د. أمل الكردفاني

قبل آلاف السنين ، كان هناك رجل، يعيش نصف عار في كهفه ، ورغم أن الحياة كانت قاسية جداً وملأى بالوحوش ، ورغم أن القبيلة لم تكن قد وجدت بعد ، ومن ثم فإن كل من يطلق عليه إنسان ، كان يعيش وحيداً ، رغم كل ذلك قرر هذا الرجل الوحيد الذي لا يكترث به أحد في عالمه المتوحش ، قرر أن يكتب عن نفسه ، لم يكن...
والقافزون من السفينة.. مثل يونس...لا يرون الحوت قادم...وذوو الطموحات العريضة .. وتجار المنابر .. بأفئدة مريضة... ومسرور سياف الخليفة.. رمى الماضي.. وامتشق اللسان تدلها بأفخاذ الوطن...الكل يرغب في مضاجعة الدواوين وعرش من خراب...وريحة دم الشهداء من أجل الحقيقة .. اختفت خلف السراب.. والسراب بذاته...
لقد كانت علاقة الأفراد بالسلطة سببا لنقاش طويل أفضى الى عدة نظريات لكل منها زاويتها في رفضها للقمع السلطوي. الاناركيون تطرفوا تطرفا بعيدا وهم يقصون السلطة باعتبارها شرا مطلقا ، الشيوعيون بدورهم أمنوا على سلطوية صاعدة بدلا عن سلطوية هابطة ، الليبراليون أكدوا على ضرورة تحجيم السلطة وتوسعة الحرية...
الديموقراطية أو حكم الشعب لذاته منهج أخذ بهرجه الخاص في المرحلة الراهنة. أغلب المؤلفات العلمية تعاملت مع الديموقراطية كأسلوب سلمي لتداول السلطة. هذا يبدو سليما لأول وهلة ، لكن لو تعمقنا في رؤية مظاهر الديموقراطية باعتبارها عناصر ، فيمكننا أن نكتشف بعدا جديدا لهذا المنهج وهو بعد نظري هام...
طق طق ... طق طق.. "يا عمنا... الأجرة".. فرقع الكمساري بأصابعه ، الرجل العجوز قال بفم خال من الاسنان: - مالك يا كمساري...اصبر الصبر طيب.. قال الكمساري: - أنا محصل ولست كمساري...انا اعمل في القطاع العام يعني موظف يا عمنا... مط العجوز فمه الكهفي مبتسما بسخرية وقال: - يعني عايز برستيج... غضب...
شد عمامته لتزداد ثباتا فوق رأسه ونهض والحشد يصفق له ؛ مع ذلك تقدم بخطوات ثابتة ووجه متجهم الى المنصة ثم أمسك بالميكرفون. القى نظرة على الحشد الصغير الذي لم يكن يتجاوز خمسة وعشرين شخصا بأي حال ثم قال: - يا عبد الدايم...انت أكثر من موظف ومن صديق.. أنت من أحبه كنفسي أو أكثر... هكذا قال لي المرحوم...
النبي الأول: ما قدم الشيطان من خير نفيس *** إلا بتزيين السعادة في الكؤوسْ يطرح النشوة ثم يجمعها معاً *** ثم يقذفها بأوهام الرؤوسْ فإذا بالكون وضاح السَّنَى *** وبوصل العشق قد زيجت نفوسْ أي فحيي حضرة الكأس بقربي*** فخبال الخمر في عقلي يجوسْ النبي الثاني: أي وحيي...
إذا كانت فلسفة الذات والموضوع قد استمرت منتجة لجدليتها حتى اليوم بطرفيها المثالي والحسي ووسطية البين ذاتية ، فكان من اللازم تأثير ذلك الديالكتيك على مفهومنا عن التواصل. وعندما اتحدث عن التواصل فلا أعني به اللغة المتكلمة بشكل حصري ، ولا النص ، بل أعني التواصل بمعناه الواسع ؛ ذلك التواصل الذي لم...
- الشمس سطعت بشدة .. أدخل الى غرفتك.. أعطته أمرا مباشرا مسبوقا بتبرير منطقي مقتضب. وعليه أن يملأ الفراغات بين التبرير والأمر بنفسه. لكنه لم يكترث لفعل ذلك. بل نهض من كرسيه تحت شجرة النيم الظليلة وعبر الى الفرندة المستطيلة التي تؤم ثلاث غرف على واجهتها.. ثم دخل الى غرفته سعيدا بأن قدميه استطاعتا...
ربما ما شدني لكتابات ساراماغو هو أنها تحكي قصة ؛تحكي فحسب؛ مسألة أن تطرح الحكمة باستعلائية كالكتابات الشابة الناشئة الآن وما بها من مباشرة تقحم شخصية المؤلف داخل شخوص مؤلفه هي ما أبعدني كثيرا عن تتبع الجديد لدى هذا الشباب الرائع والمتعجرف في نفس الوقت. ساراماغو يختفي تماما ويكتب قصة ، وعلينا...
هناك مسألة واجبة الحديث ، بل ربما هي سر من أسرار الابداع الأدبي ، وهي مسألة تعتمد على ذاك التداعي اللا إرادي للحكي ، ذاك الذي يجرف الكاتب معه بدل أن يجرفه الكاتب معه. الكاتب قد يبدو مفعولا به أكثر من قائد وفاعل. التداعي ليس كما يظن البعض مسألة تعتمد على مجرد اختلاق قصص . يمكنك أن تختلق عشرات...
صغيري الذي نما كالنبتة الشوكية ، هكذا فجأة وجدته يشيخ ، إنحني عوده بعد أن لوحته مواقف الحياة ، كان يمشي كعنكبوت يهرب من مطر ، يداه ممشوقتان بأصابع مفرودة ومتخشبة ، يحركهما بنصف دائرتين متعاكستين. شعره خلاسي يمتزج فيه الليل بالنهار ، عيناه ناعستان بأجفان متهدلة كضفدع يغلم. يحاول ان يستمد طاقة...
كان يتحدث الى صديقه بصوت يرتعش جراء ضربات عجلات قاطرة مترو الانفاق ، الصوت المزعج للقطار لم يخفي كلماته الواضحة ، فالمترو خال تماما الا منهما وأنا ..كان يحكي: - تعمل في مكتبة ، إنها فتاة لا تبتسم أبدا رغم جمالها الفتان ، جسدها بض وممشوق ، تصعد على سلم خشبي قصير لتعيد رص الأدوات المكتبية.. كنت...
✍ ازرع.. ادغالا من الأوهام في رأسي ويأكلها الصباح.. وأقول حين يغمرني غروب الأمس لا شيء راح فأعيد صياغة التاريخ وفلسفات العالم الموبوء بالترهات.. تنمو أشجار الدليب على صحارى الغد وبعد الغد.. وما بعد بعد الغد.. حتى الموت... وفي القلب صفصاف بطعم المن والسلوى لمن تاهوا سنينا دونما جدوى ومن حولي جوقة...
لا يعرف احد كمية الشعور بالسخط من وجودي بهذا البلد.. انا لا اكرهه ولا اكره شعبه ولا اكره حتى عمر البشير ولا الاسلامويين...المسألة كلها ان هنا ليس مكاني... انا لا انتمي ل (هنا) .. انا اشعر بتفاهة حياتي هنا.. اشعر بال لا قيمة، اشعر بالابتذال ، اشعر بالعجز ، اشعر بأنني في مستشفى مجانين(مع احترامي...

هذا الملف

نصوص
945
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى