د. سيد شعبان

لاشيء هناك؛ هذه إجابة أحاول كل مرة أن أقنع بها نفسي؛ أنتظر رسالة أو ضوء مصباح أو أي دليل يؤكد لي أنهم مازالوا متواجدين في ذلك البيت حيث دب الوهن في جسدي؛ كانا بالنسبة إلي الملاذ آوي إليه، يشعرني كل هذا بالأمن حيث أفتقد من يذود عني؛ تغيرت الدنيا من حولي؛ رغم أنني أمعن في السخرية من تلك التجاعيد...
لا أعتقد أنني أنهيت كل الحكي الذي اختزنته ذاكرتي؛ ثمة تشابه بيني وبيني العم ماركيز فكلانا أمسك بقلمه ودون ما كان جميلا، لا أدري إن كان ذلك الكلام الذي ألقت به جدتي في سنوات عمرها التي امتدت مايقارب قرنا يصلح لأن يسمع به الصغار ممن لم يشاهدوا النيل يفيض حتى يغمر كل القرية، لم يعد أحد يتذكر أشجار...
على ما خطه قلمي من قصص ومقالات يوجب علي التوقف؛ نظرا في التجربة لتقويمها؛ ورصدا لما وضح لي من لأواء الطريق؛ اختزنت كل الحكايات وأعملت فيها عقلي وعاطفتي فلم تكن خلوا منهما؛ اقتفيت أثر العباقرة الذين وطئوا ذلك السبيل؛ منهم من أحببته فنهجت نهجه؛ ومنهم من خالفته؛ لأنه لايجدر بي أن أكون مشايعا لمن...
هل تدرون أن السرداب الواصل بين سنهور المدينة وبين صان الحجر يمر من تحت كفرنا والذي توجد به أعاجيب لم يرها أحد؟ أسماك تطير بجناحين من ريش النعام، يعلوان فيحدثان دوامة هواء تسحر كل من يتنفسه، صوت ينبعث من داخل السرداب عند منتصف الليل فيغري القادمين من بعيد؛ هدهدة طفل في المغارة، جنية البحر تخرج...
دق جرس التليفون، كما هي العادة لا أحب تلك الرنات المباغتة؛ صوت غريب نبراته غير معهودة؛ يطلب مني أن أسرع لمقابلة أحد الرجال القادمين من العاصمة يركب سيارة فاخرة؛ يحمل رسالة خاصة؛ تكليف من نوع خاص، دارت برأسها الأرض؛ هل وجه إلى اتهام ما؟ بدأت الوساس تفترسني، احتمال أنهم يطلبونك لتتولى مهمة ما-...
نمت وصحوت وما تركت الأحلام منامي ،تخادعني وتأبى إلا أن تمثل لي واقعا ،رأيت الراحلين تجمعوا ربما شدني بعضهم لعالمه،ولعلني متشوق إلى رؤيتهم ،ثمة ظنون تعاودني كل حين، ها هي الليالي تتوالى والذكريات تتدافع ،أمسك ببعض خيط منها فتفر هاربة مثل غزال يهرب من قانصه،لعين تتبعني رواء جمال ويد دلال! الجوع...
ليلة أمس دارت بي رأسي؛ هجم علي النوم وله سلطان شديد الغلب، غبت عن عالمي، تباعدت همومي، جاءني ذلك الطفل الذي لم أر وجهه من قبل، جسده محاط بالشوك كما الصبار البري، لا ينتعل غير الحفاء، داهمني بأحلامه الموؤدة؛ أخذ يسخر من جسدي المترهل، يعبث بعقلي المثقل بالأوهام؛ يسب عجزي ويهزأ من خرفي. تمتيت أن...
مر على مصر عهد كانت فيه ملتقى الأدباء ومجمع العلم، بما حوته من دور الصحافة ومنافذ النشر، يتبارى كل صاحب فن في عرضه والحديث عنه بما وسعته القدرة وما استجمعته الحياة من ثقافات مغايرة. كانت سوقا رائجة لمستطرف القول. منتديات يتبارى فيها الأبيناء ومدارس أدبية تشاد في مقاه ومسارح ومدارس ووفود تأتي...
حارتنا محاطة بأسوار قديمة، كل الذين تركوا بصمتهم في التاريخ هدموا من أحجارها الكثير؛ والآن بوابة المتولي مصابة بداء جديد عجز الجميع عن معرفة أسبابه، سكن أبو النوام درب الجماميز على حين غفلة من أهله، جعلهم يتثاءبون كل لحظة، سرى النعاس إلى درب سعادة والسراجين وقلعة الكبش ودرب الهوى وحارة...
منذ فترة تساءل كثيرون: من أين آتي بكل هذا الحكي؟ هذا سؤال إجابته تحتاج بوحا صادقا؛ كل إنسان منا لديه القدرة أن يناغم بمفرداته أو أن يعزف بنايه أو أن يضرب على أوتار عوده، في الحقل يتراقص النبات ، تهتز الأشجار، تلهو الحملان وراء أمهاتها، في النهر تتماوج الأسماك طربا. ظن بعض من أهلي أنني ألخص الكتب...
المبدع من يلتفت إلى الأشياء البسيطة فيسردها في قالب فني؛ كان نجيب محفوظ يفعل هذا؛ زقاق المدق امتلأ بأحداث صغيرة تمضى بها الحياة؛ شخصيات مهمشة لكنه أحالها إلى كائنات عليها بصمته؛ ذلكم هو الفن؛ أحول وجهتي ناحية عالمي، لست ماركيز في واقعيته السحرية لكنني أعايش اللحظة ومن ثم أدونها؛ من أحب ساعات...
لم أكن في يوم مولعا بالكتابة مثلما الحال هذه الأيام؛ يبدو ذلك جليا في كثرة ما يجده المتابع على صفحتي؛ نظرت في أحد كتبي فهالني عدد صفحاته؛ هل كل هذا ما سطره قلمي؟ تبلغ بي الدهشة أوجها حين أستعيد بعض قصصي؛ ترى لم كتبتها؟ علني أدون بعضا من الأحلام المغتالة على مقصلة الواقع المر؛ لا أدعي مهارة...
مؤكد أن ما أخبرني به ذلك الرجل الطيب قد حدث؛ بت أتساءل وماذا بعد؟ علي أن أغادر تلك المدينة على وجه السرعة؛ ثمة أخبار ترد من جنوب البلاد أن التماسيح تخرج إلى الشاطيء؛ حين اتصل بي صديقي صبري شوقي أكد لي هذا؛ إنهم يبتعدون عن النهر؛ لم تعد السفن تشق ماءه؛ حين وضعت رأسي على الوسادة مستجلبا النوم...
تعرف الأماكن روعة السرد في حكايات ليل متدثر برداء الظلام، إنه يناغم بتفاصيل الأحداث يستوعبها كأنما تمثل أمامه حية لم يمض عليها ما يقارب ثلاثة أرباع قرن استوعبه بكل تفاصيله. تمعنت في خطوط وجهه الذي يبدو مثل البدر في تمامه، كانما هي سطور نص، ياله من بارع في تمثل الحكاية فهو صانعها لا راويها الذي...
كثيرون كتبوا إبداعا يفوق الوصف؛ رسموا لوحات جميلة جاءت صورها مكتملة البنيان رائعة الطلاء؛ منهم الروائيون وكتاب السير وآخرون نقدوا أو شاغبوا بأقلامهم؛ لكنها لعبة نزقة قلما فاز في شوطها الأخير أحد؛ فمن ألف فقد استهدف؛ الكتابة والسرد قرينان؛ فلا يمكن للسرد إلا أن يدون وإلا كان حكيا شفاهيا؛ فألف...

هذا الملف

نصوص
499
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى