تُرى… ماذا تفعل عندك الآن؟ هل ترانى؟
أتشعر بمساحة الفقد التى تركتها منذ رحيلك؟ ماذا فعلت بى؟ ما زلت أرى عينيك تضحكان وانت تقف فاردا ذراعيك لاستقبالى:
-كنت أفكر فيكٍ قبل مجيئك بخمس ثوان وكأنما أستدعيك.
أضم كفيك بقوة وأجلس مرددة:
– إنك فعلا تستدعينى، فقد حلمت بك ليلة أمس وكأنما تنادينى.
يروح ويجىء فى المكان الضيق الذى اضطر للتواجد فيه بعد أن تزوج وأنجب بنتا وولدا…. مكتبة صغيرة اضطر للعمل فيها بعد أن شاخت سنينه
لكن روحه الشابة، كانت دوما مغادرة… هناك حيث البحر البعيد والبلاد الغريبة.
ركب البحر منذ صغره وطاف وجال وأبحر شرقاوغربا فوق أسطح المراكب وعاد كما رحل حافيا، خالى الوفاض إلا من متعة وخبرة وخيال.
بحار هو… يبحر داخل وجدان البشر، يعرفهم من عيونهم، يمس قلوبهم، فتفيض أرواحهم متآلفة معه منذ أول لقاء.
بحار هو… فى المعرفة، أبحر داخل الكتب الأدبية والتاريخية والفلسفية والتصوفية والسينما والمسرح والشعر و…
كان ببساطة يعشق البحر والمعرفة.
هكذا عرفته وهكذا تآلفت معه سريعا ولم نفترق… من الجائز أن تبعدنا المسافات، لكن أرواحنا تظل قريبة دافئة، فرحة باللقاء بعد غياب.
روى البحر بذرة الإبداع لديه، فأضحى فنانا، يكتب أشعارا ويصمم بأصابعه الرفيعة، الدقيقة، تصميمات ورقية وجلدية وعرائس وعلب هدايا وحقائب يد و… وغيره… وبيديه المعروقتين يضخ الحركة فيها، فتبدو وكأنها كائنات حية متدفقة بالحياة.
كنت أزوره فى مكتبته المحندقة الصغيرة، أنتقى بعض التصميمات، وأختار صورا بديعة، وكان فى كل مرة يهدينى علبة مزخرفة من صنع يديه ولا يتقبل ثمنها.
اختار لى مرة، أراجوز يرتدى رداء السوبرمان وقال لى مبتسما:
-إنه أراجوز هذه الأيام
هززت رأسى مرددة:
– كلنا يا عزيزى، أضحينا أراجوزات فى زمن السوبرمان.
انتقيت فى آخر زيارة له، عروسة على شكل ساحرة، عجوز ماكرة، أنفها طويل وعينيها كثقبىّ إبرتين وشعرها منكوش وتمسك مكنسة طويلة تصل إلى قمة قبعتها المدببة فوق رأسها.
يسائلنى ضاحكا:
– لديك عرائس متنوعة، أجمل من تلك القبيحة
وأقول له:
– إن فى القبح جمال أحيانا، ثم اننى أحتاجها لأنها تشبه شخصية فى روايتى الجديدة، شخصية ساحرة عجوز يصيبها مرض النسيان فتخطىء فى تركيباتها السحرية وتسبب مصائب.
يضرت كفا بكف صائحا:
– مجنونة!
أدق بقدمى على الأرض:
– انت المجنون!!
يهز رأسه ضاحكا:
– طبعا…. أنا لا أصاحب إلا المجانين أمثالى
أهدأ… فأقول:
– أتصدق…. حين أقابل شخصا يدعى إنه عاقل، أعرف إنه بدون شك مجنون
يضحك عاليا… يقف فجأة:
– تشربى شاى؟
وقبل أن أجيب، يأخذنى من ذراعى على أقرب مقهى، ليطلب اتنين شاى كشرى، سكر بره وواحد معسل والشيشة التفاح التى أحبها.
وهكذا… نجلس سويا… نحتسى الشاى ونثرثر مع حلقات الدخان… كان شرها فى تدخين السجائر العادية والمحشوة أحيانا ولا يقبل نصائح أو مواعظ فكنت أتركه بحريته واكتفى بمجالسته… نضحك… نبكى… ننم فى خلق الله… نقطع فروة فلان، ونبارك مزايا فلان وندردش فى آخر كتب قرأناها أو فيلم شاهدناه…. وتدور حلقات الدخان مع دوائر الكلام والزحام وسارينات العربات وأبواق البواخر الراحلة إلى البلاد الغريبة ووميض الفنار الذى يأتينا من بعيد.
وظللنا نتقابل ونفترق، نتقابل ونفترق إلى أن طال الغياب لسنوات…. عدت بعدها لأجده كورقة هشة جالسا فى ركن المكتبة فوق كرسى بلا ظهر وبين يديه كتاب مفتوح.
عرفنى من خطوتى، رفع رأسه:
– حمدا لله على السلامة، أتيتٍ فى الوقت المناسب، كنت أحتاجكٍ
وكأنما تبدل…. برزت عظام وجهه، سقط شعره وتاهت ابتسامته فى سحنته الضعيفة الغريبة.
اقتربت منه متسائلة:
– ما بك ؟
وبنصف ابتسامة رد:
– لا شىء… متعب فقط… وما هى إلا أيام وأعود لحالتى
تأملته صائحة:
– لكنك تبدو ضعيفا للغاية وواهنا
هز رأسه:
– هكذا أنا… حينما أخرج من جلسة الكيماوى
وكأنما لدغتنى حية، فسرى سمها فى جسدى وشلنى عن الحركة
صرخت:
– جلسة كيماوى… أهى العبارة هكذا… ! ولماذا لم تبلغنى؟ ليس لديك عذر… عندك رقم تليفونى ولم تتصل بى… كيف جرؤت على إخفاء الأمر عنى… لم يحدث أن أخفينا شيئا عن بعضنا من قبل
تنهد تنيدة متأسية:
– لم أشأ أن أزعجكٍ
دُرت حول نفسى، أخذتُ نفسا طويلا حتى أتماسك، أسندتُ ظهرى على الحائط البارد، شاردة:
” آه….. لا زلت أشم رائحة الكيماوى والمخدر والتعقيمات والملاءات البيضاء، وأرى لهاث الأطباء والممرضين والوجوه النحيلة للمرضى والشعور المتساقطة والعيون الحزينة وثقل الخوف الذى يملأ المكان”.
لما طال الصمت…. اقتربت منه، ربت على كتفه بحنو، محاولة التخفيف عنه، لونت صوتى بمرح مصطنع وقلت ساخرة من الموقف برمته:
– إياكَ أن تفعلها وتموت يا صاحبى، لن أغفر لك ابدا
ضحك كعادته…. أمسك يدى الباردة، أجلسنى بجواره… غير الموضوع كعادته، فهو لا يطيق الألم أو الحديث عنه.
قدم لى الكتاب المفتوح قائلا:
– تعرفى… أنا أقرأ كتاب اسمه “ذكاء المشاعر”.
رفعت حاجبىّ مندهشة، وقبل أن أتفوه بكلمة، قال:
– ذكاء القلب… كيف تكون المشاعر دليلك إلى الحب والجمال، كيف تثقين فى إحساسك، كيف توجهين مشاعرك فى الإتجاه الصائب
هذا ما قرأته من سطور حتى الآن….
أغلق الكتاب، وضعه فوق رف قريب، قائلا:
– سأعيرك إياه بعد انتهائى من قراءته، سوف يفيدك فى التعرف على عالم المشاعر.
داعبته:
– مالكَ انت والمشاعر، يا راجل لقد تخطينا الخمسين وأضحت ابنتك طولك، وابنك أطول منك.
ضحك:
– المشاعر لا علاقة لها بالسن
هززت رأسى مرددة:
– “قصر ديل”…. معقولة انى أحب واتحب فى سنى هذا… وأصبح ابنى رجلا يملأ هدومه ومقدم على زواج
وبعمق البحر ومداه، مست كلماته قلبى، حين همس لى قائلا:
– إذا كنت أنا أحبك…
ارتبكت…. رددت متجنبة النظر إليه:
-أعرف إنك تحبنى، أتريد أن تكون بيننا تلك العشرة الطويلة ولا تحبنى!
أشعل سيجارة…. أخذ نفسا قويا، تفخ دخانا فى وجهى قائلا:
– اسمعى الكلام… لا تتعبينى، لما أقول انى أحبك… فهذا يعنى انى أحبك
تنهدتُ مغتاظة:
– انت تقول كلاما ساخرا كعادتك، أتسخر منى؟ أم إنك نريد أن ترفع روحى المعنوية ليس أكثر…
سعل سعالا متقطعا، وبلهجة حاسمة ألجمتنى، قال:
– قلت لك انى أحبك… أحببتك منذ زمن مضى ولم أجرؤ على المكاشفة، ورحل كل منا بعيدا عن الآخر، لكن حنينى إليك كان يشدنى ويلقينى عند مرساك ٍكلما سنحت الفرصة… لا تسألينى كيف حدث ذلك ولماذا؟ فأنا نفسى لا أدرى!
وقفتُ فجأة… صائحة بغضب:
– أتبوح لى بحبك الآن وأنت على وشك……
نظرت فى عينيه… فتوقفت عن الكلام.
أمسك يدى…. أجلسنى…. ربت على كتفى بحنو:
– لا تخافى… لن أموت… فأنا أحب الحياة مثلما أحب البحر وعينيك… أعدك… لن أموت..
والآن…. أضع سماعة الهاتف… مصدومة بخبر موته… غير مصدقة انى لن أراه… لن أسمع صوته… لن أشاهد ضحكة عينيه أو أنصت إلى حكاويه الساخرة
أخلف وعده ورحل… وتركنى.. موجوعة بفقده ومغتاظة أسأله:
_ تُرى ماذا تفعل عندك الآن؟ هل ترانى؟
القاهرة ـ
أتشعر بمساحة الفقد التى تركتها منذ رحيلك؟ ماذا فعلت بى؟ ما زلت أرى عينيك تضحكان وانت تقف فاردا ذراعيك لاستقبالى:
-كنت أفكر فيكٍ قبل مجيئك بخمس ثوان وكأنما أستدعيك.
أضم كفيك بقوة وأجلس مرددة:
– إنك فعلا تستدعينى، فقد حلمت بك ليلة أمس وكأنما تنادينى.
يروح ويجىء فى المكان الضيق الذى اضطر للتواجد فيه بعد أن تزوج وأنجب بنتا وولدا…. مكتبة صغيرة اضطر للعمل فيها بعد أن شاخت سنينه
لكن روحه الشابة، كانت دوما مغادرة… هناك حيث البحر البعيد والبلاد الغريبة.
ركب البحر منذ صغره وطاف وجال وأبحر شرقاوغربا فوق أسطح المراكب وعاد كما رحل حافيا، خالى الوفاض إلا من متعة وخبرة وخيال.
بحار هو… يبحر داخل وجدان البشر، يعرفهم من عيونهم، يمس قلوبهم، فتفيض أرواحهم متآلفة معه منذ أول لقاء.
بحار هو… فى المعرفة، أبحر داخل الكتب الأدبية والتاريخية والفلسفية والتصوفية والسينما والمسرح والشعر و…
كان ببساطة يعشق البحر والمعرفة.
هكذا عرفته وهكذا تآلفت معه سريعا ولم نفترق… من الجائز أن تبعدنا المسافات، لكن أرواحنا تظل قريبة دافئة، فرحة باللقاء بعد غياب.
روى البحر بذرة الإبداع لديه، فأضحى فنانا، يكتب أشعارا ويصمم بأصابعه الرفيعة، الدقيقة، تصميمات ورقية وجلدية وعرائس وعلب هدايا وحقائب يد و… وغيره… وبيديه المعروقتين يضخ الحركة فيها، فتبدو وكأنها كائنات حية متدفقة بالحياة.
كنت أزوره فى مكتبته المحندقة الصغيرة، أنتقى بعض التصميمات، وأختار صورا بديعة، وكان فى كل مرة يهدينى علبة مزخرفة من صنع يديه ولا يتقبل ثمنها.
اختار لى مرة، أراجوز يرتدى رداء السوبرمان وقال لى مبتسما:
-إنه أراجوز هذه الأيام
هززت رأسى مرددة:
– كلنا يا عزيزى، أضحينا أراجوزات فى زمن السوبرمان.
انتقيت فى آخر زيارة له، عروسة على شكل ساحرة، عجوز ماكرة، أنفها طويل وعينيها كثقبىّ إبرتين وشعرها منكوش وتمسك مكنسة طويلة تصل إلى قمة قبعتها المدببة فوق رأسها.
يسائلنى ضاحكا:
– لديك عرائس متنوعة، أجمل من تلك القبيحة
وأقول له:
– إن فى القبح جمال أحيانا، ثم اننى أحتاجها لأنها تشبه شخصية فى روايتى الجديدة، شخصية ساحرة عجوز يصيبها مرض النسيان فتخطىء فى تركيباتها السحرية وتسبب مصائب.
يضرت كفا بكف صائحا:
– مجنونة!
أدق بقدمى على الأرض:
– انت المجنون!!
يهز رأسه ضاحكا:
– طبعا…. أنا لا أصاحب إلا المجانين أمثالى
أهدأ… فأقول:
– أتصدق…. حين أقابل شخصا يدعى إنه عاقل، أعرف إنه بدون شك مجنون
يضحك عاليا… يقف فجأة:
– تشربى شاى؟
وقبل أن أجيب، يأخذنى من ذراعى على أقرب مقهى، ليطلب اتنين شاى كشرى، سكر بره وواحد معسل والشيشة التفاح التى أحبها.
وهكذا… نجلس سويا… نحتسى الشاى ونثرثر مع حلقات الدخان… كان شرها فى تدخين السجائر العادية والمحشوة أحيانا ولا يقبل نصائح أو مواعظ فكنت أتركه بحريته واكتفى بمجالسته… نضحك… نبكى… ننم فى خلق الله… نقطع فروة فلان، ونبارك مزايا فلان وندردش فى آخر كتب قرأناها أو فيلم شاهدناه…. وتدور حلقات الدخان مع دوائر الكلام والزحام وسارينات العربات وأبواق البواخر الراحلة إلى البلاد الغريبة ووميض الفنار الذى يأتينا من بعيد.
وظللنا نتقابل ونفترق، نتقابل ونفترق إلى أن طال الغياب لسنوات…. عدت بعدها لأجده كورقة هشة جالسا فى ركن المكتبة فوق كرسى بلا ظهر وبين يديه كتاب مفتوح.
عرفنى من خطوتى، رفع رأسه:
– حمدا لله على السلامة، أتيتٍ فى الوقت المناسب، كنت أحتاجكٍ
وكأنما تبدل…. برزت عظام وجهه، سقط شعره وتاهت ابتسامته فى سحنته الضعيفة الغريبة.
اقتربت منه متسائلة:
– ما بك ؟
وبنصف ابتسامة رد:
– لا شىء… متعب فقط… وما هى إلا أيام وأعود لحالتى
تأملته صائحة:
– لكنك تبدو ضعيفا للغاية وواهنا
هز رأسه:
– هكذا أنا… حينما أخرج من جلسة الكيماوى
وكأنما لدغتنى حية، فسرى سمها فى جسدى وشلنى عن الحركة
صرخت:
– جلسة كيماوى… أهى العبارة هكذا… ! ولماذا لم تبلغنى؟ ليس لديك عذر… عندك رقم تليفونى ولم تتصل بى… كيف جرؤت على إخفاء الأمر عنى… لم يحدث أن أخفينا شيئا عن بعضنا من قبل
تنهد تنيدة متأسية:
– لم أشأ أن أزعجكٍ
دُرت حول نفسى، أخذتُ نفسا طويلا حتى أتماسك، أسندتُ ظهرى على الحائط البارد، شاردة:
” آه….. لا زلت أشم رائحة الكيماوى والمخدر والتعقيمات والملاءات البيضاء، وأرى لهاث الأطباء والممرضين والوجوه النحيلة للمرضى والشعور المتساقطة والعيون الحزينة وثقل الخوف الذى يملأ المكان”.
لما طال الصمت…. اقتربت منه، ربت على كتفه بحنو، محاولة التخفيف عنه، لونت صوتى بمرح مصطنع وقلت ساخرة من الموقف برمته:
– إياكَ أن تفعلها وتموت يا صاحبى، لن أغفر لك ابدا
ضحك كعادته…. أمسك يدى الباردة، أجلسنى بجواره… غير الموضوع كعادته، فهو لا يطيق الألم أو الحديث عنه.
قدم لى الكتاب المفتوح قائلا:
– تعرفى… أنا أقرأ كتاب اسمه “ذكاء المشاعر”.
رفعت حاجبىّ مندهشة، وقبل أن أتفوه بكلمة، قال:
– ذكاء القلب… كيف تكون المشاعر دليلك إلى الحب والجمال، كيف تثقين فى إحساسك، كيف توجهين مشاعرك فى الإتجاه الصائب
هذا ما قرأته من سطور حتى الآن….
أغلق الكتاب، وضعه فوق رف قريب، قائلا:
– سأعيرك إياه بعد انتهائى من قراءته، سوف يفيدك فى التعرف على عالم المشاعر.
داعبته:
– مالكَ انت والمشاعر، يا راجل لقد تخطينا الخمسين وأضحت ابنتك طولك، وابنك أطول منك.
ضحك:
– المشاعر لا علاقة لها بالسن
هززت رأسى مرددة:
– “قصر ديل”…. معقولة انى أحب واتحب فى سنى هذا… وأصبح ابنى رجلا يملأ هدومه ومقدم على زواج
وبعمق البحر ومداه، مست كلماته قلبى، حين همس لى قائلا:
– إذا كنت أنا أحبك…
ارتبكت…. رددت متجنبة النظر إليه:
-أعرف إنك تحبنى، أتريد أن تكون بيننا تلك العشرة الطويلة ولا تحبنى!
أشعل سيجارة…. أخذ نفسا قويا، تفخ دخانا فى وجهى قائلا:
– اسمعى الكلام… لا تتعبينى، لما أقول انى أحبك… فهذا يعنى انى أحبك
تنهدتُ مغتاظة:
– انت تقول كلاما ساخرا كعادتك، أتسخر منى؟ أم إنك نريد أن ترفع روحى المعنوية ليس أكثر…
سعل سعالا متقطعا، وبلهجة حاسمة ألجمتنى، قال:
– قلت لك انى أحبك… أحببتك منذ زمن مضى ولم أجرؤ على المكاشفة، ورحل كل منا بعيدا عن الآخر، لكن حنينى إليك كان يشدنى ويلقينى عند مرساك ٍكلما سنحت الفرصة… لا تسألينى كيف حدث ذلك ولماذا؟ فأنا نفسى لا أدرى!
وقفتُ فجأة… صائحة بغضب:
– أتبوح لى بحبك الآن وأنت على وشك……
نظرت فى عينيه… فتوقفت عن الكلام.
أمسك يدى…. أجلسنى…. ربت على كتفى بحنو:
– لا تخافى… لن أموت… فأنا أحب الحياة مثلما أحب البحر وعينيك… أعدك… لن أموت..
والآن…. أضع سماعة الهاتف… مصدومة بخبر موته… غير مصدقة انى لن أراه… لن أسمع صوته… لن أشاهد ضحكة عينيه أو أنصت إلى حكاويه الساخرة
أخلف وعده ورحل… وتركنى.. موجوعة بفقده ومغتاظة أسأله:
_ تُرى ماذا تفعل عندك الآن؟ هل ترانى؟
القاهرة ـ