علجية عيش - هل سيودع الجزائريون رئيسهم عبد العزيز بوتفليقة المغضوب عليه؟

استيقظ الشعب الجزائري يوم الجمعة على خبر وفاة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و كبقية الرؤساء الذين ودعتهم الجزائر ستشيع جنازته اليوم الأحد بمقبرة العالية ، لكن السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هل سيودع الجزائريون رئيسهم كما ودعوا من سبقوه من الرؤساء؟ و بالخصوص الرئيس هواري بومدين، فلكل رئيس أو حاكم خصال مهما كانت أخطاؤه ، فلا أحد معصوم من الخطأ خاصة في الظروف الصعبة التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات ارتجالية حسابا للمرحلة التي تمر بها البلاد فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي عرف بمشروع المصالحة الوطنية بشهد له التاريخ أنه كان من المجاهدين، لكن حدث ما حدث فللسياسة منطقها و كما يقال : "بالمواقف تعرف معادن الرجال"

ليس من الأخلاق و لا الإنسانية طبعا أن ينقب أيّ كان في أرشيف الرجل بعدما انتقل إلى جوار ربه، لأن التاريخ يحفظ أعمال كل حاكم أو مسؤول، فالرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة معروف عنه كمجاهد و كشخصية دبلوماسية و رئيس جمهورية وكغيره من البشر يرحل و يترك مكانه و الآخرون يتكلمون عنه و عن مسيرته طيلة العشرين سنة التي قضاها على راس الدولة الجزائرية بكل إيجابياتها و سلبياتها، إلا أنه من المهم جدا أن تكون خاتمة كل حاكم أو رئيس أو ملك حسنة و نقية، لا يكون فيها الحاكم (الراعي) متهم بقضايا فساد، تجعل رعيته غاضبة منه فما حدث في الجزائر من قضايا مشبوهة تورط فيها مسؤولون كبار رفع عنه الستار الحراك الشعبي بداية من 22 فبراير 2019 ، إلى غاية إسقاط العهدة الخامسة ومحاكمة المتورطين في الفساد، ففي الزمن البوتفليقي تحولت الجزائر إلى شبه مملكة يديرها و يسيرها حاكم واحد، لولا بعض الرجال الذين لم يلزموا الصمت و قالوا كلمتهم للتاريخ، حينما قدموا شهادات حية عن الزمن البوتفليقي منذ مجيئه في 1999 ، و من هؤلاء ما قاله المجاهد عمار بن عودة الذي ترك شهادته للتاريخ و للأجيال قبل أن يرحل هو الآخر إلى جوار ربه.

عبد العزيز بوتفليقة الرجل الذي يعرف بمجموعة وجدة يرحل عن الحياة و يودعها إلى الأبد بعدما افتك به المرض، و أقعده على كرسي متحرك، بعدما عجز أطباء الغرب في شفائه، لأن هناك آلة إلهية تحرك الأمور، يرحل بوتفليقة بعدما خرجت الجماهير الشعبية تطالب بإسقاطه من الحكم، و الحقيقة أن وفاة هذا الرجل لم تكن يوم الجمعة 17 سبتمبر 2021 ، ولكنها كانت يوم تمت الإطاحة به في 2019، و الذي يقرأ المرحلة البوتفليقية أو العزيزية تعيده الذاكرة إلى مواقف الرجل التي كان يكشف عنها في خطاباته و في تحركاته الدبلوماسية ، فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي ارتبط اسمه كأصغر وزير للشباب والسياحة وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ثم في العام التالي وزيرا للخارجية، و كان أحد الوجوه الرئيسية التي وقفت وراء حركة عدم الانحياز ومنحت أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية صوتا على الساحة العالمية، كما ارتبط اسمه بالصراع حول الرئاسة بعد وفاة الرئيس هواري بومدين و من سيخلفه، اضطر رئيس المخابرات يومذاك قاصدي مرباح أن يفصل بينه و بين العقيد محمد الصالح يحياوي رحمه الله ليختار العقيد الشاذلي بن جديد رئيسا للجمهورية.

لم يكن لعبد العزيز بوتفليقة من خيار إلا أن يختار الضفة الأخرى ، حيث أنه لم يعد إلى أرض الوطن حتى عام 1999 خلال صراع مع متشددين إسلاميين سقط فيه ما يقدر نحو 200 ألف قتيل، و فيها تفاوض على هدنة لإنهاء القتال وانتزع السلطة من المؤسسة الحاكمة، و بدعم من الجيش انتخب بوتفليقة رئيسا للجمهورية، لا يمكن لأيٌّ كان طبعا أن يقيم المرحلة العزيزية بالسلبية كلها، فالرجل أدى واجبه ، و لا أحد يمكنه أن يقول أنه معصوم من الخطأ ، و إن أخطأ الرئيس في حق شعبه فهو وحده يتحمل مسؤوليته أمام الله و التاريخ،
و لو أن الرجل نجح دبلوماسيا من خلال دفاعه عن قضايا العالم الثالث في المحافل الدولية، حيث طالب بأن تحصل الصين الشيوعية على مقعد في الأمم المتحدة، وندد بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، و لعل هذا ما مكنه من تجديد ولايته لأربع عهدات ، إلا أن الساحة الوطنية عرفت ركودا سياسيا و اقتصاديا، بالرغم من ذلك حافظت الجزائر على استقرارها بفضل الجيش الوطني الشعبي المرابط في الحدود ، ما جعلها تتجنب انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بقادة دول أخرى في المنطقة في العام 2011، و كما هو معروف لا يعرف عن الحياة الخاصة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة شيء يذكر ، إلا أنه كان أقوى رئيس تشهده الجزائر على مدار 30 عاما، لولا المرض الذي جعله طريح الفراش، و نال منه الضعف بعد تعرضه لجلطة دماغية في أوائل 2013 و منذ تلك السنة لم يطهر الرئيس أمام الشعب إلا قليلا.

علجية عيش

تعليقات

الرحمة والسكينة والسلام على روح العزيز الطاهرة.. أخلص للوطن وللامة وكان نعم الدبلوماسي المحنك، والمناضل الصادق الذي دافع من اجل استقلال الجزائر
 
يظل التداول على الكراسي السياسية قائما ، وهذه الأخيرة لو تدوم لما للغير تؤول وطوبى لمن تصرفا أحسنوا فالله لا ييضيع أجر المحسنين.
رحم الله بوتفليقة وجميع المؤمنين.
 
أعلى