أدب السجون أدب السجون : محمد سقراط - مذكرات محمد سقراط في السجن (الحلقة الأولى)

بعد أن تجاوزت السطافيط مباشرة عتبة باب السجن , والتي سأعرف فيما بعد أن إسمها الباب الكحلة باللهجة " البيضانصية ", تأكدت حينها أن الله أخيرا إستجاب لدعوات الواليدة التي ظلت ترددها بإيمان مطلق و يقين صادق و حاجة ملحة:
- سير الله يغبرليك الشقف ....
هاهوما غبروه ليا دابا الواليدة.
كنت أعرف أين أنا و كان هذا يعزيني بعض الشيء, فأنا وسط أحد أرقى أحياء مراكش " تطور كبير هادا من بلعكيد لكيليز " , و بمعدة فارغة و ذهن مشوش و روح مغمورة بالفضول و ملابس متسخة و رائحة عرق كريهة و ذاكرة مليئة بحبيبات تحررن مني , نزلت من السطافيط.
طبعا تقدمت بالرجل اليمنى حيت فيها البركة , تم حشرنا فيما بعد في غرفة مسيجة و طلب منا بكل أدب و لباقة:
- لي عندو شي حاجة يلوحها فالصرب راه الحبس مابقاش كما كان.. كونوا معانا رجال و راه هانية و لكن الى بغا شي ولد القحبة يدوز علينا الدكاكة راه نحويو ليه مَو.
أواه على الحبس كيفاش كان ؟
سؤال سيتضح فيما بعد.
طبعا ذلك ماكان , شي وحدين كانو عندهم شي طريفات لاحوهم , و بدأ بعد ذلك خلق حوار معانا من أجل تصيد ضحية مناسبة باش يموت المش , لم يكن الضحية سوى مسخوط الواليدين ديال شويبة الذي تم تقديمه بتهمة انتحال صفة شرطي المرور , وحقا كان صديقنا مقتنعا بأنه شرطي مرور حقيقي خدام مع المخزن و سيتبث بعد ذلك أنه مختل عقلي بعد أن أدلى أخوه بوثائق السبيطار في المحكمة و تمت تبرئته . لقد كان شويبة تحفة حية سبق أن دفع لجوندارم و لم يتم قبوله و بعد ذلك اختل عقله لدرجة أنه إنصهر في شخصية رجل سلطة , و كان دائما ما يقتني و يخيط ملابس لرجال أمن بمختلف أنواعهم مرة لابس لبسة البومبية مرة جوندارم مرة بوليسي , و آخرهم شرطي مرور بمينوط و فردي من البلاستيك و كان فعلا يزاول مهامه فالرومبة ديال حومتهم نهارا و بالليل يوصل القحاب لي كيجيو معطلات و سكرانات لديورهم حيث ولد الحومة الدراري كيوقروه و عندو خوتو خاسرين , بالإضافة الى أنه كان يعطي معلومات لرجال البوليس عن البزنازة ديال الدرب عن الدراري لي روشيرش . كانت علاقته بهم جد طيبة , لذا إقتنع مع مرور الزمن أنه واحد منهم.. يوم المحكمة سأله القاضي:
- منين جبتي اللبسة ديال البوليس ؟
- جاوبو: عطاها ليا الكوميسير سعادة القاضي .
طريقة القبض عليه كانت سوريالية .. وقفات عليه السطافيط فالرومبة ,. شافها جمع الوقفة و عطا السلام ,. فهم بكل بساطة قالوا ليه طلع راه بغيناك .. تقدم هو بكل ثقة و صرامة و طلع فالسطافيط بوحدو , بحال الى مدوز معاهم خمسة و عشرين عام ديال السربيس . قال له الشرطي لي كيسوق السطافيط :
- وا قودتيها أمسخوط الواليدين فردي كاع هي باغي تولي كوميسير .
طبعا كانو يعرفونه و يعرفون جنونه لكن فالحبس مكانوش كيعرفوه و لهذا جاب الربحة هو اللول,
فأول ما بدأو بسؤاله عن مونتيفو و كيفاش و علاش بدا كيدخل عليهم و يخرج فالهدرة , هادوك للي ما كيعرفوهش جاب لهم الله أنه تريكيل منو لذا أجتمعوا عليه في حالة من الهيجان و شتفوا عليه مزيان حدانا حتى بان الحق , حينها عرفت أن فالحبس النهار اللول كيموت المش , و بعدها سأعرف أن فالحبس كل نهار كيموت المش و كاين النهار لي كيموتو فيه كثر من عشرة ديال لمشاش.
بعد أن أخدو منا آخر ممتلاكاتنا و وضعوها فالكريف " غادي يبقى هادشي تا تخرج و تلقاه " تقدمنا للتفتيش . طلب مني الموظف نزع ملابسي قطعة قطعة , و كان يفتش كل قطعة على حدى بدقة متناهية , و طبعا توقفت عند الكرصون , السروال حيدتو دغية دغية حيث فايت محيدو فالكوميسارية و لكن الكرصون أول مرة و طبعا استجبت لظني أن الأمر سينتهي هنا , لكن أدهشني الموظف عندما طلب مني أن أجلس قرفصاء و أكحب ." أواه لاش نكحب لاش آش علاقة الكحيب بثقبة الفرج " و كحبت و بينما أنا أكحب كان يضرب على أسفل قفاي بضربات متتالية باش تتحل ليا التقبة ديال زكي و الى خاشي فيها شي حاجة تطيح. " شوف العلم فين وصل , " و يا للنزاهة و الإنظباط و الإلتزام المخيب للآمال لم تسقط مني و لا حتى قطعة براز صغيرة.
بعدها و أنا أرتدي ملابسي سولني واش أول مرة أجبته بالتأكيد فقال:
- كون معانا راجل و ميخصك تاخير ....
أجبته في نفسي :
- واش كاين شي رجولة كثر من هادي , النهار اللول حيدت الكرصون و بالخاطر.
جاء المدير بحجمه النابليوني و صوته الذي يتعمد تخشينه و سلطته البادية على وجوه الموظفين, بدأ بسؤالنا و بينما هو يتحدث طلب أحد الموظفين من خلفه الى مسجون كان قربي من أن يحدر عينيه لأنه كان ينظر الى المدير مباشرة في عينيه.
" أواه مال هادا لبارح و حنا مجمعين مع فقهاء قانون و مع مستشار ملكي حالي حول الدستور هازين ريوسنا ليوم نطئطئوهم بين يدي مدير حبس واش هادو جهلوا".
قبل أن يقترب مني لسؤالي كنت أفكر فآش غادي نقوليه واش لحشيش أو عشرين فبراير و زايدون واش كاينة شي جريمة سميتها عشرين فبراير و الى قتليهم هكاك يقدروا يحضيوني أو يضايقوني , اللهم نقوليهم خوكم بزينيز صغيور و نتخشى مع الخوت , و ندير راسي و سط الريوس و ذلك ما كان . لكن المدير باغتني بسؤال و لاش كتبيع لحشيش نتا زعمة كتبان دري نقي . فأجبته باش نلبس من زارا و سبرينغفيلد و سيليو و باش نسهر فكيليز ... فقال:
- هانتا جيتي لكيليز غادي إن شاء الله تولي تظل و تبات فيه .



- عن كود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى