غابة اللبلاب.
"ربما طَافني طَائِف واختَفى"
هأنذا أطأ حوافّ المجرة بنصف عين
قربة مائي سرقها اللصوص
وكلما أمرُ على أهل قرية يأبوا أن يضَيفوني
ثم كانت هناك عند غابة اللبلاب
سيدة بهية الطلعِ خرجت من بين عباءاتِ الفجرِ...
_هذا أَنا أيها الرَكب......توقف!
استطالتْ وحلتْ مِئزَرها
دِيبَاج مِنْ سُنْدُسِ...
أيتها المرأة الغريبة
لما تلوذين بالحقيقة دائمًا؟
إن السمع والبصر والفؤاد أدوات لخداع المخيلة.
حينما يندرج الليلُ تحت نوافذي
وأتأهبُ لملاقاة النوم على أرائك اللذة
أتباطأ في الخطو لأرقد وحيدًا على الرملِ
وأتدحرجُ دحرجة خفيفة_ خفيفة_ خفية
فيما يطوقني النُعاس بيديه الرحيمتين
ألتفُ حول نفسي كاليرقة...
"حالة"
أيتها المشبعةُ بالبروقِ
والمتشبعةُ بطعم النارنجِ
عندما تقبلين كفراشةٍ:
أفتح جميع نوافذي لأتطلع إلي عينيكِ إذ تشرقان
وإذ أراكِ
أسمع :
صفير روحكِ الذي يبقبقَ في الخلاء
وخشخشةِ نعليكِ إذ يعلنان قدومكِ
أمسك بصناراتِ الوحدةِ
وأغزل من الزبدِ الأبيضِ جسدًا
لإمرأةٌ لا أعرفها
ربما تشبهكِ أنتِ...
عادت "أفراميا" إلى طريق الآلام، ووجدت المرحلة الثامنة حسبما أشار لها "أحمد"، لكنها كانت مضطربة، وعاجزة عن التركيز، وقد أحست بدوار جعلها تجلس فوق صخرة بالقرب منها، وكانت السماء فوقها تتفتق كالسراويل، وتنخلع عن الأرض كالبرانس، ونظرت نحو قرص الشمس، وكانت أشعتها ملتهبة وحارقة، كانت ثمة أوحال وغيمات...
أنا امرأةٌ بلا بذور ولا فاكهة
شاهدتني جدتي وأنا أتلوى كالجعارين النطاطة
وشَعري يسبح في الهواء كزهرة اللوتس
كان جسدي يلمع كالفضة وعيناي تستطلعان الشمس
شدّتني من ضفيرتي وضربتني
إذ رأتك تلوّح بذراعيك المفتولتين كعارضتين خشبيتين ملفوفتين حول شجرة الأضاليا الوحيدة.
لطمتني على خديّ وجرجرتني...
جلستْ على حافة سريرها الضخم الشديد اللين، والغشاوة تكسو عينيها بعد أن كشفتْ عنها الغطاء فأحستْ بالبرد على الفور، وأصطكّت أسنانها، وذلك حينما بدأت البرودة تتسرب عبر كل إصبع من أصابع قدميها. ألقتْ نظرة في المرآة المُعلقة على الجدار، أطمأنت أن وجهها يبدو كما هو.
دست قدميها في خفها الأخضر الزغب،...
أخذ ضوء النهار ينحسر تدريجيًا، واللّيل يتقدم عليه ببطء. شدت "جميلة" شالها البالي حول كتفيها لاتقاء برد الغرفة، وحاولت تحريك أناملها برفق علّها تُرخي مفاصلها التي تجمدت بفعل البرد. خاطبت نفسها وهي تتنهد: "وحشتيني يا ابنتي".
عند منتصفِ الليلِ فتحتْ عينيها، وشعرتْ بالعطشِ. مدتْ يدها إلى كوبِ الماء...
الانفلات من أسر الزمان والمكان والخروج من اللحظة باللحظة في اللحظة"
هدأت الرياح الشمالية الباردة، واستقرت الشمس في قلب السماء، بعد أن حلتْ ضفائرها المليئة بالأنوار، فتنفستْ الأرض بالجمال والدفء والربيع. بدأ الاخضرار يغمرُ الأعشاب الشاحبة المنتشرة في الأودية الصغيرة المُنحدرة من الروابي الجبلية...
•الأحبولة
دائرة انعدام الوزن..
ما زلتُ أبحث عنها وأسأل كل عابر وسائر، وأسأل كل شاهد، وعارف، وكل صاحب مقام، وكل شيخ طريقة وأبحث عنها، في كل جب ومرقد بين كل حاضر وغائب، ما دلني أحد عليها.
خرجت إليها من شمس الذاكرة إلى فضاء الرغبة وتوقفت عند شواهد الموتى وهم يعجنون بخورهم بالمودة فلم يدلوني،...
وقعت عين هذه المرأة على "أفراميا"، وعبر عينيها خرج رجاء ملموس، وكأنها تقول: "ساعديني.. ساعديني"، فعرفت "أفراميا" أن هذا الرجاء موجه إليها، وتكحلت بينهن بشارة الصمت الأسود.
أومضت "أفراميا" بعينيها، ثم أغلقتهما بضع ثوانٍ، وهزت رأسها لتزيح عنها تلك الرؤيا، وهي ذاهلة عن مكانها وزمانها، وقد استيقظتْ...
كنتُ قد انحرفتُ يسارًا، وغُشيَ عليَّ، ورأيت دمي سائلًا فوق صدري، ونارًا حولي كالمُهْل يشوي القلب،
فأدلجتُ في الليل، وكنتُ أسير في الأرض مسيرة يومٍ وليلة، وعندما لم أجد أحدًا يكلمني أو يواسيني؛ تعري
تُ بنفسي وخلوتُ إلى شياطيني، وجلستُ تحت ظل شمسٍ حمئةٍ؛ فإذا بي أصرخ وأصرخ إلى أن رميتُ نفسي في...
هكذا
وعلى الرغم من أن ملك الموت، أو ما يسمى شرعًا في علم اللاهوت الجنائزي "قابض الأرواح" كان يرفرفُ بجَناحيه الأبيضين، ويدورُ في سقفِ الغرفةِ كالفراش، كان المَلك "هيرودوس أنتيباس" ذلك القابع في ركن الذاكرة الخربة، والمُحمَّل بالأوزارِ دائمًا يجلسُ على سريره الأخَّاذ؛ ذلك السرير المصنوع من الخشب...