السي حاميد اليوسفي

بنت حمامة عشا في أعلى النخلة على رصيف الشارع ، وفقست فيه فراخها . فقدت فرخين في اليومين الماضيين ، وبقي واحد . بينما خرجت للبحث عن الطعام ، وقف قط أحمر بدين أسفل الشجرة ، ورفع رأسه إلى أعلى ، وكأنه يراقب العش هل لا زال في مكانه ؟ وهل يتواجد به صيد ما ؟ القطط التي تعيش في الأزقة سمينة وقبيحة وغير...
تسكن فاطنة بنت عبد السلام بقرية مجاورة للمدينة . المدينة نفسها لازالت قرية ، لكن الأضواء والبنايات الفخمة والمقاهي والأبناك والعمارات والشوارع والأرصفة جعلتها أجمل من كل القرى المحيطة بها . فاطنة أم لثلاثة أطفال ، وتصرف على زوج مرة يعمل ، ومرة يتعطل . لم يشمله دعم كورونا ، لأن المقدم أخبر الجهات...
عبد القادر مواطن جزائري بسيط يعيش على الهامش ، معجب بالفريق الوطني لكرة القدم . إذا لعب الفريق الجزائري مع أي فريق من آسيا أو أوروبا أو إفريقيا ، يصفق له بحرارة ، ويحب أن يلعب جيدا ويربح . هذه الأيام توقفت الكرة ، وبدأ يهتم قليلا بالسياسة . تتبع الحراك في الجزائر . وفرح مثل أي مواطن جزائري...
غسلت الأم وجه طفلها ، وفحصت عينه اليسرى ، فلاحظت انتفاخا طفيفا في لحمة إحدى العينين . كان عليها أن تأخذ يوما كاملا كعطلة ، ولا بد أن تركب الحمار ، وتًعطّل عبد الله عن الحرث ، لتذهب إلى المستشفى الذي يبعد عن الخيمة بأكثر من عشرة كيلومترات . ولا بد أن تكون محظوظة ، إذا وجدت الممرض الذي تعتقد بأنه...
اللوحة 1 وقعت هذا الأسبوع أحداث كبيرة ، فرضت على أحمد الجلوس أمام التلفاز . أشرطة الأخبار تتوالى كل يوم بالبنط العريض : ـ تضامن شعبي واسع في الداخل مع تحرير الجيش المغربي لمعبر الكركرات بدون إراقة قطرة دم ، ووسائل التواصل الاجتماعي تشتعل بالأعلام والشعارات والأغاني الوطنية وتبصم بالعشرة على...
يجلسان كل مساء فوق كرسي من الاسمنت ، يُعطي بظهره للمقهى . حديقة لا يتجاوز عرضها عشرين مترا ، تفصل بين شارعين جانبيين ، وعلى طولهما تمتد المقاهي ، ومرائب بيع السيارات المستعملة . ريح جافّة وحارّة تهبُّ مع سقوط العتمة ، وخفوت ضوء المصابيح . عندما يجدان مقعدهما المُفضّل مشغولا ، ينتظران لبضعة دقائق...
مر حوالي نصف ساعة على طلوع الشمس . لَوّحَ عبّاس بيده لسيارة أُجرة ، فوقفت بجانب الرّصيف أمام باب الإقامة . تقدّم نحوها خطوتين ، وفتح الباب ، ثم التفت خلفه ، فخرجت فتاة في العشرينات من وراء الكشك الصغير الذي يجلس فيه . انحنت قليلا ، وفتّشت حقيبتها اليدوية ثم وضعتها فوق المقعد . اعتقد أنها عادت...
"نحن من طين ، يُوجعنا الأذى ، يجرحنا صغير الشوك ، يُجبرنا لطف الله" (جلال الدين الرومي) اللوحة 1 بمجرد ما أشعل الهاتف ، تفاجأ برنينه حتى كاد يسقط من يده ! قال لنفسه اللهم اجعله خيرا ، ثم فتحه : ـ فلان . ـ نعم . عرف من خلال الصوت أن المتصل صديقه عمر . ـ أهلا ، اتصلت بك قبل قليل ، لكن الهاتف لا...
سألت صديقا في الهاتف عن حاله مع كورونا ، فأجاب بفرح طفولي : أنا (دزت) ، الحمد لله . أي أنه أصيب بالوباء ، واستعاد عافيته ، وفرح بنجاته ، وكأنه عاد لتوه من حافة العالم السفلي . ذكرني الجواب بحادث طريف وقع منذ زمن بعيد لطفل صغير من العائلة . اكترت الأسرة طابقا سفليا لفيلا بشاطئ سيدي بوزيد في نهاية...
اللوحة الأولى السماء تُمطر في الخارج . فتح النافذة ، ووقف بجانبها يتأمل زخًات المطر ، وما تحدثه من إيقاع ، وهي تتساقط تارة بطيئة ورقيقة ، وتارة سريعة وقوية . لفحته ريح باردة . رأى في سن الشباب بأن الأمطار أولى أن تسقط في الأرياف والبوادي ، فهما أكثر حاجة إليها من إسمنت المدن . لكنه عشق أن يسير...
على هامش إرباك العديد من المواطنين بسبب نقص ساعة بالخطأ على الهواتف المحمولة اليوم من طرف شركة الاتصالات ، أحببت أن أتقاسم معكم (ن) هذا الوشم من الذاكرة عندما يكون المغربي أو المغربية في حالة غضب ، وتسأله عن سبب قلقه ، ولا يجد مبررا لذلك ، أو لا يريد أن يفصح عن هذا السبب ، يجيبك ب : (الساعة...
استيقظ من حلم مزعج . ذهب إلى المرحاض . ثم خرج إلى الحوض وغسل وجهه . فتح الهاتف . الساعة تقترب من التاسعة والنصف صباحا . تأخر في النهوض من النوم . فتح الباب ، ونزل السلم . لا يستطيع مقاومة أشعة شمس الصباح . لبس نظارته السوداء ، وركب دراجته متجها إلى المخبزة . امرأة تتشح بالسواد مرت على يساره ...
تمشى قليلا كما نصحه الطبيب ثم عاد الى البيت . أعد كأس شاي بدون سكر تناول رشفة . أحس بأن المذاق مُرّ . رن جرس الهاتف . فتح الواتساب فأطل عليه وجه رئيس الحكومة السابق . كثرت هذه الايام الفيديوهات التي يظهر فيها الرجل ، يقول كلاما ثم ينقضه . سأل نفسه وهو يضع يده على جنبه لتحاشي ألم خفيف أحس به في...
وهو عائد من المقهى ، أو خارج من البيت ، كلما وضع السماعة في أذنه ، وشغل الهاتف ، إلا واستمع من غير قصد إلى إحدى أغنيات جيل جيلالة ، ظهرت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي ، تحمل عنوان (وا أسفا عليك) . عادت به الأغنية سنوات طويلة إلى الوراء . تذكر أستاذا ، يظن أنه من الشمال ، عُيّن بجامعة...
تحكي الأم لجاراتها: ـ يوم مولد شهاب الدين السهروردي ، ظل والده يدلف الخطوات في باحة البيت ، حتى لمع أول خيط من نور الشمس ، وتسرب من نوافذ الغرفة ، تزامنا مع الطلق ، وصرخة الصبي ، وهو يخرج من ظلمة البطن . زغردت النسوة في البيت . غفوت قليلا ، فرأيته مثل ملاك بجناحين ، يحمل قلما في اليد اليمنى ،...

هذا الملف

نصوص
187
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى