خولة السعيد - ملوك الغاب

استيقظ الشبل ذات صباح، وقد أحس بأنه صار أسدا خاصة أنه الآن قد ورث عرش أبيه بعد ما صار الذكر الوحيد بين أخواته العشرة.. ، خرج من عرينه متباهيا بلبدته التي بدت حديثة عليه ،إنه كبير الغابة الآن، وله أن يمشي مختالا، صادف ابن عمه النمر في طريقه ، فنظرا إلى بعضهما البعض نظرة الند للند، كأن أبا فارس يعلم أبا فراس أنه ليس الحاكم الفعلي للغابة ، وما وضع ملكا بها إلا لتجميل صورة العرش، وإثارة الهلع في شعبه بصوته القوي الذي ترتعد منه بقية الحيوانات خوفا، لكن عزام أراد أن يثبت أنه أقوى من أبيه الراحل وأنه قادر على أن يحافظ على مملكته رغم ما يشوبها من عراقيل ، أطلق زئيرا قويا وإذا بالنمر فجأة يدنو منه فيجعله يتراجع ولا يكمل زئيره كما بدأه. تراجع الأسد وقد فهم قصد النمر، تراجع وقد عرف أن ابن عمه يأمره أمرا يجب أن يمتثل له كي لا ينتزع منه الملك ، إنه ملزم أن يترك الضباع لشأنها، حتى لا تنتقم تلك المجموعة القادمة من أطراف الغابة متشردة دون مأوى من النمور والفهود والأسود ، ومن المملكة كلها، فتسلب أراضي الغابة لتبني أوجارها، ولأن الأسد حديث عهد بالعرش، تراجع وسمح بأن ينفذ أمر أبي فارس في استقبال أبناء أبي عامر أحسن استقبال، وكان ذلك، دون أن يستشير الأسد إخوته وزمرته...

مضت أسابيع على استقرار الضباع بتلك الأراضي متخذة لها بقعا استوطنتها قهرا، كان الأسد يتحرك كالآلة وحده ممتثلا لأوامر ابن العم ،بل صارت الضباع الآن هي المحرك الحقيقي للغابة ، و لم يتمكن من طردها ولا من منعها من أن تستولي على مكاس الظباء أو كناس الغزلان أو حتى مكو الأرانب أو الثعالب....،صار ملك الغابة آلة تتلاعب بها الضباع وتحركها النمور، ما عاد بإمكانه التفكير في شيء فقد ظل وحيدا مُغْفلا كل أقربائه، ولو تأنى وفكر قليلا لأدرك أنه إن اتخذ إخوته وخلانه وكل عشيرته قوة له لنسفوا الضباع جميعا ،لكنه كان كمن ناولوه خدرا بدل الفرائس التي تقدم له، فترك كل فرائسه للضباع التي آنسها الوضع ودعت بقية أهلها، وهذه المرة قامت بما تريد دون تحريك للأسد، فقتلت الغزلان واستحيت إناثها، و..... ثم أخرجت من قاومها من حيوانات بكل ما تملك من وسائل القوة من بيوتها، لتهبها للمستوطنين الجدد .. وأعميت الأسود وأخرست النمور.

أحدث المراجعات

نص جميل جعلت الكاتبة من عنوانه مايدل على محتواه على لسان الحيوان برمزية هادفة في هذه السردية الجميلة دون الإخلال بأسلوبها السردي الشيق.
  • Like
التفاعلات: خولة السعيد

تعليقات

أعلى