فاجأتْه بمقدمِها من عالمٍ آخر، التزمَ الصمتَ وشعورٌ يتأججُ داخلَه ، لم تدمْ طويلًا في وقفتِها معه ، جاءتْ مثلَ سحابةٍ عابرةٍ هلَّتْ بمائها العذبِ ثم همَّتْ بالمغادرة، لم يستطعْ فعلَ شيء، بدتْ وكأنَّه يستحيلُ أن يطالَها أو يطيرَ معها إلى أعلى، أجملُ شيءٍ فعلَه هو فرحتُه بها وهي التي التقاها لأولِ...
بقيَ معي فائضٌ من مرتبي الشهري ، يومان ويأتي العيد، سعادةٌ غامرةٌ تنتشرُ في أنحاءِ جسدي ، اتجهتُ إلى أحدِ المعارضِ التي تبيعُ الملابس، أريدُ أن أصنعَ فرحةً لأيِّ أحدٍ أقابله، تجولتُ في المحلِّ الذي بدا شاملًا يبيعُ لكلِّ الأعمار ، وعند كلِّ توقُّفٍ لا أجدُ حرجًا في سؤالِ العائلاتِ عن المقاساتِ...
على الطاولة آثارُ شيءٍ دافئ، إحساسٌ غريبٌ يتسلل إليه، يخطف قلبه ، يُشعره بأنه في عالم آخر، ماسر هذا المكان؟ قال له أحد العاملين : كانت على المقعد الذي تجلس عليه امرأة طلبتْ مشروبًا ساخنًا، عندما شاهدتَك قادمًا لم تُكمل احتساءها له ، اكتفتْ بالنصف وغادرتْ وهي تنظر إليك، قال له: فهمتُ الآن، نظر...
ولايزالُ في قلبي شيءٌ من حَتاَّها، تُحدثني وإذا قالت (حتى) توقفتْ عن الكلامِ وتمزقتْ حبالُ صوتِها، أقول لها : أكملي! حتَّى ماذا... حتَّى ماذا؟ فتشير بإصبعها بأن الكلامَ لايستطيعُ الخروج ، ياحسرةً على حتَّاها، أرادتْ يومًا أن تستفزني! تقول لي : حتَّى الذين يُحبون لايفعلون مثلك، لم تشعرني يومًا...
تشيرُ إلى النَّجْمِ وتسألُني!! مَن يسكنُ تحت النجم؟ كنتُ أعرفُ قصدَها ولكنني هربتُ من السؤالِ إلى سؤال، وضعتُ يدي بيني وبين النجمِ كي لا أراه، سألتُها أي نجم تقصدين؟ أنا أرى الليل ولا أرى النجم، أرى السوادَ يُغطي رأسي ورأسكِ ومعه ضوءُ وجهك، إن كنتِ تقصدين نجمَ وجهكِ ! ضحكتْ وقالت هل تمزحُ...
لم يكن يعلم أنها هناك ، تلعثمَ وتعثرتْ خطاه ، اقتربتْ منه أكثر، غرقَ جسدُه في جوٍّ بارد، رأى الكلماتِ بعيون ملونة وأكثر الأحيان داكنة، مرةً يرى التفاؤلَ بقميصٍ وردي غيرَ أن النصفَ الآخرَ من الرؤيةِ اتجهَ إلى العتمةِ والظلمةِ ولايزال الغرقُ يحيط به، يأتيه أملٌ عندما تَمْثلُ أمامَه وردةٌ جميلةٌ في...
عندما يسرقُ النومُ المتعةَ من الحياة فإن العينَ التي تنغلقُ مع السباتِ هي المتهمُ الأوحدُ بسرقةِ المتعة، وهكذا بعضُ الأحداقِ تُفقدُ النورَ خاصيةَ الوهج، هناك من يقفُ ويضربُ بقدميه على الأرضِ كي تتحركَ الأشياء، وينظرُ إلى السماءِ لعل الشمسَ تكون أكثرَ حِدَّةً حتى توقظ الميتين الأحياء ، قلتُ...
اليومَ أنا شخصٌ آخر، لبستُ ثوبًا لونه مختلفٌ عن الألوان التي اعتدتُها، وضعتُ حولَ معصمي ساعةً من الماركاتِ القديمةِ الأنيقةِ بدلًا عن ساعتي الالكترونية، رششتُ عطرًا فاخرًا نفاذًا من السوقِ الذي تركتُ الابتياعَ منه منذ زمن، مشيتُ بطريقةٍ هادئةٍ غير العَجِلة التي عُرفتُ بها ، تحدثتُ بهدوءٍ...
عندما أحبَّ ليلى ابنةَ الحيِّ الضيق، كان هناك مَن يرغبها، لم يكن متأكدًا من شعورها، هل تحبُّه أم تحبُّ مرتادَ المقهى القديم، هو يحْلقُ رأسه بشفرةِ حلاقةٍ يشتريها من الدكان المجاور؛ بينما الآخر لايحلق رأسه ويتباهى بكثافةِ شعرِه وطولِه أمامَ أقرانه، ومع بروزِ تغيراتِ الشبابِ ظهر أجملَ منه مع أنه...
لا عليكِ يا صغيرتي فأنتِ الأجمل، مرَّ هذا اليومُ ولم يتوجوك، غدًا سيأتي يومٌ جديدٌ قد تكونُ الجائزةُ مختلفة، ربما جائزةُ اليومِ لاتليقُ بك ، وقد يخبئ لك القدَرُ سرورًا جميلًا يعوضكِ عن حالةِ الحزنِ التي اعترتْك بعد فشلِ الاعتلاء، تنهدتْ وقالت لي وهي تنشجُ من الفرحة :كنتُ أتمنى أن تكونَ أنتَ...
كلُّ ما في الأمرِ أنه نسيَ البابَ مفتوحًا، لم يكن يقصدُ فِعلَ ذلك؛ في الآونةِ الأخيرةِ يُكثرُ من النسيان، لا يعرفُ إن كان بدايةَ مشكلةٍ حقيقيةٍ أم أنه نسيانٌ عارض، مع أنَّ البابَ لم يدمْ مفتوحًا طويلًا إلا أنَّ بعضَ الحشراتِ وجدتْها فرصةً كبيرةً وكأنها كانت تختبئ قريبًا لتدخلَ إلى المنزلِ الواسع...