كان لابد ان أفعل هذا…. أمسكتها بيدين مرتعشتين، وأطبقت على عنقها الغليظ … وضغطت بقوة حتى احمر وجهها … أنفرجت شفتاها … برزت عروق الوجه… تدلى لسانها، وندت عنها صرخات استنكار … ومالت خصلة طويلة من شعرها وحجبت عنى الوجه.. الوجه الذى قتلنى.. لذلك لم أجد بدا من قتله.. قتلنى دون سابق معرفة.. لم يعترف بوجودى .. ” نطفة.. ثم مضغة.. ثم علقة .. ثم.. لحما” اعتبرنى عدما كأنى لم أولد .. كثيرا ما كنت أتحسسها فلا أجدها .. أبحث عنها هنا وهناك .. لكن دون جدوى … أول الخليط كذبت أفكارى وأحلامى المزعجة التى تنتابنى .. أتململ فى الفراش … وأمد ذراعى عن أخرها لاحتويها .. ويتسلل مثل الصرصار .. ويطن صرير الباب فى سمعى .. وثمة أصوات مبحوحة لعلها انين شخص ما… تنطفئ الكهرباء .. وتحدق فى عينان كأنها تعلن أنها لا تعمل فى الخفاء … يجتاحنى خوف دفين… فأغمض عينى .. وأشد اللحاف حتى نهاية رأسى .. أبسط يدى جانبى… تغوض فى الحاشية .. وأنظر لأرى ألا مسافة بينهما… تلتصق به دون خجل … ألبسها وجهه فتبدل وجهها ليصير الوجه الآخر .. حاولت أن أمسك أعصابى.. لكنى لم أتمكن.. فاجتناب الخطأ مستحيل!.
* مجلة الإنسان والتطور/ عدد أكتوبر 1983
* مجلة الإنسان والتطور/ عدد أكتوبر 1983