت عليها طابوقتين، دون أن يعلم احد سبب ذلك !
ارتاح أبو هاني تماما وأراح ابا حازم – السيد ماجد عاق بتصريح عاجل من هاتفه النقال، وأنتهت محنة الرجلين والاسرتين معا.