د. سيد شعبان

يكاد المتابع للإبداع العربي في الآونة الأخيرة يصاب بالحيرة والدهشة في آن؛ أما سبب الحيرة فمرده لذلك الركام من الكتابات التي تملأ الأرفف وتعج بها دور العرض؛ روايات مملة لاتجد فيها غير تكرار لما قدمه جيل الرواد، اهتراء في السرد وأخطاء في المعالجة حتى تجد نفسك في موضع اتهام لعقلك؛ هل هؤلاء مبدعون...
انتفخت أوداجه وطالت لحيته في هذه العشرية التى ضرب أثداءها الجفاف؛ هل تراه يعاني مما يضرب الناس بسوطه؟ يجري الناس هلعا فثمة طاعون يهز العالم من حوله، رجال مكممون ونساء منقبات، فالموت على الأبواب وفي الشوارع، أما هو فيمد رجليه ويتمطى في جلسة لا يحسن غيره إلا أن يقلده. أخذ يمد فمه الذي يشبه زلومة...
ظل منزويا خلف بحر الظلمات؛ يلعب حلا حلا؛ ناعس الطرف يتحسس طريقه في عتمة الليل؛ حين ضربته الشمس استفاق؛ في بلاد المن والسلوى شفاء له من برودة العجز! جاء بحيل تفوق الحصر: بنات ذوات خصر؛ وراجمات لهب؛ ومواعيد عرقوب؛ ألم أقل لكم إنه ساحر! هرولت نحوه الحواة؛ في زمن صارت السيوف من خشب؛ برزت أنيابه...
يبدو أن مزيدا من الوقت يكفي لأخبركم بتلك الأزمة التي تناقل الناس أسبابها؛ ففي تلك النواحي لايمكن لأمر مثل هذا أن يمضي دون أن تتلقفه الآذان، يكتفون بكسرات خبز تعاركت مع الأيام ومن ثم يمضغون هذه الأقاويل؛ تعلمون أنني بعيد عن هذه الترهات منذ زمن، أسكن في بيت ناء، تمر بنا باعة الصحف مطلع كل شمس...
في حياتي أشياء مؤجلة لم أطرق بابها بعد، لا وقت لدي لأن أهتم بتلك الأوهام، فمنذ عشرين عاما أبحث عن وسيلة تدفع بي إلى العالم الزاهي، هذه المفردة خايلتني كثيرا حتى جعلتني أشبه بممسوس يعيش على حافة الزمن، كل الأعمال سأنفذها في ذلك الحلم، حتى ثيابي الجديدة اختزنتها لليوم الآتي، يصعب على الأنثى أن...
ابتدرني محييا؛ كنت في طريقي حيث قطار السابعة ونصف؛ حالة الجو لاتنبيء عن وصوله المحطة في موعده؛ تلفت ناحيته؛ لم أشعر بغير فتور تملكني؛ كان زميلا في مصلحة الفنون؛ تعودت أن أرتشف قطرات الشاي؛ أستمع إلى صوت الإذاعة؛ أغان وأمنيات بيوم سعيد، أمسك بالألوان وأصنع منها خليطا؛ ثمة سر في رسم اللوحة؛ يجب أن...
لا أحد يسمع بي؛لست محور هذا العالم، هذه هي نتيجة توصلت إليها حين انزويت في حجرتي بعيدا عن صخب الأفكار التي أتعبتني طيلة الأيام الأخيرة، هذا الأمر رغم ألمه أراحني كثيرا، لذا قررت أن أتخلص مما لا فائدة منه، أولها الكتب الصفراء التي أصابتني بتخمة التفكير، علي أن أترك ذلك العالم الوهمي الذي لا يوجد...
تبدلت معالم الشارع الذي سكنته مضطرا؛ فراتبي لا يسمح لي بأن انتقل إلى بناية جديدة، هذا لا شأن له بحالة التردي المعيشي التي تضرب البلاد هذه الأيام، رغم هذا فبعض من أعرفهم صاروا منتفخين بحساباتهم في المصارف، أخبار طائشة تأتي إلي دونما تقص لها، طاحونة الفساد ستدمر الوطن؛ تبا لقلمي الذي يصر على أن...
انطوى كما الأيام الجميلة، سرقها لصوص الزمن في بلاد تصلب أولياء الله فوق جذوع الشجر، تحتفي بالعابرين فوق الفرش الحمراء، ماكينات صوت فارغة. تقلب في فراشه، لم يحظ بساعة نوم هانئة منذ ذلك اليوم الذي احترق فيه أمله، ظلت تلك الذكرى تنهش قلبه وتنزف كلما حاول نسيانها، ارتحل بعيدا؛ فالمنافي أوطان...
انقضى يومه بكل ما فيه من تعب، أسلم رأسه إلى الوسادة،أبى النوم أن يداعب جفنيه ،طافت الخيالات برأسه، تسرح في ردهة الظلام التي صدأ فيها النسيان،الوحدة سهم قاتل،ثمة رغبة جامحة أن يحدثها،اشتاق لطلعة وجهها،لقد رحلت إلى طريق آخر تباعدت بينهما المسافات. مثل ورود الربيع غضة نقية حين تداعبها قطرات...
اعتاد الناس في كفرنا النسيان؛ يتعاطونه مخدرا من آلامهم وفي أحيان كثيرة يرونه شفاء لهم، يموت أحدهم فيلقون به في زاوية معتمة. فيما مضى كانوا يقيمون مناحات لاتنتهي، بدأوا لكثرة الموتى يتجاهلون تلك العادة، يكتفون ببضعة دموع ثم يتقاسمون أوجاعهم أو يعاودون أفراحهم حدث هذا مرات عديدة. غير أنها تظل تردد...
أقر وأنا في كامل عقلي الذي ثقب إلا قليلا حصنته أمي بدعواتها الطيبات؛ أنني ما زلت محبا للقمر، وتلك هي جنايتي وما برحت تلازمني، البعض منكم ماكر يستغل انفراجة البوح لدي ليتسلل إلى تجاويف تغلفها متاهات أنزوي فيها، الليلة الماضية جاءتني تحمل سرا خطيرا، لا ينبغي أن يطوى دون أن يعلمه المكتنز لحما، ها...
يبدو أن أحدا لم يسأل نفسه: من يكون ذلك الذى جاء قريتنا منذ زمن بعيد والتي تنتشر أقاويل حوله أن بظهره خاتم الولاية؟ الروايات تمنحنا فرصة للهروب وتقتلعنا من حياة لم تكن تمنحنا أي إحساس بالرضا. هذه جملة نسيت أين قرأتها؛ فالعته يضرب ذاكرتي؛ علي أن أدون تلك المفردات التي تتناثر كل يوم كما حبات رمل...
أخذت تلوك حكايات ليس بينها رابط، في سلتي حزمة نعناع ذو عطر أخاذ، بعض غرس الطيب رحمة الله عليه، على كل حال انشغلت بالاستماع إلى ركاب الحافلة، هذا عاود طبيه وأخرى تخفى جمالا تكاد تشي به عيناها، ثمة تعبيد للطريق، يقال إن رجلا كبيرا سيمر من هنا، يخيم صمت يقطعه حديث، القطار في جانب الطريق يسير...
أفاقت من نومها والدموع على خديها ؛ كابوس ثقيل جثم على صدرها : قط أسود يقبع خلف الباب ، رأته من ثقب صغير ، ارتعدت، علا صراخها ، لم تجد أمها بجوارها ، رحلت إلى الآخرة ، نادت أباها " أدركت بعد وقت لا تدريه أنها يتيمة الأبوين ، أسرعت فأضاءت المصباح ، آوت إلى سريرها ، من بعيد لمحت صورتها في مرآة...

هذا الملف

نصوص
499
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى