الروائي الجزائري باديس فوغالي.. قسنطينة (طيناء) مدينة أُهْمِلَتْ وأُحْرِقَتْ
( أين هي قسنطينة اليوم و أين هم أبناؤها.. سؤال يظل معلقا؟)
(المنسي مالك بن نبي.. مفكر تتجاهله الأقلام القسنطينية)
الحديث عن عاصمة الأمازيغ ( قسنطينة) كمدينة للعلم و العلماء هو حديث عن نخبتها ( مالك بن نبي، عبد الحميد ابن باديس ، زهور ونيسي و أحلام مستغانمي و شخصيات أخرى، تركت بصمتها و رحلت و أخرى لا زالت على قيد الحياة تُبْدِعُ، لكنها تكاد أن تكون نسيا منسيا كزهور ونيسي المجاهدة و الوزيرة المبدعة و هي اليوم بحاجة لمن ينفض عنها غبار السنين خاصة من الناحية الفكية و الثقافية ، هذا ما جاء في منتدى الكتاب حين استضافت المكتبة الولائية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بعاصمة الشرق الجزائري الأديب و الروائي باديس فوغالي و هو أستاذ بجامعة أم البواقي لعرض روايته الجديدة بعنوان "تداعيات عبر المدينة المسبعة بالجسور" و ذلك بحضور مديرة المكتبة الأستاذة لوصيف راضية و فريد زعيتر مدير الثقافة لولاية قسنطينة و بحضور وجوه أدبية و باحثين
( أين هي قسنطينة اليوم و أين هم أبناؤها.. سؤال يظل معلقا؟)
(المنسي مالك بن نبي.. مفكر تتجاهله الأقلام القسنطينية)
الحديث عن عاصمة الأمازيغ ( قسنطينة) كمدينة للعلم و العلماء هو حديث عن نخبتها ( مالك بن نبي، عبد الحميد ابن باديس ، زهور ونيسي و أحلام مستغانمي و شخصيات أخرى، تركت بصمتها و رحلت و أخرى لا زالت على قيد الحياة تُبْدِعُ، لكنها تكاد أن تكون نسيا منسيا كزهور ونيسي المجاهدة و الوزيرة المبدعة و هي اليوم بحاجة لمن ينفض عنها غبار السنين خاصة من الناحية الفكية و الثقافية ، هذا ما جاء في منتدى الكتاب حين استضافت المكتبة الولائية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بعاصمة الشرق الجزائري الأديب و الروائي باديس فوغالي و هو أستاذ بجامعة أم البواقي لعرض روايته الجديدة بعنوان "تداعيات عبر المدينة المسبعة بالجسور" و ذلك بحضور مديرة المكتبة الأستاذة لوصيف راضية و فريد زعيتر مدير الثقافة لولاية قسنطينة و بحضور وجوه أدبية و باحثين
طيناء هي الاسم القديم لمدينة قسنطينة عاصمة النوميديين شرق الجزائر و لها أسماء عديدة ، لكن الأديب باديس فوغالي فضل اسم طيناء، و هو بالفعل اسم أكثر جمالية من الأسماء الأخرى (سيرتا و قرطا و الصخر العتيق ..) ، و هذا إن دل على شيء ، فإنما يدل على مدى عشق الكاتب لمدينة الجسور المعلقة و هو الذي عنون روايته بـ: تداعيات عبر المدينة المسبعة بالجسور" ، الرواية هي عبارة عن أحاديث و عددها أربعون ( 40) حديثا كانت هاجسا مركزيا عاشه باديس فوغالي و هو يعبر عن قصته مع عشق أزليٍّ لمدينة قسنطينة أو طيناء كما يحب هو تسميتها، و قد كبر معه هذا الهاجس و ظل يسكن ذاكرته ليترجمه في هذه الرواية و هي تقع في 111 صفحة عرضها في منتدى الكتاب اعتادت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور على تنظيمه للتعريف بالكتاب و الروائيين و عشاق القلم، و كما قال هو ، فقسنطينة تسكنه ، و أينما انتقل تنتقل معه صورتها و من هذا العشق جاءت مجموعته القصصية و منها "طيناء"، هي الأسطورة التي أرخ لها الأدباء و المؤرخون فتأتي في قوالب مختلفة قد تكون قصة أو رواية أو في قالب شعري، و "طيناء" حسب باديس فوغالي هي أسطورة تروي أن ابنة أحد الملوك تعرضت لمرضٍ وهَمْيٍّ و استعصى علاجها، و لكن أحد الحكماء طلب من الملك أن يبني لها قصرا، و أطلق على القصر اسم "طيناء" .
في منتدى الكتاب وكعادته بصوته الصّدّاح أطلق باديس فوغالي العنان للسانه العروبي ليسترجع ذكرياته في هذه المدينة العريقة المعروفة بجسورها الثمانية و بأبوابها السبعة و بضريح ملكها النوميدي ماسينيسا و المعالم الرومانية التي لا تزال شاهدة على ما مرّ على هذه المدينة من معارك و حروب، ليسترجع ذكرياته في المدينة و صور أحيائها و أزقتها الضيقة ، درب السواح و الريميس و جسر الشيطان و أماكن تحكي عن حضارات، فكانت مدينة غير عادية، فهي كما يضيف ، فسيفساء لبنايات تركية تعبر عن أصالة العائلة التركية المحافظة، في هذه الرواية يوثق باديس فوغالي للعادات و التقاليد، و التظاهرات التي تقوم بها العائلة القسنطينية في كل سنة كتقطير الزهر في فصل الربيع، فقسنطينة مدينة عامرة بالأحداث التاريخية لكنها " أهملت" و أُحْرِقَتْ، يقول باديس فوغالي: كل التواريخ موجودة في المدن الكبرى، ماعدا المدن الجزائرية، فالفترة الإسلامية مقصوصة تماما، ولابد العودة إلى التاريخ الإسلامي و إحيائه من جديد، كما ذكر باديس فوغالي عن الجماعات الوافدين من فلسطين إلى قسنطينة، و لا أحد يعرف من هم و ةمن يقودهم و كيف قدموا وصلوا إليها، و في هذا الصدد انتقد باديس فوغالي تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 و وصفها بالفاشلة رغم ما استنزفته من أموال من الخزينة العمومية.
في رده على أسئلة المتدخلين يرى صاحب الرواية أن إعادة الاعتبار لمدينة قسنطينة أو "طيناء" كما يسميها هو، تحتاج إلى مخبر يشرف عليه خبراء و أكاديميون و ورشات عمل ليوثقوا كل الأحداث التي عاشتها المدينة و أعلامها و زوارها، و هي المدينة التي وقف على ترابها الشيخ محمد عبده، حين كانت معبرا للفقهاء و العلماء، لكن القليل جدا من يعرف قسنطينة و مؤسساتها كمدرسة "أوشام " ، إن قسنطينة اليوم لم تعد تنظم و لا ملتقى دولي مثل الملتقيات التي كانت تحتضنها جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، و لذا فالحديث عن قسنطينة كمدينة للعلم و العلماء هو حديث عن نخبتها ( مالك بن نبي، عبد الحميد ابن باديس ، زهور ونيسي و أحلام مستغانمي و شخصيات أخرى)، هي العبارة التي تدخلنا بها مقدمين المدرسة la medersa التي كانت تابعة لجامعة قسنطينة ، و تحولت إلى فضاء لعرض الألبسة و الأكلات التقليدية ، كذلك بالنسبة لـ: "مقهى النجمة" التي كانت ملتقى النخب و هي اليوم مغلقة منذ سنوات، لكن الروائي تحفظ عن الرد على سؤالنا : أين هي قسنطينة اليوم و أين هم أبناؤها؟.
المنسي مالك بن نبي.. مفكر تتجاهله الأقلام القسنطينية
ما يمكن ذكره أن مالك حداد كان حاضرا بقوة في لقاء باديس فوغالي خلال تدخل الأستاذ إخلف عبد السلام أستاذ جامعي لما اقترح أن تحول السلطات المحلية مسكن الكاتب مالك حداد إلى متحف يستقطب الزوار من الشباب و المهتمين، نشير هنا أن السلطات المحلية بولاية تيزي كانت قد حولت مسكن الشهيد عبان رمضان الكائن بدائرة الأربعاء ناث إيراثن و باتجاه بلدية إيرجن إلى متحف و هذا بين سنة 2010 أو 2012 ، ما يؤسف له هو أن مدينة قسنطينة أنجبت مفكرا و فيلسوفا اسمه مالك بن نبي و لكن الجميع يتجاهله و في مسقط رأسه، لولا الكرسي العلمي مالك بن نبي للبحوث و الدراسات بعاصمة الهضاب العليا الذي رفع طاقمه الغبار عن مالك بن نبي و أحياه ( معنويا) من جديد لظل مالك بن نبي نسيا منسيا و هو الذي أقبر و هو حيٌّ، و في هذا أشار الأستاذ الجامعي سعيد بحري أنه من واجب مثقفي المدينة أن يكتبوا عن الذاكرة و يواجهون ثقافة النسيان و أن يربطوا القديم بالحديث، فقسنطينة كما أضاف الدكتور سعيد بحري مدينة راقية في حضارتها، لكن مصابة بخيبة أمل ، و كما قال هو : حين نتحدث عن النموذج لا نعثر عليه، فقد دخل على قسنطينة التزييف الثقافي خارج الدين و العادات و لابد من أن يستعيد أبناء المدينة تراثهم و حضارتهم عن طريق الاهتمام بالجانب الثقافي.
علجية عيش