أيها النهرُ
خذ شغفي
وبروقي التي حين تأتي
تهيئ دربي إلى الشرُفاتِ
وتصحب شمسي إلى جهةٍ
تنتمي لليباسِ
وأنتَ على كتف الأرضِ
مغتبطا تمتطي حدبات الحصى
وتحاذرُ
أنى تسير إلى وطنٍ
دلّني
أريد الذهاب إلى طينة البدءِ
بعدئذٍ
سأطير إلى نجمتي
هاتفا بالظلالِ
ومنسكبا بالعراجين
ذات الهبوب الصقيلِ
أنا بابك...
أريتُ المتاهَ مرايايَ
في حين كانت بروق المساء
توَلّي الوجوهَ إلى الشرْقِ
رأسي مدار يرصّعُ راحَتَه
بالكواكبِ
وجهي له العنفوان الأكيدُ
أراني إذا اجتحتُ سنبلةً
وهْيَ ترتع في الحقل
أبني شراكا للغيوم التي شردتْ
أستقي الريح للقزَح الغضِّ
أنشئ ملتحَدي بعراجينَ من
كبد الأرضِ
إن الخميل الذي يقع اليومَ...
لكأني عنوانٌ وضعوه سهواً
بمحيَّا حانٍ يتشرد
في الشارعِ
منذ اللحظات الأولى
أنشأتُ أقبِّلُ ناري الملكيةَ
ما لي حجرٌ أدحو أوّلَه بالكفِّ
وأرجئ آخرَه لغيومي الآتيةِ
أنا مبتهجٌ جدا
سأسوق الحجلَ الميمونَ
إلى الأكَماتِ
وقد نبّهتُ النايَ إلى
حبري السرّيِّ
تكاد على قضبان الريح
تسير قطاراتي وأنا أبصرُ...
أحيانا ندخل دائرة الرغبةِ
حين تكون أصابعُنا موقدةً
أحيانا نفرحُ
حين تمر علينا كوكبة
من شجر يرقصُ
معه عين اللهِ...
أيا باب النخلةِ
لا ظلَّ سيأويكَ ولو
كان بَلِيلاً
في السابق جئناك لتغفرَ
تأويل خطانا المسكونة بالطين
فبحتَ لنا بالرقم القائم في شفتيكَ
لذاك برزْتَ لنا منشطراً
مداركََ مداراتٌ
لم نعبأ...
غزالٌ يساجلُ بِيداً
بقرنيهِ
يرتَفِقُ القيظُ في عينهِ
والدجى حين يأوي لمرآته
يستطيع السباتَ
تحنّفَ
في ناظريه طفا التيْهُ
حتى الثمالةِ
ماذا لوِ اخضرّ شيئا قليلاً
وتابعَ رقصتَه الموسميةَ
رفقة نيرانهِ؟
إنه الشجر المتهجِّدُ ذاك الذي جاشَ
منبهرا بالجداولِ
أَغبِطهُ
ليس توْقا إلى النبعِ
بل بغيةَ...
ـ طائر:
طائر يستطيل ويعبر
ماء القبيلة
يخرج عن سربِهِ
يتهادى
كأن المدى كان قبّعةً لأبيه الذي
بايع النهرَ
قبل مبايعة النجمة الأريحيةِ
ذات الشجون الجميلة.
ـ لؤلؤ الغيبِ:
كلَيلٍ وجيهٍ يميسُ
كطفل يعاين قبَّرةً
كنت أمشي على ساحلٍ
في شمال البلادِ
وأحصي نواميسَهُ حبةً حبةً
كنت الكثيرَ
وفي معطفي لؤلؤ...
لولا النهر يمد جناحيه
على الضفة
لاهترأ العشب وصار وحيدا
يتدلى من قفص الوقتِ
ويحرسه بجعٌ منذ قديمٍ يعرف
حمحمة الخيلِ
وكيف يكون غروب الشمس
بكل خريفٍ شاتٍ...
قبل شرود الريح
دأبت أشير إلى النخلِ
وأمارس مرحي
أضع الطين على شجر الأرزِ
وذات نهارٍ
قست الشارع بالشرفاتِ
رشقت نواصيه بقيظٍ دَمِثٍ أقربَ لي...
نجيء إلى العتبات لنكتب أقوالنا
فوق أهدابها
ونغادر سرا
وفي السوق كنا احتشدنا
نبيع رخام القبيلةِ
نثْقِل خاصرة النخل بالسعف العاطفيِّ
وإذ نعتلي هامه بالعراجين
نمضي إلى الماءِ
ندعو إليه الصعاليكَ كي
تنحني الأرض وهْيَ
تحثّ مناكبها كي تكون مهادا
يليق بنا
سنضَحِّي ببعض الجنادبِ لو هيَ
أثخنت العشبَ...
صديقي الذي يستوي خطوهُ
وانبلاج الينابيعِ
يمزج سهو الهضابِ
بعشق المرايا
على الشرفات الوثيقةِ
ثم يعيد إلى البحر قوقعةً
نشزتْ سابقاً
ما يزال يعدُّ أصابعهُ غير مقتنعٍ
بالمياه السميكةِ
مِلتُ له كي أسائله عن
شجَن الماء حين جرى
ذاتَ يوم قديمٍ
وتيَّمَ سنبلة الوقتِ...
مرتكسي واحدٌ
يصعد الأقحوان إليه...
يجدر بي الآنَ
مخارجة الأزمنة المنقرضةْ...
ملْح القرية أصبحت أدخّرهُ
أنسخ آيته بمراثِيَّ
عليه أثني
وأنا مقتنع أن جدار الإسمنتِ
تعلق بالشرفات المسكوبة
في جهة الشارعِ
والشارع يشْجبُ ميلَ معابرهِ للإغواءِ
بلا ترخيصٍ
ها أنذا في معتركي
أخرج من جسدي كي ألبس
جسدَ الطلْعِ
أحاول أن أجعل ناشئة الليلِ...
هذا هو قمَري
ما زال يظنّ الأبدَ يواليه
لكن أنا منبهرٌ
حتى الموج أتيت إليهِ وعندي
ملح كنت أخبئه للغدِ
سقت إليه كوكبةُ من شجر
ورسمتُ على شفتيه الأعراسَ
لعلي أسع الشجَنَ الآتي
فأكون بريئا من كل معادلة
ليس تمد الشاطئَ
بنوارسه القزحيّةِ
دائرة البدء أنا من وضع اللمسات
على جبهتها
أعطيت الطرقاتِ خطايَ...
اِرتفَقَ الطينَ
فصارت وحشته ناعمةً
تأتيه فتذكّره بالشاطئِ ذي البسْطةِ
وبحائطه المطلَقِ
وكذلكَ
بالغابات الملقاة على السهْبِ إذا اندلعتْ
تحت نواظرهِ
كنت به محتفلا
أصمُتُ حين أراهُ يجري
خلف النهرِ
فقطْ
أذكر أني كنت بجانبه حينَ
بدَا ملتحِفا ببداهتهِ
يملأ دهشته بالأعشابِ
ويقْرأُ أسماء الشجر العذبِ...