يمتزج إيقاع الطبول بضجيج الأبواق حتى كاد يصم الآذان، فيحتشد أهل القرية أمام المعبد الأحمر للقيام بالطقوس التى أخبرهم الكهنة أنها سترفع غضب الآلهة.
للمرة التاسعة يقيمون الطقوس ويقدمون القرابين التى لم تنفع فى شىء خلال ثمانية أسابيع متتالية قدموا فيها كل أسراهم.
وقفوا يتهامسون أن دم الغرباء زاد من غضبِ الآلهة ولم يطفئهُ، وحينما تعالت الهمسات وأصبحت لغطاً، قرر الكهنة الإذعان لمقولة الرجل العجوز بأن يكون القربان من أهل القرية ومن سلالة الجد الأكبر، نقى الدم ولم يختلط بدماءٍ غريب.
عندما رحل المقدس الأكبر عن عالمنا، منذ ثلاثة أهلة، أعلنت السماء صب اللعنات، كان المقدس هو ابن الآلهة المدلل، لذا انتشر الجدب فى الأرض، وهزلت الماشية و لم تعد تدر لبناً، من استطاع ذبحها قبل نفوقها استفاد ببضع كيلوجرامات قليلة من لحمها المتيبس، ومن لم يستطع فقد خسر كل شيء، لم تجد المحاصيل ما يرويها فماتت واستحالت تربة الأرض إلى صحراء، مات كل الأطفال المولودين منذ مات المقدس، ولم تنقذهم أى قرابين أو تضرع .
اجتمع الكهنة باحثين عن دم النقى كى يُقدموه قرباناً، فأحضروا ألواح الجص التى نُحت فيها سلسلة الأنساب منذ أن وطأ الجد الأول هذه القرية بادئا فيها بذرة الحياة، أحضروا الألواح المحفوظة فى السرداب والمدفونة تحت المعبد بجوار جثمان المقدس الملفوف بحرير أحمر لأنه اللون الذى تحبه الآلهة فتخفف على الروح طريقها إليهم، راجعوا كل الأنساب حتى وجدوا أن الحل مُستعصى، فالدم النقى الوحيد هو ابن المقدس الرضيع، هو من ورث الحكم عن أبيه بعد موتهِ، فوضع الكهنة اسمه مقدساً وتولوا إدارة الحكم حتى يصبح يافعاً.
وقعوا فى حيرة من أمرهم، فالعجوز أعلمهم أن النبوءة واضحة وأنهم من تحايلوا عليها منذ البدء بدم الغرباء: لن يكف الغضب سوى بدم نقى. بحثوا مرة أخرى فى الأنساب، فى هذه المرة وجدوا أن هناك شخصاً مناسباً، صانع الذهب الذى ورث الحرفة عن أبيه، هو من صنع كل مجوهرات المُقدس التى أخذها فى تابوته للحياة الأخرى، هو الصانع الذى يأتى لهُ كثير من الأثرياء من القرى المجاورة حتى يشتروا منه بعض تلك المجوهرات المصنوعة بدقة والمُزينة بأحجار نادرة، دمهُ نقي، فقط جدته لأمه كانت من سبايا إحدى الغارات على قرية بعيدة، الشرط واضح، دمٌ نقى لم تعكرهُ مياه غريبة لكن الوعاء الذى جرت فيه المياه لا يهم .
اتفق الكهنة فيما بينهم أنهم لن يخبروا الرجل العجوز عن الدم الأكثر نقاء، وهكذا خرجوا البارحة ليعلنوا أن الدم النقى الوحيد فى القرية هو صانع الذهب، ليتركوا الحكم لمن أضناهم الجوع، وأرق نومهم صوت أطفالهم الباكين، فهبوا مسرعين نحو بيت صاحب الدم النقى , أخرجوه من صومعتهِ مسحولاً على الأرض، كان مذهولاً لا يفهم ما يحدث .
علقوه اليوم على مذبح المعبد، مدبوغاً باللون المُقدس حتى ترضى الآلهة، فامتزج إيقاع الطبول بضجيج الأبواق حتى كاد يصم الآذان، ويتعالى معها أصوات أهل القرية فى تراتيل جائعة، مرهقة، يائسة .
يقف الكهنة فى نصف دائرة خلف القربان النحيل المصعوق، لم يكن هناك أشد صعقة منهُ سوى زوجته الشابة التى تزوجها قبل موت المقدس بيومٍ واحد . كانت المرأة تتمرغ فى الأرض باكية، تتضرع للآلهة، تتوسل للكهنة أن يبحثوا جيدا فى الأنساب، لكن لم يبالِ بها أحد، قلب امرأة وحيدة يتمزق أمام أفواه قرية كاملة جائعة، لن ينقذ القربان من مصيرهِ.
عندما انتهى الكهنة من التراتيل، تقدم الكاهن الأكبر مشهراً خنجره المقدس الذى زينهُ يوماً صانع الذهب بالأحجار والنقوش، ليتلو صلاة قصيرة ويشق صدر القربان بيدٍ ثابتة كأنه يؤدى أكثر المهام قدسية فى العالم، و يسيل الدم على المذبح وتهيم الروح تائهة فى المعبد باحثة عن طريقها للخلاص.
غاص أهل القرية فى نوم كان قد هجرهم منذ أن حلت اللعنات ظناً منهم أن الآلهة قد رضيت، بينما كان العجوز يعيد النبوءة فى ذهنه: إن لم تقدموا الدم الوحيد النقى كقربان، لن يتوقف غضب الآلهة، وستتوقف الحياة، وتوقفت.
للمرة التاسعة يقيمون الطقوس ويقدمون القرابين التى لم تنفع فى شىء خلال ثمانية أسابيع متتالية قدموا فيها كل أسراهم.
وقفوا يتهامسون أن دم الغرباء زاد من غضبِ الآلهة ولم يطفئهُ، وحينما تعالت الهمسات وأصبحت لغطاً، قرر الكهنة الإذعان لمقولة الرجل العجوز بأن يكون القربان من أهل القرية ومن سلالة الجد الأكبر، نقى الدم ولم يختلط بدماءٍ غريب.
عندما رحل المقدس الأكبر عن عالمنا، منذ ثلاثة أهلة، أعلنت السماء صب اللعنات، كان المقدس هو ابن الآلهة المدلل، لذا انتشر الجدب فى الأرض، وهزلت الماشية و لم تعد تدر لبناً، من استطاع ذبحها قبل نفوقها استفاد ببضع كيلوجرامات قليلة من لحمها المتيبس، ومن لم يستطع فقد خسر كل شيء، لم تجد المحاصيل ما يرويها فماتت واستحالت تربة الأرض إلى صحراء، مات كل الأطفال المولودين منذ مات المقدس، ولم تنقذهم أى قرابين أو تضرع .
اجتمع الكهنة باحثين عن دم النقى كى يُقدموه قرباناً، فأحضروا ألواح الجص التى نُحت فيها سلسلة الأنساب منذ أن وطأ الجد الأول هذه القرية بادئا فيها بذرة الحياة، أحضروا الألواح المحفوظة فى السرداب والمدفونة تحت المعبد بجوار جثمان المقدس الملفوف بحرير أحمر لأنه اللون الذى تحبه الآلهة فتخفف على الروح طريقها إليهم، راجعوا كل الأنساب حتى وجدوا أن الحل مُستعصى، فالدم النقى الوحيد هو ابن المقدس الرضيع، هو من ورث الحكم عن أبيه بعد موتهِ، فوضع الكهنة اسمه مقدساً وتولوا إدارة الحكم حتى يصبح يافعاً.
وقعوا فى حيرة من أمرهم، فالعجوز أعلمهم أن النبوءة واضحة وأنهم من تحايلوا عليها منذ البدء بدم الغرباء: لن يكف الغضب سوى بدم نقى. بحثوا مرة أخرى فى الأنساب، فى هذه المرة وجدوا أن هناك شخصاً مناسباً، صانع الذهب الذى ورث الحرفة عن أبيه، هو من صنع كل مجوهرات المُقدس التى أخذها فى تابوته للحياة الأخرى، هو الصانع الذى يأتى لهُ كثير من الأثرياء من القرى المجاورة حتى يشتروا منه بعض تلك المجوهرات المصنوعة بدقة والمُزينة بأحجار نادرة، دمهُ نقي، فقط جدته لأمه كانت من سبايا إحدى الغارات على قرية بعيدة، الشرط واضح، دمٌ نقى لم تعكرهُ مياه غريبة لكن الوعاء الذى جرت فيه المياه لا يهم .
اتفق الكهنة فيما بينهم أنهم لن يخبروا الرجل العجوز عن الدم الأكثر نقاء، وهكذا خرجوا البارحة ليعلنوا أن الدم النقى الوحيد فى القرية هو صانع الذهب، ليتركوا الحكم لمن أضناهم الجوع، وأرق نومهم صوت أطفالهم الباكين، فهبوا مسرعين نحو بيت صاحب الدم النقى , أخرجوه من صومعتهِ مسحولاً على الأرض، كان مذهولاً لا يفهم ما يحدث .
علقوه اليوم على مذبح المعبد، مدبوغاً باللون المُقدس حتى ترضى الآلهة، فامتزج إيقاع الطبول بضجيج الأبواق حتى كاد يصم الآذان، ويتعالى معها أصوات أهل القرية فى تراتيل جائعة، مرهقة، يائسة .
يقف الكهنة فى نصف دائرة خلف القربان النحيل المصعوق، لم يكن هناك أشد صعقة منهُ سوى زوجته الشابة التى تزوجها قبل موت المقدس بيومٍ واحد . كانت المرأة تتمرغ فى الأرض باكية، تتضرع للآلهة، تتوسل للكهنة أن يبحثوا جيدا فى الأنساب، لكن لم يبالِ بها أحد، قلب امرأة وحيدة يتمزق أمام أفواه قرية كاملة جائعة، لن ينقذ القربان من مصيرهِ.
عندما انتهى الكهنة من التراتيل، تقدم الكاهن الأكبر مشهراً خنجره المقدس الذى زينهُ يوماً صانع الذهب بالأحجار والنقوش، ليتلو صلاة قصيرة ويشق صدر القربان بيدٍ ثابتة كأنه يؤدى أكثر المهام قدسية فى العالم، و يسيل الدم على المذبح وتهيم الروح تائهة فى المعبد باحثة عن طريقها للخلاص.
غاص أهل القرية فى نوم كان قد هجرهم منذ أن حلت اللعنات ظناً منهم أن الآلهة قد رضيت، بينما كان العجوز يعيد النبوءة فى ذهنه: إن لم تقدموا الدم الوحيد النقى كقربان، لن يتوقف غضب الآلهة، وستتوقف الحياة، وتوقفت.