أنا، كما يعرفني الكثير منكم، مولع بالتدخين. ولا أكاد أترك السيجارة إلا عند النوم. وكيفما كان حالي كانت السيجارة بين يدي. لذلك كانت عدتي الوحيدة في رحلتي إلى لندن عشر علب من السجائر التونسية بحساب علبة لكل يوم. هكذا خططت، ولكن النظرية شيء والممارسة شيء آخر. إذ أتيت على العلب العشر في أقل من خمسة...
موقف محرج 3
كان من المفترض أن تكون الرحلة إلى لندن رفقة أستاذي المؤطر الدكتور مصطفى التواتي، ولكن لأسباب لا أعلمها تحتم علي أن أسبقه إلى لندن بليلة واحدة.، وكانت حصيلة هذا السبق كما تعلمون للوشة. وفي انتظار أن يلتحق بي أستاذي قصدت من صباح الغد معهد الحضارة الإسلامية وكان على مقربة من الوكالة...
تيسر لي العبور والصعود إلى الطائرة بفضل المغربية الرقيقة الأنيقة. في مطار لندن سألوني وأنا أتهيأ للعبور: ما سبب زيارتك لنا؟ قلت باختصار: في مهمة علمية. لم يعجبهم الرد. فقالوا: وأين ستكون هذه المهمة؟ قلت في معهد الدراسات الإسماغيلية، وبدعوة من الأستاذ الدكتور المنصف بن عبد الجليل. رأيتهم...
موقف محرج ولكنه طريف ممتع:
في مطار جينيف كنت أنتظر موعد الرحلة إلى لندن بعد هبوطي قادماً من تونس. سألت بعض الأعوان إن كنت ملزما بشخن حقيبتي من جديد أم أن ذلك يتم آليا باعتبار رحلتي الأصلية هي من تونس إلى لندن عبر جينيف فقيل لي كن مطمئنا فحقيبتك قد تم شحنها فسألت وهل علي أن أسجل في هذه الرحلة من...
يقولون هذا زمان الشعوب
ونحن مع العدل والأمن والحريات
وهم كاذبون
منظمة العفو أكذوبة
ومحكمة العدل أكذوبة
وكل تقاريرهم ترهات.
فلسطين تشهد أنهم كاذبون
وغزة من زمن آخر
غير زمان اللصوص
هنالك،
حيث نراهم يموتون
هم يولدون
فعنترة الفارس عاد
سمعته ينشد:
لا تسقني ماء الحياة
بل فاسفني كأس الشهادة
وعاد عليٓ...
اكتشفت اليوم أن معرفتي بالضباب محدودة جدا. كنت أراه من بعيد وبنيت له في خيالي صورا شتى أغلبها مشتق من قصائد الشعراء الرومنطيقيين. واليوم دخلت في الضباب دخولا فلم أجد فيه شيئا مما قالت الشعراء. الضباب يا سادتي ظلمات تكتنف الطريق فلا تدري وأنت تقطعها إن كنت في صعود أم هبوط. تقاوم الظلمات المنحطة...
شاع الخبر في الولايتين وتناقلته الأفواه في المقاهي والأسواق والمدارس والمعاهد. فقد قالوا في ولاية سليانة إن فلانة بنت خدوجة ستشتري سيارة. تستحق ذلك المسكينة فقد نشأت يتيمة وكافحت حتى صارت أستاذة. وقالوا في ولاية الكاف فلان بن فلان سيشتري سيارة. أنعم الله عليه براتب شهري لم يكن يحلم به أحد...
من أين يؤتى العدوٓ؟
يقول المعلم:
يوتى العدوٓ قبيل الطلوع
وبين الضلوع
وفي المعمعه.
ويؤتى بسبابة من رصاص
ويؤتى من الميمنه
ويؤتى من الميسره
ويؤتى من الخلف إن كان في المركبه
أتذكر يوم انتهينا إليه صباحا؟
أتيناه من كل باب وباب
فلم يدر من أين جئنا
ولا كيف جئنا
ولم يدر من نحن حتى تلونا الكتاب
عدونا...
ومن أحاديث الإشكيمو أن رجلا من أبناء بلدته مرضت زوجته فلم تقو على الوقوف فضلا عن المشي فكان بحملها بين يديه كما يحمل الأب ابنته ويقطع بها المسافة بين باب داره ومحطةالحافلات فإذا توقفت الحافلة صعد بها السلم وأجلسها في حجره وكان يناغيها كما يناغى الرضيع فإذا بلغ المستشفى دخل بها قاعة التمريض وكان...
يخرج من مكتب البريد فرحا براتبه الشهري. ينزل السلم مسرعا. يشق الطريق دون التفات. برفع عينيه فجأة. ما أجمل هذه المرأة! لولا رائحة عطرها ما كان ينتبه إليها. يسير ورأسه إلى الوراء. يتابعها بعينين غائرتين وقلب فارغ وجيب لا شيء فيه سوى راتبه الهزيل وعلبة سجائر رديئة وقداحة صيتية الصنع. يستمر في السير...
بوراس رجل لا يعرف له الناس اسما غير هذه الكنية. هل كان وحده ذا رأس وبقية الناس بلا رؤوس حتّى يختصّ بهذه الكنية دونهم؟ طبعا هذا مستحيل، ولكنّ شكل رأسه الغريب هو الذي منحه هذا الامتياز. لقد كان رأسه أقرب ما يكون إلى مطرقة ضخمة، ولو نظرت فيه مليّا لوجدته مركبا من أربع قطع متلاصقة، قطعة مربّعة هي...
تشرين هذا واحة
عنقود تمر أشقر في نخلة شمّاء
في نهر عشق دافق
في تربة سمراء.
تشرين هذا شاعر، وثائر
يطوف في الشوارع العتيقه
يبعثر نظامها
يكسّر زجاج واجهاتها
يدمّر، يزمجر
ويقلب الأشياء والأفكار
والعوائد القديمه
تشرين هذا شاعرُ المدينة الوحيد،
وطفلها العنيد
وعطرها، وفجرها السعيد
تشرين ليس قصّة...
كل الذين أمامي أغراب. لا احد فيهم صديق أو رقيق. عيناي تجولان في كل اتجاه لعل صديقا أو رفيقا أو حتى واحدا ممن عرفته صدفة يمر أمامي. لا شيء في الصورة غير الأغراب. أحدهم استسمحني في الجلوس إلي. رفضت طلبه. رأيته يشمئز ثم رأيته ينسحب خاسئا. لابد أأنه يشتمني. هو حر. وأنا أيضا حر. الحربة مكفولة بموجب...
لم أنخرط في مسيرة تجوب شوارع المدينة منذ عشر سنوات على الأقل. واليوم فعلت. كان لابد أن أكون هناك استجابة لنداء المقاومة وأنصارها. مشيت نصف ساعة أو يزيد رأيت فيها وجوها قديمة من اصدقاء الماضي ووجوها أخرى لم أرها من قبل. هي وجوه فتيان وفتيات من طلاب الجامعات وتلاميذ المعاهد. بدت لي جميع الوجوه...