1
وجودك طبق مستدير
يدور في فراغك
يُلقي بك في الخواء
لذا لا تحب...
كما تحب
لا تكره...
كما يكرهونك
عش لحظتك
بهدوء الحجر...
إنْ مر بجانبك الماء
ارتوِ
ثم ارتو
لا تعشق السراب
الذي يذرفه العطش على فساتين الرمال
كي تولد من جديد
أنتَ
أو
أنتَ
كما أنتَ
فقط...
2
ماذا يشدك بالريح...؟
أنت اليوم تفاحة...
"رثاء شاعر ما قد أكونه لو أنني شاعر..!!."
كم من سؤال عن وجود العدم
طرحنا،
وانتظرنا من يجيب...
الحرب ترسم هياكلها
وراء بسمة الريح
الطلقة تتأهب بين الكلمات
كي تصوغ بيان الغياب
لأننا سمحنا لحروف النفي
وأبحنا لأدوات الجزم
أن تقود قصائدَك إلى المقبرة
تغني مع الغربان وحفاري القبور
مزامير...
كنا صديقين
في خبز الشعير
وكنا عدوين
في حقول القمح
ولم نتفق على معطف
نحتله معا
ولا على امرأة تعد الكسكس
لقبيلتنا
فكنت تاريخا منهارا
في أحداثها
وكانت جغرافية عارية
من تضاريسي
وكنا معا
ريحا تارة
ونسيما أخرى
وكانت الفتيات تغسل همومها
بدمعنا
وكنا نعد البرتقال للعرائس
ولليالي الطوال
ولم...
يا صديقي ...!
يكون هذا الهنا
حين يكون ذاك الهناك
هناك الذي أنت فيه
هناك الذي كنتُ أنا فيه
ولايزال فيَّ هنا وهناك ...
يا أنت
يا أنا...
أوصيك بالسدرة في الشعاب
سيدة الشجر
ملكة الصبر
سليلة الخلود
أوصيك بأسراب الطيور
بشواهد القبور
فقد كانوا ليكون جسر
بين العاشقين على الضفتين
الموسيقى توقظ...
أخرجتني إلى الهامش
وسيَّجتِ بغلاظ طوال
متنك
فأنا الآن
في غابة القيل والقال
تنهشني أنياب العنعنة
لا سند لي أشكو له
فعلتك
سوى "لو" و "لولا"
و "يا ليتني لم و لم"
آه أيتها النخلة الكريمة
في هذه الدوامة
أحتاج عراجين صبر
كي أتغلب على ثقل الصخر
فوق الظهر...
عزيز فهمي/كندا
تسكنني رغبة في المشي
دون توقف
لكن هناك ما يعيق الخطو
حدود الممكن التي نسجتها النوايا
المدى المُعَلَّب في قوارير التيه
الصدى المجنون بعشق الأفواه...
بي رغبة في الامحاء
كي لا تعكِسني المرايا حين تطل علي
لا تراني عينا نرسيس في الماء
أنجو من هوية البصمات
من شجرة الأنساب
من كنانيش السجل المدني...
إني دولة من الأحلام
عاصمتي نشيد الروابي
مُدنني أغاني السهول
دروبي عزف النايات في القرى
نظامي العشق
وعرشي الحنين...
أهلا بي ...
وداعا لي...
بينهما تطول أو تقصر
جملة
كنتُ ما سأكونه
فتنبتُ الأسئلة فاغرة الأفواه
كيف كنتُ
أين كنتُ
لماذا كنتُ كما كنتُ...؟؟؟
لا حد لهذا الحد
الذي يَحُدُّني من جهة...
كل ابنِ أنثى وإن طالت سلامته
يوما على آلة حدباء محمول"
****
أودعني...
لا أحد كان معي
لا أحد طرق الباب
وانتظر
تمر الريح بكل الأركان
أركاني
يرقص الغبار
يغرد البلبل خارج الدار
داري
لا يسمعه أحد
فيبكي
كل شيء كائن
كل شيء غير كائن
كالظل
كالسراب
كالأمس
تكون حاضرا إنْ...
عندما كانت القصيدة
وطنا
ثمُل الشعر في مجرى الكلمات
القصيدة التي كانت تُدرب الموج
على الرقص
تعلمه الطفو والغرق
مدا،
وجزرا
تدرب الغيم على البوح
حزنا،
وفرحا
تدرب الريح على النواح
غضبا،
وجنونا
تدرب الإنسان على الحياة
حقيقة
ومجازا...
القصيدة التي صاحبت جلجامش
إلى فم الغيب
فرسمت قوس قزح
ونجمة
كي...
طرقت بابك
لكنك مع كل طرقة
تُضيفين قفلا للأقفال
فتاهت مفاتيحي
أمام عتبة الدار
النوافذ أغمضت أعينها
ونامت
كي لا تسمع أنين الأحجار
الجدار الذي تسلقته
لأصلَ إليك
سقط
لكني بقيت معلقا
في الهواء
أحتاج جناحين
ورؤيا بحجم سبع نجمات
لأبصر ظلي يرفرف في السماء
كهدهد أتعبته الأخبار
كلما حاولت التشبث...
كنتُ طريقك الوحيد
صرتُ محطة مهجورة
لا ترتادها عيناك
لا من قريب
لا من بعيد
تعرج الكراسي فيها
تبكي كؤوس الشاي فراغا
تضحك الغربان من رقص الرمال
فوق الطاولات
وتحت الأقدام
الأسلاك الكهربائية تنز ظلاما
فلا أرى ما خطه القدر
في قعر الفنجان
لا أرى وديان السراب أمامي
تجري
ولا قوافل الأوهام
تنبت في...
كان الشعر
كانت الغرابة
كانت الدهشة ابنة القلق
ربيبة السؤال
حين كان صديقي في ذلك الزمن المغدور
يطلب من النادل "شتاينبك" صحبة كأس شاي
حين كانت مدينة مكناس تشبه قصيدة سوريالية
حين كان شارع محمد الخامس بحرا
تتماوج فيه الاستعارات
كان صديقي كلما رفع بصره يقول:
رأيت قصيدة بكعب أحمر
تمشي على إيقاع...
الذين أصيبوا بالإيمان
ينشرون أرجلهم على السكك الحديدية
لا يبالون بمرور القطارات
ولا وداع المسافرين
ولا بثقل الحقائب الفارغة
يضعون ألسنتهم على الجمر
كي تحافظ الكلمات
على عذريتها
فتلد موعظة
وحكمة...
لكنهم يلذغون مرتين وأكثر بنفس الكلام
يثيقون في السراب الوديع
في الجنة وفي الجحيم
يستحمون...
ويسألني:
ما بك واقف هنا
يا صاحبي؟
فأجيب:
أبحث عن أطلالي
وما تركت فيها من الذكريات...
أبحث عن ضفيرة
كنت أتسلقها
كي أقبِّلَ ثغر الأبدية...
أنادي جنونا
كنت أعتليه
كي أدافع عن نوق القبيلة
وكنت دائما في ما أحكي
أنتصر...
فلماذا تهزمني الآن
بعد هذه السنين الطوال
هبة حنين عابرة....؟؟
لماذا يا صاحبي...