قبل سنوات، كان أحدهم يستشيرني حول موضوع بحث الماجستير الذي يرغب في تناوله بالدراسة. قال بأن المراجع ستكون قليلة. فأجبته بأنه بمجرد أن يبدأ رحلة البحث، سيرى المراجع في كل مكان. وبعد سنوات ذكرني -بجزل- بما قلته له، مؤكداً صحة ما أخبرته به قبل سنوات. وعلى هذا المنوال، فالأشياء تتساقط من حولنا لو...
الجامعة كعالم خيالي، وهي كذلك لأنها تفصل بين الحياة المعيشة، والمتوقعة. وغالباً ما تمثل أحد أسلحة الصراع الإنساني، فهي تُقيَّم تقييماً عالياً ربما أكبر من حجمها بكثير. صحيح أن الجامعة تعطي الطالب أدوات معرفة متخصصة إلى حد ما، لكنها في الواقع تفصله لسنوات عن البيئة الحقيقية التي يعمل فيها ذلك...
ملحوظة:
يمكنك أن تقرأ هذا النص من أعلى لأسفل أو من أسفل لأعلى ولن يشكل ذلك فارقاً مهماً.
(1) الماركيزة ونهاية التاريخ:
ماذا كان حلمي؟
كان حلمي أن أكون راعياً طيباً.
نعم، ليس راعياً فقط، بل راعياً طيباً. لقد حدثتنا الأسطورة التوراتية عن الراعي الطيب. الراعي هابيل. جدنا الذي قُتل بسبب أول قصة...
لا زلنا مرتبطين بالكون بشكل سري، وهو ارتباط روحي جسدي ونفسي. لكننا نرفض تصديق هذا الرابط رغم أن مؤشراته في كل مكان من حولنا.. الكون يبدو ككائن حي ضخم، كائن واحد بأقانيم متعددة، وهو كائن متوزان يعمل بميزان شديد الدقة على استرداد هذا الإتزان كلما حدث خلل مفاجئ في أحد أقانيمه. إن جسم الإنسان يعمل...
لا زلت أعاني من الوسواس الأفلاطوني، الرغبة في خنق أفلاطون، أو العودة إلى الوراء لتدمير الفلسفة الأفلاطونية، فلسفة المُثُل. نعم كانت المثل حاضرة قبل افلاطون بآلاف السنين، وسنجد التعبير عنها في الحضارات القديمة، في نظام (لي) الصيني، وفي عبادات الفراعنة كما اشار إليها هنري برستيد في كتابه القيم فجر...
يعتقد البعض أن العزلة هي فقد الآخرين، ولكنها في الواقع محاولة فاشلة لاسترجاع الذات. لأن المنعزلين عن العالم والأقل تكيفاً معه هم في الواقع يفتقدون لذواتهم. إنهم يعيشون خارج أجسادهم، وخارج أرواحهم، وكأنما يشاهدون أنفسهم من بعيد. إنهم موتى حقيقيون.
لا أعرف كيف أفسر هذا الأمر، أو فلنقل ذلك الشعور...
وصلت إلى مكتبي مبكراً، كان المشوار بالأقدام من المنزل وحتى العمل حوالى ثلاثة كيلومترات. وفي هذا الصباح الشتوي، كان يغمرني شعور عدمي، لكنني على كل حال وصلت إلى العمل، وجلست لألتقط أفكاري المبعثرة، محاولاً وضع خارطة نجاة من هذا اليوم كعادتي. خارطة النجاة هي أن أغرق في العمل، أو أن أفعل أي شيء جاد،...
"ما العالم إلا مسرح"
أو
"كل العالم مسرح"
أو
"All the world's a stage"
وهي العبارة التي انتقلت تاريخياً إلى لسان شكسبير ومن ثم عمت أرجاء العالم.
ولكن إذا كان العالم مسرح وكل الرجال يمثلون فيه، فإننا نعتقد بأن هناك نزوع بشري لمسرحة العالم. تؤدي مسرحة العالم إلى تحول المنتج البشري إلى منتج...
أنت تسير، تنام، تستيقظ، تدخل إلى الحمام، تذهب إلى العمل.. تفعل كل شيء دون أن تدري بأن هناك زوبعة خلفك.. زوبعة في الظهر..
هذي الزوبعة ليست إلا الروابط الكونية التي تتحرك بعنف لتخلق قدرك، إنها تتصارع، تتلوى وتتقاتل وتتلاكم لأن هناك قرار يريد أن يصدر بشأنك. قرار خطير في كل الأحوال وأياً كانت نتيجة...
في مسلسل لوسيفر، يصوب الشيطان نظره إلى أي بشري ويسأله:
- ما هي رغبتك الحقيقية؟
تتقلص ملامح البشري ويتحدث عن رغبته، رغبته المكبوتة، كحب امرأة أو قتل شخص ما.
الرغبة هنا رغبة جزئية، إذ أنها لا تعني سوى أهداف مؤقتة في الحياة. ولكنها ليست أهدافاً شمولية، لا تعني مشروعاً وجودياً. والحق يقال أنني كلما...
النهايات الخالدة
(مسرحية من مشهد واحد)
أمل الكردفاني
الشخصيات:
ج= جريجور
ك= كافكا
ميلينا
المسرح: شبكة عنكبوت ضخمة، في وسطها شخص على شكل خنفساء.. وهو جريجور سامسا..
(يتلوى جريجور سامسا محاولاً الفكاك من مصيدة شبكة العنكبوت.. ثم يهدأ قليلاً)
ج- آه يا جريجور.. ما الذي يحدث لك؟.. إن الملعون...
تقود الطبيعية الكلب إلى أكل الحشائش كي يتقيأ بعدها ويتخلص من المرض، كذلك بعض الحيوانات تأكل الحجارة كي تتخلص من الأمراض.. إن الطبيعية الحيوية تقود تلك الحيوانات إلى الصيدلية التي بلا صيدلاني متخصص. وإلى علم بلا تراكمات معرفية، فلا الكلب ولا سائر الحيوانات دخلت كلية الصيدلة ولا أخبرتها جداتها...
إذ فقدت الحلم. النوم بلا أحلام، أو أحلام لا أتذكرها وهو شيء لم أعتد عليه من قبل. كان يبدو صحياً ومرَضاً في نفس الوقت، كالجدل بين النحويين. أقول الحق والحق أقول، لا تقوم الساعة حتى يكون الكل. واسمع أزيز غطاء النعش.. تتساقط الورود الجافة من أطرافه، وأراهم يسجدون لي، بصمت مهيب. لكن ألماً ما يسلك...
يمكنك السخرية من أي شيء حتى الموت. بل خصوصاً الموت لأن الموت مسالة طبيعية جداً.. أما غير الطبيعي فهو الحياة.
فانوجادك هنا معجزة. ولا غرابة إن لم تكن موجوداً.
...
فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ،...
يقول غالو
"سأعتني بأيامي رغم أنها تقودني إلى الموت حتماً"
يقول ويدخل إلى المرحاض ليتخلص من منغصات اليوم التي زرعها البارحة بيده. ثم يخرج بارتياح، ويتجه إلى غرفته ويمسح بكفه المرتعشة على بندقيته السوداء الملقاة فوق سرير النوم الكبير.
في هذا الصباح، يلقِّم البندقية، ويبدأ في إطلاق الرصاص النحاسي...