لست استثنائية
تأليف : عزت كوشجير
ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم
الشخصيات :
كريستال : امرأة أمريكية بيضاء فى أواخر الثلاثينات
سارة : أمريكية من أصل إيرانى – خبيرة فى تقليم الأظفار ، أنيقة الملبس فى منتصف الأربعينات
ماريا : أمريكية من أصل مكسيكى ، عاملة تنظيف فى أواخر الأربعينات .
( لكل امرأة من الثلاثة لكنها الخاصة بها )
المكان : محطة حافلات فى الجانب الشمالى من المدينة فى منطقة الضواحى .
الإعداد : على أريكة فى محطة الحافلات تجلس ماريا وهى تنظر أمامها . تقف سارة بالقرب من علامة المحطة ، عند قدوم حافلة ، تدخل كريستال وهى تحمل حقيبتين ، تقفز النساء الثلاثة من أماكنهن ، ويتطلعن إلى الحافلة القادمة فى الاتجاه المعاكس ، ويستعددن لركوب الحافلة ، تمر الحافلة دون تتوقف لهن . يصرخن وراء الحافلة فى لهجات مختلفة .
كريستال : ماذا بحق اللعنة ! ماذا تعمل ؟ كنت على وشك أن تطيح بى . أنت أطراش . أن تطيح بى . أنت أطرش . ألا يمكن أن ترى العلامة المعلقة .
سارة : قف ! قف !
ماريا : قف ! قف من فضلك .
كريستال : أعمل لمدة اثنى عشرة ساعة ، ثم تتركنى أنت فى الشارع هكذا .
ماريا : كاريجوا ! كاريجوا ( اللعنة اللعنة !، أى اللعنة باللغة الاسبانية )
كريستال : وضح قدومه على الدواسة وقاد العربة دون أن يتوقف ، لأننى بيضاء !
( تجلس سارة وماريا على الأريكة ، ماتزال كريستال تتطلع إلى الجانب الأيمن ، غادرت الحافلة شمالاً .تبدو النساء الثلاثة مرهقتا منزعجات )
كريستال : أنا عنى ما أقول ! لقد حدث ذلك مرات ومرات ...
ماريا : أنا غاضبة جداً .
كريستال : الآن علينا أن ننتظر لأكثر من خمس وأربعين دقيقة . النذل .
سارة : لا أستطيع أن أصدق ذلك
كريستال : أنا لا أتطلع إلى معاملة خاصة ! هل تعتقدان أنكما فقط المضطرتان إلى العمل ؟
( وقفة )
لو استطعت أن أدخل الحافلة ، لابد أن أقول له أنه خراء .
سارة : لقد غادر للتو ، ولم ينتظرنا !
( صمت )
( بأسلوب مهذب و عصرى تنظر سارة لى ماريا ثم إلى كريستال )
كريستال : انا أعمل فى ثلاثة وظائف ، الوغد .
( تحدق سارة فى كريستال )
كريستال : ماذا ؟
( تبتسم سارة مع شعور بالتعاطف معها )
كريستال : ماذا ؟
( تهز سارة رأسها مع شعور بالتعاطف معها )
كريستال : ماذا ؟
( تهز سارة رأسها وتبتسم من جديد )
كريستال : هل أنت من بورتويكو ؟
سارة : لا !
كريستال : مكسيكية ؟
سارة : لا .
كريستال : هل أنت من إفريقيا ؟
سارة : لا .
كريستال : من أين أنت ؟
( سارة تغنى فى لهجة سوبرانو )
سارة : ( تغنى لنفسها ) الجميع يسألنى .
من أين قدمت ؟
لقد ولدت على هذه الأرض .
أفضل الصمت .
لأن لهجتى .
يمكن أن تكشف عن موطنى الأصلى !
كريستال : هيا ! من أين أتيت !
سارة : ( تغنى لنفسها ) لو قلت ذلك .
فإنها ستجد .
تلك الكلمة السيئة
إرهابية
سوف تخطر على ذهنها
كريستال : من أى مكان فى إفريقيا ؟
سارة : أنا ... فارسية !
كريستال : أين تلك ؟
سارة : ( تغنى لنفسها ) ذلك عظيم ،
فى لوحتها .
ربما ، ليس هناك صورة من الكراهية .
كريستال : أه ! هل يوجد سود البشرة فى بلدكم ؟
سارة : نعم ، فى الجزء الجنوبى .
كريستال : هنا ، فى هذا الجانب الشمالى ، هناك العديد من العصابات ! كما تعرفين ، إنهن يبيعن المخدرات ، ويتسكعن أمام محلات البيع، أتودين أن تعرفى كيف ينظرن إليك ؟ إنهن ينظرن إليك مثل البوم السخيف ! يجرونك مثل الذئاب ، ثم يمزقن ملابسك ... نعم ، يمزقنك .
( تنظر ماريا بعيداً )
كريستال : إنهن حفنة من العصابات كسالى لا يريدن أن يعملن ،إنهن جميعاً فتيات ،كما تعرفين
( وقفة )
أنا أكرههن .
ماريا : ( إلى نفسها ) مؤلم جداً ( بالإسبانية )
كريستال : هل لديك عصابات فى بلدك؟
سارة : ( تغنى لنفسها ) كيف يمكن ان أجيب ؟ العصابات فى كل مكان !
( تنظر سارة إلى كريستال وتهز رأسها )
كريستال : هل يوجد مكسيكون فى بلدك .
سارة : ربما يوجد هناك ... لست متأكدة .
كريستال : أكرهها ....
( تنظر ماريا فى صدمة إلى كريستال ثم تحدق فى الأفق فى البعيد من جديد )
ماريا : ( لنفسها بالاسبانية ) وأنا أيضاً أكرهك !
كريستال : إنهم عنصريون جميعهم عنصريون .
ماريا : ( لنفسها ) إنها لا تعرف أننى أفهم كل ما تقوله
كريستال : يكرهوننى لأننى بيضاء ! أكرههم .
( صمت )
سارة : ( تحدق فيها للحظة ، ثم تغنى لنفسها ) لا أستطيع أن أمنع دموعى ! ليست الكراهية من طبعى .
( صمت )
( تمسح سارة دموعها )
كريستال : إنهم إرهابيون ، جميعهم ارهابيون !
مارياً : آى ، آى ، آى ، يا، يا .
كريستال : يعيرون الحدود ، يأتون إلى بلدى ويرعبوننى ! يحاولون أن يمتصوا اقتصادنا يحصلون على السيارات مجاناً ، ومنزل مجانى و وبنزين مجانى ! إنهم يريدون يأخذون كل هذا ! إنه يريدون يأخذون كل هذا ! إنهم يريدون أن يأخذوا ويأخذو لأنهم يعتقدون أنهم يستمتعون ذلك . إنهم غيورون ، لأننا أغنياء ، وأننا أقوياء ونحن الأفضل فى العالم ! أغنياء وجمال ! نعم إنه غيورون !
( صمت )
سارة : ( تغنى لنسها ) عندما تكرهين .
تعتقدين أنك تكرهين ، لكنك فى الواقع لا تكرهين .
أنت تحبين !
كريستال : أنا لست كسولة ! أنا أعمل ، أنا لا أنتظر الصدقات لرعاية أطفالى !
( صمت )
سارة : هل يمكن أعرف أسمك ؟
كريستال : ماذا ؟
سارة : اسمك ؟
كريستال : لأجل ماذ تريدين ذلك ؟
سارة : أنا ... فقط ... أنا سارة .
كريستال : ( تنظر إليها فى تمعن ) كريستال .
سارة : كريستال .
كريستال : نعم !
سارة : كريستال ، إنه اسم موسيقى ، إنه واضح مثل ...
كريستال : اسمتنى أمى كريستال .
سارة : زجاج
كريستال : ماذا ؟
سارة : اسمك جميل !
( صمت ، مازالت ماريا تحدق فى الأفق )
( تنظر كريستال عبر حقيبتها الكبيرة وتأخد كيسا من رقائق البطاطس وتشرع فى أكله بصوت عالٍ )
كريستال : ليس لى علاقة بهم ... وليس لدى ما أفعله معهم على أى نحو نهم يأتون إلى بلدك ويتحرشون بك !
أكرههم ، أكرههم ، أكرههم جميعاً .
ماريا : آى آى يا يا
كريستال : هل يوجد لديكم إرهابيون فى بلدكم ؟
سارة ( تغنى لنفسها ) هذا العالم يخيفينى
سارة : أنا ... أنا لا أعرف ! لا !
كريستال : إنهم جميعاً إرهابيون ! كل المهاجرين ، جميعهم .
( صوت قضم رقائق البطاطس مع كل جملة يكون بصوت مخلتف )
سارة : ( لنفسها ) إنها تجعلنى أشعر بالجوع .
كريستال : إنهم كسالى ويسرقون وظائفنا لابد أن يعودوا إلى بلادهم ! جميع المهاجرين ! جميعهم .
ماريا ( إلى نفسها ) إنها تضغط على أعصابى إننا لا نصدر مثل هذه الأصوات عندما نأكل رقائق البطاطس.
كريستال : هذه العصابات فى الجانب الشمالى ... انهم يدعوننى قمامة بيضاء ، حمارة عنصرية ... مهاجرون أغبياء .
( تمضغ رقائق البطاطس)
كما تعرفين ، عندما كنت طفلة صغيرة ، لم أعامل أحداً بشكل سئ ... ولم أسأل أحداً مطلقاً من يكون أو من أين أتى ؟ ... لقد فقدت منزلى و سيارتى لأن هناك مهاجرين ملعونين ، كنت امتلك منزلاً ذات يوم ، ثم أتى البنك وأخذه . هكذا .
سارة : ( تغنى لنفسها ) هشة مثل الزجاج .
كريستال : إنهم يحضرون إلى المدينة فى دفعات دفعات ويريدون أن يكونوا عصابات قوية ! لكن ، لأنهم رجال ميتون
( تضع رقائق البطاطس وتلعق أصابعها )
سارة : ( تغنى لنفسها ) أنا جائعة جداً .
كريستال: هل أنت مع العصابات ؟
سارة : معذرة ؟
كريستال : هل تعرفين عصابتى ؟
سارة : ( بهدوء ) لا .
كريستال : هذه العصابات تأخذك من الشوارع ويغتصبونك فى الأزقة ! من الشوارع إلى الأزقة . نعم ، من الشوارع إلى الازقة ...
( تمضغ رقائق البطاطس)
أنا جميلة ... أنا لطيفة !
سارة : نعم !
( لا تهتم كريستال بما تقوله سارة )
كريستال : مهاجرون ملعونون !
سارة : ( تغنى لنفسها ) أنا جائعة جداً ! أريد أن أكل بعض الرقائق !
سارة : هل تعملين هنا ؟
كريستال : نعم ! نعم أعمل فى ثلاث وظائف ، فقط لكى أقيم أودى !
سارة : أنت تعملين فى هذه البناية بالقرب من الطريق السريع ؟
كريستال : أنا أعمل فى هذه البناية فى أيام الاثنين والأربعاء والجمعة ! أعمل فى منزل ، أنا أعمل مساعدة منزل .
سارة : ولا وظيفة سهلة !
كريستال : أنا أقوم برعاية هذه السيدة العجوز . ثقيلة الوزن ، 300 رطل، ثقيلة ... أنت تعرفين ، ماذا يعنى ذلك ؟ ثقيلة جداً ! كما تعرفين !
سارة : أعرف .
كريستال : يجب أن أقوم بتحميمها كل يوم ، وأدخلها الحمام كل نصف ساعة ! أوه ، ياه ، إنها ثقيلة !.... ...
( وقفة )
كريستال : ماذا تعلمين أنت ؟
سارة : كنت أنوى أن أكون ... مغنية أوبرالية .
كريستال : ماذا تقصدين ؟
سارة : أغنى !
كريستال : ماذا تعملين هنا ؟
سارة : لم يكن مسموحاً لى بالغناء فى بلدى ولم أستطع الغناء هنا أيضاً ! أنا أعمل فى صالون تجميل للأظافر .
كريستال : لديك أظافر جميلة !
سارة : كان على أن أتعلم كيف تقلم الأظافر ... لا توجد وظيفة فى مجال عملى ! كما تعرفين ، أن تكونى مغنية فى المنفى ، فهذا يعنى أنك لن تتمكنى من دفع الفواتير .
كريستال : ماذا ؟
سارة : أنا مغنية فى المنفى ! مهاجرة !
كريستال : هل أنت مهاجرة ؟
سارة : نعم !
كريستال : أنت لا تبدين مثل مهاجرة !
سارة : بل أنا مهاجرة !
كريستال : حسناً ، هل يمكن أن تغنى قليلاً ...
سارة : هل يمكن أخذ منك بعض رقائق البطاطس ؟
كريستال : هل تريدين رقائق ؟
سارة : لا توجد معى أى وجبات خفيفة .
كريستال : نعم ... خذى قليلاً ..
( تقدم لها كيس رقائق البطاطس ، تأخذ سارة قليلاً ثم تعطى البعض منه إلى ماريا )
سارة : هل يمكن ؟
كريستال : بالتأكيد .
ماريا : شكراً . لا . لا أريد .
كريستال : ألا تتحدثين الانجليزية !
( وقفة )
خذى قليلاً !
سارة : من فضلك !
ماريا : لا .
كريستال : غنى الأن !
سارة : لم أغنى من وقت طويل حتى بعد أن عشت فى المنفى !
كما تعرفين ... كان عندى نزلة برد من الأسبوع الماضى ....
كريستال : هيا ...
( تبدأ سارة فى الغناء تنظر ماريا إلى سارة فى دهشة )
سارة : ( تغنى ) من أجمل ما سمعت قديماً
ماريا ، ماريا ، ماريا ، ماريا
(جميع الأصوت الجميلة فى كلمة واحدة)
ماريا ، ماريا ، ماريا ، ماريا
ماريا ، ماريا
ماريا
التقيت للتو فتاة اسمها ماريا
وفجأة ذلك الأسم .
لن يكون هو نفسه
بالنسبة لى
ماريا
أنا قبلت للتو فتاة تسمى ماريا
وفجأة وجدت
كم هى رائعة لفظة
ماريا .
( الجميع يغنى معاً )
ماريا ماريا ماريا ماريا
سارة : ماريا ...
كريستال : ( إلى ماريا ) لديها صوت جميل ، أليس كذلك ؟
ماريا : ( بالاسبانية ) نعم . نعم ( إلى سارة ) اسمى هو ماريا .
سارة : أوه ...
ماريا : أغنى هذه الأغنية أثناء العمل .
سارة : هل أنت مغنية أيضاً ؟
ماريا : لا ، أنا منظفة منازل
( مع ابتسامة واثقة )
اعتاد زوجى أن يغنى لى عندما كنت صغيرة .
سارة : هل لديك ذكرى خاصة حول هذه الأغنية ؟
( ماريا تومئ )
ماريا : لقد ضرب بالنار على الحدود ! لقد مات .
سارة : آسفة .
( صمت )
سارة : إنها تمطر .
كريستال : وليست هناك حافلة .
سارة : لقد تأخرت .
كريستال : كم الساعة ؟
سارة : سبعة ونصف .
كريستال : يستغرق الأمر معى ساعتين على الأقل للوصول إلى المنزل .
( تفتح كريستال حقيبة سفرها وتأخذ بعض المجلات ، توزعها على ماريا وسارة )
كريستال : أوه ، هنا ، هنا . ضعيها فوق رأسك ! يمكن أن تحميكن من المطر !
ماريا : معى مظلة .
( تفتش عبر حقيبتها )
( صمت )
كريستال : من أين ؟
ماريا : المكسيك
( تخرج مارا مظلة سمراء من حقيبتها وتفتحها )
ماريا : اقتربا !
( تقترب النسوة الثلاثة من بعضهن البعض )
كريستال : ( إلى سارة )هل تريدين مزيداً من رقائق البطاطس ؟
سارة : نعم ، شكراً لك .
كريستال : ( إلى ماريا ) هل تودين قليلاً ؟
( لا تجيب ماريا )
كريستال : خذى قليلاً يا ماريا .
سارة : ماريا من فضلك .
( تأخذ ماريا بعض رقائق البطاطس ، تأكلن النسوة الثلاثة رقائق البطاطس بطرق مختلفة )
( صمت )
كريستال : لقد أحببت رجلاً مكسيكياً ، كان اسمه بيردوا .
( تأكل النساء الثلاثة رقائق البطاطس تحت المظلة )
( النهاية)
[URL]http://alantologia.com/data/xengallery/1/1022-af552c01f9fd3a7fa3b7d2fa1cf102f6.jpg[/URL]
تعريف بالمؤلفة : عزت كوشجير / Ezaat Goushegir
ولدت الكاتبة عزت السادات كوشجير في إيران عام 1952 . حصلت علي شهادة البكارليوس في المسرح والاَداب الدراسية من كلية الفنون المسرحية بطهران , هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986 حيث حصلت فيها علي شهادة الماجستير من جامعة اَيوا قسم المسرح . تعمل عزت كوشيجير كاتبة مسرحية وناقدة سينمائية وشاعرة نشرت أربعة كتب باللغة الفارسية ، ضمت كل مجموعاتها في القصة القصيرة : المرأة والحجرة والحب ـ فجأة بكي النمر ـ الهجرة إلي الشمس ديوان شعر . ولها ( التحويل ـ حمل مريم) مسرحيتان . وقد حصلت بعض مسرحيات عزت كوشجير علي جوائز عالمية في المسرح . وهي فوق هذا عضو فعال ونشط تشارك بإبداعها في عدد من المجلات الأدبية المعروفة ، حيث نشرت كتابتها في إيران وفرنسا وكندا وألمانيا . وتقوم الاَن بتدريس مادة الكتابة المسرحية في جامعة دي باول في شيكاغو
تأليف : عزت كوشجير
ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم
الشخصيات :
كريستال : امرأة أمريكية بيضاء فى أواخر الثلاثينات
سارة : أمريكية من أصل إيرانى – خبيرة فى تقليم الأظفار ، أنيقة الملبس فى منتصف الأربعينات
ماريا : أمريكية من أصل مكسيكى ، عاملة تنظيف فى أواخر الأربعينات .
( لكل امرأة من الثلاثة لكنها الخاصة بها )
المكان : محطة حافلات فى الجانب الشمالى من المدينة فى منطقة الضواحى .
الإعداد : على أريكة فى محطة الحافلات تجلس ماريا وهى تنظر أمامها . تقف سارة بالقرب من علامة المحطة ، عند قدوم حافلة ، تدخل كريستال وهى تحمل حقيبتين ، تقفز النساء الثلاثة من أماكنهن ، ويتطلعن إلى الحافلة القادمة فى الاتجاه المعاكس ، ويستعددن لركوب الحافلة ، تمر الحافلة دون تتوقف لهن . يصرخن وراء الحافلة فى لهجات مختلفة .
كريستال : ماذا بحق اللعنة ! ماذا تعمل ؟ كنت على وشك أن تطيح بى . أنت أطراش . أن تطيح بى . أنت أطرش . ألا يمكن أن ترى العلامة المعلقة .
سارة : قف ! قف !
ماريا : قف ! قف من فضلك .
كريستال : أعمل لمدة اثنى عشرة ساعة ، ثم تتركنى أنت فى الشارع هكذا .
ماريا : كاريجوا ! كاريجوا ( اللعنة اللعنة !، أى اللعنة باللغة الاسبانية )
كريستال : وضح قدومه على الدواسة وقاد العربة دون أن يتوقف ، لأننى بيضاء !
( تجلس سارة وماريا على الأريكة ، ماتزال كريستال تتطلع إلى الجانب الأيمن ، غادرت الحافلة شمالاً .تبدو النساء الثلاثة مرهقتا منزعجات )
كريستال : أنا عنى ما أقول ! لقد حدث ذلك مرات ومرات ...
ماريا : أنا غاضبة جداً .
كريستال : الآن علينا أن ننتظر لأكثر من خمس وأربعين دقيقة . النذل .
سارة : لا أستطيع أن أصدق ذلك
كريستال : أنا لا أتطلع إلى معاملة خاصة ! هل تعتقدان أنكما فقط المضطرتان إلى العمل ؟
( وقفة )
لو استطعت أن أدخل الحافلة ، لابد أن أقول له أنه خراء .
سارة : لقد غادر للتو ، ولم ينتظرنا !
( صمت )
( بأسلوب مهذب و عصرى تنظر سارة لى ماريا ثم إلى كريستال )
كريستال : انا أعمل فى ثلاثة وظائف ، الوغد .
( تحدق سارة فى كريستال )
كريستال : ماذا ؟
( تبتسم سارة مع شعور بالتعاطف معها )
كريستال : ماذا ؟
( تهز سارة رأسها مع شعور بالتعاطف معها )
كريستال : ماذا ؟
( تهز سارة رأسها وتبتسم من جديد )
كريستال : هل أنت من بورتويكو ؟
سارة : لا !
كريستال : مكسيكية ؟
سارة : لا .
كريستال : هل أنت من إفريقيا ؟
سارة : لا .
كريستال : من أين أنت ؟
( سارة تغنى فى لهجة سوبرانو )
سارة : ( تغنى لنفسها ) الجميع يسألنى .
من أين قدمت ؟
لقد ولدت على هذه الأرض .
أفضل الصمت .
لأن لهجتى .
يمكن أن تكشف عن موطنى الأصلى !
كريستال : هيا ! من أين أتيت !
سارة : ( تغنى لنفسها ) لو قلت ذلك .
فإنها ستجد .
تلك الكلمة السيئة
إرهابية
سوف تخطر على ذهنها
كريستال : من أى مكان فى إفريقيا ؟
سارة : أنا ... فارسية !
كريستال : أين تلك ؟
سارة : ( تغنى لنفسها ) ذلك عظيم ،
فى لوحتها .
ربما ، ليس هناك صورة من الكراهية .
كريستال : أه ! هل يوجد سود البشرة فى بلدكم ؟
سارة : نعم ، فى الجزء الجنوبى .
كريستال : هنا ، فى هذا الجانب الشمالى ، هناك العديد من العصابات ! كما تعرفين ، إنهن يبيعن المخدرات ، ويتسكعن أمام محلات البيع، أتودين أن تعرفى كيف ينظرن إليك ؟ إنهن ينظرن إليك مثل البوم السخيف ! يجرونك مثل الذئاب ، ثم يمزقن ملابسك ... نعم ، يمزقنك .
( تنظر ماريا بعيداً )
كريستال : إنهن حفنة من العصابات كسالى لا يريدن أن يعملن ،إنهن جميعاً فتيات ،كما تعرفين
( وقفة )
أنا أكرههن .
ماريا : ( إلى نفسها ) مؤلم جداً ( بالإسبانية )
كريستال : هل لديك عصابات فى بلدك؟
سارة : ( تغنى لنفسها ) كيف يمكن ان أجيب ؟ العصابات فى كل مكان !
( تنظر سارة إلى كريستال وتهز رأسها )
كريستال : هل يوجد مكسيكون فى بلدك .
سارة : ربما يوجد هناك ... لست متأكدة .
كريستال : أكرهها ....
( تنظر ماريا فى صدمة إلى كريستال ثم تحدق فى الأفق فى البعيد من جديد )
ماريا : ( لنفسها بالاسبانية ) وأنا أيضاً أكرهك !
كريستال : إنهم عنصريون جميعهم عنصريون .
ماريا : ( لنفسها ) إنها لا تعرف أننى أفهم كل ما تقوله
كريستال : يكرهوننى لأننى بيضاء ! أكرههم .
( صمت )
سارة : ( تحدق فيها للحظة ، ثم تغنى لنفسها ) لا أستطيع أن أمنع دموعى ! ليست الكراهية من طبعى .
( صمت )
( تمسح سارة دموعها )
كريستال : إنهم إرهابيون ، جميعهم ارهابيون !
مارياً : آى ، آى ، آى ، يا، يا .
كريستال : يعيرون الحدود ، يأتون إلى بلدى ويرعبوننى ! يحاولون أن يمتصوا اقتصادنا يحصلون على السيارات مجاناً ، ومنزل مجانى و وبنزين مجانى ! إنهم يريدون يأخذون كل هذا ! إنه يريدون يأخذون كل هذا ! إنهم يريدون أن يأخذوا ويأخذو لأنهم يعتقدون أنهم يستمتعون ذلك . إنهم غيورون ، لأننا أغنياء ، وأننا أقوياء ونحن الأفضل فى العالم ! أغنياء وجمال ! نعم إنه غيورون !
( صمت )
سارة : ( تغنى لنسها ) عندما تكرهين .
تعتقدين أنك تكرهين ، لكنك فى الواقع لا تكرهين .
أنت تحبين !
كريستال : أنا لست كسولة ! أنا أعمل ، أنا لا أنتظر الصدقات لرعاية أطفالى !
( صمت )
سارة : هل يمكن أعرف أسمك ؟
كريستال : ماذا ؟
سارة : اسمك ؟
كريستال : لأجل ماذ تريدين ذلك ؟
سارة : أنا ... فقط ... أنا سارة .
كريستال : ( تنظر إليها فى تمعن ) كريستال .
سارة : كريستال .
كريستال : نعم !
سارة : كريستال ، إنه اسم موسيقى ، إنه واضح مثل ...
كريستال : اسمتنى أمى كريستال .
سارة : زجاج
كريستال : ماذا ؟
سارة : اسمك جميل !
( صمت ، مازالت ماريا تحدق فى الأفق )
( تنظر كريستال عبر حقيبتها الكبيرة وتأخد كيسا من رقائق البطاطس وتشرع فى أكله بصوت عالٍ )
كريستال : ليس لى علاقة بهم ... وليس لدى ما أفعله معهم على أى نحو نهم يأتون إلى بلدك ويتحرشون بك !
أكرههم ، أكرههم ، أكرههم جميعاً .
ماريا : آى آى يا يا
كريستال : هل يوجد لديكم إرهابيون فى بلدكم ؟
سارة ( تغنى لنفسها ) هذا العالم يخيفينى
سارة : أنا ... أنا لا أعرف ! لا !
كريستال : إنهم جميعاً إرهابيون ! كل المهاجرين ، جميعهم .
( صوت قضم رقائق البطاطس مع كل جملة يكون بصوت مخلتف )
سارة : ( لنفسها ) إنها تجعلنى أشعر بالجوع .
كريستال : إنهم كسالى ويسرقون وظائفنا لابد أن يعودوا إلى بلادهم ! جميع المهاجرين ! جميعهم .
ماريا ( إلى نفسها ) إنها تضغط على أعصابى إننا لا نصدر مثل هذه الأصوات عندما نأكل رقائق البطاطس.
كريستال : هذه العصابات فى الجانب الشمالى ... انهم يدعوننى قمامة بيضاء ، حمارة عنصرية ... مهاجرون أغبياء .
( تمضغ رقائق البطاطس)
كما تعرفين ، عندما كنت طفلة صغيرة ، لم أعامل أحداً بشكل سئ ... ولم أسأل أحداً مطلقاً من يكون أو من أين أتى ؟ ... لقد فقدت منزلى و سيارتى لأن هناك مهاجرين ملعونين ، كنت امتلك منزلاً ذات يوم ، ثم أتى البنك وأخذه . هكذا .
سارة : ( تغنى لنفسها ) هشة مثل الزجاج .
كريستال : إنهم يحضرون إلى المدينة فى دفعات دفعات ويريدون أن يكونوا عصابات قوية ! لكن ، لأنهم رجال ميتون
( تضع رقائق البطاطس وتلعق أصابعها )
سارة : ( تغنى لنفسها ) أنا جائعة جداً .
كريستال: هل أنت مع العصابات ؟
سارة : معذرة ؟
كريستال : هل تعرفين عصابتى ؟
سارة : ( بهدوء ) لا .
كريستال : هذه العصابات تأخذك من الشوارع ويغتصبونك فى الأزقة ! من الشوارع إلى الأزقة . نعم ، من الشوارع إلى الازقة ...
( تمضغ رقائق البطاطس)
أنا جميلة ... أنا لطيفة !
سارة : نعم !
( لا تهتم كريستال بما تقوله سارة )
كريستال : مهاجرون ملعونون !
سارة : ( تغنى لنفسها ) أنا جائعة جداً ! أريد أن أكل بعض الرقائق !
سارة : هل تعملين هنا ؟
كريستال : نعم ! نعم أعمل فى ثلاث وظائف ، فقط لكى أقيم أودى !
سارة : أنت تعملين فى هذه البناية بالقرب من الطريق السريع ؟
كريستال : أنا أعمل فى هذه البناية فى أيام الاثنين والأربعاء والجمعة ! أعمل فى منزل ، أنا أعمل مساعدة منزل .
سارة : ولا وظيفة سهلة !
كريستال : أنا أقوم برعاية هذه السيدة العجوز . ثقيلة الوزن ، 300 رطل، ثقيلة ... أنت تعرفين ، ماذا يعنى ذلك ؟ ثقيلة جداً ! كما تعرفين !
سارة : أعرف .
كريستال : يجب أن أقوم بتحميمها كل يوم ، وأدخلها الحمام كل نصف ساعة ! أوه ، ياه ، إنها ثقيلة !.... ...
( وقفة )
كريستال : ماذا تعلمين أنت ؟
سارة : كنت أنوى أن أكون ... مغنية أوبرالية .
كريستال : ماذا تقصدين ؟
سارة : أغنى !
كريستال : ماذا تعملين هنا ؟
سارة : لم يكن مسموحاً لى بالغناء فى بلدى ولم أستطع الغناء هنا أيضاً ! أنا أعمل فى صالون تجميل للأظافر .
كريستال : لديك أظافر جميلة !
سارة : كان على أن أتعلم كيف تقلم الأظافر ... لا توجد وظيفة فى مجال عملى ! كما تعرفين ، أن تكونى مغنية فى المنفى ، فهذا يعنى أنك لن تتمكنى من دفع الفواتير .
كريستال : ماذا ؟
سارة : أنا مغنية فى المنفى ! مهاجرة !
كريستال : هل أنت مهاجرة ؟
سارة : نعم !
كريستال : أنت لا تبدين مثل مهاجرة !
سارة : بل أنا مهاجرة !
كريستال : حسناً ، هل يمكن أن تغنى قليلاً ...
سارة : هل يمكن أخذ منك بعض رقائق البطاطس ؟
كريستال : هل تريدين رقائق ؟
سارة : لا توجد معى أى وجبات خفيفة .
كريستال : نعم ... خذى قليلاً ..
( تقدم لها كيس رقائق البطاطس ، تأخذ سارة قليلاً ثم تعطى البعض منه إلى ماريا )
سارة : هل يمكن ؟
كريستال : بالتأكيد .
ماريا : شكراً . لا . لا أريد .
كريستال : ألا تتحدثين الانجليزية !
( وقفة )
خذى قليلاً !
سارة : من فضلك !
ماريا : لا .
كريستال : غنى الأن !
سارة : لم أغنى من وقت طويل حتى بعد أن عشت فى المنفى !
كما تعرفين ... كان عندى نزلة برد من الأسبوع الماضى ....
كريستال : هيا ...
( تبدأ سارة فى الغناء تنظر ماريا إلى سارة فى دهشة )
سارة : ( تغنى ) من أجمل ما سمعت قديماً
ماريا ، ماريا ، ماريا ، ماريا
(جميع الأصوت الجميلة فى كلمة واحدة)
ماريا ، ماريا ، ماريا ، ماريا
ماريا ، ماريا
ماريا
التقيت للتو فتاة اسمها ماريا
وفجأة ذلك الأسم .
لن يكون هو نفسه
بالنسبة لى
ماريا
أنا قبلت للتو فتاة تسمى ماريا
وفجأة وجدت
كم هى رائعة لفظة
ماريا .
( الجميع يغنى معاً )
ماريا ماريا ماريا ماريا
سارة : ماريا ...
كريستال : ( إلى ماريا ) لديها صوت جميل ، أليس كذلك ؟
ماريا : ( بالاسبانية ) نعم . نعم ( إلى سارة ) اسمى هو ماريا .
سارة : أوه ...
ماريا : أغنى هذه الأغنية أثناء العمل .
سارة : هل أنت مغنية أيضاً ؟
ماريا : لا ، أنا منظفة منازل
( مع ابتسامة واثقة )
اعتاد زوجى أن يغنى لى عندما كنت صغيرة .
سارة : هل لديك ذكرى خاصة حول هذه الأغنية ؟
( ماريا تومئ )
ماريا : لقد ضرب بالنار على الحدود ! لقد مات .
سارة : آسفة .
( صمت )
سارة : إنها تمطر .
كريستال : وليست هناك حافلة .
سارة : لقد تأخرت .
كريستال : كم الساعة ؟
سارة : سبعة ونصف .
كريستال : يستغرق الأمر معى ساعتين على الأقل للوصول إلى المنزل .
( تفتح كريستال حقيبة سفرها وتأخذ بعض المجلات ، توزعها على ماريا وسارة )
كريستال : أوه ، هنا ، هنا . ضعيها فوق رأسك ! يمكن أن تحميكن من المطر !
ماريا : معى مظلة .
( تفتش عبر حقيبتها )
( صمت )
كريستال : من أين ؟
ماريا : المكسيك
( تخرج مارا مظلة سمراء من حقيبتها وتفتحها )
ماريا : اقتربا !
( تقترب النسوة الثلاثة من بعضهن البعض )
كريستال : ( إلى سارة )هل تريدين مزيداً من رقائق البطاطس ؟
سارة : نعم ، شكراً لك .
كريستال : ( إلى ماريا ) هل تودين قليلاً ؟
( لا تجيب ماريا )
كريستال : خذى قليلاً يا ماريا .
سارة : ماريا من فضلك .
( تأخذ ماريا بعض رقائق البطاطس ، تأكلن النسوة الثلاثة رقائق البطاطس بطرق مختلفة )
( صمت )
كريستال : لقد أحببت رجلاً مكسيكياً ، كان اسمه بيردوا .
( تأكل النساء الثلاثة رقائق البطاطس تحت المظلة )
( النهاية)
[URL]http://alantologia.com/data/xengallery/1/1022-af552c01f9fd3a7fa3b7d2fa1cf102f6.jpg[/URL]
تعريف بالمؤلفة : عزت كوشجير / Ezaat Goushegir
ولدت الكاتبة عزت السادات كوشجير في إيران عام 1952 . حصلت علي شهادة البكارليوس في المسرح والاَداب الدراسية من كلية الفنون المسرحية بطهران , هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986 حيث حصلت فيها علي شهادة الماجستير من جامعة اَيوا قسم المسرح . تعمل عزت كوشيجير كاتبة مسرحية وناقدة سينمائية وشاعرة نشرت أربعة كتب باللغة الفارسية ، ضمت كل مجموعاتها في القصة القصيرة : المرأة والحجرة والحب ـ فجأة بكي النمر ـ الهجرة إلي الشمس ديوان شعر . ولها ( التحويل ـ حمل مريم) مسرحيتان . وقد حصلت بعض مسرحيات عزت كوشجير علي جوائز عالمية في المسرح . وهي فوق هذا عضو فعال ونشط تشارك بإبداعها في عدد من المجلات الأدبية المعروفة ، حيث نشرت كتابتها في إيران وفرنسا وكندا وألمانيا . وتقوم الاَن بتدريس مادة الكتابة المسرحية في جامعة دي باول في شيكاغو