السنديانُ أيضًا ينكسر.
لكنّهم إنْ أحرقوك،
فرمادُك سنديان،
ودخانُك سنديان،
وترابك الذي احتضنَ الجذور،
تسكنه روح السنديان.
لم يفعلوا بكَ ما فعلوا ،
إلّا لأنّك من أصلِ السنديان.
لا بأسَ، اذاً
فعلى قدرِ كبريائك،
غطّوا أرضَك بالخيام
وعلى قدر ما قلت : "لا"
نقموا منك
وعلقوا رغيف خبزك في السحاب
لن...
أعلى الصرخات، صرخةُ الأمِّ الثكلى.
ليس الحزنُ مَن يصنع الصرخةَ أو الوجع،
بل الرجاء، الرجاءُ الأخيرُ الذي تُحاولُه أصابعُ اليدِ المتشنّجة على حافةِ السور، قبل أن يهوي الجسدُ من علوٍّ شاهق.
رجاء الصَدَفة المطمئنة في زرقة البحر ، قبل أن تُلقي بها موجةٌ عابثة، فتُسقطها جثة هامدة في يد الرمل..
رجاء...
أكثرُ ما يقع على الضحايا من ظلم،
أنهم دفعوا ثمنَ فاتورة الحرب..
ليس طوعًا،
ولكن عن سوء حظ.
الأبُ الذي دفنَ ساقَ طفلته
لم يكن متعجِّلًا،
كان يحضرُ حفلةَ عرسها
في غلالة الدموع.
قيلَ مات مصادفةً
حين أصابت الطائرةُ هدفًا قريبًا منه،
ولم يمنحه أحد
شرفَ الفداء.
الطائراتُ قصفت كلَّ شيء
إلا الأحقادَ...
في ربيعٍ بعيد،
بعد شتاءٍ طويل،
سينبت في حقول غزة
زرعٌ جميل
زرعٌ لم يرَ الناس مثله من قبل.
في الصباح
تضحك ازهاره للشمس
وفي الليل
يصحو الناس على
صوت غناءه الشجي
صوت لا يعرف سبب الحزن فيه احد
الا الامهات…
الامهات اللواتي فقدن اطفالهن في الحروب .
_عاهد حلس
كيف سأعلّم طفلي بعد الحرب،
أنّ النجومَ ليست دموعًا،
وأنّ صوتَ البحرِ في الليل
ليس أنفاسَ الحربِ حين تنام،
وأنّ الليلَ
يسكنهُ القمرُ،
لا الطائرات.
وأنّ الفجرَ
ضوءٌ ناعم
يملأ البيوت برائحة النعناع
وشوارعٌ ندية
تبدأ يومَها باسم الله،
وأمّهاتٌ يُلوّحن
لأطفالِ المدارس،
وهم يصعدون الحافلات
كأقمارٍ...
عندما تنتهي الحرب،
لا تتخلَّص من قميصك الذي رافقك طيلة النزوح،
لا تغسله من رائحة العرق والغبار والبارود،
علِّقه في غرفة نومك مثل صورة أبيك،
اتَّخِذه معلَمًا لقلبك،
علِّمه كيف ينهض،
وأن لا ينسى طعمَ الجروح
عندما تنتهي الحرب،
وأنتَ سالمٌ مُعافى في جسدك وأهلك،
لا تبكِ البيت…
ثمّة مَن يُطيل النظرَ...