فتحي مهذب

مضطر لارتكاب مجزرة. مسلحا بأظافر اللاجدوى. لخنق برتقالة النوم. وجلب مزيد من الذئاب العذبة لبرية الكلمات. مضطر لأحمل النهر المتجمد على كتفي المتشققتين. وأقذف المتصوفة بسهام الهنود الحمر قبل طلوع الفجر من غصون الملائكة. *** مثلما تبكي النوافذ في الليل ترفرف دموع الأرملة. قارب المخيال مليء...
** مضطر لقتل قائد الأوركسترا. لإلهاء البومة في قاع المفاصل. مضطر لأضرم النار في قطن الكلمات. لأغرز مخالبي في لحم البدهي. لأعبد الأرض وأدهس السماء بمؤخرتي. لأخطف البراق من براري ألف ليلة وليلة. وأبيعه لنخاس في أقصى المدينة. لأحرر متناقضاتي من قفص الفهد. لأضحك مثل ثور في جنازة. أو مثل قحبة في...
آخر النهار يبدو كسار الحصى مثل واحد من أصحاب الكهف تحتل مساحة وجهه طبقة كثيفة من الغبار والظلال البرونزية الباهتة.. يجر قدميه المكدودتين مثل سلحفاة تحمل نعشا صغيرا على صهوة ظهرها.. وضع مطرقته على كومة الحجر المفتت كم لوأنها أصابع جنود مقطوعة أثناء الحرب.. قال :غدا أكمل قطع شرايين الحجر.. كان...
** بكينا جميعا الابله في المغارة. البهلوان في خرم الابرة. شجرات اللوز في البستان. الدراجون في عتمة الخيمياء. الشيطان في المخيال. الحمامة التي تنثر مكعبات الضوء على عمود التليغراف. الموسيقيون في مصبات الانهار. قارعو الطبول في حديقة النوم. الذين عبروا الجسر باقنعة الموتى. الخيول التي كسرت شوكة...
آه يا أنكيدو. العصافير التي تحلق في بحة الصوت... الكلمات التي تتحول الى شقائق النعمان بين شفتيك... الهواء المستطيل كأفعى البوا... طائرة القلب النفاثة... أثار حوافر حصانك الضوئي يا أنكيدو... عشبة الخلود تدهسها ذكريات الموتى... عازف البيانو الوحيد خارج الكاتدرائية تترصده ذئاب المطر... طائر...
** الطائرة التي تعشش في رأسي. التي تنظف جناحيها بتبر هواجسي. التي تفكر في ماهية الموت. التي تطير في الليل دون مصابيح ولا ربان نحو طفولتي المعلقة في برواز ذهبي على حائط الأبدية. الطائرة التي ملأها القسس بكتب اللاهوت. وأزهار الكاتدرائيات الضحوكة. الطائرة التي حلقت طويلا في حديقة رأسي طاردها جواسيس...
كان أبي لا يضربنا بالكرباج عند ارتكابنا الهفوات وسقوطنا في فخ الشيطان. كان يضربنا بالكلمات ضربا مبرحا بعد شحذها وايداعها مسامير حادة مقدودة من معدن الدلالة الجارحة. بينما أمي تقوم بتضميد بقع الكدمات الزرقاء المنتشرة على جلد الروح التي خلفتها لذعة كلماته الحارقة. كانت عيونه تتكلم بقسوة وتلدغنا...
بعد ولادتي تحت جذع نخلة.. فرت أمي الى بلاد الحبشة.. على قدميها المتفحمتين.. مفردة جناحيها مثل طائر مذعور.. أرضعتني غزالة مهذبة جدا.. أهداني صقر نجمتين من ذهب.. كتب على صدري بمنقاره الملكي هذا سليل الأبدية.. زأر أسد حكيم في أذني.. أسمعني بصوته الأجش مقاطع من كوميديا دانتي.. ليشحذ مخيلتي بالسرد...
بابنا العائلي القديم صديقنا المتخم بالزغاريد ورائحة الأكف العطرة.. بعد هجرتنا الفظيعة.. - أمي إلى بيتها اخر الأرض. أخي إلى موته العبثي. حمامتنا إلى الغابة المطرية. كلبنا العاطفي إلى ظله الحجري. أنا المتجزأ إلى جسدين ونيف بينا هذا وذاك أواصل الضرب في عتمات الحجر. بابنا العدمي بعد هجرتنا الموجعة...
** هم في قاع الغابة يربطون عيدان الأشجار بحبال المخيلة. النحاة ماتوا بسكتة دماغية. الحطابون في المنحدر الصخري. العيارون يغردون فوق الشجرة. المهرجون يفرون بفهارس طويلة من المرح الأسود. ** ** صلاتي لم تكن جيدة في بهو الهولوكست فيكتور فرانكل وحده مثل طائر الغاق يحوم في الشرفة المنطفئة حاملا بريد...
لست أدرى متى سأسقط مثل ثمرة متعفنة.. أو ذئب بين نهدين نائمين.. أو زجاح قوس قزح على قرميد الأفق؟.. لست أدري هل سيطردنى قناص من الدنيا برصاصة في قوادم رأسي?.. ويمزق أجنحتي بجزمته المخيفة.. هل سأسقط من فم طائرة مليئة بالرهائن وقش الايديولوجيا؟.. وأظل أتخبط في الهواء مثل مركب صاعد من رأس أرملة.. لا...
الى الشاعر القطب صلاح فائق . لا بد من تلقيح مخيلتك.. بقصائد القطب صلاح فائق.. والاصغاء جيدا لشجرة برقوق.. تغني تحت شباكك الخشبي.. ثم تمد غصونها المترامية.. مشرعة باب حجرتك لتغسل ثيابك التي اقترضتها من نادل مات بجرعة اضافية من المورفين.. مات داخل حجرة مضيئة.. تنظف خزانة رأسك من غبار الكوابيس...
** سحبه غوريلا إلى جوف الغابة حاملا اياه على ظهره مثل رهينة بينما دراجته المهشمة تستغيث على حافة الطريق الرمادي الذي يشق الغابة.إ ختفى الغوريلا بين الأشجار العملاقة التي ما عتمت ترشقه بكلمات لاذعة مستنكرة منددة بهذه الرغبة الجامحة في الافتراس الأبدي.. العصافير المدهشة تصدر صيحات فزع من هنا...
** ربما لأني مقرف جدا وظهري قارب مليء بأسماك نافقة. ربما لأن أقزاما يعششون في عمودي الفقري. يطيلون أظافرهم لمواجهة القراصنة في المعابد المهجورة. لإراقة دم المخيلة في مصبات اللاجدوى. ربما لأن صوتي يتدحرج مثل صخرة سيزيف من أعلى الجبل. صوتي الذي هشموا مفاصله مرارا. صوتي المشتق من رائحة الأنهار...
رائحة حمامة ميتة. رائحة الغياب الأزرق. رائحة دموع النافذة وهي تتلقى طعنات متتالية من عيون القطط.. رائحة أصابع الأم المحترقة على الشماعة القديمة.. رائحة ضوء الشمعة وهي مجرد أشلاء .. مادة مدهشة لصنع إلاه على مقاس المخيلة.. رائحة شرشف اليتيم الزنخة. اليتيم الذي فقد مفاتيح النهار في غابة الهامش...

هذا الملف

نصوص
848
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى