د. أمل الكردفاني

إذ فقدت الحلم. النوم بلا أحلام، أو أحلام لا أتذكرها وهو شيء لم أعتد عليه من قبل. كان يبدو صحياً ومرَضاً في نفس الوقت، كالجدل بين النحويين. أقول الحق والحق أقول، لا تقوم الساعة حتى يكون الكل. واسمع أزيز غطاء النعش.. تتساقط الورود الجافة من أطرافه، وأراهم يسجدون لي، بصمت مهيب. لكن ألماً ما يسلك...
يمكنك السخرية من أي شيء حتى الموت. بل خصوصاً الموت لأن الموت مسالة طبيعية جداً.. أما غير الطبيعي فهو الحياة. فانوجادك هنا معجزة. ولا غرابة إن لم تكن موجوداً. ... فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ،...
يقول غالو "سأعتني بأيامي رغم أنها تقودني إلى الموت حتماً" يقول ويدخل إلى المرحاض ليتخلص من منغصات اليوم التي زرعها البارحة بيده. ثم يخرج بارتياح، ويتجه إلى غرفته ويمسح بكفه المرتعشة على بندقيته السوداء الملقاة فوق سرير النوم الكبير. في هذا الصباح، يلقِّم البندقية، ويبدأ في إطلاق الرصاص النحاسي...
إن قواعد القانون الذي يحمي الحق الأدبي للمؤلف هي نفسها مسروقة من قوانين أخرى لا يتم الإشارة إليها في هذا القانون. وربما لا يعلم البعض أن القوانين التي تسن في الدول البائسة مسروقة في الواقع من قوانين الدول الأخرى. وفي بعض الأحيان تتم سرقة القانون بأكمله من قوانين دول أخرى. على سبيل المثال نجد...
إن التفكير الجنسي، ضمن أفكار عديدة تحاورك لتتخذ قرارات كقفزة في الظلام. هو الاستماع للموسيقى ما يجعل تكاليفك تجاه ذاتك أقل مما هو متوقع. وذراعي اليمنى تؤلمني، وهو ألم يراود الكهول في سن أكبر من سني. لذلك يجب أن أحذف بعض الصداقات على الفيس. كما فعلت في الواقع. تم. ليس هذا سوى تشرد للكلمات وليس...
إننا لو راجعنا حساباتنا فسنجد أننا نشتري أشياء لا نحتاجها حوجة ماسة بل يمكننا أن نستغني عن شرائها بكل سهولة. هناك اشياء نشتريها من باب التجربة، وهناك من يحتالون علينا لنشتريها، وهناك أشياء نشتريها لمجرد أننا نستطيع دفع ثمنها. لذلك فهناك مثل سويدي يقول: "من يشتري ما لا يحتاجه إنما يسرق نفسه"...
اليوم كباقي الأيام، ولذلك لا معنى لمعرفة تاريخه بالضبط، يكفي أن نقول بأنه منتصف الأسبوع أو أوله أو آخره. وماليمبو السمين فوق كرسيه وداخل قبضة يده اليمنى ساندوتش. ساندوتش من الهواء، مركبات من الأوكسجين والهايدروجين وغير ذلك. يقضمه ويرخي كرشه لينسحب الهواء من أسفله بارتياح. "أنا الولد ماليمبو...
في صباح نصف بارد ونصف حار كعادة المناخات الاستوائية، صباح تغرد فيه العصافير نصف تغريدات، حثثت خطاي نحو مباني المركز الاجتماعي في صانغوليا والتي هي نصف قرية ونصف غابة، ككل شيء هنا؛ فالسكان نصف متمدينين ونصف قرويين، فقراء إلى حد ما. أخذت خطاب تعييني مديرا للمركز ودسسته في جيب الجاكيت ثم حثثت خطاي...
لن يهلمك شيء، الموت للبرود الذهني. الموت للحشرات التي تداهمني كلما فتحت باب التابوت لتقلق منامي وتقرفني ساعة الأكل بشكلها البشع. إن الحشرات السريعة أقل إقرافاً من تلك التي تزحف ببطء في الأرض وتحرك سيقانها السوداء الرفيعة للإمام والخلف كمجداف المراكب. ولقد حاولت باستمرار طردها من تابوتي، قاومتها...
حب مضحك. لقد قدمت لها زهوراً. فنظرت إليها لمدة طويلة وكأنها لا تصدق، ولكن بسخط غامض. لقد انتهى كل شيء. تلك اللحظة التي كانت مكثفة جداً في عقلي، تحللت، ثم تبخرت، ثم تبددت. كان الفجر رمادياً كعادته منذ مليارات السنين. ربما أقل من ذلك أو أكثر، لست متأكداً. وكان طعم القهوة محيقاً. طعم القهوة أساء...
ربما نتذكر أنه وقبل أسابيع من الآن أجرت أمريكا نقاشات داخلية حول الكائنات الفضائية، ومنذ ذلك الوقت -وبنفس طريقة كورونا- بدأت التصريحات تتطور إلى أن أوردوا اليوم خبر تلقي رسائل في شكل صفير من الفضاء. وخلال الأسابيع الماضية كانت تتم محاولات غريبة لاقناع البشر في كل دول العالم بوجود كائنات فضائية...
لن تخسر أي أحد في هذا العالم، لأنك لم تكسب أحداً. امسك حربتك وانقذف إلى الأمام...حتى تنجرف إلى الهاوية. فسواء قابلك أعداء ام لا فعليك أن تنقذف إلى الأمام. هذا العالم بلا حقيقة إلا ما تعتنقه أنت من حقائق؛ فانقذف إلى الأمام كلحن موسيقي، كدقات الطبول الأفريقية. واحرق سفنك.. احرقها ولا تكترث لطريق...
إنني أستطيع المشي لمسافات طويلة ليس لأنني رياضي، فكرشي مترهل، وعضلاتي واهنة، ولكنني أستطيع أن أمشي لمسافات طويلة لأنني أنشغل بالتفكير، ذلك التفكير الفوضوي، الذي يبدأ من ذبابة وينتهي بالنجوم. التفكير الذي يختلط فيه حب الحياة بالقنوط منها. وكلما اتسع الطريق أمامي كلما اتسع الفكر والخيال. وكلما كان...
الطفولة الغريبة، التي بنت أحاسيسنا لتكون أكثر غرابة، تدهي ما لا يمكن العودة إلى الوراء لوصفها. ذلك الإختبار الذي لم ينجح فيه أحد. حتى كبار ملوك الكتابة كجيمس جويس في أعظم رواياته، ولكن هذا لا يعني شيئاً، إذ أنه من الصعب أن نصف أنفسنا بالمبدعين كنتاج لطفولتنا الغريبة. كنبتة في الفضاء. يخبرني...
وهو صباح لا يمكنني وصفه، ولكن أحدهم في المكتب المجاور يفتح الإسبيكر ويتحدث مع شخص يخرج صوته كصوت مساعد الكابتن حينما يعلن تحرك الطائرة وربط الأحزمة.. فيزداد الصباح تعقيداً. هناك صوت المكيف يعمق الكارثة، وخطوات مكتومة لشخص يتحرك جيئة وذهاباً فوق الموكيت.. حفيف الجلاليب البيضاء.صمت مفاجئ. همس...

هذا الملف

نصوص
933
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى