الغريب يحمل قبعته في كل مكان. تحت سقف وفي عش الحمام، يتذكر ثقل السماء، يقول للآخر لا ترسل إلي رسائل أعرف ما تحوي من الحنين، فأنا الغريب ولي وجهتان: إلى قهوتي في الصباح العليل، وإلى جرحي أسمع فيه قيثارة غريبة اللحن، لأني الغريب تنفر مني ذرات الهواء، يفزعني تباطؤ الفجر وأخاف من الفراغ في أسرة الدببة الثلاث. أتمدد تحت ظل يشبه ظل البداية، في رحم الأم، في رمش الحبيبة، في جحر فأر في غرفة المعيشة، غربتي تؤنسني مثل الألم المعتاد. أضمد جرحي العازف وأقول للريح خدي لحنا من صوت تشقق الجرح إلى بلد لا أذكره إلا غريبا في دمي.
وللغريب أماكن يأوي إليها عند اشتداد العاصفة. يعرف أن جهة السماء كأرض سهل في معركة حامية، كثيرة الخطر شديدة المِحال. فلا يأوي إليها في لحظة الضعف، يفضل عليها خم الدجاج. يقول أنها كثيراً ما تأكل من رأسي، فلي عندها دين الإيواء والأمان. ويعرف أن سلم الإرتقاء معطوب في لوحه السابع. تعلم الحساب إلى هذا الرقم. كان يكفيه لتجنب زلة الرجل، وكان أكثر دعاءه بالجنة السادسة. تكفيه حوريات بجمال هذه الدرجة. لم يكن شرها فلم يعرف الغرباء بثقل البطن وما أسفله منذ أبد العواصف.
وللغريب لحظات ينسى فيها وصفه. يتحول إلى عارف بالمكان. تستتب أحواله ويستأنس بما حوله. ينظر إلى البحر لا يدري ما وراءه ولغروب الشمس وهو على يقين من بزوغها في اليوم التالي، لأن الغريب كثير الشك، إن رمى حجرا كان الوقوع احتمالا وليس بداهة إلى أن يراه قد شج رأس أحدهم أو أفزع سرب الحمام. ولكنه اليوم مليء بالثقة في ناموس الكون إلى أن تذكر أن الصحائف جفت على وصف للغريب: يضل كذلك إلى أن يحلق الحجر إلى الامكان.
وللغريب مثل الآخرين أفعاله الغريبة: كأن يتمدد تحت غيمة في يوم مطر، أو يجلس في قيلولة قرب حمار بعيداً عن كل ظل، أو يرمي صنارته في ماء موحل، ولم يكن يعرف القصد في ذلك. كان يبحث له على رقعة في الوجود ولو ضيقة. إن وجد نفسه في زحام، دُفع به إلى أبعد ركن، وإن فتح فمه ببنت شفة أخرسه ضحك الآخرين. هو شفاف إلى حد الانمحاء، خفيف لا يدب على الأرض، ضعيف تثقله بعوضة حطت عليه. تطير البعوضة في الحين، لا تجد فيه فريسة تستحق الوخز والأذى.
وله معارف غرب مثله. إلا أنه يرجح وجودهم ولا يجزم. ماذا لو اختلط عليه الأمر، وسأل من لم يكن شبيها له. كيف يجد إذن نفسه، وأي قيلولة ترضى أن تظله، لذا كان يفضل العزوف عن مغامرة غير محسوبة العواقب. وقد حدث يوما أن أومأ إلى أحد ظنه مثله، ثم لم ينتظر ردة فعله، أوطأ بصره، بحث عن أقرب زحام وحشر نفسه داخله. كان يعرف أن الزحام كدراجة هوائية يركبها من مكان معلوم إلى ركن في اللامكان.
وللغريب أماكن يأوي إليها عند اشتداد العاصفة. يعرف أن جهة السماء كأرض سهل في معركة حامية، كثيرة الخطر شديدة المِحال. فلا يأوي إليها في لحظة الضعف، يفضل عليها خم الدجاج. يقول أنها كثيراً ما تأكل من رأسي، فلي عندها دين الإيواء والأمان. ويعرف أن سلم الإرتقاء معطوب في لوحه السابع. تعلم الحساب إلى هذا الرقم. كان يكفيه لتجنب زلة الرجل، وكان أكثر دعاءه بالجنة السادسة. تكفيه حوريات بجمال هذه الدرجة. لم يكن شرها فلم يعرف الغرباء بثقل البطن وما أسفله منذ أبد العواصف.
وللغريب لحظات ينسى فيها وصفه. يتحول إلى عارف بالمكان. تستتب أحواله ويستأنس بما حوله. ينظر إلى البحر لا يدري ما وراءه ولغروب الشمس وهو على يقين من بزوغها في اليوم التالي، لأن الغريب كثير الشك، إن رمى حجرا كان الوقوع احتمالا وليس بداهة إلى أن يراه قد شج رأس أحدهم أو أفزع سرب الحمام. ولكنه اليوم مليء بالثقة في ناموس الكون إلى أن تذكر أن الصحائف جفت على وصف للغريب: يضل كذلك إلى أن يحلق الحجر إلى الامكان.
وللغريب مثل الآخرين أفعاله الغريبة: كأن يتمدد تحت غيمة في يوم مطر، أو يجلس في قيلولة قرب حمار بعيداً عن كل ظل، أو يرمي صنارته في ماء موحل، ولم يكن يعرف القصد في ذلك. كان يبحث له على رقعة في الوجود ولو ضيقة. إن وجد نفسه في زحام، دُفع به إلى أبعد ركن، وإن فتح فمه ببنت شفة أخرسه ضحك الآخرين. هو شفاف إلى حد الانمحاء، خفيف لا يدب على الأرض، ضعيف تثقله بعوضة حطت عليه. تطير البعوضة في الحين، لا تجد فيه فريسة تستحق الوخز والأذى.
وله معارف غرب مثله. إلا أنه يرجح وجودهم ولا يجزم. ماذا لو اختلط عليه الأمر، وسأل من لم يكن شبيها له. كيف يجد إذن نفسه، وأي قيلولة ترضى أن تظله، لذا كان يفضل العزوف عن مغامرة غير محسوبة العواقب. وقد حدث يوما أن أومأ إلى أحد ظنه مثله، ثم لم ينتظر ردة فعله، أوطأ بصره، بحث عن أقرب زحام وحشر نفسه داخله. كان يعرف أن الزحام كدراجة هوائية يركبها من مكان معلوم إلى ركن في اللامكان.