محمد الرياني

لماذا لاتصدقينَ أنَّي أُحبك ؟ أستغربُ .. أتعجبُ ! قال لها: هذه هيَ آثارُ الجرحِ الذي خلَّفَه عودُ الحطبِ اليابسِ الذي تعثرتُ فيه وأنا أحاول التسلُّقَ لأجلبَ لك الثمرةَ البرتقاليةَ الحلوةَ في رأسِ الشجرة ، كنتُ أرى الحيَّة تتدلى لتنتزعَ العصفور من عليها فممدتُ يدي المتهورةَ قبلَ فمِها المسمومة ،...
وهو يبحثُ عنها بعد المغيب ،الليلُ يظلمُ بأستاره ليدخلَ في مسرحٍ أسودَ الأركان تعلوه النجوم ، يتعجبُ من جمالِ الليلِ فيتمنى أن يكونَ الوقتُ سرمديًّا ليتبادل النظراتِ مع النجوم ، ينظرُ نحوَ الجهاتِ التي تحيطُ به جَرَّاءَ الظلمة ،يستمتعُ بكلِّ صوتٍ وطارقٍ ، لايوجدُ على مسرحِ اللّيلِ سوى إضاءاتٍ...
آخرُ يومٍ لهم في الشَّقة مارسوا شيئًا غيرَ مسبوقٍ في المزاح ، هُمْ أربعةٌ لا أكثر ، مرُّوا على بائعِ اللّحمِ البَلديِّ في طريقِهم واشترْوا كيلًا من اللّحمِ اشترطُوا على الجزَّارِ أن يكونَ قطعةً حمراءَ خالصةً بلا عظمَ ، أرادوا أن يختتموا حَياةَ الاغترابِ والدراسةِ والمزاحِ بما هو أشدُّ جلبًا...
قالَ لها وهو يقف قريبًا من رأسها : تنامينَ ياجَدَّتي والعيدُ حاضرٌ ! فتحت عينيها في وجهه ، مسحتْ وجهَها بكفِّها لتطردَ النوم الذي داهَمَها من التعب ، قالت ومن ينام ياحفيدي والعيدُ حاضر؟ نامت الجَدَّة بملابسِ العيد ، وضعتِ الحلوى في طبقٍ أبيضَ بلون العيد ،ونصبتْ زجاجةَ عطرِ العودِ في منتصفِ...
يقلِّبُ ذراتِ السكر في الكوبِ الساخن ، تتحركُ حباتُ البَرَد فوق الأغصان من فوقه فلا تصل إليه، المقهى المفتوح من جهة المطر يخلقُ أجواء مختلفة وسطَ فصول ومشاعرَ متباينة ، جلستْ إلى جواره خلفَ الطاولةِ الأخرى تفعل مثله، تقلّبُ بملعقتها السكرَ في الماءِ الذي تتصاعدُ أبخرته وسَطَ البرد ، بدت سعيدةً...
....وبعدَ عَامٍ على افتراقِنا ،اعتدتُ أن ألبسَ نظَّارةً شمسيةً تعلو الكِمامةَ السوداء ، بَشَرَتي الداكنةُ أحالت وجهي إلى ليلٍ أسود ، شيءٌ واحدٌ يميّزُني إذا مررتُ بمكانٍ أو تواجدتُ فيه هو رائحةُ عطري المميزةُ النفَّاذةُ التي تبقى لفترةٍ طويلة ، وقفتُ لأبتاعَ في سوقِ السمكِ فاختلطتْ رائحةُ عطري...
حضرت الصغيرةُ ويدُها خلفَ ظهرها ، من عادتها إذا صحت من نومها أن تأتي لترتمي على صدري لأقبِّلها على رائحةِ النوم الذي لايزال يكتبُ على ملامحِها أحلامَ الطفولة ،كنتُ مشغولًا بالنظرِ إلى طلاءِ الجدران الرمادي الجديد تارةً وأحرِّك بصري نحو السجادة المزركشة المبسوطة على الأرض ، وإلى الثُّريّاتِ...
تُخرجُ ثديَها من فتحةِ ثوبِها على صدرِها نحوَ فمِ الصغير ، كأنَّها تُخرجُ الحياةَ من جديد ، يَمصُّ الصغير شيئًا أبيضَ اللونِ حدَّ الشبع ولم يقتنع ، يمصُّ اللبن، قد تُنهكُ حَلَماتِ ثديِها حركاتُ الصغير فتدخلُ في نوبةٍ من تعبٍ أو تغمضُ عينيها كي ترى الأحلامَ ؛ أحلامَ ابنِها عندها ، تنقلبُ نحوَ...
يمسكُ قبضتَها الصغيرة ،صفراءَ كالوردِ من الخارجِ وحمراءَ من الحنَّاء في الداخل ، يمارسُ اللعبَ معها لتضحك ، عندما يَرى بريقَ أسنانِها وهي تلمعُ كالوميض في ليلةِ شتاءٍ يبدأُ بسحبِ أصابعِها العشرِ واحدةً واحدةً ليفرقعَها وهو يحكي لها مع كلِّ إصبعٍ حكايةً قصيرةً فتضحك وتطلب المزيد ، انتهى من...
تتزاحمُ النجماتِ من فوقهما على السهر، يسمران وقد توزع الضوءُ في الطبقِ العلويِّ الذي فوقهما ، أمامَهُ طبقٌ من الكعكِ وملعقةٌ ذهبية ، وأمامَها طبقٌ آخر، طبقُها لؤلؤيٌ بلونِ النجوم وملعقةٌ بيضاء ، أقربُ نجمٌ يكادُ يسقطُ بينهما من لمعانِه في ليلٍ أسودَ لايُرى فيه إلا بياضُ النجومِ ولونُ أسنانهما...
قال لها :اسمُكِ هو عنوانُ كتابي الجديد ، لايوجدُ مَن هو جديرٌ بأن يحتلَّ صفحةَ الغلافِ غيرُكِ، لم يحمل أحدٌ ثلاثةَ أحرفٍ كما حملتِ أنتِ، تنازعا حتى كاد الغلاف أن يتمزقَ وتنتهي السيرة، أبدت شراسةً غيرَ مسبوقةٍ نحوه، اشتاطت غضبًا وغيرةً من العنوان، لاتريدُ أن يطبعَ اسمها كالوردةِ على ورقٍ تدوسه...
يهربُ قسرًا من مُتتاليةِ أسئلتها، تُطارده وهو هاربٌ لا يريد الفكاك أو النجاة من الهرب ولكنه هكذا يفعل، لا يحبُّ أن يرتكبَ في حقها إثمًا غير مبرر، أقسمَ لها أنه يحبها ولكنه يخشى أن يحمّلها طاقةً تندم عليها، مرغمٌ على التصدي لكل أسلحتها على الرغم من ضعفه وهوانه ، يعرف حقيقةَ نفسه المثقلة بالألم...
الغرفةُ التي ترتفع عن المساحة الخارجية بها شباك يكاد يلتهم معظمَ مساحة الجدار، انقسم اللوح الزجاجي في الجدار المطل على البحيرة قسمين بمساحتين مختلفتين، يبدو أن الغرفة بنيت ليرى الصغار مع الكبار مايجري بالأسفل، اللوح الزجاجي المتصل باللوح الآخر يوحي بهذا، على الأرض نخلة وطيور متنوعة أبرزها حمام...
في أولّ يومِ دوامٍ لها بدَّل معالم وجهه، أزال شعرلحيته الممتد بين شحمتي أذنيه من الناحيتين ليجعلها مربعة الشكل، أخفى الشعر الأبيض بصبغة سوداء، تطيَّب بعطرٍ من إحدى الماركات العالمية، ارتدى جزمةً بيضاء تتناسبُ مع لباسه، قال لها وهو يفتح باب مكتبه : لايدخل عليَّ أحد إلا بعد استشارتي، دخل وأغلق على...
منذ أن داسته إحداهن بكعبها العالي على مؤخرة قدمه وهو لا يحب تلك الأحذية ، ظلت قدمه تؤلمه لفترة طويلة، عندما يخفُّ الألم تنتابه لحظة ألم شديدة بمجرد أن يشاهد النهاية السفلية التي ترفع الحذاء من الخلف، لا يعرف تحديدًا لمَ استمرَّ معه الألم لدرجة أن الصيدلي الذي اعتاد الابتياع منه يمازحه باستمرار...

هذا الملف

نصوص
81
آخر تحديث
أعلى