أنتَ يا مَن تُمسِكُ قلماً وتستند بريشته على ورقتك البيضاء .. ترخي عليه أثقالك حتى ليكاد يغور في النسيج الورقي .. يترك أثراً ولا يرسم خطاً .. كأنه يبحث عن موطئ قدم .. يتلفت ذات اليمين وذات الشمال مستفهماً عن الهوامش التي يُسمح لك بالتحرك ضمنها ... انتبه لنفسك .. إذ أن الشطط خارجها ممنوع ...
صوته عبر مسماع الهاتف يثيرها ..كلمة واحدة ..ذبذبة من ذبذبات صوته ..أنفاسه بدون كلام ..كلها تبعث فيها قشعريرة غريبة
ولا يحدث ذلك لو واجَهَتْه ..على العكس من ذلك ..تحب أن يكون لقاؤهما مقتضباً ..مختصراً ..بل ومبتوراً ..لا تريد أن تلتقي عيناها بعينيه ..ولا أن تحسَّ بحرارة أنفاسه قريبة منها...
بدأت الحكاية في يومٍ من ذلك الزمان ... عندما خلعتِ الأزاهيرُ تويجاتها وتعرّتْ من الألوان ... وتطاير الشذا في كل مكان ..لكن لم يلق إليها أحدٌ بالا ً ... وكأنها حسناء تتعرى لوحدها في غرفة مظلمة .. ولو نزعت ثيابها قطعة قطعة ..
وعندما تتعرى الوردة من تويجاتها الملونة تصبح تافهة .. كعودٍ يحمل...
قالت لرفيقتها وقد أسْقِطَ في يدها :
- هل سيكون الأمر صعباً؟
- لا ... إنها قضيّة قفلٍ ومفتاح.
- يا إلهي خُلقت الأنثى للعذاب... تتلوّث بالدّم كلّ شهرٍ .. ويخضّبون بنانها بالحنّاء ليلة عرسها .... و..
- لا تنظري إلى النصف الفارغ من الكأس... لم لا نقول خُلقنا للسّعادة... نتجدّد كل شهر... ونزدان...
جمعة الحبّ
أصبح يومُ الجمعةِ مختلفاً في الربيع العربي.... فهناك جمعةُ الغضب وجمعة الرّحيل وجمعة الكفاح وجمعة الرياح وجمعة الويل والثبور وعظائم الأمور .... وغيرها .
وكنا نتلقى إشاراتِ كلّ جمعةٍ وتعليماتها عبرَ المواقع الالكترونية ثم ننطلق كالقطيع .... ننادي بشعاراتٍ مستوحاة من التسمية التي...
الموعد من السادسة إلى التاسعة من ليل الجمعة ، اللقاء سيتمّ في مكانٍ يُدعى الجلجلة أو الجلجثة ، هناك تواعدنا (لكن بدون لصّين ).
ذهبنا لوحدنا وبدون موكبٍ يرافقنا... كان كلٌ منا قد صلّى طويلاً في بستان الزّيتون... كلّ منا قال: ( لتكن مشيئتك يارب لا مشيئتي أنا )
وانطلقنا نحو الجلجثة وأجفان الناس...
هذا الحلاق النسائي أصابعُه سحريّة .. وذاعَت شهرته بسرعة بين الحريم .. تناقلنَ أخباره .. وأصبح الخيارَ المفضّل في تلك الدار المخصصة للتجميل ..
تنتظرنه دوناً عن غيره .. وتلتزمن بمواعيده .. بالرّغم من أن تلكم الدار فيها الكثيرات ممّن تعملن بنفس الصنعة .. لكن ذلك الحلاق له طعمٌ آخر كما يبدو ...
دانييلا .. لفتت أنظاري من بين الجموع .. وكنت أزور قصر الحمراء من بقايا عرب الأندلس .
وجهٌ ملائكي ولباسٌ أشبه بلباس راهباتِ سيناء .. محتشمٌ أسود طالما هي واقفة .. لكن ما إن تخطو حتى ينشقّ إزارها إلى النصف .. وتنبلج منه ساق فخذية بيضاء كعواميد المرمر المزروعة في قصور بني الأحمر ..
حولها جوقة من...
كانت شاعرة وأديبة من أدباء الخيبة .. وما أكثرهم !
أولئك ممن يقبعون في الظلّ .. يكتبون لأنفسهم ويرصفون الكلمات ويسمّونها .. أدباً .. يصنّفونها قصصاً قصيرة .. أو خواطرَ سردية .. أو مقالاتٍ عشوائية .. أو يعجزون عن تصنيفها فيتركونها .. بدون تصنيف
ثم كرِهَتْ الكتابة .. عندما اكتشفت أنها غيرُ...
عندما ترى فناناً يرسم علانية في قارعة الطريق .. في الحدائق أوالساحات العامة .. تثق عندها أنه يرسم فناً رخيصاً .. وهو يعرف ذلك
غاية تلك اللوحات الشوارعية أنّ الفنان يريد أن يأكل .. هو يستجدي ثمن خبزه .. شحاذ عصري! ..
عندما يرسم ذلك الرجل المعجب بنفسه ليرمي له في النهاية بضعة دراهم .. هذا إن...
يظنون أنني أخطأت العنوان في زحمة العناوين .. فالعنوان المشهور يقول أن (الأسود يليق بك) لأحلام مستغانمي .. لكني كتبتها قصداً لأن انقلاب الأسود إلى أحمر هو جوهر الحكاية .
الأسود لا يليق بنا.. فنحن السواد الأعظم وكفانا سواداً واسوداداً وسوداوية .
نحن قضبان الحديد الأسود يضعونه في الأتون...
انحنى قليلاً.. ونظر في وجهي.. خلع نظارته.. قال:
-مالكِ جامدةً كالتمثال.. باردة كقطعةٍ من حجرْ..؟
أمسكني من كتفي واقتادني إلى السّرير وخرج مسرعاً, وسمعتُ صوت زجاجاتٍ تُفتح وكؤوسٍ تُملأ فأحسستُ بقشعريرةٍ وبرودة تسري في أوصالي.
عاد وهو يصفّر بتكلّفٍ.. كان يحمل صينية عليها كأسان وشمعة ٌ حَمراءَ...
اسمع هذا التقرير الطبي الإرهابي .. لقد قمنا بفتح البطن وتحرير الالتصاقات ونزح الدم وتفجير الخراج وتجريف العقد واستأصلنا شدفة من الكبد بطريقة التمزيق الإصبعي .. وبعد العملية رأينا أنّ محصول الحمل قد مات بتأثير البنج .. فقمنا بتفتيت الجنين وإخراجه قطعاً صغيرة . وعملنا ما أمكن عمله والباقي على الله...
عزوبيته إرادية .. متعمّدة.. وعن سابق تصوّر وتصميم
وعزوفه عن الزواج قرارٌ استراتيجيّ تمّ اتخاذه بكامل قواه العقلية !..
وهذا يعني أن الأمر لا رجعة عنه .
لا تجادلوه في وجوب إكمال نصف دينه .. والبحث عن نصفه الثاني .. فلن يفتّ في عضده ذلك الكلام .
هو يسخر من النساء جميعهن باعتبارهن شرّاً لابدّ...